تحولت مداخل بيت لحم وشوارعها المؤدية الى ساحة كنيسة المهد الى ورشة كبيرة من الحفريات والترميمات التي لفت المدينة بالغبار وهي تستعد للعام 2000 عندما تتجه انظار العالم اليها ليعلن بدء الالفية الثانية من ذات المكان الذي بدأ فيه التقويم الميلادي قبل الفي عام. عندها سيصطف رؤساء دول ورجال دين من انحاء العالم وربما البابا نفسه الى جانب الرئيس الفلسطيني في اهم احتفال تشهده فلسطين وتودع به قرنا من النكبات المتتالية. وستخرج بيت لحم ومحيطها من الورشة التي ستمتد حتى نهاية العام 1999 بقالب جديد بحيث يطغى الطابع القديم على ساحاتها وحاراتها وبعض مبانيها ولكنها ستحظى للمرة الأولى بخدمات حديثة تضاهي ما تقدمه اي من المدن السياحية في العالم. وعندما ستخمد شعلة الاحتفالات ستكون الالفية الثانية للميلاد خلفت تركة سياحية لبيت لحم وباقي المناطق الفلسطينية يؤمل ان تغري من يزورها مرة بالعودة مراراً. وللاستفادة من زخم المناسبة الى اقصى حد، خصوصا انها ستحل في نفس السنة التي يفترض ان تنتهي فيها المرحلة الانتقالية ويتوقع ان تعلن خلالها الدولة الفلسطينية على الارض في الضفة الغربية وقطاع غزة، عين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لجنة وزارية العام الماضي للاشراف على التحضير للاحتفالات وجند دولا حول العالم لتمويل اعادة بناء البنية التحتية في المدينة التي عانت الاهمال طيلة عقود فيما اطلق العنان للقطاع الخاص لتمويل مشاريع سياحية من فنادق ومرافق للاحتفالات وحتى متحف تراثي في موقع اثري. ويقول نبيل قسيس الوزير المكلف الاشراف على مشروع "بيت لحم 2000" ان احدى بؤر الجذب الرئيسية تتمحور حول منطقة برك سليمان الاثرية على مشارف بيت لحم اذ ستتحول تلك المنطقة شبه المهجورة رغم غناها بالخضرة والمياه الى معلم من معالم الاحتفال وجزء من التركة التي ستخلفها الاحتفالات من بعدها. ووضعت شركة عالمية متخصصة التصميم لمنطقة برك سليمان التي ستشمل مركزا ثقافيا وقاعة مؤتمرات وفندقا بالاضافة الى قرية حرفية تكرس تراث الحرف اليدوية الدارجة في منطقة بيت لحم والتي تستخدم خشب الزيتون والصدف والحجر ومتحف لعرض التراث الفلسطيني تتمحور كلها حول البرك القديمة الثلاث بينما تتولى شركة فلسطينية من القطاع الخاص تنفيذ المشروع ليصبح جاهزا مع بدء الاحتفالات. وتتولى "شركة فلسطين للتنمية والاستثمار" باديكو تحويل منزل قديم اشتهر بتصميمه المعماري الجميل ويطلق عليه "قصر الجاسر" الى فندق "انتركونتننتال - بيت لحم" ليصبح بذلك الفندق الاول من فئة النجوم الخمسة في تلك المنطقة. ويضيف قسيس ان القطاع الخاص بدأ بتنفيذ مشاريع بقيمة 85 مليون دولار لتصبح جاهزة مع بدء الاحتفالات نهاية العام 1999 بينما تعهدت الدول المانحة والبنك الدولي خلال مؤتمر الدول المشاركة في احتفالات بيت لحم 2000 الذي عقد قبل عدة اسابيع في بروكسل بحضور الرئيس عرفات ورئيس الاتحاد الاوروبي جاك سانتير بتقديم حوالى 50 مليون دولار منها 25 مليون من البنك الدولي و14 مليون من الحكومة الاميركية خصصت لمشاريع البنية التحتية والانشاءات بما في ذلك تحديث وترميم مبان قديمة وحارات وساحات بهدف اعادة احياء تراث المدينة ومحيطها وجعلها جذابة للاقامة السياحية وليس فقط للزيارة.