اشترط المحافظون المتنفذون بقوة في مؤسسات الدولة والنظام في ايران، ان "تعترف وتتقبل" الولاياتالمتحدة الاميركية "الثورة الاسلامية" ومبادئها وما نتج عنها من حقائق على الارض في ايران، وان "تتخلى عن عدائها للاسلام المحمدي الاصيل" كي يصبح ممكناً "الحوار" معها. وشككوا في "حسن نيات" الحكومة والمسؤولين في الولاياتالمتحدة و"صدقهم" في عرض التطبيع الذي تقدموا به اخيراً، وأكدوا "استحالة" ان يتراجع نظام الجمهورية الاسلامية عن "المبادئ والأسس" التي قام عليها. وقال آية الله احمد جنتي الامين العام لپ"مجلس امناء الدستور" وعضو مجلس خبراء القيادة وأحد أبرز رموز اليمين المحافظ في البلاد "ان اميركا تتحدث عن تطبيع العلاقات مع ايران لكنها في الوقت نفسه تعارض الثورة الاسلامية بطرق عدة"، ورأى ان الولاياتالمتحدة "تلقت صفعة من الاسلام ولذلك فإنها تعاديه، ونحن نريد الاسلام المحمدي الاصيل ونتمسك به". وكانت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت اعربت الاسبوع الماضي عن استعداد حكومتها البدء في خطوات لبناء الثقة تؤدي الى تطبيع العلاقات مع ايران، واكدت ان واشنطن "لا تسعى الى اسقاط النظام في ايران وتحترم رغبة الايرانيين في الحفاظ على استقلالهم وسيادتهم". واعتبر كلام اولبرايت تقدماً في الموقف الاميركي، خصوصاً انها اعلنت بوضوح ان اي تطبيع محتمل بين البلدين سيتم على قاعدة احترام واشنطن استقلال ايران وسيادتها. لكن جنتي، المعروف بأنه قريب من مرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي، بدا كأنه يشير الى ان عرض اولبرايت ناقص، وان على الولاياتالمتحدة ان تعترف بالثورة الاسلامية وتبعاتها، وشدد على انه "طالما ان الاميركيين لم يقبلوا بالثورة الاسلامية فإن تطبيع العلاقات لن يكون له اي معنى". وشكك في صدق الادارة الاميركية ورؤيتها الحقيقية لمستقبل اي علاقة محتملة، مستنداً على "ازدواجية الخطاب الاميركي حول موضوع اسلحة الدمار الشامل، اذ انها تستمر في اتهام الجمهورية الاسلامية بالسعي الى امتلاك هذه الاسلحة وتتهمها بالارهاب، وفي الوقت نفسه تستمر واشنطن في تقديم كل الوان الدعم لاسرائيل النووية"، واتهم جنتي الادارة الاميركية بأنها "تعمل على خفض اسعار النفط في الاسواق العالمية، وهذا كله يشكك في حسن نية اميركا وعرضها التفاوض والتطبيع" مع ايران. وأشار جنتي في حضور آلاف احتشدوا لأداء صلاة الجمعة في جامعة طهران ورفعوا شعارات "الموت لاميركا" و"الموت لاسرائيل" الى مشروع حكومة بنيامين نتانياهو حول "القدس الكبرى"، واعتبر ان الموقف الاميركي من هذا المشروع "ومن الكيان الصهيوني عموماً نموذج لعداء واشنطن للاسلام". لكن لوحظ ان جنتي استبعد امكان التطبيع في "الظروف الراهنة" ولم يوصد الباب كاملاً في المستقبل، وقال "ثمة احتمالان للمستقبل، اما ان نتراجع نحن عن مبادئنا او ان يتخلوا هم الاميركيون عن عدائهم للاسلام ويتركوا سبيل الثورة والنظام، فقط في هذه الظروف نستطيع ان نتحاور معهم والا فإن التفاوض والتطبيع مستحيلان". وجزم بأن "الثورة الاسلامية لن تتراجع عن مواقفها ومبادئها ابداً". يذكر ان رئيس البرلمان علي اكبر ناطق نوري كان اعتبر عرض اولبرايت "مؤامرة لشق المجتمع الايراني وشن حرب نفسية"، كما لم يخف الرئيس السابق علي اكبر هاشمي رفسنجاني ريبته في "صدق" الادارة الاميركية. لكن لم يصدر حتى الآن اي تعليق عن الرئيس سيد محمد خاتمي على العرض الاميركي، ويبدو انه يفضل تفادي التسرع خصوصاً ان على اجندته قضايا داخلية تحظى بالاولوية لديه في الوقت الراهن. كما لوحظ ان المرشد خامنئي لم يعلن موقفاً، الا ان اوساطاً سياسية اعتبرت ان تعليقه على فوز الفريق الايراني لكرة القدم على نظيره الاميركي في مونديال فرنسا بأنه "هزيمة مريرة للشيطان الاكبر" كان في حد ذاته رداً ضمنياً على عرض اولبرايت