يتحدث أهالي بلدة شقرا قضاء بنت جبيل عن الانتخابات البلدية على ايقاع القصف المتبادل المنبعث من حواضرها ووديانها والتلال المحيطة لها. لكن اصداء القصف لا تقطع عليهم متعة انسياب الكلام، وبرامج المرشحين الشقراويين، وعددهم ثلاثون لخمسة عشر مقعداً لا تلامس معاني القصف المتبادل في محيط البلدة، ولا هو مادة انقسام وائتلاف في الانتخابات البلدية، على رغم طغيانه على مختلف اوجه النشاط العام فيها. فالقصف هو من افرغ البلدة من اكثر من 70 في المئة من اهلها، وهو من رجح كفة قوى وأحزاب على حساب قوى وأحزاب اخرى، وهو بمعنى ما من اضعف العائلات وهجر المدرسين. وهو ايضاً ما ادى الى قتل عشرات النساء والاطفال والشيوخ وجرحهم. وهذا افدح ما ادى اليه... انها معادلة بسيطة تستقر في وجدانات ابناء البلدة، ولا تطفو على سطحها لأن اوضاعاً عامة تمنعها. لكنهم يقولونها، وهي سبق ان ظهرت في لحظات سابقة ووجد من اخمدها. في شقرا لائحتان واحدة ل"حركة أمل" وأخرى ل"حزب الله". والمرشحون ثلاثون، اي لا مكان لأي مرشح من خارج هذين الاستقطابين، ولم يجهد اي من ابناء البلدة نفسه للترشح من خارجهما. ولعل عناوين الانقسام بين فهمين للعمل البلدي تشي بشيء من حقائق التنافس في البلدة. فالخلاف على المشاعات قائم على اساس هل هي املاك عامة ام انها وقف ديني؟ "أمل" تحاول ضم المشاعات الى املاك البلدية التي سيطر عناصر لها عليها، و"حزب الله" يعتبر ان الأوقاف عائدة الى مرجعيات دينية، وهو اولى منها بإدارتها. في دار البلدية مستودعات ومخازن انشبت خلافات على وجهة استعمالها. "أمل" تريدها مخزناً لمواد البناء التي يزوّدها اياها مجلس الجنوب وهو ادارة عامة يترأسها مقرّب من رئيس المجلس النيابي نبيه بري. و"حزب الله" يريدها مخزناً لمواد البناء التي تقدمها مؤسسة "جهاد البناء" التابعة له. العائلات لاهثة وراء هذا النوع من التنافس ويعتقد مقدموها انهم في انخراطهم في هموم الاحزاب انما يحافظون على كياناتهم. ولم يسأل احد منهم في مهرجان افتتاح المدرسة الرسمية الجديدة الذي اقيم لمناسبة الانتخابات البلدية، وقيل انها اكبر مدرسة رسمية في لبنان. من أين سنأتي لها بتلاميذ؟ واي علم سيناله طلابها والموقع الاسرائيلي فوق رؤوسهم تماماً؟ فهل من مكانٍ لصوتٍ آخر؟