هذا وقت طرح الافكار الجريئة لانقاذ جهود السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين. لم ينتهز رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الفرصة. وأظهر في خطابه أمام الكونغرس - مجدداً - افتقاده الى الشهية اللازمة لهذا الصنف من التسويات وهي السبيل الوحيد لصوغ حل يقوم على فكرة الدولتين وضمان قيام دولة للفلسطينيين يحال بينهم وبينها منذ زمن، وضمان امن اسرائيل على المدى الطويل كذلك. وأظهر الرئيس اوباما قدراً من المبادرة الخطابية عندما تحدث، لكنه لم يبد كمن يمتلك استراتيجية لاحياء المفاوضات. ويرفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس العودة الى طاولة المفاوضات ويراهن، على ما يبدو، على مستقبل شعبه في اتفاق مضلل مع «حماس» وفي ايماءات رمزية. وذلك أكبر من فرصة ضائعة. فاستمرار الجمود يغذي التطرف. ويلوح في الافق موعد نهائي: يخطط الفلسطينيون في ظل غياب المفاوضات للطلب من الاممالمتحدة في أيلول (سبتمبر) المقبل الاعتراف بدولتهم. لن يمنحهم هذا الاجراء ما يريدون وستستخدم الولاياتالمتحدة حق النقض (الفيتو) عند عرض الأمر على مجلس الامن. لكن الخطوة هذه ستزيد من عزلة اسرائيل وواشنطن. تعهد الرئيس اوباما إحياء عملية السلام لكنه اعاد النظر في تعهده عندما رفض نتانياهو طلب تجميد بناء المستوطنات ورفض عباس التفاوض من دون تجميد البناء. وعاد اوباما الى اللعبة في الاسبوع الماضي. وحض حلفاءه، بمن فيهم اسرائيل، على المجازفة سياسياً في سبيل التغيير السلمي. وأكثر ما جذب الاهتمام كان دعوته الى التفاوض في شأن دولة فلسطينية ضمن حدود اسرائيل ما قبل عام 1967، مع اتفاق على تبادل للاراضي. والفكرة هذه تشكل اساس كل المفاوضات منذ اكثر من عقد من الزمن، بما في ذلك المفاوضات التي ساندها الرئيس السابق جورج بوش. وشدد نتانياهو فوراً على ان اسرائيل لن تنسحب ابداً الى حدود ما قبل ال 67 التي «لا يمكن الدفاع عنها». وتجاهل اثناء خطابه امام قاعدته المحافظة في مقر الكابيتول، النصف الثاني من تصريح اوباما حول «تبادلات متفق عليها تتيح انشاء حدود آمنة ومعترف بها للدولتين». ويفترض كثر، باستثناء المتطرفين من الجانبين، ان اسرائيل ستحتفظ بقسم كبير من مستوطناتها في الضفة الغربية عند التوصل لاتفاق سلام، وستعوض على الفلسطينيين بمناطق أخرى. واعترف بذلك نتانياهو الذي قال «في أي اتفاق سلام ينهي الصراع، سينتهي الامر ببعض المستوطنات خارج حدود اسرائيل». ورفع مساعدوه الآمال في انه سيطرح افكاراً جديدة، بيد أن ما من شيء جديد هناك. لقد أصر على ان «القدس لن تقسم مجدداً» وان الجيش الاسرائيلي سيظل على خط نهر الاردن. وبينما كان نتانياهو يتمتع بالتصفيق المديد الذي حظي به في الكونغرس، كتب إيثان برونر ل «نيويورك تايمز» ان الرحلة صنفت كفشل ديبلوماسي في اسرائيل. وقالت صحيفة «هآرتس» ان «الرسائل القديمة ذاتها تبرهن ان اسرائيل في حاجة الى قائد مختلف»، فيما صرف الفلسطينيون النظر عن الزيارة قائلين انهم سيركزون على الاحتجاجات السلمية، وصولاً حتى ايلول. لكن ماذا يحدث الآن؟ المزيد من السعي على غير هدى والمزيد من الاتهامات، اذا لم يضع اوباما خطة تأتي بالجانبين الى مفاوضات جدية. لكننا لا نرى أي اشارة على انه يعمل من أجل مفاوضات كهذه. ويقال لنا ان ليس لدى أوباما أي خطط لتعيين مبعوث جديد يحل مكان جورج ميتشل الذي استقال، أو لايفاد وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الى المنطقة. وستصبح المفاوضات أصعب ما ان تشكل حكومة وحدة وطنية مع «حماس» واقتراب شهر ايلول. إن الوقت ينفد. * افتتاحية، عن «نيويورك تايمز» الاميركية، 26/5/2011، إعداد حسام عيتاني