سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مجموعة "ماس" خاضت تجربة الاستثمار في الصناعات الغذائية والتحويلية . الفائض الكبير في الانتاج الزراعي يمنح سورية القدرة على تصدير منتجات بقيمة 3 بلايين دولار سنوياً
قدرت احدى كبرى المجموعات السورية الخاصة، الناشطة في قطاع الصناعات التحويلية، حجم فائض المحاصيل الزراعية، السنوية، التي يمكن لسورية تصديرها، بنحو ثلاثة بلايين دولار، وقالت انها ستنفذ خطط توسع محلية مستقبلية للافادة من فرص العمل والتصدير التي تتيحها. وذكر رئيس مجلس ادارة "مجموعة ماس الاقتصادية" السيد فراس طلاس ل "الحياة" ان النشاطات التحويلية والتجارية التي شهدتها سورية على مدى العقود الماضية مرشحة لشهود تغير لافت مع ظهور فائض نوعي في الانتاج الزراعي، واكد انه يفتح مجالات واسعة أمام تطور نوعي في الصناعات السورية ويولد مصادر دخل جديدة للبلاد. وتضم مجموعة "ماس" ثمانية مصانع و13 شركة يفوق عدد العمال فيها 700 موظف. وكانت بدايتها انطلاقاً من نشاطات متنوعة في مجال الانتاج الزراعي لم تلبث ان توسعت في شكل أفقي وعامودي لاحقاً لتمتد الى أبواب أخرى للانتاج والعمل بينها التصنيع التحويلي وأعمال البناء والهندسة والتسويق. وقال طلاس ان مجموعته، التي نمت منذ دخوله مجال الاعمال عام 1980، كانت رائدة في عملية اختيارها لأغلب النشاطات واملجالات التي خاضت فيها، وانها ركزت دائماً على زيادة فائض القيمة في المنتج المحلي السوري للاستفادة من الفرص التي يتيحها تسويقه محلياً وخارجياً. وتضم المجموعة "شركة سارية للمنتجات الزراعية"، و"شركة الصقر للصناعات الغذائية" و"شركة الأكرم للصناعات المعدنية" و"شركة الفجر لصناعة وتحميص البن" و"شركة كونسروة الجبل الاخضر" و"شركة ماس للهندسة والبناء" و"شركة أوراس للتعهدات الصناعية" و"شركة ماس للتصميم الداخلي" و"شركة ماس للأغطية المعدنية" و"الشركة السورية لتصنيع اللحوم" و"الشركة السورية الفنلندية للألبان" و"شركة الجولان لتصنيع اللحوم" و"شركة ماس للتسويق". مشروع في السودان وذكر رئيس "ماس" ان مجموعته مدت نطاق عملياتها أيضاً الى السودان حيث "اقتربت من توقيع اتفاق لانشاء مسلخ تصل قدرته التصميمية الى 11 ألف طن سنوياً على ان يتم تعليب اللحوم المنزوعة العظام في صناديق كرتونية لتصديرها الى دول الخليج". وقال: "إن المشروع ينفذ بالتعاون مع شركتين احداهما سودانية والأخرى فرنسية". ووصف طلاس السودان بأنه "خزان عربي للثروة الحيوانية". واشار الى ان "السوق الأكبر التي ستستهدفها صادرات المنشأة الجديدة ستكون السعودية". واعتبر ان السوق السورية سمحت لمجموعته ببناء خبرة واسعة في مجال الانتاج الزراعي والتصنيع التحويلي يمكن الافادة منها لتنفيذ مشاريع متنوعة في أكثر من مجال واكثر من بلد مع اعطاء الأولوية باستمرار للسوق المحلية. ورأى طلاس ان سورية تؤمن ميزات للاستثمار "أبرزها الاستقرار السياسي، وهو عامل مهم لأي استثمارات طويلة الأمد علاوة على رخص اليد العاملة وتوافر المواد الأولية ووفرة الكفاءات الفنية والتقنية الوطنية بالاضافة الى مزايا تفاضلية تتمتع بها المنتجات التحويلية والغذائية والزراعية في سورية، التي يعتبر القطاع الزراعي فيها أحد أبرز وجوه النشاط الاقتصادي". وقال: "ان تجربة التعددية الاقتصادية التي عاشتها سورية في المرحلة الأخيرة جعلت المجتمع يتعود على وجود تنوع في المواد الاستهلاكية المطروحة في الاسواق مما فتح مجالاً أوسع للاختيار وولد ضغطاً تنافسياً ساهم في تطوير الصناعات السورية التي لم تكن معتادة في السابق على وجود منافس لها، وكانت تصدر الى أسواق تقبل بأي منتج وبأي مواصفات كما كانت عليه الحال مع الاتفاقات المدفوعة سابقاً في اتحاد دول الكومنولث ودول "الكوميكون". وأشار الى ان الصناعات السورية لم تهيىء نفسها في الماضي للمنافسة الخارجية، مما ضاعف مدى المنافسة على الساحة المحلية الضيقة وهو أيضاً ما حال دون تفكير الصناعيين السوريين بالاتجاه الى الاسواق الخارجية وتلبية حاجاتها إلا أخيراً. إمكانات فائضة وقال: "إن سورية باتت تملك اليوم امكانات غذائية وزراعية كبيرة لم تعرفها من قبل لأن السياسة التي حكمت البلاد منذ مطلع السبعينات شددت على أهمية تعزيز الأمن الغذائي. وهذه السياسة أوصلتنا الى تحقيق الاكتفاء الذاتي لكنها ولدت في الوقت ذاته امكانات تفوق حاجة السوق المحلية بحد ذاتها وتحمل في طياتها فرصاً استثمارية كبيرة للاقتصاد السوري الذي يستطيع الاعتماد عليها ليتحول الى اقتصاد غني". وأكد السيد طلاس، الذي ذكر ان مجموعته هي الوحيدة في سورية التي تملك فرعاً للتخطيط ووحدة لدراسة الاسواق تضم مجموعة باحثين ترصد يومياً حركة العرض والطلب في السوق وتقوم بدراسة القطاعات الاقتصادية التي تستثمر "ماس" فيها، ان "الطفرة الزراعية ستكون محوراً اساسياً لتطوير الصناعات التحويلية والغذائية التصديرية مطلع القرن المقبل في سورية". وأشار الى ان "الزيتون والحمضيات والحبوب والقطن هي عناوين لصناعات تصديرية مقبلة سيتجاوز اجمالي عائدها السنوي عتبة ثلاثة بلايين دولار سنوياً". وقال: "إن بوسع سورية ان تصدر في المستقبل ما قيمته 600 مليون دولار سنوياً على الأقل من زيت الزيتون وحده" الذي رأى فيه احد القطاعات التي تحمل امكانات كبيرة للتوسع. وشدد السيد طلاس على ان سورية هي ثاني منتج في العالم العربي والثالث في العالم وستصبح قريباً المنتج الأول لزيت الزيتون على الصعيد العربي، منوهاً الى وجود فائض كبير في الخضر والفواكه، ولا يزال يكبر باستمرار وهو فائض يحتاج الى تصنيعه وتوضيبه وتهيئته لتسويقه محلياً أو في الخارج. وقال: "ان مجموعة ماس تفكر في الاتجاه مستقبلاً للاستفادة من هذه الفرص المتاحة لتصدير الخضر والفواكه وزيت الزيتون". طبيعة التجربة والسيد فراس طلاس 38 عاماً وهو ابن وزير الدفاع العماد أول مصطفى طلاس. الا انه يؤكد ان هذا الوضع لم يكن ابداً اساساً لنمو أعماله. وحرص السيد طلاس خلال لقائه مع "الحياة" على التدقيق في أي معلومات يقدمها، مشيراً الى ان "لجان المالية تتشدد أكثر مع رجال الاعمال من أبناء المسؤولين مما تفعل مع رجال الاعمال العاديين وهذا يُظهر بوضوح اننا لا نحظى بأي محاباة ومن أي نوع كان". ودخل رئيس مجموعة "ماس" معترك الاعمال وهو لا يزال طالباً على مقاعد الجامعة في باريس. وقادته الصدفة الى الاستثمار في مشروع زراعي صغير كان وراء ولادة المجموعة لاحقاً وتوسع نشاطاتها. وتأسست في منطقة الكسوة جنوبدمشق مطلع عام 1980 أول منشأة من منشآت "ماس" وهي "شركة سارية للمنتجات الزراعية" اذ أقيمت مزرعة نموذجية للانتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني تم فيها استصلاح 60 هكتاراً من الأراضي التي زرعت اشجاراً مثمرة واستخدمت لسقيها طريقة الري بالتنقيط للمرة الأولى في سورية. وبلغ عدد الغرسات مطلع 1984 زهاء 18 ألف شجرة مثمرة كان بينها التفاح المقزم بأنواعه وهو من الزراعات الحديثة في سورية. كما أقيم في منشأة "سارية" بيت زجاجي ضخم مساحته ستة آلاف م2 مغطى بالألياف الزجاجية لانتاج الزهور ونباتات الزينة الداخلية التي غطت حاجات السوق المحلية وصدر منها الى الأردن والسعودية ولبنان. وعلى الصعيد الحيواني اقامت "سارية" مشروعاً متكاملاً هو الأول من نوعه في سورية لتربية وانتاج طيور الفري السلوى عام 1981 حيث جهز مدجن حديث ومفقس متطور آلي سعته التصميمية 50 ألف بيضة في الدورة الواحدة وقسم خاص بأمها البيض تنتج الواحدة فيه من الامهات قرابة 250 بيضة في العام. ومنذ عام 1989 أدخلت "سارية" الى مجال نشاطاتها تربية النحل وانتاج العسل الذي بدأت انتاجه بكميات تجارية وطرحته في الاسواق في عبوات زجاجية. وأقامت الشركة لهذا الغرض وحدة خزن وتبريد نموذجية بطاقة تخزين مقدارها ألف طن من العسل. وركزت أيضاً على تربية الخيول العربية الأصيلة وإكثارها حيث تضم منشآت الشركة بعضاً من أجود أنواع الخيول. وفي اذار مارس عام 1986 أسست "شركة الصقر للصناعات الغذائية" بهدف انتاج الاغذية المحفوظة، والمرتديلا خاصة، لتبدأ بعد عام من ذلك في طرح انتاجها المعلب في الأسواق بعبوات تغيرت سعتها وزادت تدريجاً، في وقت تم التوسع في تصدير منتجاتها التي كانت تسوق في سورية لتصل الى الاسواق العربية المجاورة والاسواق الأوروبية باجمالي انتاج يبلغ 2500 طن سنوياً. وقال السيد طلاس: "بدأنا العمل في القطاع الزراعي وكانت الفرصة متاحة أمام القطاع الخاص لتطوير الزراعة لأن اللوائح والتشريعات القانونية قبل عام 1985 لم تكن جاهزة لإتاحة الفرصة للمستثمرين لدخول مجال التصنيع. وهذا الأمر يفسر التركيز على القطاع الزراعي في وقت كانت سورية تسعى الى تحقيق الاكتفاء الغذائي الذاتي. واتجه أكثر المستثمرين الى الصناعات التحويلية من زراعية أو غذائية أو الى المضاربات العقارية". وأضاف: "كان خيارنا ان نبدأ الاستثمار في الزراعة. وخلال دراستي الجامعية في فرنسا بدأت الاستثمار في هذا المجال، ولكن على نطاق بسيط وضيق، وتوسعت الاعمال تدريجاً. وكنت أول من أدخل البيوت البلاستيكية في عالم الزراعة الى سورية ومن ثم انتقلنا عام 1986 الى الاستثمار في المجال الصناعي". وزاد: "لم يكن هناك أي ربط في عملية الاستثمار في المجالين. قررنا اقامة مشروع صناعي ووقع الخيار على مادة المرتديلا لأنها كانت تهرب من لبنان وليس هناك مصانع محلية لانتاجها. أوجدنا معادلة الخلطة التي تضمن سعراً رخيصاً وطعماً جيداً يناسب حاجات السوق ويكون قادراً على المنافسة". وكان المشروع الأول لتصنيع اللحوم في سورية "بعدها شجعتنا هذه التجربة على خوض مجال الصناعة في شكل أكبر وانتقلنا الى تصنيع العلب المعدنية التي تشكل المادة الأولية لتعليب المرتديلا وصناعات التعليب كافة. وكان السبب ان الشركة الايطالية التي كانت تزودنا بالعلب، اضطرت لتلبية طلبية محلية في ايطاليا ووقف كل صادراتها الينا مما عطل خطوطنا الانتاجية لمدة شهر ونصف الشهر في وقت لم يكن هناك في سورية اي مصنع لعلب التنك". وأضاف: "الأمر جعلنا نقتنع بأن بوسعنا ان نعزز انتاجيتنا اذا سيطرنا في شكل أفضل على مزيد من مراحل الانتاج وقمنا بتنويع نشاطانا عامودياً وأفقياً. وبعدها كانت الخطوة الطبيعية تنص على الاستفادة من عاملين: وجود مادة التغليف الأولية كمادة انتاج أولية لدينا ووفرة المواد الزراعية بعدما بدأ القطاع الزراعي تحقيق نوع من الاكتفاء الداتي ومن ثم بلوغ الفائض الكبير والهائل الذي تحقق في المنتجات الزراعية". وفي صيف 1988 أسست "شركة الاكرم للصناعات المعدنية" ضمن اتفاق مع شركة "سودروفيك" السويسرية التي ابتكرت طريقة صناعة علب التنك باللحام الكهربائي وأقامت أول مصنع في العالم يعمل بهذه التقنية في سورية قبل ان تبني مصانع أخرى في الولاياتالمتحدة وقبل ان تشيع هذه التقنية الجديدة في العالم. وينتج مصنع "شركة الأكرم" 60 مليون عبوة سنوياً، وتم تخصيص شطر كبير من هذه العبوات لشركة "كونسروة الجبل الأخضر" التي تأسست مطلع عام 1991 والتي تقوم بتعليب أكثر من 30 نوعاً من الخضر والفواكهة ومشتقاتهما. وقال السيد طلاس: "دراسة الجدوى أشارت الى وجود ربحية معقولة في المشروع، وإمكان التصدير في شكل كبير الى الخارج، وهو ما يعكسه تصديرنا الى 22 دولة في أطراف العالم الأربعة من كنداوالولاياتالمتحدة الى البرازيل ودول أوروبا واتحاد دول الكومنولث وتركيا وأذربيجان وبلغاريا وغيرها". وأضاف: "بعد اقامة شركة كونسروة الجبل الاخضر اتجهنا الى تصنيع البن وكنا ايضاً أول شركة في سورية تعمل في هذا المجال. قمنا بذلك مع شركاء لبنانيين وعمدنا الى استيراد البن من البرازيل وركزنا توزيعنا على السوق السورية عبر "شركة الفجر لصناعة وتحميص البن" التي تطرح منتجاتها تحت علامتين فارقتين ومسجلتين تجارياً باسم "بن السعيد" و"بن الفجر". والماركة الأولى هي أشهر ماركة في سورية وعندما بدأت كنا الوحيدين في سورية في هذه الصناعة ولمدة ثلاث سنوات، والآن هناك سبع مصانع أخرى غيرنا". وتابع: "بدأنا منذ ستة اشهر استراتيجية جديدة لفتح الاسواق الخارجية أمام تصدير البن المحمص والمعبأ من سورية ونحن نتوقع تحقيق نتائج ايجابية". واشار الى ان تطور انتاج المرتديلا أدى الى افتتاح مصنعين آخرين لها "وكان الهدف تنويع منتجاتنا التي طرحناها باسم ثلاث علامات فارقة مختلفة هي "سومر" و"نايا" و"يارا" وتلبية حاجة السوق المحلية والتصدير. ودولة الامارات هي من أبرز أسواقنا بالاضافة الى لبنان وأذربيجان. ونحن الآن في المرحلة النهائية للحصول على شهادة الجودة "آيزو 9002" لمنتجات المرتديلا لدينا". وبين أبرز المشاريع الأخرى التي نفذتها مجموعة "ماس" انشاؤها "الشركة السورية الفنلندية للالبان" برأس مال قدره أربعة ملايين دولار تملك منه 60 في المئة مقابل خمسة في المئة لمستثمر سوري محلي و35 في المئة لمجموعة "فاليو" التي تعتبر أكبر مجموعة منتجة للاجبان في فنلندا. وكان المشروع الذي تأسس عام 1994 أول مشروع صناعي فيه مشاركة اجنبية يفتتح بموجب قانون الاستثمار رقم عشرة. ويصل حجم الانتاج اليومي الى 1.5 طن من الجبن المطبوخ و2.5 طن من جبن القشقوان الذي بقي استيراده ممنوعاً لمدة 20 سنة في سورية. وختم السيد طلاس بالقول: "دخلنا في مشاريع متنوعة كان آخرها دخولنا مجال استيراد المواد الغذائية من سكر وشاي وزبدة وطونة. ولأن استيراد هذه المواد الخاصة فُتح أمام القطاع الخاص قررنا ان نخوض المجال المفتوح أمامنا لأنه يكمل الانشطة التي نقوم بها وهي صناعة وتوزيع المواد الغذائية".