رأت مصادر ديبلوماسية في الرباط ان زيارة رئيس الوزراء المغربي عبدالرحمن اليوسفي الى تونس، ضمن اجتماعات اللجنة العليا المشتركة التي استضافتها العاصمة التونسية اخيراً بددت المخاوف من تعرض علاقات البلدين الى نوع من التردي، بسبب الموقف من قضايا حقوق الانسان، خصوصاً ان الصحافة الناطقة باسم حزب الاتحاد الاشتراكي الذي يقوده، كانت اتخذت مواقف متشددة في الفترة الاخيرة من اوضاع بعض المعارضين التونسيين. وكان لافتاً ان المسؤول المغربي الذي كان من بين الشخصيات التي ساهمت في تأسيس منظمات تعنى بحقوق الانسان في تونس قبل نحو عشر سنوات، عندما كان في المعارضة، حرص على عدم اثارة قضايا تتعلق بحقوق الانسان في خطبه الرسمية، لكن الارجح ان يكون عرض الى بعض ملابساتها في لقاءات جانبية. واوضحت المصادر نفسها ان الموقف من قضايا حقوق الانسان في منطقة الشمال الافريقي يرتبط بالمحور الاساسي لعلاقاتها مع بلدان الاتحاد الاوروبي، وكذلك ضمن المنظومة الاورو-متوسطية التي يلتزم المغرب وتونس العمل في سياقها الاقتصادي والسياسي. لكن الاهم في تقويم نتائج هذه الزيارة هو انها اعادت الانشغال بمستقبل الاتحاد المغاربي الى الواجهة، اذ تزامنت واستضافة الرباط اعمال اللجنة المشتركة العليا المغربية - الليبية وكذلك تزايد التصريحات التي صدرت من مسؤولين في الرباطوالجزائر عن معاودة بناء علاقات الثقة بين البلدين. وشكلت الزيارة في ذاتها مؤشراً الى اهمية تفعيل البناء المغاربي، لأنها الاولى لليوسفي الى بلد عربي ومغاربي منذ توليه رئاسة الحكومة. وحرص المسؤول المغربي ان يوجّه من هناك نداءات، بأساليب مختلفة، الى الجزائر لحضها على البحث في وسائل معاودة فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ 1994، والغاء نظام فرض التأشيرة على رعايا البلدين. وابدى اليوسفي مزيداً من تأكيد تمسكه بالدعوة الى فتح الحدود، وهو سلوك اعتبره اكثر من مراقب مؤشراً الى وجود اتصالات ومشاورات لا يريد البلدان اعلانها رسمياً، الا عند تحقيق تقدم، لكن مصدراً ديبلوماسياً في الرباط لمح الى ان هذه الدعوة التي اعيد اطلاقها من تونس ربما كانت موجهة الى السلطات التونسية لحضها على القيام بوساطة جديدة بين البلدين، خصوصاً انها جربت الى جانب ليبيا القيام بمبادرة لتطويق الازمة بين المغرب والجزائر في 1994، وساهمت الى حدّ ما في تخفيف اجواء التوتر. واضاف المصدر ان اقتراح الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، لدى استقباله رئيس الوزراء المغربي، "احداث مجموعة عمل مغربية - تونسية لتطوير العلاقات الثنائية والبحث في القضايا المطروحة في كل المنطقة" يعني تأكيد الاهتمام بالملف المغاربي، ذلك ان العلاقات جيدة بين المغرب وتونس، وليست هناك خلافات عميقة تحتم قيام هذه المجموعة، مما يعني ان دور هذه المجموعة سيركز على الوضع في منطقة الشمال الافريقي برمتها خصوصاً ان الرباطوتونس اكدتا تطابق وجهات نظرهما ازاء القضايا المطروحة، وفي مقدمها الموقف من البناء المغاربي، والازمة القائمة بين ليبيا والدول الغربية بسبب لوكربي، ومحور العلاقات بين الاتحاد المغاربي وبلدان الاتحاد الاوروبي التي يرتبط معها المغرب وتونس باتفاقات للشراكة السياسية والاقتصادية. وتوقعت الاوساط المهتمة ان يكون مسؤولو البلدين عرضوا الى درس الاقتراح الاميركي الرامي الى قيام شراكة اقتصادية بين الولاياتالمتحدة وكل من تونسوالجزائر والمغرب، خصوصاً ان مسؤولين في الادارة الاميركية زاروا البلدين لهذه الغاية. لكن المغرب وتونس يبديان نوعاً من الحرص على عدم ابعاد ليبيا عن هذا التصور، ما يحتم تسريع البحث عن حل لأزمتها القائمة مع الدول الغربية، في حين لاحظت المصادر تطابقاً في وجهات النظر ازاء تطورات الوضع في منطقة الشرق الاوسط وآفاق احلال السلام. وتعزز هذا التطابق عبر المبادرة التونسية في تعليق مهمة مكتب الاتصال الاسرائيلي، في حين جدد المغرب رفضه اي اتصال مع حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو "ما لم يحدث اختراق لموقف التعنّت والاذعان لتنفيذ الاتفاقات المبرمة".