اليوم..بدء الفصل الدراسي الثاني    شمال غزة يستقبل القوافل الإغاثية السعودية    نفاد تذاكر مواجهة إندونيسيا والسعودية    منتخب هولندا يهزم المجر برباعية ويلحق بالمتأهلين لدور الثمانية في دوري أمم أوروبا    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    اليوم بدء الفصل الدراسي الثاني.. على الطريق 3 إجازات    20,124 مخالفاً في 7 أيام وإحالة 13,354 إلى بعثاتهم الدبلوماسية    «إعلان جدة» لمقاومة الميكروبات: ترجمة الإرادة الدولية إلى خطوات قابلة للتنفيذ    5 فوائد صحية للزنجبيل    اختلاف التقييم في الأنظمة التعليمية    مهرجان الزهور أيقونة الجمال والبيئة في قلب القصيم    المتشدقون المتفيهقون    الإستشراق والنص الشرعي    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    أهم باب للسعادة والتوفيق    أغرب القوانين اليابانية    الفرصة المؤكدة و مغامرة الريادة في كفتي ميزان    «مَلَكية العلا»: منع المناورات والقيادة غير المنتظمة في الغطاء النباتي    «مزحة برزحة».. هل تورط ترمب ب«إيلون ماسك» ؟    سعرها 48 مليون دولار.. امرأة تزين صدرها ب500 ماسة    منتخبنا فوق الجميع    في دوري الأمم الأوروبية.. قمة تجمع إيطاليا وفرنسا.. وإنجلترا تسعى لنقاط إيرلندا    شارك في الطاولة المستديرة بباكو..الجاسر: 16 مليار دولار تمويلات البنك الإسلامي للمناخ والأمن الغذائي    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان الشراكة الإستراتيجية    14% نموا في أعداد الحاويات الصادرة بالموانئ    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    ضبط أكثر من 20 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    اكتشاف تاريخ البراكين على القمر    «واتساب»يتيح حفظ مسودات الرسائل    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    السخرية    المؤتمر العالمي الثالث للموهبة.. عقول مبدعة بلا حدود    عروض ترفيهية    المملكة تستعرض إنجازاتها لاستدامة وكفاءة الطاقة    أشبال الأخضر يجتازون الكويت في البطولة العربية الثانية    ضمن منافسات الجولة ال11.. طرح تذاكر مباراة النصر والقادسية "دورياً"    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    ابنتي التي غيّبها الموت..    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    «الجودة» في عصر التقنيات المتقدمة !    ألوان الأرصفة ودلالاتها    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    الزفير يكشف سرطان الرئة    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احمد بن سودة ... صفحات من تاريخ المغرب : تأملات، خواطر وذكريات . انطلقت الحركة الوطنية المغربية من القرويين والمساجد وقادها علماء سلفيون ومصلحون قبل الزعماء السياسيين 3
نشر في الحياة يوم 13 - 08 - 1998

عندما أسمع كلمات: ظلم، سجن، جوع، تهتز مشاعري إلى الأعماق، وأتصرف باندفاع وبدون حساب، وقد عرضني هذا إلى الغمز واللمز والاتهامات من طرف طائفة لم تعرف كيف تكون المعاناة، ولا خبرت الصعاب والتحديات، ووجدت نفسها ترتقي المناصب وتتربع كراسي النعمة والنفوذ بلا عناء ولا عذاب ولا امتحان، فهؤلاء تصيبهم الدهشة إذا وقفت إلى جانب مظلوم ادعو لانصافه، أو تبنيت قضية ليس وراءها ربح، فهم يتصورون ويتصرفون تجاه الحياة والناس كما يتصرف المحامون المحترفون للصنعة لا يدافعون عن قضية إلا بثمن، وعلى قدر الثمن وقدر الزبون يكيفون تدخلاتهم.. بل ويصطنعون الحماس والالتزام والدفاع المستميت! حينما يرونني أتبنى قضية هي بنظرهم ليس وراءها ربح يتساءلون: لماذا يثور ابن سودة وينتفض ويتحمس، ماهي منفعته في ذلك؟ ولكني أراهم وأعرفهم وأشفق لحالهم وأردد "إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يوتيكم خيرا"، وأعلم أن هؤلاء القوم حرموا من تلك المتعة الروحية العظيمة التي تغمر النفوس المؤمنة حينما تنتصر لمظلوم وتحول دون أن يحل مكروه بإنسان بريء، فلو قرأوا القرآن الكريم كما قرأناه وتشبعوا بروحانيته كما تشبعنا، وعاشوا في كنف التربية الاسلامية الطاهرة، واستمعوا إلى احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ورأوا وشاهدوا كيف يستجيب الله لدعاء مظلوم وصراخ مستغيث مكلوم، ولو تمعنوا في قوله تعالى: "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله"، لو فهموا كل ذلك وعلموه وأدركوه لعرفوا أية لذة تلك التي أتمتع بها حينما أقف إلى جانب مظلوم أو منكوب أو محتاج، لو علموا مقدار تلك اللذة لقاوموني عليها بالسيوف كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه حينما يهتدي لحل مشكلة أو فض عقدة معضلة.
البيت الذي بنيته.. وغادرته
كنت في حزب الشورى والاستقلال مناضلا مكافحا من اجل الديمقراطية، فهي الكفيلة بصون كرامة الانسان وكبح جماح الظلم والظالمين، وخطبي في التجمعات الشعبية نشيد يتغنى بالديمقراطية ويحث عليها، فهي في خطبي تلك الجميلة الرشيقة التي تسعى بين الناس جميعا بالبسمة والوردة والأمل، والديكتاتورية في تلك الخطب هي تلك الماكرة الشوهاء الساعية بين الناس بالمكر والكراهية والحقد والفتنة والتفرقة!
وبالرغم من أن حزب الشورى والاستقلال كان بالنسبة لي بيتا ساهمت في تشييد أسسه وبناء أسقفه وتأثيث غرفه، فهو بيتي وحرمته حرمتي، بالرغم من ذلك فقد ثرت، وتمردت وغادرت هذا البيت ثائرا عندما حاول بعض رجاله فرض رأيهم بعيدا عن الشورى والحوار والديمقراطية، فأسست مع جماعة كانت أعلنت انها بدورها ثارت وتمردت، وغادرت بيت حزب الاستقلال لنفس الأسباب، أسست الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في ظل قيادة جماعية، لم تؤسس في الحقيقة حزبا، ولكن اتحادا، أي العودة إلى النبع الأول، الكتلة الوطنية، العودة بواسطة الجيل الثاني للحركة الوطنية التي تفرقت أحزابا وتكتلات، ولكن وجدت، بعد مدة، أن حلمي يصطدم يوميا بواقع آخر مختلف تماما، واقع اننا في اطار ذلك الاتحاد كنا فئتين جمعنا تمردنا على القيادة القديمة، ولم تجمعنا فكرة توحد رؤيتنا لعمل جديد في اتجاه بناء صرح الديمقراطية من داخل الاتحاد الذي رفع شعار الديمقراطية في ثورته على القيادة القديمة.
وهذه قصة سيأتي ذكرها بما تفرضه الامانة من الايضاح والتوضيح.
غادرت مرة أخرى بيت الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. وبمجرد ما أعلن جلالة الملك الحسن الثاني عن الدستور وقدمه لشعبه كنت أول الداعين له، وأول المبتهجين به، فهاهو الدستور حقيقة ملموسة، ووعد من الأب المجاهد وفّى به الابن البار الأمين.
وعندما دخلت البرلمان المغربي الوطني لأول مرة كعضو، وأخذت مكاني في أول جلسة من جلساته، تخيلت نفسي قارئا للرأي العام التي جعلت شعارها "وأمرهم شورى بينهم" ووضعت العنوان داخل دائرة تجسد البرلمان، هاهو الحلم أصبح حقيقة، والرمز واقع حي.. وتدفقت الدموع من عيني هادئة منسابة، فلطالما كافحت من أجل الوصول إلى رؤية هذا المشهد في بلادي الحرة المستقلة.
هي الخطوة الأولى
لم أكن أسير حلم وردي لأعتقد أن كل شيء اصبح على ما يرام، وأن الديمقراطية التي كفلها لنا أول دستور في تاريخ المغرب المستقل هي ديمقراطية كاملة، وأن علينا أن نستريح ونغمض الأعين ونقول: انتهت المعركة من أجل الديمقراطية. كلا، ولكنني كنت مؤمنا اننا قد خطونا الخطوة الكبرى في طريق تشييد صرح الديمقراطية كنظام سياسي في ظل الملكية الدستورية، وحققنا بذلك هدفا عزيزا من أهداف كفاح العرش والشعب، وعلينا بالجهد والمثابرة والتضحية أن نعمق التجربة ونوسع دائرة اشعاعها وايمان الناس بها وغيرتهم عليها حتى تصبح الديمقراطية طبعا لا تطبعا، وسلوكا بعد اختيار، وتغدو قوة روحية تغير ما بالأنفس "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وكنت أرى أن ما تضمره بعض النفوس من عقد الهدم يشكل عائقا يحول دون سطوع شمس الديمقراطية، تماما كما تحجب السحب الكثيفة أشعة الشمس، فالأنانية استبدت ببعض الناس فعمت عيونهم عن رؤية الطريق السليم الأسلم، فكانت الديمقراطية في نظرهم هي ما يؤكد ويثبت وجودهم وقوتهم و "أغلبيتهم" التي اعتقدوا انها قدر منزل لا يتغير ولا يتبدل.
في أول حكومة في عهد الاستقلال كان لحزب الشورى والاستقلال ستة وزراء من 18 وزيرا، وكنت اقول لوزراء "الاغلبية": دعونا نعمل في وحدة وانسجام من اجل هدف مشترك، ولكنهم أصروا على رفضنا، وقالوا نحن وحدنا لنا الحق في تسيير شؤون الدولة. كان الظهير المؤسس لتلك الحكومة قد حدد أهدافا ثلاثة لعملها:
المفاوضات مع اسبانيا وفرنسا.
إعداد دستور للبلاد.
تشييد صرح الدولة المستقلة.
ولكن "الأغلبية" اجهضت مسلسل التحرير والديمقراطية وعملت على الانفراد بالحكم جاعلة هذا الهدف قبل جميع الأهداف الأخرى.
ومنذ سنة 1963 إلى الآن، وفي ركاب الملك الفذ العظيم، قيض الله لي أن تلتقي وتكتمل حلقتا حياتي ونضالي، متصلتان مترابطتان، منسجمتان متكاملتان، وحق لي القول الآن أن حياتي فصلان: فصل في ساحة الكفاح التحرري، ساحة مواجهة الاستعمار وتقويض بنائه وتحطيم أسواره، وفصل في ساحة استكمال التحرر الوطني والبناء الوطني في طريق لا اعوجاج فيها.
بعد هذا الايضاح والتوضيح، الذي آمل ان يكون كافيا لأولي الألباب، اعود فأقول، انني بعد انسحابي الارادي والطوعي من الحياة الحزبية وبعد مرور أكثر من خمس وعشرين سنة على وجودي خارج تلك الحياة وحيزها، فإنني مطمئن إلى أن ما سأرويه من أحداث، وما سأقف عنده مستنتجا أو معقبا أو ملاحظا، لن يصدر مني بدافع الانحياز، ولن يتلون بلون حزبي أو عاطفي متزمت. كذلك ففي ظني أن أحدا لن يغمز في قناتي بالقول بانني بهذه المذكرات أتهيأ لحملة انتخابية أو سياسية، أو أتوق إلى منصب اوجه الانظار إليه لأناله جزاء أو تكريما. فإن ما نلته وحظيت به ونعمت ببحبوحته كان أكثر بكثير من جهدي... ومما استحق، والحمد لله اولا وأخيرا، والمنة له على ما وهب وأعطى ويسر.
محايد ومنحاز
ولكن يجب عليّ أن اعترف انني في كل ما سأرويه وأثبته وألاحظه وأقيمه سأكون شاهدا، ومؤرخا في نفس الوقت، أي محايدا كمؤرخ ومنحازا في بعض الحالات كشاهد:
محايدا أمام الحدث التاريخي كمادة غير قابلة للكسر والتفتيت والمعالجة والتشكيل، اقف امام الحدث أرويه كما رأيته، أفرغه من سجل ذاكرتي بصرامة وأمانة العقل الالكتروني الذي يختزل ما يدلى به إليه لا يتدخل في ذلك بالتحوير أو التلوين، بالاختصار أو التطويل.
مجموعة الأحداث التاريخية التي مررت في طريقها أو مرت بطريقي، تبقى عنصرا من عناصر المادة التاريخية للفترة الزمنية التي استغرقتها رحلة حياتي خلال هذه المذكرات، فهي بهذا المعنى، ملك مشاع بيني وبين آخرين عاشوها وشاهدوها. إذا، فالحياد هنا يعني الموضوعية، ويبقى مقبولا النظر إلى حدث ما بأكثر من عين.
لكنني كشاهد، لا يمكنني، بالرغم حتى من رغبة عابرة أو ملحة، أن أكون محايدا تجاه عدد من الحوادث والأحداث، ليس في سياق عرضها كمادة تاريخية، بل في اطار الموقف الذي اتخذته منها اثناء حدوثها وحركة طفوها على السطح.
فبعض الحوادث تأثرت بها، أو أثرت فيها، بل أن بعضها ما كان ليصبح حادثا له موقعه وأثره لولا ذلك التأثر والتأثير، وكلاهما تعبير عن موقف، هو بدوره كان انعكاسا لدور، وهما معا ممارسة فكرية عقائدية أو شخصية، جماعية أو فردية لاقتناع يريد التعبير عن نفسه وسط مواقف وأدوار واقتناعات أخرى، إنه صراع الأفكار والاتجاهات والتحالفات، وهذا الصراع يفرز بطبيعته الانحياز، ويعبر عن الانحياز!
ولقد ساد مفهوم خاطىء في اذهان الناس عن مدلول كلمة الانحياز فقرنت دوما بالدفاع عن أي شيء حتى ولو كان خاطئا: الدفاع عن النفس، الدفاع عن خط سياسي، الدفاع عن اخطاء سياسية! لكن الانحياز الذي أدعيه وأعترف به لا يمت بصلة إلى هذا المفهوم المتداول، انني منحاز لموقف سياسي وطني في مواجهة موقف آخر، ومن موقع الانحياز هذا مارست دوري المرتبط بي، باسمي، وهويتي، بتاريخي وارتباطاتي.
وبين الحياد والانحياز تندرج مذكراتي، واعتقد انني لن أكون في حاجة لأبذل أي جهد للتنبيه بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى المواطن التي أكون فيها محايدا والأخرى التي أكون فيها منحازا، وبقدر حرصي على أن يمارس قارىء مذكراتي حريته في التمييز والتحليل والفرز للتأكد من صحة ما أرويه من موقع الحياد ومشروعية ما أعبر عنه من مواقف في موقع الانحياز، بقدر ما أنا شديد الحرص لدرجة الغيرة على حريتي في بسط الأحداث واستقرائها، وهذا الحرص يوازيه عندي الايمان العميق المهيمن على كل ذرة من فكري وعاطفتي بأن علي مسؤولية يجب أن أؤديها، وهي أن أبلغ لأبناء المغرب... ابنائه اليوم وأبنائه غدا، أن المغرب الذي بين أيديهم ليس فقط أرضا غنية بخيراتها، جميلة بطبيعتها... مهمة بموقعها، إن هذا المغرب الدولة والكيان غني بتاريخه، جميل بمآثره وأمجاده، مهم برسالته، وأن قوام الحفاظ على هذا وتأكيده واستمراره هو: الإيمان.
ثورة الإيمان
الإيمان بالله والاعتماد عليه نية وعملا.
الإيمان بالعمل قيمة ومسؤولية.
الإيمان برسالة المغرب الاسلامية فهي سر قوته ومجده وعظمته.
الإيمان بأن ما من شيء، لم يحرمه الله، مستحيل أمام الارادة والعزم والتصميم والصدق في المسعى والقصد.
الإيمان الذي تنهزم امامه القوة الغاشمة.
الإيمان الذي وجه خطى وقصد المولى إدريس الأول إلى المغرب فحل به حلول المؤمن، ووجد في رحابه قلوبا متعطشة للإيمان، فرأى فيه المغاربة تجسيدا لذلك الإيمان فالتفوا حوله وأسسوا معه دولة إسلامية عظيمة شامخة على تقوى من الله ورضوان.
الإيمان الذي ينبذ التعصب... ويحث على التكاتف والتضامن، فالمؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، لا ينظر إلى الكافر باستعلاء وتكبر.
الإيمان الذي اعتصم بحبله المتين جلالة المغفور له محمد الخامس، فغالب به العزلة، وقاوم به الاغراء، وانتصر به على الظلم، وقاد به شعبه إلى النصر، فكان سلاحه في معركة لو قيست بمعايير القوة لكان فيها الضعيف الأعزل أمام استعمار متجبر عات يملك كل وسائل البطش والتنكيل.
الإيمان الذي توهجت شعلته في قلوبنا نحن جيل الكفاح الوطني، فكان هو مصدر عقيدتنا... ومنبع ثقتنا... وسر انتصارنا.
بهذا الايمان استمر المغرب.. وعاش.. وقاوم.. شيد وبنى، نشر أضواء المعرفة في كل مكان.
بهذا الإيمان شيدنا حضارة زاهرة.
بهذا الإيمان زخرفنا البيوت والقباب والمساجد، وشيدنا الأسوار والمنابر والمآثر والمنارات، وأبدعنا في كل مجال.
والحركة الوطنية انطلقت من القرويين ومن المساجد، وأسسها وقادها علماء سلفيون، ومصلحون مؤمنون، آمنوا بما أنزل الله "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا" فانطلقت أفواجهم للجهاد في سبيل الله لا تخاف من قلة في عددها ولا من افتقار جند الله الى السلاح.
الإيمان هو سر ثورتنا التحريرية، وهو الكتاب الذي فتح الله عليه قلوبنا فرتلناه ترتيلا، ولم نكن بحاجة إلى من يعلمنا كيف نثور، أو يلقننا كيف ننظم صفوفنا، وكيف نؤسس الخلايا، وكيف ننشر دعوة الكفاح بين الناس، ذلك لأن لغة الإيمان الوحيدة التي يفهمها شعبنا المؤمن المسلم الطاهر، وهي لغة تستعصي على تنظير المنظرين، لأنها متغلغلة في شغاف القلب لا تفقد قوتها أو يضعف وهجها، لغة إذا نطق بها لسان مؤمن اتجهت كأسهم نورانية إلى الصدور تغمرها بالحماس، واذا نطقت بها شفاه مقلدة أو كافرة أو جاحدة سقطت كأوراق يابسة وامتنعت الرياح عن حملها ونشرها بين الناس.
الإيمان هو الصراط المستقيم، وهو الروح التي تعطي للفكرة الخيرة المنيرة اشراقها وصفاءها.
وثورتنا التحريرية كانت ثورة الإيمان، نابعة من ذاتنا، فهي ثورة خلقت وانطلقت وهي مصانة محصنة من كل فكرة دخيلة تريد أن تتسرب إلى ذواتنا كما تتسرب الحشرات الضارة غير المرئية السابحة في المياه الآسنة والبحيرات العفنة إلى الذات السليمة المعافاة فتنهار تحت وطأة الأمراض.
والإيمان إذ يرفض كل ماهو دخيل ومدسوس ينفتح على كل ماهو مفيد ومنعش ومقو.
وأسوأ ما تصاب به الثورات التحررية في المحيط الاسلامي، هو ابتعادها عن نبع الإيمان، ووقوعها في حبائل الأفكار والاتجاهات التي يريد أصحابها ان تكون بديلا عن الإيمان، وهذا بالضبط هو سر تخلخل وتعثر وضياع الثورة الفسطينية، فهي يسار ويمين، والإيمان وحده يوحد الهدف، فإذا تحقق جاز الاجتهاد.
والإيمان الذي أعنيه وأقصده وسيرد في اماكن كثيرة من مذكراتي هو العقيدة المكتملة المتكاملة، هو تلك الحالة النفسية والفكرية التي تتوازن بها شخصية المواطن المؤمن فتجعله صلبا، واثقا، قادرا على التقييم بعقله وبعاطفته معا، موقفه يستند إلى قدرة التمييز لا تؤثر عليه المظاهر فينقاد مغمض العينين، وهكذا فإن الايمان بهذه النظرة لا يعني العصمة، فعندما أقول أن هذا مواطن مؤمن لا يعني انه لابد أن يكون معصوما من الخطأ وربما من الخطيئة أيضا. وهذه الفكرة كثيرا ما تختلط في أذهان الناس، فحينما يرون إنسانا يدعو إلى الايمان ويبشر به ويحث عليه ويرون في سلوكه أو تصرفاته ضعفا بشريا يطعنون في إيمانه ويرمونه بالنفاق، وهذا غلط، فالإيمان غير العصمة، والعصمة إنما خص الله بها الأنبياء والرسل، والخطيئة ضعف بشري، والبشر خلقهم الله ضعيفين، ولو كان غير ذلك لما بعث إليهم الرسل، ولما حفل كتاب الله بآيات المغفرة والتوبة، وهناك حديث نبوي مدلوله، لا لفظه، أن أمة لم تذنب يذهب الله بها ويأتي بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم.
أوراقي التي أرى فيها نفسي
فرسالة الإيمان التي أريد تبليغها من خلال هذه المذكرات لن تكون خطبة إرشادية أو توجيهية، وسأترك للاحداث نفسها تتحدث عن ذلك الإيمان كعقيدة تسلح بها جيلنا فقاوم وانتصر وحقق للمغرب حريته واستقلاله، ومضى يشيد ويبني فاتحا طريق الخير للأجيال لتكمل رسالته وتسلمها بأمانة للأجيال اللاحقة.
كان والدي رحمه الله يقول لي:
احرق ولا تمزق فإن العدو يفرق.
كان يقول ذلك كلما رآني منهمكا في فحص وفرز كومة من الأوراق والصحائف والمراسلات، ويلمس حيرتي بماذا احتفظ وما أطرح وأُلقي، ورغم عمليات الابادة التي شهدتها مكتبتي كلما فرغت إلى تنظيمها وترتيب ملفاتها وأوراقها، فإن كميات هامة من الأوراق أظل احتفظ بها، وإني لأجد متعة كبيرة في العودة بين الحين والآخر إلى تلك الأوراق، فيكون من بينها كتاب من صديق قديم أقرأه فأسترجع ذكرياتي معه، أو أعثر على ورقة قديمة بها فائدة أو تسجيل لحادثة كانت وقت وقوعها لا معنى لها فاكتسبت مع الأيام قيمة خاصة متميزة بين الأحداث، وقد أجد بطاقة دعوة لعقيقة طفل لأحد الأصدقاء فإذا بالطفل الآن رجل... دكتور... أو مهندس... أو أستاذ... أو تاجر أو أب لأولاد قد أكون حضرت عقيقة أحدهم.
وفي رحلة المسؤوليات العديدة التي تقلدتها في المغرب أو خارجه اتسعت شبكة علاقاتي وارتباطاتي وصداقاتي بشكل يتعذر حصره، ونتج عن ذلك كم هائل من الرسائل والكتب أحتفظ بالكثير منها، كما تجمعت لدي مذكرات وأوراق وقصاصات صحف ومجلات لا حصر لها. احتفظ بكل ذلك وأحفظه يقينا مني أن التاريخ هو أيضا اوراق متناثرة هنا وهناك، سطر في رسالة مجهولة، أو خلجة نفس في كتاب منسي، بل إن ما يجهله الناس من التاريخ، هو ما يعتبرونه في لحظة حدوثه بلا معنى أو شيئا عاديا، ومع مرور الوقت تكتسي تلك الأشياء قيمتها بل قد يصبح بعضها كنزا بعد أن كان لغزا !.
إنها لحكمة بالغة تلك التي تنطوي عليها أحكام وأسس الشريعة الاسلامية السمحاء، ففيما يتعلق بحرية تصرف المالك فيما يملك من مال أو متاع، وضع الشرع لهذه الحرية ضوابط معلومة دون استعمال تلك الحرية في غير محلها بتبذيرها أو حرمان من له الحق فيها، فالمال والمتاع هبة من الله وفي نفس الوقت أمانة وضعها بين يدي المتصرف فيها، فهو مؤتمن عليها لمستحقيها الشرعيين بعده، وفي حياته لتصريفها فيما ينفع ويفيد ويعمر، وأعطى الشرع حق التصرف في الثلث يوصي به المالك لمن يشاء من غير ورثته يكون لهم بعد وفاته. والحمد لله فقد رزقني الله الذرية الصالحة والمال الحلال والمتاع الحلال، والحمد لله كذلك اني مطمئن أن ذريتي ستتصرف فيهما بما يرضي الله، أما الإرث الذي هو حياتي... وتجاربي، وما كسبته من علم ومعرفة فلا يحق لي أن أجتزىء منه ثلثا، ولا أن أؤثر به ورثة شرعيين دون غيرهم، فهو ملك أضعه أمانة لأبنائي من صلبي ومن أمتي المغربية الاسلامية، وأخشى أن أوصي به أحدا ليتصرف فيه فلا يعرف قدره فيضيع، وإن أكثر من ستين عاما في الكفاح والتضحية والبذل والعطاء وما أثمرته وأتت أكله من نافع التجربة وطيب الثمار بفضل الله، هي ما يرجو المؤمن أن يثيبه الله إن هو جعلها عبرة للمؤمنين وهدى للمتقين، فلا ينفع علم لا ينتفع به الناس.
أسس ومقومات غير قابلة للتغيير
وستكون لي أكثر من وقفة تأمل واستجلاء واستنتاج تجاه عدد من القضايا والاختيارات الاساسية، كالتعليم، الاعلام، الشباب، وغير ذلك من المسائل التي فرضت نفسها كقضايا حيوية تتنازع بشأنها الأفكار والاتجاهات والتحليلات والاختيارات في مغرب الاستقلال، بل اتسعت دائرة ذلك التنازع واحتدم الحوار دون أن يستقر الجميع على موقف أو تخطيط يحسم الرأي في تلك القضايا بما يحقق الرغبة المشتركة في وضع قواعد ثابتة تحقق المرغوب وتضمن المطلوب.
إن مبرر ما سأدلي به من رأي في تلك القضايا ليس من قبيل الفضول الفكري أو ادعاء انني امتلك مفتاح الحل الأمثل لإشكاليات هي بطبيعتها متغيرة باستمرار ومتوالدة مستعصية على أي احتواء نظري أو فلسفة تحيط بها وتضبط مضاعفتها وتطوراتها، فالتعليم، والشباب والاعلام، ومكانة الدين في حياة المجتمع، كلها قضايا مفتوحة للحوار والاجتهاد والمبادرة تلو الأخرى، ولكن الذي ينبغي تأكيده والحسم فيه هو الأسس والمقومات والأهداف التي على المنظرين والمقررين معا، على السياسيين والمربين أن يتفقوا على انها غير قابلة للمس أو التغيير أو إعادة النظر، فلا يمكن لمجتمع يروم التطورالمنتظم والمتوازن أن يحقق ذلك إلا إذا كان تطوره مبنيا على أسس وثوابت قائمة على دعائم وحدة ثقافية منسجمة، وهذا ما يعبر عنه بالهوية الثقافية والحضارية، وداخل تلك الوحدة وانطلاقا منها تتفاعل مؤثرات وعوامل التغير الدافعة إلى التطوير والتحسين والتنوع والتنقيح.
تاريخ الأفكار
فوقفات التأمل والاستجلاء والاستنتاج أمام تلك القضايا ستكون بالنسبة لقارىء هذه المذكرات اضافة أتيحها له، ومدخلا أرسمه بوضوح للتعرف على "تاريخ الأفكار" ذلك لأن تاريخ حياتي النضالية لا ينفصل عن تاريخ افكاري ومعتقداتي ومواقفي وقناعتي الفكرية، كذلك فإن مسار حياتي في مرحلتي التحرير والبناء، مناضلا ومسؤولا، ارتبط بكل تلك القضايا: التعليم، حيث كنت مديرا للمدرسة واستاذا، الاعلام: مسؤولا عن تسيير جريدة نضالية في عهد الاستعمار وعهد الاستقلال كاتبا وصحفيا، ثم مديرا عاما للاذاعة والتلفزة المغربية، والشباب: وزيرا للشبيبة والرياضة في عهد الاستقلال ومسيرا لتنظيمات شبابية في عهد الاستعمار، اما القضايا المتصلة بالشؤون الاسلامية فارتباطي بها وطيد لم ينقطع في مرحلة من مراحل حياتي: طالبا في القرويين وعالما محاضرا في مجالس الفقه والحديث والتفسير، ومسؤولا عن هذا القطاع ومؤسساته ورجاله في فترة طويلة من عملي.
ستكون إذا هذه الوقفات مقدمة أرسم بها خطوط فكري وتفكيري ومواقفي، ونظراتي مستمدة من رحلة التجارب والمشاركة في صميم كل تلك القضايا، ومنطلقي في ذلك هو قناعتي بأن الحوار حول تلك القضايا قد تشعب لدرجة كادت أن تحجب عنا الغاية منه وتبعدنا عن الهدف المتوخى من الحوار، وفي قضايا حيوية وأساسية ينبغي أن يكون الحوار حول السبل لا حول الثوابت والغايات، وأن يستهدف إذكاء ديناميكية التوجه والتحرك لا أن يعطل طاقة تلك الديناميكية ويشكك في مصادرها، ومن هنا فإن مساهمتي ستتركز على تثبيت الصور الاساسية فوق شاشة الحقائق والثوابت قبل تحريك علبة شريط ببقية الصور، وبمصطلحات الفن السينمائي وقد اشتغلت في هذا القطاع فترة، فان "النكاتيف" يبقى هو الأساس وهو مرجع الصورة بتفاصيلها الحقيقية قبل أن تتدخل عوامل المونتاج، والتركيب والاضافة والتلوين والخدع السينمائية!.
وقبل ذلك أدعوك وأطلب منك، أيها القارىء الكريم، أن تقف معي وأقف معك لحظات على قمة جبل الذكريات الشامخ، أما الجبل فهو هذا الوطن العظيم، وأما الذكريات فهي سطور، من كتاب تاريخه المجيد. ان هذه الوقفة هي الفاتحة التي لا تصح بدونها صلاة، ذلك انني إذ سأروي لك من خلال مذكراتي جزءا من تاريخ عشته مشاركا أو شاهدا، تاريخ فترة من حياة ومسيرة هذا الوطن ورجاله وأحداثه، فانني في الحقيقة أتحدث عن وطن تعرض لأول مرة في تاريخه لنكبة اعترضت طريقه وامتحان عسير طوق إرادته، فمنذ انبثاق فجر الدولة المغربية على يد المولى إدريس الاكبر تتعرض حرية المغرب وكرامته ويتعرض استقلاله الوطني للانتهاك من طرف الاستعمار الغاشم. لقد كانت المعركة التي خاضها آباؤنا وحملنا من يدهم مشعلها من سنة 1912 الى سنة 1955، معركة هدفها البعيد هو وصل الحاضر بالماضي، واستعارة تلك القوة التي حافظ بها المغرب على وحدته وإشعاعه ودوره عبر العصور والأحقاب، والدفاع عن القيم والمقدسات التي هي سر عظمة ومجد المغرب والمغاربة.
كان الماضي حاضرا معنا
لقد كان الماضي حاضرا بقوة في المعركة التي خضناها ضد الاستعمار، وكانت أمجاد ذلك الماضي هي المحرك لحماسنا وتضحياتنا. لقد كنا نشعر أننا لم نفقد الحرية والاستقلال بقدر ما فقدنا تلك المناعة التي حمينا بها عبر العصور حريتنا واستقلالنا.
لذلك ادعوك أيها القارىء لتستحضر معي صفحات من ذلك التاريخ المجيد، وهو استحضار اشعر انني اذا لم أفض به كمقدمة ومدخل لهاته المذكرات، سأكون كمن يروي قصة مبتورة نسي بدايتها كما نسي أسماء ابطالها وتاريخها. ثم انني قبل هذا وذاك أريد من كتابة هاته المذكرات أن تكون عبرة ودرسا وذكرى، وليست مجرد سرد لسيرة مناضل انعم الله عليه فرأى ما كان حلما بعيدا يتحقق، اريد أن يعرف أبناؤنا واحفادنا اننا ناضلنا لا من اجل أن يرحل الاستعمار عن وطننا فحسب، بل أن يستعيد هذا الوطن وأبناؤه وبناته مقومات الوجود والهوية والكيان، وهذا معناه أن يستعيد المغرب تاريخه، هذا التاريخ إذا هو مركز القوة ان حافظنا عليه، ونقطة الضعف ان تخلينا عنه وتنكبناه. ثم إن هناك ظاهرة أو ملاحظة قد تغيب عن ذهن الذين يقرأون التاريخ قراءة سطحية لا تسبر أغوار محيطه المتدفق،وهي هذه الاستمرارية المتصلة والمتواصلة لنظامه وعقيدته وقيمه الثقافية والاجتماعية، فهذه الاستمرارية لا يمكن أن تكون بهذا الرسوخ وهذه القوة إلا لكونها تأكيدا لهوية الأمة وكيان الدولة وانصهارهما في بوتقة واحدة هي اشبه ما تكون بوحدة جسم إن اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى، وكانت ثورة الملك والشعب من التجليات العظمى لتلك الاستمرارية، وحيث قاد العرش والجالس عليه الثورة الشعبية ضد الاستعمار، وحيث عجز الاستعمار عن ادراك كنه وعمق تلك الاستمرارية وفشل في جميع محاولات اختراقها.
لذلك سأقدم لهذه المذكرات بإطلالة على بعض تجليات واشراقات تلك الاستمرارية التي تكونت نواتها الصلبة منذ المولى إدريس الاول مرورا بكل حقب التاريخ الى الآن. والدافع الى ذلك هو أن يعلم قارىء هذه المذكرات أن النضال الذي خضناه نحن جيل المواجهة والتحدي كان يستمد قوته وصلابته وتصميمه من الايمان الكاسح ليس فقط بحقنا في الحرية والاستقلال، بل بواجبنا في الذود عن هويتنا وكياننا ومقوماتنا.
تتناول هذه الاطلالة قراءة في تاريخ نشأة الدولة المغربية الاسلامية، والدلالات التي توحي بها، ليس من منظور مؤرخ، بل من منظور عاشق متيم بتاريخ وطنه، أقترح لهذه الاطلالة عنوانا شاملا هو: رسالة العرش الاسلامية، تلك الرسالة التي ارسى قواعدها الادرسان: المؤسس والباني، واستمرت وتحت لوائها خاض المغفور له محمد الخامس محرر المغرب معركة الاستقلال والحرية، ويخوض رفيقه في الكفاح جلالة الملك الحسن الثاني معركة بناء المغرب وتأهيله للاستمرار في أداء تلك الرسالة الخالدة.
* تنشر المذكرات، بالاشتراك مع صحيفة "الاتحاد" الظبيانية، على حلقات اربع مرات في الاسبوع: الاثنين، الثلثاء، الخميس، والسبت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.