عاد تنظيم ما يسمى «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» الذي يتخذ اليمن مقراً منذ استئصال شأفته التخريبية في السعودية، إلى الواجهة أمس مستعيداً محاولتيه الفاشلتين لاغتيال مساعد وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف، ليطلق تهديدات جديدة بشن هجمات إرهابية داخل المملكة فيما عدَّه مراقبون محاولة يائسة لاستثمار استهداف شخصية أمنية قيادية في السعودية، بينما قال آخرون إن «القاعدة» تريد أن توحي للعالم بأنها لا تزال قادرة على التخريب والضرر في كل أرجاء المعمورة، خصوصاً في ظل تهديداتها المعلنة في أميركا وأوروبا والمغرب العربي، على رغم أنها لم تنجح في شن أي ضربة نوعية منذ هجمات العام 2001 في واشنطن ونيويورك. وأكدت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن السعودية لا تزال تواصل الحرب على الإرهاب، ولم تحدث أي تراخٍ في سياساتها الأمنية لبسط الطمأنينة وإحباط أي مخططات شريرة محتملة. واستعرض التنظيم في تسجيل بثته مؤسسة الملاحم (الذراع الإعلامية لتنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب)، المحاولة الأولى لاغتيال الأمير محمد بن نايف التي تمت في صنعاء في كانون الثاني (يناير) 2009، إذ أكد أن التنظيم رصد وصول مساعد وزير الداخلية إلى اليمن في زيارة رسمية غير معلنة. وقال: «كانت الخطة أن يتم إطلاق صاروخ سام 6 على طائرته أثناء وصولها المطار، إضافة إلى إطلاق صواريخ هاون على صالة الاستقبال التي كان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ينتظر داخلها». وأوضح المتحدث في التسجيل أنه تم اختيار اليمنيَّين بدر مشروع وسالم النهدي لتنفيذ إطلاق صواريخ الهاون على صالة الاستقبال، إلا أن الأجهزة الأمنية اليمنية عثرت قبل موعد وصول الطائرة السعودية على صاروخ سام 6، وهو ما أدى إلى إلغاء زيارة مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الأمنية. وقال: تم قتل اليمنيين مشروع والنهدي بعد رصد موقعهما، وتبادل إطلاق النار مع القوات اليمنية التي عثرت على قذائف الهاون في أحد المنازل القريبة من مطار صنعاء الدولي. وأشار التسجيل إلى أن اليمني محمد الغزالي الذي ظهرت صورته في تسجيل عثر عليه في شريحة هاتف نقّال يملكه زعيم تنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب السعودي سعيد الشهري يستجدي الدعم المالي للتنظيم في أيلول (سبتمبر) 2009، هو منسق المحاولة الثانية الفاشلة التي قام بها الانتحاري عبدالله عسيري لاغتيال الأمير محمد بن نايف في منزله في جدة في آب (أغسطس) 2009. ولفت القائد العسكري ل«القاعدة» اليمني قاسم الريمي إلى أن المطلوب الأمني الأول في قائمة ال85 السعودي إبراهيم عسيري هو الذي قام بتحضير العملية لشقيقه الانتحاري عبدالله، إذ عملا على إعدادها في «قسم التصنيع» الخاص بالتنظيم، فيما شوهد الريمي - صاحب الفكرة - مرافقاً الانتحاري مع آخرين من موقعهم حتى آخر نقطة على الحدود السعودية - اليمنية لضمان دخول الانتحاري المملكة لاغتيال الأمير محمد بن نايف، وأعلن الريمي أن تنظيم «القاعدة» سيقوم بتنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف سعودية. وأظهر التسجيل عدداً من المأجورين الذين يدعون أنهم «وسطاء»، ويعملون بشكل مزدوج مع تنظيم «القاعدة» والقوات الأمنية السعودية واليمنية. وظهر في التسجيل عدد من «المنسقين» و«الوسطاء» الذين قاموا بتسليم الانتحاري عبدالله عسيري إلى نقطة على الحدود السعودية - اليمنية، إضافة إلى وجود عدد من عناصر التنظيم في اليمن أثناء عملية التسليم، بينهم شقيق المطلوب إبراهيم عسيري الذي خطط محاولة الاغتيال التي حصدت روح شقيقه الأصغر الذي زعم أنه نفذها من أجل «مصلحة الإسلام».