يتميز الحقل المغربي بلا انتظامية مثيرة كماً ونوعاً، فعلى الصعيد الكمي يتراوح انتاج الأفلام الطويلة بين فيلمين وخمسة في السنة، وقد يشهد بعض السنوات تنامياً انتاجياً لافتاً وتعرف أخرى انحساراً كبيراً. ومرد ذلك الى هشاشة البنيات الانتاجية إذ تلعب مساهمة الدولة دوراً حاسماً في توفير بعض شروط العمل، وكذلك الى ضعف الاحتراف الظاهر على عدد لا بأس به من المخرجين والعاملين في حقل السينما. أما على المستوى النوعي، فإن ظاهرة فيلم "حب في الدار البيضاء" وفيلم "البحث عن زوج امرأتي" اللذين حققا نوعاً من التصالح بين الفيلم والجمهور، بقدر ما أعطت أي هذه الظاهرة زخماً جديداً للعمل السينمائي بقدر ما اسقطت مجموعة من المخرجين في أوهام دغدغة الجمهور ومحاولة التقرب مما يحفزه على التفاعل مع أعمالهم. ومن أجل ذلك ينهجون أساليب كثيراً ما تسيء الى قيمة الفيلم، سواء في بنائه السردي أو في نوعيته الجمالية. "اوشتام" للمخرج محمد اسماعيل يدخل في هذا النمط من الأفلام، مليء بالادعاءات ومثقل بالأخطاء المتعلقة بأبجدية العمل السينمائي. يتعرض الفيلم لقصة قرية مغربية في شمال المغرب "اوشتام" في أواخر الأربعينات، تعيش فيها عائلة "الحاج". وهو رجل يعاني من اعاقة مزدوجة فاقد البصر ومقعد ومع ذلك يتمتع بنفوذ سمحت له علاقاته مع الحاكم العسكري الاسباني بفرضه على سكان القرية. ولأن الحاج أداة طيعة في يد الحاكم، في زمن الاستعمار الاسباني لشمال المغرب، فإنه يوظفه كعميل لضبط تحركات الوطنيين ورصد أعمال المقاومة. لكن ابن الحاج، في عملية تمرد على دور أبيه، يجد نفسه منحازاً الى الموقف الوطني ويشارك في بعض عمليات المقاومة، الأمر الذي يخلق لأبيه مشاكل كبرى مع الحاكم العسكري. اما ابنه الثاني فيقع في حب زوجة ابيه الشابة التي اضطرت للزواج من الحاج هرباً من فقر أبيها وقسوة زوجته. ويكتشف الحاج علاقة زوجته بابنه بعد استعادته للرؤية فينتقم منها بقتلها بواسطة السم. في هذه الأثناء تكون المقاومة قد انتقلت الى مرحلة متقدمة في تنظيم صفوفها والدخول في عملية عسكرية مضادة للوجود الاستعماري. سيناريو الفيلم في منتهى الارتباك وحواره مفتعل، أما شخوصه فباهتة لا حياة فيها ولا معنى. كل لقطة في الفيلم يتيمة لأن بناءه السردي لا يخضع لأي منطق حكائي، لا في التصوير ولا في التوليف. يمتاز الفيلم برصد مشاهد طبيعية في منتهى الجمال، وما عدا ذلك يمكن القول انه يتميز بسيطرة "كليشيهات" مفتعلة حول النظام الابوي والسلطة والوجود الاستعماري والمقاومة. ومشكلته الكبرى أنه يتناولها بخفة مثيرة، فلا نشعر بأن هناك هاجساً سينمائياً فعلياً يحرك مخرجه أو رغبة في استبطان شخوص فيلمه بالطريقة التي يفترضها عمل يدعي الاقتراب من هذا النوع من الموضوعات. لقد تناول مخرجون مغاربة موضوع الاستعمار والمقاومة بأشكال لم تكن موفقة على العموم، وعلى رأسها فيلم "بامو" لادريس لمريني. إلا أن "اوشتام" أكد مجدداً أن بعضهم ما زال يستسهل أهمية العمل السينمائي بل ويتزاحم على انتزاع منح من المال العمومي لتقديم أفلام لا تراعي الأبجدية الأولى للكتابة السينمائية.