وقعت "الخطوط الجوية الجزائرية" صفقة لتحديث اسطولها تتضمن شراء عشر طائرات "بوينغ" بقيمة 400 مليون دولار. وأثارت الظروف، التي تحدثت عنها أوساط جزائرية مطلعة، التي أحاطت بالتوقيع المفاجئ للصفقة بعد ظهر أول من أمس، تساؤلات في شأن طبيعة الملابسات التي أدت إلى إبرامها، ويعتقد أنها ذات طابع سياسي غير اقتصادي. مناقصة وكانت الناقلة الجزائرية طرحت في حزيران يونيو 1997 مناقصة لشراء تسع طائرات جديدة، إلا أن المناقصة لم تحظ برد من قبل "بوينغ" التي امتنعت عن تقديم عرض في وقت أبدى اتحاد الصناعات الجوية الأوروبية "ايرباص" اهتماماً بالمسألة وقدم عرضاً مفصلاً لتزويد "الجزائرية" حاجتها من الطائرات. وزادت "الجزائرية" ست طائرات "بوينغ" إلى اسطولها الذي كان يضم مطلع التسعينات طائرتي "ايرباص 310" و11 "بوينغ 727-200" و16 "بوينغ 737-200 بي" وثماني طائرات "فوكر 27" في مجال نقل الركاب، مقابل ثلاث طائرات "بوينغ 767-300" وطائرتي "هيركوليس إل. سي 100-30" في مجال الشحن. وتعمل أيضاً على الخطوط الداخلية للناقلة الجزائرية التي تخدم 11 مطاراً دولياً و20 مطاراً محلياً داخل الجزائر، طائرتا "بيشكرافت 100" وأربع طائرات "بيشكرافت -80" وعشر طائرات "غرومان" وأربع طائرات هليكوبتر خفيفة. وكان المسؤولون في الجزائر يتوقعون أن تنمو حركة النقل الجوي بمعدل أربعة في المئة سنوياً بين 1990 و2000. إلا أن هذه التوقعات لم تحدث نتيجة الأوضاع الأمنية الداخلية في وقت أدى فيه توسيع نطاق التخصيص والسماح بإقامة ست شركات نقل جوي أخرى منافسة، إلى حفز مساعي "الخطوط الجزائرية" لتحديث اسطولها. "ايرباص" وأُسقط العرض الذي تقدمت به "ايرباص" على اعتبار أن هناك غياباً للمنافسة الحقيقية. ولجأت الشركة إلى اجراء اتصالات مباشرة هذه المرة، وبإيعاز سياسي، بأكبر المصنّعين في العالم للطائرات المدنية "بوينغ" الأميركية و"ايرباص" الأوروبية. وشكلت في آذار مارس الماضي لجنة كُلفت الاشراف على فتح المظاريف ودرس العروض، بالتزامن مع عملية الاتصال التي جرت في حينه مع الشركتين الغربيتين. وجرى تسليم العروض التفصيلية قبل نهاية أيار مايو الماضي متضمنة تفاصيل تخص عملية التمويل ومواعيد تسليم الطائرات. التقرير النهائي وقالت مصادر جزائرية مطلعة في شركة "الخطوط الجزائرية" ل "الحياة" إن لجنة التقويم لم تنته بعد من دراسة العروض المقدمة، وكان بالتالي مستبعداً ان يتم اتخاذ أي قرار في شأن الجهة الفائزة قبل إعداد تقريرها النهائي الذي يحمل توصياتها واقتراحاتها. وذكرت المصادر ان رئيس الوزراء أحمد أويحيى استدعى المدير العام ل "الخطوط الجزائرية" فيصل خليل إلى مكتبه بعد ظهر الأربعاء، وطلب منه توقيع نص اتفاق مع "بوينغ" لشراء عشر طائرات بقيمة تناهز 400 مليون دولار. وأصدرت "الجزائرية" لاحقاً بياناً أعلن نبأ الاتفاق الذي قالت المصادر إنه "فاجأ" جميع مسؤولي الشركة الذين كانوا يتوقعون أن يُتخذ القرار "على مستوى فني" وعقب انتهاء لجنة التقويم من إعداد تقريرها الختامي. واعتبرت المصادر ان ما حدث يحمل في طياته "بعداً سياسياً"، مشيرة إلى "ضغوط محتملة" مورست من قبل الإدارة الأميركية. وأشارت إلى أن هناك جانباً غير واضح في خطوة رئيس الوزراء الذي أقر الصفقة، في وقت تلزم فيه التشريعات الإدارية في الجزائر المسؤولين المحليين العودة إلى رئيس الجمهورية لدى إقرارهم أي اتفاق يتجاوز 100 مليون دولار. وحاولت "الحياة" مرات عدة أمس، ومن دون جدوى، الاتصال بإدارة "الخطوط الجزائرية" في الجزائر العاصمة للحصول على توضيحات بخصوص ملابسات هاتين النقطتين، ورد الشركة في هذا الصدد، علماً ان بيان "الخطوط الجزائرية" لم يشر إلى نتائج الدراسة التي قامت بها لجنة التقويم في عملية توقيع الاتفاق. توضيح كما حاولت "الحياة" الاتصال بالناطق الرسمي لشركة "بوينغ" في سياتل، مارك هوبر، للحصول منه على توضيح، إلا أنه لم يكن موجوداً. واتصلت أيضاً بمكتب رئيس الشركة رونالد وودورد ومكتب نائب الرئيس للمبيعات الدولية صديق بليماني الذي وقع الصفقة مع "الجزائرية"، من دون جدوى أيضاً. ومن المنتظر ان تتسلم "الجزائرية" طائرتي "بوينغ 737-800" في السنة 2000 وخمس طائرات أخرى من طراز "737-800" سنة 2001 والطائرات الثلاث الباقية من طراز "737-600" سنة 2002، وهي طائرات أحادية الممر تستوعب بين 110 و132 راكباً.