الفلسطينيون بحاجة إلى حكومة جديدة، بل هم يستحقون حكومة جديدة، ويفترض أن يكون غداً الخميس آخر موعد مطروح للتغيير، إلا أن أخانا الكبير أبو عمار لا يحب التغيير، وبما أن الخميس يتبعه الجمعة، وهو يوم إجازة، فهناك السبت، غير أن الرئيس سيسافر إلى الصين في زيارة رسمية، ولا بد أن يتوقف على الطريق في ذهابه وإيابه، فيضيع التغيير مرة أخرى. أبو عمار لا يحب التغيير، ومع بساطة هذه العبارة فهي تظل أصدق من أي تحليل معقد لأسباب بقاء الحكومة الفلسطينية المستقيلة في موقعها. وأولاً هذه الخلفية: قبل سنة صدر تقرير ديوان الرقابة والتفتيش عن الفساد والهدر ليهز السلطة الوطنية والشارع الفلسطيني، ووضع أعضاء الحكومة استقالاتهم بتصرف الرئيس. وشكل أبو عمار لجنة رئاسية لدرس التقرير، كما شكل المجلس التشريعي لجنة من عنده واستمر الحديث عن التعديل الوزاري أو التغيير منذ ذلك الحين. وفي آذار مارس عاد حديث الحكومة ووضعها الدستوري الى الصدارة بعد ان قدمت الى المجلس التشريعي الميزانية العامة للموافقة. ودار نقاش في المجلس حول موضوعين أساسيين هما، أولاً هل تدخل جميع واردات السلطة الى وزارة المالية، وثانياً هل تم توحيد جميع واردات السلطة في حساب واحد. ووراء هذا الجدل مصير الدخول من البترول المسؤول عنه حربي صرصور والاسمنت المسؤول عنه محمد رشيد ويعمل الآن لانهاء هذا الاحتكار والتبغ والمسؤول عنه أحمد الاغا. وهؤلاء كلهم يشتركون في خلفية العمل معاً في تونس. مناقشة الميزانية أفرزت تساؤلات جديدة عن مصير التعديل الحكومي، وقرر المجلس عقد جلسة خاصة في 15 حزيران يونيو لمناقشة الميزانية وطرح الثقة بالحكومة أقر المجلس التشريعي الميزانية في وقت لاحق من الشهر الماضي، وكان أبرز ما فيها ما قدم الوزير محمد زهدي النشاشيبي عن تخصيص مالٍ للجامعات، ووضع نظام الخدمة المدنية موضع التنفيذ جزئياً، والاتفاق على عرض القروض التي تحصل عليها السلطة على المجلس التشريعي لمناقشتها والموافقة عليها. قبل يومين من 15 حزيران طلب أمين سر اللجنة التنفيذية من المجلس اعطاء الرئيس مهلة عشرة أيام لتشكيل حكومة جديدة فوافق المجلس، وحدد تاريخاً جديداً هو 25 حزيران لطرح الثقة إما بالحكومة القديمة، أو بالحكومة الجديدة. ولكن قبل الموعد الجديد بيومين ارسل الرئيس كتاباً الى السيد أحمد قريع رئيس المجلس التشريعي يبلغه قبول استقالة الحكومة الحالية، وطلب اسبوعين لتشكيل حكومة جديدة. وهكذا وبعد هذه الخلفية يكون غداً الخميس هو موعد تقديم هذه الحكومة، فهل تقدم؟ اختتم كما بدأت، فالفلسطينيون يحتاجون الى حكومة جديدة ويستحقون ذلك، وهم في مواجهة مصيرية، رغم ما استهلكت هذه الكلمة، مع اسرائيل ويحتاجون في غياب السلام الى اصلاح بيتهم وترتيبه، لتحقيق أداء أفضل، حتى إذا حل السلام تكون عندهم المؤسسات القادرة على القيام باعبائه. وأبو عمار أخونا الكبير، وهو قادر على التغيير، إلا أنه لا يحبه، ويخشى كثيرون أن يكون التغيير القادم مجرد تعديل وزاري محدود لملء مناصب شاغرة، أي لا تغيير في وقت الفلسطينيون في أمسّ الحاجة فيه إلى طي صفحة الماضي ومواجهة المستقبل الغامض بحكومة قادرة والبقية غداً.