وافقت الملكة نور الحسين ، ملكة الأردن أمس على ترؤس الحملة العالمية ضد الألغام الأرضية خلفاً للأميرة ديانا، أميرة ويلز. واعلنت قرينة العاهل الأردني مصادقة مجلس الوزراء أمس على "معاهدة أوتاوا" لتحريم الألغام الأرضية ليصبح الأردن ثامن دولة عربية تنضم الى المعاهدة الدولية. جاء ذلك في كلمة افتتحت بها مؤتمراً دولياً حول الألغام المضادة للأفراد بمشاركة خبراء وناجين يمثلون 30 دولة يعقد في عمان على مدى يومين. وأكدت الملكة نور 46 عاماً دعمها للجهود الدولية الساعية لتطهير العالم من الألغام الأرضية. وقالت: "من منطلق الواجب فاني الزم نفسي بضم جهدي الى جهودكم للوصول معاً الى أهدافنا المشتركة، ليس فقط لتحقيق الحظر الدولي للألغام بل الى التزام جماعي حيال الناجين" الذين يقدر عددهم بنحو 300 ألف مصاب. وقدم المشاركون في المؤتمر شهادات حية لتجاربهم مع السلاح "الأحمق الذي لا ينظر في عيون الضحايا عندما ينفجر" حسب قول جيري وايت مؤسس جمعية الناجين من الألغام جنا الذي فقد احدى قدميه جراء انفجار لغم في مرتفعات الجولان المحتلة اثناء اجازة دراسية من الولاياتالمتحدة للجامعة العبرية عام 1984. وروى كامل السعدي عضو الجمعية من الأردن كيف اندفع للأعلى ثم سقط على الأرض عندما كان في الرابعة عشرة من عمره عام 1979 بعد أن داس على لغم أرضي في منطقة أم قيس شمال الأردن أثناء رحلة مع الأهل والأصدقاء. يقول "لم أع ما حل بي... إلا أنني نظرت الى العشب من حولي فوجدت الدماء تملأ المكان، نزفت ست ساعات قبل أن أصل الى المستشفى". فقد قدمه بعد علاج دام شهرين. ثم سافر الى الولاياتالمتحدة للدراسة، غير أن سجله الدراسي ظل مليئاً بالغيابات بسبب كثرة الالتهابات، الأمر الذي أعاق تحصيله الدراسي. الى أن نصحه الأطباء ببتر الساق حتى الركبة. لم تكن تجربة السعدي مع الألغام الأولى من نوعها فقبلها بأربعة أعوام مر بتجربة شبيهة. يقول: "كنت في الحادية عشرة عندما قتل ابن عمي، في فلسطين، من جراء لغم مخفي في هيئة ساعة ذهبية كان يحملها بيده عندما قال: "هذا غريب انها تسخن"، ثم كان الانفجار فالموت". مأساة الألغام لم تقتصر على موطن الصراع العربي - الاسرائيلي، فقد أصيب كين رذروفورد أحد مؤسسي الجمعية بانفجار لغم في الصومال عام 1993 أثناء عمله ضابط تدريب للجنة الانقاذ الدولية. يقول في شهادته "أخذت أطلب النجدة مستخدماً جهاز اللاسلكي، كنت استفرغ دماً... أثناء رحلة الاخلاء الجوية من الصومال الى نيروبي نقل الي الطبيب البلجيكي والممرضة الأميركية دماء من عروقهما". وجاوزت نفقات العلاج حتى الآن ربع مليون دولار بعد خضوعه لاحدى عشرة عملية جراحية. وفقد ساقه وجزءاً من قدمه اليسرى. ولم تقتصر اصابات الضباط والجنود الأردنيين على حقول الألغام مع الدولة العبرية، بل وصلت الى كرواتيا أثناء مشاركتهم في قوات حفظ السلام. يقول العقيد متعب الديوبي الذي فقد ساقه من جراء انفجار لغم في كرواتيا عام 1994: "تحققت من خلو خط سيرنا من الألغام. إلا أن المنطقة كانت جبلية وظروف الجو كانت سيئة، وقد نشرت الأطراف المتحاربة الألغام المضادة للأفراد مموهة اياها ببراعة بأوراق الشجر الجافة" اسعف الديوبي في أقرب مركز طبي ثم نقل الى المستشفى الجراحي الأميركي في زغرب وحضر الأمير عبدالله بن الحسين بطائرة خاصة ونقله الى بلاده. ويعاني الأردن الذي عقد معاهدة سلام مع الدولة العبرية عام 1994 من وجود 490 حقل ألغام تحوي ربع مليون لغم تقريباً أزيل منها منذ عام 1993 نحو 90 ألف لغم، واستصلحت أراض زراعية مساحتها 200 ألف هكتار كانت حقول ألغام. ويصاب في الأردن من 5 إلى 10 أشخاص سنوياً بفعل الألغام. وفي الوقت الذي لا تتجاوز فيه كلفة اللغم خمسة دولارات تصل كلفة ازالته وتفكيكه الى 1000 دولار. ويقدر متوسط التأهيل الصحي بنحو 9 آلاف دولار. وتقول جمعية الناجين من الألغام انها حصدت من البشر ما يفوق حصاد الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية مجتمعة. ويسعى الأردن ان يكون خالياً من الألغام عام 2000. وكانت "الحملة" فازت بجائزة نوبل للسلام مناصفة عام 1997 وهي ائتلاف يضم ألف منظمة حول العالم تقاوم 800 مليون لغم مدفونة في أراضي ما يزيد على 60 بلداً