في محاولة أخيرة لانقاذ المفاوضات التي أعلن الجانب الفلسطيني توقفها مع اسرائيل، استقبل الرئيس ياسر عرفات في مقر اقامته في غزة ظهر أمس رئيس الائتلاف الحكومي في الكنيست الاسرائيلية البرلمان مئير شتريت الذي سلمه رسالة من رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو لم يكشف فحواها. ووصف الرئيس الفلسطيني المحادثات التي أجراها مع شتريت في ختام لقائهما بأنها كانت مهمة وايجابية. وقال انهما تباحثا في سبل انقاذ عملية السلام من المأزق الذي وصلت اليه والجهود المبذولة لحمايتها. ورداً على سؤال هل ستؤدي هذه الجهود الى اخراج المفاوضات من الطريق المسدود الذي انتهت اليه، اكتفى عرفات بالقول: "سننتظر لنرى في الأيام المقبلة ان كان انفراج ما يمكن أن يحدث". أما شتريت فاستبق محادثاته مع عرفات بتصريحات أكد فيها ان لقاءه مع الرئيس الفلسطيني تم التنسيق في شأنه مع رئيس الوزراء الاسرائيلي وجميع الجهات التي لها علاقة بالاتصالات مع الجانب الفلسطيني، في اشارة في ما يبدو الى وزير الدفاع الاسرائيلي اسحق موردخاي الذي كلف ملف هذه الاتصالات. وقال شتريت انه حمل رسالة من نتانياهو الى الرئيس الفلسطيني، معبراً عن أمله في امكان تجاوز الطرفين التعثر الحالي الذي تمر فيه عملية السلام، ومشيداً في الوقت نفسه بالجهود التي يبذلها عرفات لانقاذ العملية السلمية. ولم ينف شتريت انه جاء الى غزة للقيام بدور الوسيط لانقاذ الوضع. وشدد على أن الهدف من هذا اللقاء هو العمل على تحريك الجمود الحاصل والتغلب على الأزمة التي تصطدم بها المفاوضات بين الطرفين. افكار جديدة وقال شتريت بعد الاجتماع: "لقد عرضت على الرئيس عرفات افكارا في محاولة لردم الهوة وآمل ان نستطيع قريبا تجاوز آخر العقبات التي تحول دون التوصل الى اتفاق". وصرح للاذعة الاسرائىلية: "اعتقد انني سأعود 000 بأمل اكبر كثيرا في شأن التقدم في عملية السلام بدلا من التقهقر او التوقف"، موضحا انه سيتسلم "ردا على ذلك من عرفات الليلة او غدا الجمعة". واعتبر موردخاي في مقابلة مع الاذاعة ان مفاوضاته مع ابو مازن ستستأنف عاجلا او اجلا على الرغم من ان الاجتماع الذي كان متوقعا امس لم يتم. وعلم من مصدر فلسطيني ان عرفات سيستقبل اليوم في رام الله وزير الامن الداخلي الاسرائيلي افيغدور كهلاني. وأكد وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث الذي شارك في اللقاء، هذا المسعى من جانب شتريت، وثمن مواقفه وجهوده، ووصفه بأنه من اوائل المسؤولين الاسرائيليين الذين تبنوا خيار اقامة الدولة الفلسطينية كحل وحيد للنزاع. وقال ان شتريت يحظى باحترام كبير بين الفلسطينيين، وان اللقاء الذي أجراه مع عرفات ايجابي جداً، مشيراً الى أنه جاء في محاولة لانقاذ عملية السلام، وان عرفات يقدر هذه المحاولة. لكن حسب المصادر الفلسطينية يبدو ان الرئيس الفلسطيني ارجأ اعطاء جواب محدد على اقتراحات شتريت، ومنها إعادة استئناف المفاوضات، وذلك الى ما بعد الاجتماع الذي ستعقده القيادة الفلسطينية اليوم. وقال شعث في هذا الخصوص انه يعتقد بأن عرفات بحاجة لدرس هذه المقترحات بعض الوقت قبل اعطاء رده عليها، مشيراً الى أنه طلب من شتريت منحه فرصة لدراستها. ونفى شعث ان يكون هناك قرار باستئناف المفاوضات مجدداً، لكنه أبقى الباب مفتوحاً عندما أشار الى ان القيادة الفلسطينية ستدرس هذا الموضوع وانها تجري الآن تقويماً عاماً للوضع. وكرر شعث تأكيد الموقف الفلسطيني بقوله: "لسنا ضد المفاوضات بحد ذاتها، لكننا ضد مفاوضات لا تجدي. والمسألة لا تكمن باجراء المزيد من المفاوضات، وانما باتخاذ الحكومة الاسرائيلية القرار الذي ينتظره العالم أجمع منها". أما كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات، فاتهم نتانياهو بالمماطلة واضاعة الوقت. وقال: "اذا كان مستعداً للتعامل جدياً مع هذه المفاوضات، فكل ما عليه هو ان يقول نعم للمبادرة الأميركية. أما ان يكون في وضع من لا يريد اتخاذ قرار، أو غير قادر على اتخاذه ويريد تغطية الأميركيين له مرة وتغطيته منا عبر ما يسمى بالمفاوضات، فهذا غير مقبول لأن اللعبة صارت مكشوفة للجميع". وكان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية السيد محمود عباس أبو مازن قال انه لم يتقرر عقد اجتماعات وان الفلسطينيين الغوا المحادثات لأن اسرائيل لم تقدم مقترحات جديدة. وقال عباس لوكالة "رويترز" بعد عودته من زيارة للأردن: "لم نوافق على عقد اجتماعات أخرى مع موردخاي بعدما قررت القيادة الفلسطينية وقف المفاوضات". وأضاف: "المحادثات لن تستمر، خصوصاً ان الجانب الاسرائيلي يحاول الابتعاد عن المبادرة الأميركية باقتراح أفكار تتعارض مع هذه المبادرة". ولم يعط السكرتير العام للحكومة الاسرائيلية داني نافيه جواباً قاطعاً على احتمال عقد اللقاء أمس. وقال نافيه المقرب جداً من نتانياهو: "هناك فرص جيدة لاستئناف هذه الاتصالات المباشرة على مستوى عال تمهيداً للتوصل الى اتفاق"، مؤكداً ان "تقدماً قد سجل" منذ معاودة المفاوضات المباشرة. وأعلنت الاذاعة الاسرائيلية ان اسرائيل كانت تنتظر وصول جواب صباح أمس من عرفات في شأن اللقاء بين موردخاي و"أبو مازن". واشنطن ورفضت واشنطن أول من أمس الدعوة الاسرائيلية الى ارسال مسؤولين اميركيين لتضييق الفجوات بين مواقف الفلسطينيين والاسرائيليين قائلة انه يجب أولاً على الأطراف نفسها ان تحقق تقدماً. وقال الناطق باسم البيت الأبيض مايك ماكوري أول من أمس: "وصلنا الى نقطة يجب فيها ان نعرف هل الأطراف نفسها ملتزمة محاولة حل الخلافات بينها والمضي قدماً". وأضاف: "لا يمكن أن نتخذ القرارات التي يجب أن يتخذوها بأنفسهم. لا يمكننا بناء الثقة ... يجب أن يفعلوا هذا بأنفسهم. يمكننا مساعدتهم على تضييق شقة الخلاف بينهم لكن يجب عليهم ان يكونوا مستعدين لبناء هذه الجسور".