أحدث نبأ استقالة رئيس الجهاز السياسي الداخلي في جماعة "الاخوان المسلمين" المحظورة في مصر وستة من أعضاء الجهاز أمس ردوداً واسعة النطاق. وعلى رغم نفي نائب المرشد العام للجماعة المستشار مأمون الهضيبي النبأ اكد قيادي بارز في الجماعة، وهو احد الاعضاء المستقيلين، لپ"الحياة" الاستقالة، وكشف تفاصيل جديدة تتعلق بملابساتها. وأوضح أن قادة "الاخوان" يرفضون عادة الخوض في الامور التنظيمية ويعتبرون الحديث عن الخلافات والمشاكل الداخلية "يهدد وحدة الجماعة ويسهل على الحكومة ضربها"، مشيرا الى ان ذلك المبرر "هو الذي تسبب في انفجار الخلافات داخل الجماعة خلال السنتين الاخيرتين، اذ رأى قطاع عريض من كوادر الجماعة وشبابها أن القيادة تسعى الى تثبيت مواقعها من دون الالتفات الى أي معارضة داخلية". وقال المصدر الذي رفض ذكر اسمه، حتى لا يمارس قادة الجماعة ضغوطا عليه لدفعه الى نفي الخبر، أن الجهاز السياسي لپ"الاخوان" يعد واحداً من اهم اللجان التي تعتمد عليها الجماعة في تسيير حركتها السياسية. وتشكل الجهاز اثناء تولي عمر التلمساني منصب المرشد ورأسه وقتها السيد صالح ابو رقيق. واستطاع التلمساني بحكمته وتأثيره القوي تجاوز الخلاف على ما اذا كان رأي اللجنة استشاريا ام ملزماً لمكتب الارشاد. إلا أن وفاة التلمساني تسببت في بروز الخلاف مرة اخرى فأبعد مكتب الارشاد ابو رقيق عن رئاسة اللجنة وتولى رئاستها المستشار مأمون الهضيبي شخصياً، ثم الدكتور عبدالحميد الغزالي. وبعد القبض على الغزالي حكم عليه في 1996 بالسجن ثلاث سنوات في قضية نظرت امام محكمة عسكرية اختير احد اساتذة العلوم السياسية في كلية الاقتصاد في جامعة القاهرة على رأس اللجنة التي اعيد تشكيلها. واضاف المصدر ان الخلاف على قرارات اللجنة ظل طوال السنوات الماضية سبباً في الصدام بين رئيسها وأعضائها من جهة ومكتب الارشاد من جهة اخرى مما أدى الى حال الجمود التي دخلت فيها الجماعة خلال السنتين الماضيتين. وأوضح ان الخلافات تركزت على أسلوب التعاطي مع ازمة نقابة المحامين والتحالف مع الحكومة وتأييد المرشح الحكومي لمنصب النقيب في الانتخابات المقبلة، وعدم حسم الخلاف المحتدم بين اثنين من رموز الجماعة عملا ضمن مجلس النقابة السابق وعدم التحقيق في المخالفات المالية التي نسبت الى بعض اعضاء مجلس النقابة من المنتمين للجماعة داخليا قبل احالتهم على نيابة الاموال العامة التي تحقق معهم حاليا، كل ذلك دفع رئيس اللجنة والاعضاء الستة الآخرين الى تقديم الاستقالة. وابلغ المصدر "الحياة" اسماء المستقيلين ووظائفهم، وضمت اللائحة الى جانب رئيس الجهاز نائبه وهو رجل أعمال يعمل مديرا لشركة طبية، وسكرتير الجهاز وهو مدير لشركة تجارية والسكرتير الثاني للجهاز ويعمل في المصرف الاسلامي الدولي في القاهرة، وأمين الصندوق في الجهاز وهو صاحب شركة للنشر والاعلام، واثنين من اعضاء اللجنة احدهما رجل اعمال ونقابي بارز والآخر استاذ في كلية الهندسة. وأشار المصدر الى انه لم يتبق في الجهاز السياسي، بعد تقديم هؤلاء استقالاتهم من عضويته سوى عضوين، وهما صحافيان. ويذكر ان عددا من شباب الجماعة كانوا اقدموا على تأسيس "حزب الوسط" في بداية 1996 من دون الحصول على موافقة من مكتب الارشاد بعدما اعترضوا على سياسات قادة الجماعة، ونشأ خلاف حاد بين الطرفين استقال على اثره عدد منهم من عضوية الجماعة، في حين أقال مكتب الارشاد آخرين. ومارس قادة في "الاخوان" ضغوطاً على الباقين لدفعهم الى الانسحاب من عضوية الحزب، ما تسبب في دخول الجماعة في ازمة كبيرة، رأى مراقبون ان استقالة اعضاء الجهاز السياسي للجماعة إحدى تبعاتها.