1 لم يكن البحر بداية. ولا كان التراب. لم يكن شيء يفضل أن يسرق البداية من العناصر اللامعة. لكن البحر. التراب. أصبحا معاً. محيطين بوجهها. مصطدماً. بصخرة. في أسفل اليم. الذي لا نتقن تسميته. فنعطيه ما يتلاءم والظاهر لنا على السطح. في ذلك الغور الخفي. بين صخور كلسية. كانت هناك منذ عهود لا يبلغها العد. إلا تقريباً. أسفل. أقصد ما يتركه الماء مستوراً. لأنه يتشكل. في كل حين. أو يظل كما تكون في العهود التي نعرف عنها الضوء وحده. على رابية. منحدراً الى شاطئ. وفي الأمواج تتوزع. حتى لا تراها. لا ترى إلا ها. هي . تلك الأضواء المتحالفة مع العين. في خداعنا. لأنها تكسر أوهام معرفة الأزمنة المتعاقبة. فلا يبقى منها ظلام. وأنت. أيتها الأزهار التي لا تتشابه. هناك أنت تفتحت. ضوء آخر يلعب بأعضاء كنت تكتشفينها بعيداً عن عيون الآخرين الذين لم يشاهدوا يديك تلهوان بماء. من أجل اللهو. تلهوان وتذهبان مع الموجة الهاجمة من وراء. فلا تدرين كيف. انعطف الضوء فيك ولا كيف التمع. أنت الأزهار السعيدة. في الماء. أعضاء تلهو بالأعضاء. وثمة في الحلق كلمات لا تدركين النطق بها. هي هناك. وأنت أزهار يلعب البحر بها. وكل منكما يقترب من غيره في أسفل الموج. والصخور المستورة. وجه من دهشة تتنامى مع الرغبة. في الذهاب الى البحر. الذي لا يبعد عن البيت. الذهاب الى لقاء. صديق أو صديقة. أزهار وبحر. من يصدق أجمل من هذا الأفق الزهيري. الذي لا تخبو جماره. يأتي الوصف لاحقاً. لذلك فإن أول ما ينفجر من أول وهلة هو الضوء. في اسمك. حنان. وفي حركة رأسك التي تدل على النفي. أو على الاثبات. فلا تحتاجين للكلمات. حركة. ثم الضوء في اتجاه الحركة. تاركاً أزهاره. تنداح على الركن. بيتاً. أو. فضاء خارج البيت. فيه يظل الضوء أعلى من تحديد الأمكنة. شارع على سبيل المثال. ممر كثير الحفر. هضبة من الأحجار الصلدة. وهي على كل حال. لا تتطلب تحديداً. لأن ما يهم هو الضوء السابق على يديك. وهو ينسرحُ عروقاً متآخية. في أعضائك. الكلمات كلها تتوقف عن الارتفاع الى مقام ابتسامتك. وفي كل حركة رأس. ضوء ينشأ. ليتكرر دائماً. في الحالة ذاتها. وعلى الطريقة ذاتها. 2 ولك. في هذا الفجر. ذاكرة. لأنه. اكتسب من الصمت ما يدافع به عن الوحدة. وما يتشكل حجماً. هو الفرح. الملتبس الى أقصى التكتم. من نوافذ الفجير يُطل رأسك الصغير. ذو السوالف الفحمية. والهدوء ينحدر من أصابع يديك. بمقدار انحدار قطرات الروح في زجاجة اسمها الجسد. هناك التماع مضاعف. للصمت. وأنت ربما كنت ترجين ما يتراءى في الظاهر. وحيدة. بينك وبين صديقك البحر. في مخيلة مرمية في نسياننا. فلا نسأل عن الأقل. بأي لون تقرئين الأمواج. وبأي يد تلعبين بالماء. متفجراً من حركة موجة. أطلسية. لها مفاجأة أن تعلو. بعيداً. في العلو والانفجار. وأنت الآن ميتة. مضطجعة على أرض مستوية من الرمل. لا تدركين شيئاً مما حصل بين انفجار الموجة وبين اضطجاعك على الرمل. يحيط بجثتك السابحون الذين يتنادون من بعيد. وينظرون إليك. على أرض من رمل. أنت تنامين. تجاورين الموت. قريباً من الموت. وجهك. ويداك جامدتان. حركة الصدر الحي. تخلت عن صدرك. قدماك ممتدتان على مستوى الأرض. وعلى الساقين ما تبقى من نبات بحيري. ما يزال طرياً. ولربما كان بدوره ينزف. أو يفرغ ماءه الأخير. حدقت. لم أحدق. في الأمواج ولا في التراب. في السابحين الذين يدسون رؤوسهم بين رؤوس غيرهم. كي يروا صمتك. على الرمل. ويروا نومك محلولاً. على الرمل. أيضاً. 3 دوخة في رأسي. لا تتركني أفكر. في الذي حدث. من الأمواج الى الرمل. وأنت الآن ميتة. هذا ما أنا متأكد منه. في صداقة البحر ما يفاجئ غير المجرب. خلعت الملابس وألقيت بها وراءك. لأن صداقة الماء. أقوى. وجلدك يتنفس رائحة البحر. ملح مختلط بما ينبت في الأسفل. بين الصخور الصلدة. في القديم كانت هناك منغرسة. في جسد الرمل. وهناك هو. اليوم. بعد غطستك. المخذولة. لا تفترق بينك وبين أي جسد آخر. قصدير. بلاستيك. ثوب. خشب. زجاج. مطاط. تلك الصخور. في أسفل الماء. وأنت لا تتخيلين ماء يتحول الى صخور. في الماء الماء. لا ترين ما يختفي. منذ عهود. لأنك أحببت الماء. جعلت منه صديقك المحبب الى يديك. كلما ترامتا حركة. فيه خلقتا الحركة. وفيه. اندستا. هاربتين. الى داخل لا حجم له. رائحة تغري بالعودة دائماً الى البحر. وبخلو الصداقة. هنا من الغدر. لكن أن ترى ظاهر الماء لا يدل على شيء. هو البحر. ولا الى ظاهر الرمل. عندما وطئت قدماك الرمل أول مرة. كانت الحرارة مشجعة على السباحة. وفي الماء حصلت الصداقة. وهذا معروف. بالنسبة لكل من يصاحب الماء في كامل حياته. على النحو ذاته الذي يمكنه فيه أن يصاحب صديقاً لا يتخلى عنه. في اللمسة الأولى للماء. بالاصابع المتعجلة. التي تختبر درجة الحرارة. فيما القدمان مجذافان يسرعان في الحركة. الماء من كل جهة. ضجيج السابحين يتقاطع مع الخطوات الأولى. ومع دفء ما تبقى من ماء الأمواج. تلك لعبة الغواية أو الصداقة. حيث الجسد يتحول الى قارب بمجاذيفه. أحياناً. الى ضفدعة تتكاثر بسرعة على ظاهر الماء. موجة فموجة. ينشأ البحر. ومعه تنشأ الصداقة. بين جسدين. يختفيان معاً. ليظهرا معاً. ولا نكف عن ترديد ما يحصل. في تلك اللحظة. ونحن نقهقه عادة. ظانين. ان الصداقة التي نمنحها للبحر. هي الوسيلة التي بها يمكن للبحر أن يفرح بنا. ونحن نطأ عتبة الأمواج. فوق رمل. تتحرك طبقته العليا. وأحياناً يغير المكان تماماً. 4 موجة تختلط عليك. من علو. ومن انفجار. هذه الصخور الخفية. عن وجهك. يمكنها أن تصير وحشية. وكذلك كانت. انك ترتطمين بالصخرة. وبالموجة النازلة صاعقة. من علوها. انك لا تعرفين ما يحصل. كلمات. لم تقبضي على كلمة واحدة. صرخة. في التفاف الموجة. تحقق الارتطام كاملاً. نازعاً عن لسانك ما ينادي به. المحبة. المحبة. في طبقة مسقوفة بالهدير الفاتك. هل هي الأعضاء التي تكومت أم صرختك التي نزلت الى أسفل البطن؟ أنت الآن ميتة. متحلقون صامتون. متحلقون. يحكون عن جسدك طافياً. أزهاراً لا تتشابه. لو يعلمون. كيف اخترت البحر. صديقاً أو صديقة. وأنت وحدك تنشرين المحبة على وجهك. كلما أعلنت. وقت البحر هذا. وكنت جاهزة للصداقة الوحيدة. هناك مقدمة البحر. كثيب من الرمل. ثم الانحدار مباشرة نحو الماء. الذي يغطي كثيراً من صخور متكلمة. منذ عهود نعرف عنها الضوء وحده. حركة الرأس بضوئها. ابتسامة لصداقة البحر. الذي عثرت عليه وأنت تنتقلين من رصيف الى رصيف. برجلين طائشتين. لا تباليان بما يغطيه الماء. لأن المحبة. لأن اللعب. وفي الماء تكونت الموجة. من أعلى. وفي أسفل البطن. تدحرجت الصرخة. 5 هؤلاء الغرقى. الذين نتذكر حكاياتهم. واحداً بعد الواحد. ثم قبل أن ينتهي حداد. يبدأ حداد. رواية البحر. لا تكتمل. انهم لا يتوقفون عن رواية أخبارهم. غرقى من مناطق متباعدة. هنا. في شاطئ لا يتكفلون بحراسته. من وحشية الصخور. أو من علو الموجة. كان الوقت بين الظهيرة والغروب. جسد يطفو. أزهاراً لا تتشابه. يحكون. للغرباء. فصولاً من رواية. تدخل في رواية. وأنت الآن ميتة.