قال الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي ان حادث اطلاق النار مع القوات اليمنية أول من أمس في جزيرة الدويمة دفاع عن النفس. وأكد في مؤتمر صحافي عقده في ساعة متقدمة ليل أول من أمس رغبة السعودية "في انهاء مشكلة الحدود مع اشقائنا في اليمن بالشكل الذي يرضي البلدين". وجاء كلام الأمير نايف، بعد ساعات من مؤتمر صحافي عقده الرئيس اليمني علي عبدالله صالح اتهم فيه القوات السعودية ب "الاعتداء على جزيرة الدويمة"، مما أدى الى سقوط 3 قتلى و9 جرحى في الجانب اليمني. وقال الرئيس اليمني، مثلما أكد الأمير نايف، ان التحكيم يبقى خياراً أخيراً لحل المشكلة. وقال الأمير نايف إن السعودية "تعمل بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في التعامل مع الاشقاء في اليمن تعامل المصارحة والتفاهم في كل الامور. وأن خير اليمن خير لنا في السعودية وقضية الحدود تسير بيننا في طريق صحيح ووفاق وتفاهم ونأمل بأن ينتهي موضوع الحدود في اقرب وقت". وعن الاشتباك الحدودي في جزيرة الدويمة قال: "أؤكد هنا، وأنا وزير الداخلية ومسؤول عن الحدود وحرسه، اننا لم نبدأ بالاعتداء واطلاق النار ولا حتى طلقة واحدة من جانبنا. المسؤولون عن حرس الحدود اليمني هم الذين بدأوا. وكان لا بد من الدفاع عن النفس". وأضاف ان جزيرة الدويمة "ممتدة من الشمال الى الجنوب في البحر الاحمر بطول 6 كيلومترات وعرض كيلومتر واحد وهي خليج يتراوح عرضه بين 200 و700 متر، وثلاثة ارباعها سعودية"، مشيراً الى "ان فيها علامة الحدود الاولى بحسب اتفاق الطائف، ورأس المعوج هي آخر نقطة برية للحدود السعودية - اليمنية بموجب اتفاق الطائف". لافتاً الى ان الخط البحري سيمتد بما يتفق عليه البلدان ابتداءً من رأس المعوج بالنسبة الى الحدود البحرية". وأضاف ان هذه النقطة كانت تبحث عن طريق اللجان المشتركة وبحثت في اجتماع اللجنة العليا نهاية شهر حزيران يونيو الماضي، واتفق الجانبان على كيفية معالجتها. متوقعاً ان يتم الاتفاق عليها في فترة لا تتجاوز ثلاثة اشهر، مشدداً على "انه لم يتم استحداث أي نقطة عسكرية لحرس الحدود السعودي الا بعد ان قام الاخوة اليمنيون بإحداث نقاط حدودية فاضطررنا الى ذلك وما كنا نوده". وبعدما روى كيفية حصول حادث الدويمة، قال الأمير نايف ان الامير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران السعودي ابلغ نائب الرئيس اليمني السيد عبدربه منصور في اتصال هاتفي السبت اقتراح السعودية ترك ترسيم مسألة الحدود البحرية بما فيها الجزر الى نهاية موضوع الحدود "ونحن ننتظر رد الاخوة اليمنيين على اقتراحنا"، نافياً "وجود حشود عسكرية من الجانبين على الحدود"، ومستبعداً تأثير هذه الاحداث على اليمنيين المقيمين في السعودية. وشدد الامير نايف على ان السعودية "لن تسمح لأي جهة أخرى غير الجانبين السعودي واليمني التدخل بينهما ولن نقبل من أي جهة أي وساطة في علاقاتنا مع اليمن، ومن هذا المنطلق لم تتقدم دول عربية او اجنبية للوساطة"، لكنه أضاف: "اننا مجبرون على توضيح وجهة نظرنا للاشقاء لمجرد الاحاطة من دون طلب الوساطة ... لم تتعود السعودية ان تعطي الفرصة لأحد للتدخل في مثل هذه الامور. وقراراتها لا يمليها عليها احد وسنحافظ على اراضينا ولا يمكن ان نعتدي على اي اخ كما لن نقبل اي اعتداء علينا". وأضاف ان "المملكة لا تود التعامل مع اليمن عن طريق البيانات ولكن بالاتصالات المباشرة لأن القنوات كلها مفتوحة مع الاشقاء اليمنيين ابتداءً من القيادتين وسمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني الأمير سلطان". وشكر الامير نايف نيابة عن الملك والامير عبدالله والامير سلطان "فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في مؤتمره الصحافي قبل ساعات على ما تحدث به عن المملكة وخادم الحرمين ومواقفه من اليمن". وعرض الأمير نايف سلسلة من الاعتداءات اليمنية على أراض سعودية، موضحاً ان "في 1/5/98 تواجد 14 عسكرياً في جزيرة سية السعودية مستخدمين ثلاثة وسائط عسكرية بحرية وهددوا القوات السعودية الموجودة في المنطقة، وفي يوم الاحد 31/5/98 تواجد عدد من العسكريين اليمنيين في جزيرة ريا واطلقوا النار على دوريات حرس الحدود السعودية، وهم لا زالوا موجودين في الجزيرة. وفي اليوم نفسه دخل عدد من العسكريين اليمنيين جزيرة الرافع وحاولنا التفاهم معهم، لكنهم اصروا على البقاء وعدم ازالة ما استحدثوه، وفي يوم الثلثاء 16/6/98 نصب عشرة افراد يمنيين مزودين أسلحة آلية خيمة في جزيرة الدويمة، وفي 20/6/98 نصب عسكريون يمنيون خيمة أخرى في الجزيرة نفسها، وفي 15/7/98 شيدوا غرفة عسكرية في الجزيرة وازداد عدد العسكريين اليمنيين، وفي أواخر أيار مايو 98 تم اعادة الوجود العسكري السعودي في عدد من الجزر البحرية". وذكر انه "في الشهر الماضي تقدمت قوات يمنية الى قرى طيف وروعت سكانها واخرجتهم من قراهم وقبل ثمانية اشهر اطلقت القوات اليمنية على سكان احدى القرى السعودية النيران مما أدى الى وفاة اثنين من المواطنين واصابة نساء واطفال جراء الحادث واندلاع حرائق فنزح السكان من منازلهم. وفي الشهر الماضي أصابت قوات يمنية بأسلحة ثقيلة وخفيفة ستة افراد من دوريات حرس الحدود السعودية". وعن حادث الدويمة قال الأمير نايف: "في الساعة الخامسة والنصف صباح الاحد قام اليمنيون الموجودون في جزيرة الدويمة بفتح نيرانهم على القوات السعودية واصابت احد افراد حرس الحدود السعودي ورد الحرس دفاعا عن النفس واستمر اطلاق النار حتى الرابعة والنصف عصر الاحد وجرى التفاهم على وقف اطلاق النار وعقد اجتماع بين المسؤولين عن حرس الحدود في البلدين في العاشرة من صباح الاثنين واتفق على وقف اطلاق النار وترك الفرصة للجان الحدود لحل النزاع حول الجزيرة"، معربا عن أسفه "لذكر هذه الحقائق لولا رغبة السعودية في بيان الحقيقة للشعبين السعودي واليمني والشعوب العربية والمهتمين بشؤون المنطقة". وأكد رغبة السعودية في التعجيل بترسيم الحدود، مشدداً على "ان القنوات بين البلدين مفتوحة والاتصالات موجودة ولم يبق في مسألة الحدود سوى تحديد نقطتي رأس المعوج وجبل ثأر"، معرباً عن الأمل بأن "لا يربط الاخوة اليمنيون بين الاحداث الداخلية وقضية ترسيم الحدود مع السعودية". وكان الرئيس اليمني، أكد في مؤتمره الصحافي صباحاً، حصول لقاء بين عسكريين من السعودية واليمن في منطقة على الحدود بين البلدين لاحتواء حادث الدويمة الذي اعتبره "محاولة لجر البلدين الى مواجهة عسكرية من شأنها تهديد أمن المنطقة". وأشاد الرئيس اليمني بخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز. وقال "انه زعيم شجاع وحكيم وكانت له مواقف مع اليمن لا تنسى اهمها دعمه للوحدة اليمنية في حرب صيف 1994 ضد الانفصاليين ومساعدات قدمها لتثبيت دعائم الاستقرار والامن في اليمن ومواجهة جهات التخريب التي كان الشيوعيون يدعمونها في المناطق الوسطى لليمن". وفي شأن لجان الحدود اليمنية - السعودية، قال الرئيس علي عبدالله صالح إنها "لم تحقق شيئاً وان ما تحقق من تقدم كان بناء على قرار سياسي، خصوصاً بعد رفع التمثيل في المفاوضات الى مستوى القيادتين السياسيتين". واتهم "قوات سعودية مكونة من 9 قطع بحرية بالاعتداء على جزيرة الدويمة وضرب خفر السواحل بالمدفعية الثقيلة والصواريخ اما القوات اليمنية فكانت تتواجد على مسافة 60 كيلومتراً"، مشيراً الى ان "هناك اتفاقا بين البلدين على ابتعاد قواتهما مسافة 25 كيلومترا من مناطق التماس". وقال: "ان اليمن "سيواجه هذه التطورات بصبر وسيتحملها ولن ينجر الى حرب يريدها اعداء المنطقة وسيركز على الجهود الديبلوماسية لحل المشكلة"، في إشارة إلى زيارة سيقوم بها نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني السيد عبدالقادر باجمال للسعودية قريباً بدعوة من وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل للبحث في التطورات. واكد الرئيس اليمني ان "التحكيم الدولي ليس مطروحاً وان اليمن ليس مضطراً الى اللجوء اليه الا عندما تصل الامور الى طريق مسدود"، موضحاً ان "التحكيم هو الخيار الاخير لليمن وفي حال حدوثه فسيكون في اطار الحقوق القانونية والتاريخية". ولفت الى ان "اليمن لا يمانع في إعطاء تسهيلات على اراضيه للاشقاء في السعودية كما هو حاصل بين العراق وسورية، لكن منفذاً سيادياً على البحر العربي أمر غير وارد". على الصعيد الداخلي قال الرئيس اليمني عن حوادث التفجيرات التي تشهدها اليمن "لا نريد ان نحمل أنظمة ودولاً أخرى مسؤولية هذه الاعمال وهي مسؤوليتنا نحن اليمنيين". واعتبر ان التحريض على اعمال الشغب لم يأت بتوجيهات حزبية رسمية بقدر ما كان تصرفا لقوى موجودة داخل أحزاب أخرى ايضاً. الى ذلك، أثنت الجامعة العربية على موقف السعودية واليمن وتأكيد رفضهما الانزلاق الى مواجهات عسكرية وحرصهما على حل خلافات الحدود بالطرق والوسائل الديبلوماسية. ودعا الناطق باسم الجامعة المستشار طلعت حامد في تصريح الى "الحياة" الى بدء مفاوضات مباشرة بهدف حل وإنهاء كل الخلافات.