سيكون تصويت الأممالمتحدة على عضوية دولة فلسطين فيها عملاً مدمراً. ومع اقتراب موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، بدا أن الولاياتالمتحدة وإسرائيل وأوروبا لم تظهر استعجالاً أو جرأة في العثور على حل وسط. وباتت الحاجة إلى العمل أكثر إلحاحاً بعد تصاعد التوتر في الأيام القليلة الماضية مع لاعبين إقليميين شديدي الأهمية هما مصر وتركيا. وبذلت الولاياتالمتحدة في الأسبوع الماضي جهداً فاتراً لحمل الفلسطينيين على التخلي عن التصويت مقابل مفاوضات سلام جديدة. كانت رمية غير مقنعة. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الأميركيين لم يقدموا اقتراحاً محدداً. وأضاف: «لأكون صادقاً، فقد جاؤوا متأخرين جداً». ويمكن فهم إحباطه. ذلك أن الرئيس أوباما ومنذ توليه منصبه، لم يجرِ إلا جولة مفاوضات مباشرة واحدة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وبين السيد عباس، لم تدم أكثر من أسبوعين في أيلول (سبتمبر) 2010. ويلوم الجانبان أوباما والزعماء العرب (ونحمل المسؤولية الأكبر عن الفشل إلى نتانياهو الذي استغل كل سانحة لإجهاض جهود السلام). بيد أن السبيل الأفضل إلى الدولة يبقى في المفاوضات. وعلى الولاياتالمتحدة وشركائها في اللجنة الرباعية الدولية (الاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة وروسيا) وضع خريطة وصفقة على الطاولة، مع جدول زمني لاختتام المفاوضات وتصويت رسمي في الأممالمتحدة على الدولة. ويكمن لبّ المسألة في قيام دولة فلسطينية ضمن حدود ما قبل 1967 مع تبادل متفق عليه للأراضي وضمانات لأمن إسرائيل. وعلى مجلس الأمن وجامعة الدول العربية أن يلقيا بثقليهما مع الخطة. وللحصول على العضوية الكاملة في الأممالمتحدة على الفلسطينيين الحصول على موافقة مجلس الأمن. وقالت الإدارة (الأميركية) إنها ستلجأ إلى حق النقض (الفيتو) لمنع أي قرار مشابه - ما يجعل عزلة واشنطن وإسرائيل أمراً مؤكداً. وإذا أخفقوا في مجلس الأمن، يقول الفلسطينيون إنهم سيطلبون من الجمعية العامة تعزيز وضع العضو المراقب إلى دولة غير منضوية (في الأممالمتحدة). والتصويت الأقل أهمية في الجمعية العامة، الذي يثق الفلسطينيون بفوزهم به، سيكون كافياً ليفتح الطريق أمام انضمامهم إلى عشرات الهيئات والمعاهدات الدولية وقد يعزز قدرتهم على ملاحقة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية. لكن الدولة العبرية ستظل مسيطرة على الأراضي الفلسطينية، ما يترك الفلسطينيين ساخطين بعد نشوة النجاح الأولى. وهدد الكونغرس بخفض ملايين الدولارات من المساعدات للسلطة الفلسطينية إذا ضغطت من أجل تصويت في الأممالمتحدة. وبدلاً من تهديد الفلسطينيين وحدهم، كان على الكونغرس أن يقسو على نتانياهو للعودة إلى المفاوضات. وقالت إسرائيل إنها ستخفض ملايين الدولارات من تحويلات الضرائب العائدة إلى السلطة. إن خطوات غير مفيدة كهذه قد تؤدي إلى انهيار القيادة الأكثر اعتدالاً التي حظي الفلسطينيون بها، وتعزز «حماس» وتدمر التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة. ومن المدهش في هذا الوقت المتأخر، أن تظل أميركا وأوروبا منقسمتين على بعض المقترحات حول مفاوضات السلام - كطلب إسرائيل الاعتراف بها دولة يهودية. وأوباما في حاجة ماسة إلى إظهار حزم في القيادة عبر الضغط على نتانياهو وعباس لاستئناف المفاوضات. وفي حال حصل التصويت في الأممالمتحدة، على واشنطن وشركائها حصر الأضرار، بما في ذلك الاستمرار في تمويل السلطة الفلسطينية. * افتتاحية، عن «نيويورك تايمز» الاميركية، 11/9/2011، إعداد حسام عيتاني