من روستوف في جنوبروسيا الى كراسنوريارسو في سيبيريا تمتد أذرع الاخطبوط الاستخباراتي الاسرائيلي. وذكر مسؤول في هيئة الأمن الفيديرالية الروسية ان عدداً من كبار موظفي الدولة والمسؤولين في وزارات "القوة" الروسية لهم صلات قوية برئيس جهاز "ناتيف" ياكوف كيدمي. هذا الجهاز الذي يعرف الآن باسم مكتب الاتصالات مع يهود الاتحاد السوفياتي السابق وأوروبا الشرقية انشئ عام 1951 بايعاز من رئيس الوزراء آنذاك ديفيد بن غوريون لجمع معلومات عن البلدان الاشتراكية وبث الدعاية الصهيونية وتشجيع الهجرة الى اسرائيل. وفي السبعينات أصدر رئيس "ناتيف" تعميماً أكد فيه ضرورة اختيار وكلاء من "اليهود المتعصبين قومياً والذين يكرهون الروس". وفي حديث الى صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" نشر أمس، قال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الأمن الروسية تحفظ عن ذكر اسمه ان فتح أبواب الهجرة وتأمين المجال الواسع للدعاية الصهيونية دفعا الى تغيير مهمات "ناتيف" وأهدافه التي تتلخص الآن في جمع المعلومات واختيار شبان يهود ذوي مواهب لدفعهم الى الهجرة، واقامة صلات مع علماء وخبراء روس يملكون معلومات "حساسة" لاسرائيل. وهذه اشارة الى أسرار الصواريخ والتكنولوجيا والفضاء التي يبحث عنها الاسرائيليون. معروف ان مسؤول جهاز "موساد" في روسيا دانيال يوفين طرد من موسكو بعد كشف اتصال بضباط من الاستخبارات العسكرية الروسية كانوا يزودونه صوراً التقطتها أقمار اصطناعية لمواقع في دول عربية. وذكر المسؤول الروسي ان الرئيس الحالي ل "ناتيف" ياكوف كيدمي مواطن سوفياتي سابق كان اسمه كازاكوف هاجر عام 1969، وعمل مسؤولاً في محطة الوكالة اليهودية في فيينا، ثم موظفاً في شعبة رعاية المصالح الاسرائيلية في السفارة الهولندية في موسكو. وبفضل علاقاته الوثيقة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الصناعة والتجارة الاسرائيلي ناتان شارانسكي المسؤول عن ملف الاتحاد السوفياتي السابق، أصبح كيدمي من الشخصيات المتنفذة، وقام خلال سنة بعشرين زيارة غير رسمية لروسيا حيث له "صلات واسعة بكبار المسؤولين في الدولة واعضاء البرلمان ووزارات القوة ورؤساء المصارف". واعتبر المسؤول في هيئة الأمن الروسية ان الاسرائيليين يتصرفون "كأنهم في عقر دارهم"، وقال ان مديرية الهجرة وهي أكبر شعبة في السفارة الاسرائيلية لا صلة لها بوزارة الخارجية بل تعمل كفرع ل "ناتيف". في العام الماضي انشأ جهاز "ناتيف" شبكة "الرقابة الدائمة" في موسكو وعدد كبير من الاقاليم من جنوبروسيا الى شمالها، وجنّد يهوداً لجمع معلومات عن السياسة والاقتصاد والعلاقات القومية. وكانت المعلومات تحول الى "منسق" في موسكو ثم ترسل عبر السفارة الاسرائيلية الى المقر المركزي ل "ناتيف". والغريب ان وزارة الأمن الروسية اكتفت باستدعاء هذا "المنسق" الى حديث مقتضب اعلن بعده "التوبة" فأخلي سبيله، في حين فرضت أجهزة الأمن اجراءات قاسية جداً على أشخاص لهم صلة باستخبارات دول أخرى شرق أوسطية. وخوفاً من العقاب اتصل عدد من اليهود الروس بوزارة الأمن لاعلان توريطهم بجمع معلومات لمصلحة اسرائيل عبر شبكة "ناتيف". وذكر المسؤول الأمني ان المعلومات سلمت الى وزارة الخارجية لاتخاذ اجراءات، وقال انها "مؤسفة تعكر صفو العلاقات" بين روسيا واسرائيل.