قال مصدر وزاري ل"الحياة" ان الملاحظات التي ابداها مسؤول سوري على السجال الذي دار في الاسبوعين الماضيين بين الرئاستين الثانية والثالثة وتناول بعضها موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري في شأن سلسلة الرتب والرواتب للموظفين في القطاع العام وفتح الدورة الاستثنائية لا تعني انحيازاً سورياً الى رئيس الحكومة رفيق الحريري، بمقدار ما تعني ان دمشق تريد الحفاظ على علاقة طيبة مع جميع اصدقائها وحلفائها في لبنان، شرط مصارحتهم من حين الى آخر، للتوفيق بينهم وبالأخص في حال تباينت وجهات النظر حيال موضوع بالغ الأهمية كموضوع السلسلة الذي يرتب على الخزينة اللبنانية مستحقات مالية يفترض ألا يؤدي صرفها الى إحداث خلل في الوضع الاقتصادي من جهة وفي زيادة نسبة العجز عن السقف المرسوم لها من جهة ثانية. وعليه، فأن المسؤول السوري، بحسب قول الوزير اللبناني ل"الحياة"، لا يأخذ بوجهة النظر القائلة ان تأمين تمويل السلسلة يقع على عاتق السلطة الإجرائية من دون السلطة التشريعية وبالتالي يفترض بها توفير المال اللازم. وأكد الوزير اللبناني "ان دمشق تعتبر ان هناك مسؤولية مشتركة تقع على عاتق السلطتين الإجرائية والتشريعية بصرف النظر عن مبدأ الفصل بين السلطات، وبالتالي فهي لا تتمنى ان يبلغ الخلاف في وجهتي النظر ذروته من التصعيد السياسي والإعلامي، خصوصاً ان قطبيه الأساسيين هما رئيسا المجلس والحكومة وكلاهما حليف رئيسي لسورية ولا غنى عنهما في الوقت الحاضر". ورأى "ان المسؤول السوري تصرف من موقعه كحكم حيال الخلاف بين بري والحريري وأن من يقوم بدور الحكم عليه ان يصارح من يخطئ بلغة مباشرة من دون لف او دوران، وأن المصارحة لا تعني الانحياز او مناصرة فريق على آخر". وأكد الوزير "ان دمشق تدخلت عبر وسائط الاتصال التي تربطها بكل من بري والحريري وتمنت عليهما وقف الحملات الاعلامية ريثما تسمح الظروف بالبحث في طريقة تطبيع العلاقة وإن كانت تحتاج الى وقت ويفترض ان تسبقها جهود فوق العادة لتنفيس اجواء الاحتقان المسيطرة على علاقتهما". ولفت الى ان المسؤولين السوريين "يعتقدون ان البلد على وشك تجاوز المرحلة الانتقالية للدخول في مرحلة تعزيز مشروع بناء الدولة الذي ما زال عالقاً بسبب تعثر تحقيق الاصلاح الاداري". وقال "انهم يشجعون كل المعنيين على المبادرة بإجراء تقويم ايجابي للمرحلة الراهنة وصولاً الى تحديد الأخطاء والثغرات التي حالت دون الارتقاء بالنظام السياسي الى المستوى المطلوب من الشفافية والنزاهة لتفاديها مع بداية العهد الجديد الذي لا بد من ان يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية". وأكد "ان بناء الدولة استناداً الى وجهة نظر دمشق لا يتحقق ما لم يسارع كل مسؤول الى تقويم تجربته ولا بأس ان يبدأ ذلك اي منهم". وكشف "ان سورية ماضية في تقويم دورها في لبنان آخذة بعدد من الملاحظات، انطلاقاً من ان بعض الحلفاء او الاصدقاء يحاولون تحميلها وزر الأخطاء التي يقعون فيها ويتركون لأنفسهم التباهي بالإنجازات التي يحققونها، خصوصاً ان مثل هذه الممارسة ترتد سلباً على علاقة دمشق بكل الأطراف اللبنانيين الذين شاركوا في صياغة اتفاق الطائف او انخرطوا في التسوية السياسية التي انتجها". وأضاف "لدى دمشق المعطيات التي تدفعها الى مصارحة بعض الاصدقاء حيال الاخطاء التي ارتكبوها يقيناً منها ان فريقاً من المعارضة اعتاد تحميل المسؤولية لها، بذريعة ان من يقوم بها هم من الفريق المحسوب عليها". وأوضح ان تقويم دمشق دورها في لبنان "يجب ان يواكبه تقويم مماثل من الذين يشاركون في السلطة، من اجل استخلاص قراءة مشتركة تستدعي التدخل لمعالجة اسباب الخلل"، مشيراً الى "ان التقويم السوري يبدأ من رفض مقولة ان هناك وزراء يصنفون على خانة "الثوابت" وأن المسؤولين السوريين يدعمون مجيئهم في كل تشكيلة وزارية". وتابع الوزير "ان سورية تحرص على اقامة علاقة طيبة مع الجميع، وما يعرف عنها من اخلاصها للعلاقة مع الحلفاء والاصدقاء لا يعني بالضرورة انها تود فرضهم في الحكومة المقبلة التي ستتألف مع بداية العهد الجديد. فدمشق التي اظهرت حرصها الشديد على الحلفاء، وما زالت، ترفض منذ الان اي كلام من شأنه ان يستغل بالنسبة الى اشراكهم او عدم اشراكهم في الحكومة الجديدة". حتى انها ترفض، على حد قول الوزير، "اتباع نظام المحاصصة او الكوتا لدى اختيار الوزراء، او ان يقال منذ الان انها تضع فيتو على توزير هذا الشخص او ذاك، اذ لا بد من التمييز بين التوزير على اساس التمثيل السياسي والتوزير بذريعة ان هؤلاء يعتبرون من الثوابت وان اخراجهم من الحكومة الجديدة يعني التعرض لدور سورية في لبنان ومن خلاله العلاقات المميزة بين البلدين". وختم الوزير "لا بد من ان يؤخذ في الاعتبار حجم التمثيل السياسي لدى البحث في تأليف الحكومة، وأن اعادة توزير رئىس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مثلاً لا تعني بالضرورة ان التوزير يخضع لكونه من الثوابت بمقدار ما انه يتمتع بتمثيل سياسي لا يمكن احداً تجاهله .. اضافة الى وجوب الأخذ بمصلحة البلاد في الاعتبار، اثناء البحث في الاسماء المرشحة لدخول الحكومة تعزيزاً لمبدأ توسيع رقعة التمثيل السياسي".