يواصل القضاء العسكري تحقيقاته مع الموقوفين في قضية تأليف شبكة تخريبية اعضاؤها متهمون بالانتماء الى "القوات اللبنانية"، وفي اصدار القرارات الاتهامية بدعوى شبكة التجسس لمصلحة العدو الإسرائيلي، وقد أثار اكتشاف الشبكتين ردود فعل داخلية وخارجية متزايدة. واستجوب قاضي التحقيق العسكري الأول رياض طليع أمس الموقوفين في اطار الشبكة التخريبية، بسام حرب وكميل يارد، وأصدر مذكرتين وجاهيتين بتوقيفهما، على أن يستجوب غداً جورج حلو وفراس رحمة. الى ذلك اصدر قاضي التحقيق العسكري العقيد جان سلوم قراره الاتهامي بدعوى شبكة تجسس لمصلحة العدو الإسرائيلي وقال "ان القرار جاء مرفقاً لمطالعة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي نصري لحود وفيه ان 57 شخصاً مدعى عليهم بجرائم التعامل مع العدو وعملائه وافشاء معلومات لمصلحته ودس الدسائس لديه ودخول بلاده ومن بينهم غالب وديع مسعود ونادر وهيب عبدالصمد بالجناية المنصوص عنها في المادة 275 عقوبات معطوفة على المادة 279 وعقوبتها الاعدام والظن بهما بالمادة 285 عقوبات. كذلك اتهم ثلاثة نسوة احداهن المدعى عليها غادة رسلان وكيلها المحامي ابراهيم الحريري بالجناية المنصوص عنها في المادة 278 عقوبات والظن بها بالجنحة المنصوص عنها في المادة 285 عقوبات وذلك بعدما اعترفت في التحقيقات الأولية والاستنطاقية انها بدأت تتعامل مع العدو وعملائه منذ العام 1997 بواسطة أحد العملاء الذي طلب منها معلومات عن "حزب الله" وتحركاته، واعترفت ايضاً بدخولها بلاد العدو ثلاث مرات اجتمعت خلالها بضابط اسرائيلي عرض عليها خرائط لأمكنة متعددة في مناطق بئر العبد وحي السلم والمريجة الضاحية الجنوبية طالباً منها تحديد مراكز "حزب الله"، وقد بلغ مجموع ما قبضته من الضابط الإسرائيلي 400 دولار اميركي". وأحال العقيد سلوم الملف الى المحكمة العسكرية الدائمة لاجراء محاكمتهم. وكان اكتشاف الشبكتين، اثارت ردود فعل واهتماماً خارجياً فائقاً وأدت بمعظم الملحقين العسكريين في سفارات الدول الكبرى في لبنان الى الاتصال بالسلطات اللبنانية المختصة من أجل معرفة تفاصيل عن اكتشاف الشبكتين، من أجل ارسال معلومات الى حكوماتهم والأجهزة الأمنية الكبرى في عواصمهم، الحريصة على أن تكون على علم بالأمر، خصوصاً ان اسرائيل متورطة في العلاقة مع الشبكتين، وان الأجهزة الأمنية في الدول الكبرى معنية بما يجري في لبنان والمنطقة، نظراً الى انها تتحرك في لبنان والدول المحيطة. وعلمت "الحياة" ان هؤلاء الملحقين العسكريين سعوا الى الحصول على معلومات وافية من الأجهزة الأمنية اللبنانية، وأبدى معظمهم اعجابه بنجاح الأخيرة في اكتشاف الشبكتين وبالطريقة التي تم فيها التحقيق وجمع المعلومات، وتأكدوا من ان اياً من الموقوفين المتهمين لم يدل باعترافاته لا تحت التعذيب ولا تحت الضرب، لأنه وببساطة تمت مواجهتهم بالحقائق والاثباتات فاضطروا الى قول ما يعرفونه... وكان اكتشاف الشبكتين تسبب برد فعل اسرائيلي حيث اعلن عضو الكنيست الإسرائيلي الذي شغل سابقاً منصب رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية العامة جدعون عيزرا في مقابلة مع اذاعة الجيش الإسرائيلي ان "من الصعب التصديق ان يتم اكتشاف شبكة تجسس اسرائيلية بهذا الحجم، الأمر الذي يدل الى فشل في التخطيط والتنفيذ". كما شكك عيزرا "بولاء عناصر ميليشيا "جيش لبنان الجنوبي" بقيادة اللواء انطوان لحد، المتعاون مع اسرائيل"، طالباً التشدد في مراقبة هؤلاء العناصر. واعتبر عيزرا انه من "وجهة نظر استخباراتية فمن السيء ان يعرف المتعامل مع اسرائيل هوية متعامل آخر فما بالكم بعشرين؟". وقال عضو حزب ليكود يوسي اولمرت ان "اعتقال جواسيس لاسرائيل في لبنان يقوي موقف سورية في مواجهتها للطرح الإسرائيلي الخاص بالقرار 425...". وقال مصدر أمني لبناني ل"الحياة" ان "الكلام الإسرائيلي عن اكتشاف الشبكين يعبر بالاستنتاج عن عاملين: الأول: هو الصراع الداخلي بين الإسرائيليين، فالقدامى يريدون القول ان ايام مسؤوليتهم لم يتم اكتشاف الشبكات التي كانو يزرعونها سابقاً. وهم يتهمون المسؤولين الحاليين في الاستخبارات بالاستخفاف في عمليات التطويع خصوصاً ان عيزرا ينتقد تكبير الشبكات الحالية، فيما كانت الشبكات السابقة صغيرة أكثر، ما يعني ان هناك خطأ تقنياً يأخذه على المسؤولين الحاليين. الثاني: انهم يريدون التعبير عن وجعهم من عملية اكتشاف الشبكتين. فاكتشاف من تم تطويعه اخيراً يشكل عقبة أمام عمل الاستخبارات الاسرائيلية للمستقبل لأن العمل الاستخباراتي يعيش على الاستمرار. فإذا كان متقطعاً يكون ناقصاً". والدليل الى ذلك حسب المصدر انه حين قامت الأجهزة الأمنية اللبنانية في العام 1996 بحملة اعتقالات واسعة اثر الاعتداء على الباص السوري في طبرجا، والتي تم اكتشاف علاقة "الشبكة القواتية" المكتشفة حديثاً، به، أدت هذه الحملة الى تجميد نشاط العديد في هذه الشبكة، فهم خافوا خصوصاً ان اثنين من أعضاء هذه الشبكة كانا اعتقلا في حينها فخاف زملاؤهم وجمدوا نشاطهم، حتى لو لم تتمكن الأجهزة من تثبيت التهمة على الشخصين اللذين تم الافراج عنهما لاحقاً نظراً الى ان الظروف السياسية أدت الى حملة اعلامية ضد التوقيفات. ورداًعلى سؤال حول ما يشاع عن ان اكتشاف الشبكة تم توظيفه في السياسة الداخلية اللبنانية نفى المصدر الأمني ذلك قائلاً "ان خطورة العمل الذي كان يقوم به أعضاء الشبكتين، كان من النوع الذي لا يسمح لأي كان بتوظيفه. والدليل هو أن الأجهزة كشفت الأمر فور انتهائها من التحقيقات. وإذا كان البعض يقول ان الاعلان عنها يخدم ترشيح قائد الجيش العماد أميل لحود للرئاسة الأولى فهذه حجة مردودة لأن الانتخابات بعيدة بالقياس الى القدرة على توظيف قضية الشبكتين اللتين اعلنتا، واللتين سينسى الناس اخبارهما بعد أسبوع أو اسبوعين، هذا فضلاً عن ان لحود ليس من هذا الصنف الذي يتاجر بقضية من هذا النوع ولم يكن ممكناً تأخير الاعلان الى وقت يمكن الافادة منه سياسياً اصلاً، حتى لو أراد المعنيون ذلك لأن الجانب الأمني المتعلق بحياة وزيرين ومسؤول أمني هو قائد جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية اللواء غازي كنعان، والاجراءات القضائية المطلوبة لا تسمح بذلك". الا ان المصدر الأمني نفسه أشار الى اهمية التنسيق اللبناني - السوري في مجال استكمال التحقيق في شأن الشبكتين، وان هذا التعاون اكثر ما تجلى في ابلاغ المخابرات اللبنانية الجانب السوري عن اسم مواطن سوري هو ابن خالة احد المواطنين اللبنانيين المتعاملين مع العدو، وكان طوّعه في الشبكة وطلب اليه الإسرائيليون التطوع في الجيش السوري، فتولت السلطات السورية توقيفه والتحقيق معه، ما أدى الى اضافة المعلومات التي لدينا". واضاف "التحقيق اخترق الحدود في شكل يثبت ان الجيشين السوري واللبناني على تنسيق كامل. وفي كل الأحوال فإن الجانب السوري، والملحقين العسكريين في العديد من الدول الغربية أبدوا اعجابهم، حين عرفوا بالتفاصيل التي اهتموا بالاستفسار عنها، بقدرة جهازنا الأمني في بلد متواضع على أن يحقق هذه النتائج".