أعربت نتسكيب كوميونيكيشنز عن فرح عارم عندما أعلنت اخيرا فوزها بعقد كبير لتزويد مصرف سيتيبنك ببرنامج للتجارة الالكترونية، وكشفت أيضاً تفاصيل استراتيجية جديدة تتناول تحولها إلى خدمة معلومات تنطلق من الشبكة الدولية بالتنافس مع أميركا أون لاين وياهو. ولم يكن هذا كافياً، فقد سُرّت أيضاً بعدما رفعت وزارة العدل الأميركية مع السلطات المعنية في عشرين ولاية دعوى قضائية ضد منافستها الأكبر مايكروسوفت، وإذا انتهت هذه الدعوى إلى مكسب للمدّعين لصالحهم فقد تستفيد نتسكيب على نحو لا يستهان به في المدى البعيد على حد ما يقول المسؤولون فيها. وعلى رغم هذا كله، وعلى رغم الشكوى على مدار عدد كبير من الأعوام من أن مايكروسوفت لا تنافس بانصاف واعتدال، أعرب المسؤولون في الشركة عن ترحيبهم بالدعوى القضائية لكن على نحو تعمد أن يظهر وكأن الأمر لا يعني الشركة كثيراً ولا يهمها. وقال جيمس باركسديل رئيس نتسكيب كبير المسؤولين التنفيذيين فيها، في أول مقابلة أجريت معه منذ اقيمت الدعوى القضائية ضد مايكروسوفت الاثنين قبل الماضي: "ليست دعوى الحكومة بالنسبة لنا مفيدة أو ضارة فاهتمامنا ينحصر حالياً بأمور أكبر وأهم من هذه الدعوى". بورصة ولم يكن اهتمام البورصة بالدعوى كبيراً أيضاً فقد تراجع سعر السهم الواحد من أسهم نتسكيب 75،68 سنت يوم إقامة الدعوى القضائية. ومن أسباب الحذر ان من غير البيّن ما إذا كانت الحكومة ستكسب الدعوى، ومن غير البيّن أيضاً ما إذا كانت الدعوى ستستغرق وقتاً طويلاً. ويقول مايكل باريك، المحلل لدى شركة غولدمان ساكس: "قد يستغرق النظر في الدعوى أشهراً هذا إذا لم يستغرق فترة أطول من الزمن". لكن نتسكيب، التي كانت في يوم من الأيام نجم انترنت الساطع وتراجعت حظوظها كثيراً، تحتاج إلى التحرك بسرعة أكبر من سرعتها الراهنة من أجل تصحيح أوضاع أنشطتها على حد ما يقول باريك وآخرون. وفي الأمر أيضاً سياسة ومواقف معقدة، وبهذا الخصوص يقول باركسديل إن المسؤولين في نتسكيب لا يرغبون في أن ينظر الناس إليهم كأشخاص "دائمي الشكوى والتذمر"، إذ أن من شأن هذا أن يؤكد على ما تقوله مايكروسوفت وهو ان الدعاوى القضائية لن تعود بالنفع على المستهلك، بل تنقذ حفنة من منافسيها الذين لا يستطيعون الصمود في السوق. ويبدو اهتمام الدعوى التي رفعتها وزارة العدل الأميركية منصباً على ما تصفه بمحاولات من مايكروسوفت لاستخدام شبه احتكارها لأنظمة التشغيل الكومبيوترية للترويج لبرنامجها انترنت اكسبلورر الذي يتصفح الشبكة الدولية على حساب برنامج نافيغيتر الذي تنتجه شركة نتسكيب. وتصحيحاً لهذا الوضع ترغب الوزارة في إما أن تتوقف مايكروسوفت عن ضم برنامجها التصفحي إلى ويندوز أو أن تضمن ويندوز برنامج نافيغيتر. وتقول نتسكيب ووزارة العدل الأميركية إن المقاضاة تنظر في مشكلة نتسكيب أو تذكرها فقط كحالة تتطلب دراسة ممارسات مايكروسوفت العامة. لكن مع هذا كله ينتشر الاعتقاد ان نتكسيب تحتاج إلى الحكومة. ويقول رودجر ماكنامي، الشريك العام في شركة انتيغرال كابيتال بارتنرز، الناشطة في مجال الاستثمار من منلوبارك من أعمال كاليفورنيا: "يزداد الاعتقاد وينتشر في منطقة سيليكون فالي أن نتسكيب في عالم الكومبيوتر تشبع الأم التي تعتمد كلياً على المعونات الاجتماعية الحكومية في العالم الاجتماعي، أي أنها تعتمد كلياً على تدخل الحكومة". ويضيف ان من شأن هذا ان يعزز احتمالات استكانة نتسكيب في الوقت الذي تمسك فيه مصيرها بيديها. سلبيات ومن الآراء الأخرى السلبية في نتسكيب، التي ذُكرت في عدد لا يستهان به من المطبوعات الصادرة عن القطاع الكومبيوتري، ان الشركة قد لا تستطيع أن تبقى ناشطة طويلاً من دون مشاركة جهة أخرى. ومن شأن لفت الانتباه إلى ما جاء في دعوى الحكومة القضائية على لسان أحد كبار المسؤولين في مايكروسوفت الذي قال متوعداً إن شركته "ستحرم نتسكيب من الهواء اللازم للتنفس" ان يُرعب الشركات الكبيرة التي هي من زبائن نتسكيب ويُبعدها والتي لا ترغب اجمالاً في الاعتماد على برامج من شركة تخشى أنها لن تبقى على قيد النشاط في المدى البعيد. وفي مقابلة جرت في مقر نتسكيب الرئيسي في منطقة سيليكون فالي، قال مارك أندرسون الذي شارك في تأسيس الشركة والذي يعتبر من كبار الخبراء في شؤون التكنولوجيا، ان الدعوى القضائية "مفيدة جداً من الوجهة الفعلية العملية، أما من وجهة نظر آراء الناس فينا فهي ايجابية بقدر ما هي سلبية". ويقول المتعاطفون مع نتسكيب أن تركيز الدعوى الحكومية القضائية على النشاط في مجال برامج التنقيب والتجوال جاء متأخراً إلى حد ما، فهذا الاهتمام الحكومي يشبه اهتمام الشرطة بحادث سلب متواصل بعد مرور عامين على بدئه، أي بعد أن تكون عملية السلب أفلحت في سرقة الممتلكات كافة، فشركة نتسكيب بدأت باعطاء برنامجها التصفحي مجاناً في كانون الثاني يناير الماضي بغية الحفاظ على حصتها من السوق، مستغنية بذلك عن نشاط كانت قيمته 180 مليون دولار عام 1996. ويقول باركسديل، الذي يميل نحو التحدث عن الشركة وكأنها هو: "لا أنشط تجارياً في مجال برامج التصفح، فقد درّ هذا المجال عليّ نصف عائداتي منذ عام من الزمن ولا يدر عليّ شيئاً حالياً". وتنشط الشركة حالياً في مجالين تجاريين يدر عليها مجال واحد منهما نحو مئة مليون دولار في كل ربع ويتناول بيع برامج تسمح للشركات بإدارة مواقعها على انترنت وإدارة عملياتها الداخلية. أما المجالي الثاني، الذي يدر نحو 25 مليون دولار من العائدات في كل ربع، فيتناول بيع خدمات اعلانية وخدمات أخرى من موقع الشركة على انترنت. ولن تعيد الدعوى القضائية الحكومية العائدات الضائعة من النشاط في مجال برامج التصفح. وبوسع نتسكيب أن تقاضي مايكروسوفت بتهمة مخالفة أحكام القانون الذي يحرم الاحتكار ، ساعية إلى الحصول على عطل وضرر، لكنها تقول إنها لا تنوي المقاضاة في الوقت الراهن. وكانت محامية الشركة روبرتا كاتز قالت: "تتطلب المقاضاة موارد كبيرة، وقتاً ومالاً وحيوية". لكن مع هذا كله تعتبر الأوساط المعنية المطلعة أن بعض التقليل من أهمية دعوى وزارة العدل الأميركية بالنسبة إلى الشركة، ماكر إلى حد ما. فقد ساهمت نتسكيب في الشكوى من مايكروسوفت وساهمت إلى حد لا يستهان به في الانفاق على جماعات الضغط القوية وعلى المحامين، ولا يزال نشاطها في مجال برامج التنقيب والتجوال مفتاح نشاطها العام على رغم أنه لا يدر عليها أية عائدات مباشرة. ويقول مارك اوسم، المحلل في شركة سولومون سميث بارني: "تعتبر مسألة حصة نتسكيب من سوق برامج التصفح مهمة جداً من الناحية الاستراتيجية، لكنها ليست بالضرورة مسألة مالية". جهود ويصبح هذا صحيحاً خصوصاً إذا أخذت في الاعتبار الجهود التي تبذلها نتسكيب في سبيل جعل صفحتها "منطلقاً" نحو انترنت يوفر كل المتطلبات التي تراوح بين الأخبار وبين ادراج الوظائف المعروضة والخدمات المالية. ويعتبر موقع نتسكيب، الذي يدعى "نتسنتر"، موقعاً من ثلاثة مواقع على انترنت تنشط أكثر من غيرها بكثير. أما الموقعان الآخران فهما أميركا أون لاين وياهو الراسخان كمنطلقين. وبوسع نتسكيب، وموقعها على ما هو عليه من نشاط كثيف، ان تبيع الاعلانات وأن تتقاضى، من الشركات التي ترغب في توفير خدمات من موقعها، بدلات. لكن قسماً لا يستهان به من نشاط نتسكيب يأتي من أن 50 في المئة من 70 مليون شخص الذين يستخدمون برنامجها التنقيبي المتجول يستخدمون نتسنتر كصفحتهم الأساسية لعدم وجود بديل أو بحكم استخدامهم للبرنامج نفسه. ولهذا من شأن ضم برنامجها التصفحي إلى ويندوز ان يعزز مكانتها إلى حد كبير جداً. ويقول مايكل هومر، نائب رئيس نتسكيب التنفيذي المسؤول عن نتسنتر: "نحن نرفع من شأن برنامج التصفح وننقذه". وتتحرك الشركة باتجاه تعزيز اندماج برنامجها التصفحي مع موقعها في انترنت، وعلى سبيل المثال يتسلم المستخدمون المسجلون للبرنامج حسابات الكترونية آلياً من "نتسنتر". وسيزداد توجيه المستخدمين، الذين يضغطون على زر البحث في برنامج التصفح نحو خدمة "نتسنتر" البحثية بدلاً من توجيههم نحو خدمات خارجية. وهذا "الاندماج السلس" هو بالفعل ما تُتهم مايكروسوفت بفعله من نتسكيب ووزارة العدل الأميركية، أي أن مايكروسوفت متهمة بأنها تدمج ويندوز بانترنت اكسبلورر وبخدماتها الفورية أون لاين. وهذا الدمج بين المنتجات لا يخالف أحكام القوانين المرعية عادة واجمالاً، ما لم يكن واحد من المنتجات احتكاراً. وبوسع نتسكيب أن تقول إنها لا تحتكر البرامج التنقيبية، لكن بالامكان القول إن مايكروسوفت تمارس هذا النوع من الاحتكار في ويندوز.