كلب يقضي عامين بجوار قبر صاحبه    200 قرد تهاجم وسط تايلاند    الأخضر السعودي تحت 19 يتغلّب على البحرين في ختام معسكر الشرقية    الأخضر يختتم استعداده لمواجهة منتخب إندونيسيا ضمن تصفيات كأس العالم    الخليج يواجه الشباب البحريني في ربع نهائي "آسيوية اليد"    العتودي الحارس الأخير لفن الزيفه بجازان    قراء يفضلون الشعر الاصطناعي    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    إصابات الربو في الطفولة تهدد الذاكرة    لبنان نحو السلام    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    مرحلة الردع المتصاعد    هل تجري الرياح كما تشتهي سفينة ترمب؟    إدانة دولية لقصف الاحتلال مدرسة تابعة للأونروا    ChatGPT يهيمن على عالم الذكاء الاصطناعي    سعادة الآخرين كرم اجتماعي    بيع ساعة أثرية مقابل 2 مليون دولار    وزير الدفاع يلتقي حاكم ولاية إنديانا الأمريكية    الأمير سعود بن مشعل يستقبل مندوب تركيا    الثعبان في «مالبينسا»..!    (إندونيسيا وشعبية تايسون وكلاي)    الأخضر يواجه إندونيسيا لانتزاع وصافة المجموعة الثالثة    في تصفيات مونديال 2026.. ميسي لتجاوز عناد «بيرو».. والبرازيل تسعى لنقاط أورجواي    أيُّهما أفضل الفصلين الدراسيين أما الثلاثة؟    عودة للمدارس    "التعليم": إلغاء ارتباط الرخصة المهنية بالعلاوة السنوية    التوسع في استخدام أجهزة التحكم المروري للحد من الحوادث    الأنسنة ومأسسة تكريم العمال    الادخار والاستثمار… ثقافة غائبة    الاختيار الواعي    صنعة بلا منفعة    "التعليم" تشارك في مؤتمر اللغة الصينية    بهدف تنمية الكوادر الوطنية المتخصصة.. إطلاق برنامج تدريب المبتعثين في التخصصات الثقافية    رسالة عظيمة    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية بالمملكة ترتفع إلى مليار ريال    شراء الطاقة ل 5 مشروعات    المملكة ومكافحة مضادات الميكروبات !    23.1% نسبة السمنة بين السكان البالغين في السعودية    الاكتناز    البرتقال مدخل لإنقاص الوزن    حسام بن سعود يستقبل رئيس جامعة الباحة    وكيل وزارة الثقافة اليمنية ل«عكاظ»: السعودية تشهد نهضة شاملة    1.82 مليون زائرا في معرض الشارقة للكتاب    سعود بن طلال يطلق كائنات فطرية في متنزه الأحساء    وزير الموارد البشرية: المملكة تقوم بدور ريادي في دعم توجهات مجموعة العشرين حول قضايا العمل والتوظيف    أمير حائل يشدد على تسخير الإمكانات لخدمة التعليم    وزير التعليم خلال منتدى مسك العالمي 2024م: منظومة القيم هي أساس النجاح    وزير الخارجية ونظيره السنغافوري يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    الأخضر في مهمة استعادة الوصافة    أمير تبوك يدشن مشاريع تنموية واستثمارية بالمنطقة بأكثر من نصف مليار ريال    محافظ محايل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    قائد القوات المشتركة يستقبل نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني    رئيس هيئة الأركان العامة يدشّن أعمال الملتقى الدولي الأول لضباط الصف القياديين    " طويق " تدعم شموع الأمل ببرامج تدريبية لمقدمي الخدمات لذوي الإعاقة    9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاهي الانترنت آخر صيحة في لبنان : الكومبيوتر يخطف نفس النرجيلة والجيل الجديد
نشر في الحياة يوم 06 - 07 - 1998

العام الماضي كان العز للنرجيلة وللمقاهي العربية في لبنان. وهذا العام، ومع خروج شاشات الكومبيوتر المربوطة بشبكة الإنترنت الى الشوارع وتعميمها في مقاهٍ خاصة، بات التواعد في هذه المحال ظاهرة جديدة عصرية تارة، مسلية، وطوراً مثقفة ومفيدة، وفي الغالب تجمع اللذة والثقافة في آن.
ومن الملاحظ أن مقاهي الانترنت نبتت وفرخت وانتشرت في شكل مضطرد وكثيف في غضون وقت قصير كما كل شيء جديد في لبنان، فزرعت قرب البقال واللحام في الشوارع السكنية في بيروت يفصل الواحد عن الأخر زاروب او اثنان على الأكثر. وبلغت المنافسة في ما بينها الى حد تنظيم بعضها "المسابقات الالكترونية" يربح الفائزون فيها بطاقة سفر الى قبرص مثلاً.
واللافت أن أول مقهى رأى "النور الالكتروني" منذ عامين كان ال "نيوز كافيه" القريب من شارع الحمرا تحت رعاية وكالة رويتر للأنباء. وهو يؤمن، بالإضافة الى شاشات ثلاث موصولة على الشبكة العالمية، شاشة الكترونية صغيرة على كل طاولة من طاولات المطعم تعطي على مدار الوقت عناوين عامة يفتحها منتظر فنجان القهوة وطبق اليوم على "الأخبار المحلية" أو "العالمية" أو على "الرياضة" و"البورصة" و"سوليدير"... فيأكل مع لقمته الأخبار الطازجة من وكالة رويتر. أما أمام الشاشات الكبيرة فأكثر ما يجلس طلاب الجامعة الأميركية الباحثون عن مواد ذهنية لدراساتهم، وأجانب وسياح ورجال أعمال عرب سعوديون وكويتيون واماراتيون يراسلون أوطانهم ويتحاكون مع المعارف البعيدين.
ما الذي تغير بعدما كثرت المنافسة وما عاد ال "نيوز كافيه" الوحيد في المنطقة؟ مدير المقهى بيار حبيقة يشرح: "أفترض ان كل مقاهي المستقبل ستوفر لزبائنها هذه الخدمة حتى وان كانت اكسسواراً لأنها تسهل أموراً كثيرة أهمها التواصل مع العالم سواء بواسطة البريد الالكتروني أم عبر التخاطب المباشر. فمنذ عامين كنا الوحيدين في العاصمة ولبنان، واليوم فتح مقهيان قريبان "ويب كافيه" و"فيروس كافيه"، يقدمان الخدمة ذاتها وعشرات مثلهما في المناطق. والمنافسة هذه أجبرتنا على اتباع سياسة جديدة فطوّرنا الخطوط وخفضنا الأسعار وبدأنا بتنظيم المباريات". ومن الملاحظ ان 75 في المئة من رواد ال"نيوز كافيه" باتوا يقصدونه من أجل تناول الطعام لأنه مصمم في الأصل مع طاولات كثيرة في ديكور يفتح الشهية، فيما المقاهي التي افتتحت حديثاً أعطت الأولوية للشاشات مع امكان تناول المرطبات وبعض "الخرابيش" على شبه بار في زاوية. بينما ثابرت نسبة 25 في المئة منهم على الجلوس أمام الشاشة المستطيلة.
والرواد مفتونون، بعضهم بالألعاب وبعضهم الآخر بالبحث عن المعلومات، وفي كل الأحوال بتلك الطاقة المفتوحة على العالم والتي عبرها يبحرون على هواهم فيكونون الربان معاً والمسافر. وما أكثر ما يغري رواد تلك "المقاهي"؟ في الأحياء السكنية استبدل الشباب اللعب على آلات الفليبرز باللعب على أحدث ما تقدمه "الشبكة" من ألعاب متجددة وبأسعار مغرية لا تتعدى الخمسة آلاف ليرة لبنانية للساعة الواحدة، وآخر صرعة منها لعبة "خارج القوانين". ويشرح شاب في السادسة عشر أن ألعاب الحرب هي أكثر ما تستهويه ورفقاءه وما يميز ألعاب "الشبكة" عن غيرها من ألعاب الشاشات أنه في وقت قصير تتدفق ألعاب كثيرة تتجدد مع الثواني.
الا ان الجميع لا يقصدون مقاهي الانترنت للتسلية فحسب، وفي "كافيه نت" أحد المقاهي المفتتحة حديثاً في منطقة جونيه كثافة رواد من الأعمار والأجناس كافة يقصدون المكان كمركز ثقافة وأبحاث. وتخبر صاحبة المكان ومديرته كارمن زغيب: "لم نفتح الا منذ شهرين وتفاجأنا عندما تحول المكان تلقائياً مركزاً للأبحاث. واليوم بتنا نعطي دروساً خصوصية قبل الظهر لسيدات البيوت اللواتي يرغبن في مواكبة "عصر" أبنائهن بعدما أدركن انهن يظهرن أميات امام جيل مفطور على التكنولوجيا والأهم أنهن يرغبن في هدم الهوة التي يخلفها التقدم التكنولوجي السريع بين الأجيال. ومن الملاحظ ان بعض العائلات ومنها ماجدة الرومي وابنتاها يأتي في أيام العطل ونهايات الأسبوع ليتآلف أفرادها معاً على دخول عالم الانترنت الواسع".
ومن اللافت أيضاً تهافت أصحاب المهن البعيدة من عالم الالكترونيات كالأطباء والسياسيين على تلك المقاهي بقصد العثور على مراجع معمقة لأبحاثهم والاطلاع على آخر المستجدات في مجال عملهم. أما الطلاب فيستغلون الفرصة لتقصير المسافات والاتصال مباشرة بالجامعات الأوروبية والأميركية للاختيار بين الاختصاصات المتوافرة وتقديم طلبات الدخول اليها مباشرة، وكل ذلك في غضون ساعة أو أقل. وأحياناً تتعدى تلك المقاهي دورها كمركز أبحاث وتسلية لتصير مركزاً للتلاقي الثقافي والاطلاع على عناوين الجرائد قبل الانطلاق الى العمل أو الى أي مشروع آخر.
وعن الكلفة تشرح زغيب: "هناك أكثر من صيغة للتعاطي مع الرواد. الاشتراك الشهري وقدره مئة دولار أميركي هو الأنسب للدائمين، أما الرواد الظرفيون فخمسة دولارات هي التعرفة السائدة للساعة الواحدة على الانترنت. وقد لاحظت ان بعض روادنا في المقهى هم ممن يمتلكون خطاً للأنترنت في منازلهم ومع هذا يفضلون "الابحار" عندنا للبطء في التواصل عبر خطوط الهاتف العادية، فيما عندنا الاتصال يتم مباشرة عبر الأقمار الصناعية مما يوفر عليهم الوقت والمال".
السيدة داني سلامة من الرواد الدائمين الى "المقهى" مع ولديها. وتخبر عن عادتها هذه: "اقصد المكان لأتعلم كيفية استعمال الانترنت ثم أنها الطريقة الفضلى للمراسلة السهلة والسريعة والأقل كلفة. كما وأتلقى مراسلاتي بالطريقة نفسها وعلى العنوان اياه". وتقول ماري روز كوزما: "يستطيع المرء ان قصد ان يمضي اليوم بأكمله في هكذا مكان، فهو يجمعنا بمعارف ويثقفنا ويسلينا. كما أن ربات المنازل يستفيدون من وصفات أكل جديدة من الانترنت!". وللرجال بعض المقاصد الطريفة من ارتيادهم مقاهي الانترنت. رئيس مجلس ادارة في احدى الشركات اعترف بأنه معقد من سكرتيرته لأنها تتفوق عليه في هذا المجال لذلك يأتي ليعوض النقص! ويخبر موظف عادي أنه ينفس عن عقدة حرمان حين يتفرج على آخر موديلات السيارات طالما ان راتبه لا يسمح له الا باقتناء سيارة يعود موديلها الى أكثر من عشرة أعوام الى الوراء! طبعاً هناك أيضاً الكبت الجنسي الذي قد يجد له البعض متنفساً عبر صور فاضحة على الانترنت، الا ان الأمر يصبح أكثر صعوبة في مقهى عام...
وللشباب أوقاتهم أيضاً. في "انترنت كافيه" في صربا الكسروانية، الدوامات معروفة وكذلك الهوايات الموزعة على الأعمار: تحت الثمانية عشرة للألعاب والتسلية، وفوق هذا العمر للأبحاث واتصالات العمل. والجميل في هذه المطارح انها تفتح الآفاق واسعاً امام المخيلات وعبر طاقة لا تتعدى السنتمترات يقفز المرء من المقهى مباشرة الى... كل العالم، وبكبسة زر يعود سليماً معافى الى كرسيه قربه جار لا يزال يجول في الصين!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.