السيد المحرر تحية طيبة وبعد، اشارة الى الموضوع الذي نشر في "الحياة" العدد 12885 الصادر يوم الأحد الموافق 14 حزيران يونيو 1998، تحت عنوان "المدرسة الدولية للأمم المتحدة قد تلغي العربية من مناهجها" وان باقي اللغات الرسمية الاخرى الانكليزية، الفرنسية، الاسبانية والصينية تحظى بدعم مادي ومعنوي سخي ومتزايد من دولها. أثار هذا الاتجاه اهتمامي لما له من انعكاسات سلبية اذا اقر اذ ان الامر، وكما هو واضح، ليس لغة تدرس في كتاتيب الأممالمتحدة ولكنه اعمق من هذا بكثير. فهو يمس بشكل مباشر عقيدة متينة راسخة، وثقافة منتشرة في كل اركان هذا العالم يقوى تأثيرها دائماً وبمرور الأيام. وهذا ما حداني الى الكتابة لكم لعل صوتي يصل ضمن الاصوات المخلصة الاخرى الى سمع وضمير المسؤولين في الجامعة العربية والوطن العربي بأجمعه. يجب على الجامعة العربية والبلدان العربية بألا تأخذ هذا الحدث وان لم يتم اقراره بسطحية فكرية، ونظرة تفتقر الى المستقبل، بل عليها ان تدرك بأن هذا الوباء قد يتفشى ليغطي جسد الأممالمتحدة ومنظماتها ومؤسساتها الدولية، فإذا سقطت العربية كفكر فانها ستسقط يوماً ما كتاريخ وكيان. وعليها ايضاً ان تلعب دورها الفعال والمؤثر الذي لا يقدر بثمن في الحفاظ على اللغة العربية بين جدران المنظمات الدولية بل وعليها ان ترتقي بها وتقوي اطرها ومرجعيتها لتحافظ على اشعاعها الفكري وليس في الوطن العربي ومؤسساته الحكومية فحسب، بل وفي كل القطاعات والمؤسسات الوطنية غير الحكومية والمراكز الاكاديمية التي تخدم الجاليات العربية المنتشرة في انحاء العالم. ومن هذا المنطلق تنبثق مخاوفنا على اللغة العربية التي قد يؤدي الوضع الاقتصادي العربي من تقلصها وتقهقر استخداماتها بالشكل العلمي والعملي المطلوب والمستفاد منه. ان هذا الامر يخرج عن طوع وإرادة قيادات تلك المنظمات اذ انه كلما تتقلص الموارد المادية وتنكمش لديها كلما ادى هذا الى تقليص وانكماش البرامج غير الفنية التي قد يكون منها اللغات المستخدمة والحد من التوسع في استخداماتها. لهذا ان هذا الوباء الغاء اللغة العربية او الحد من استخدامها قد يتفشى في جسد الأممالمتحدة لعدم وجود الدواء الدعم من البلدان العربية، لايقاف هذا التفشي ما العمل اذن؟ لانقاذ اللغة العربية لغة القرآن الكريم واستمرار تعزيزها وتقويتها في كل المحافل الدولية؟ من خلال صحيفتكم نرفع نداء القلق والتخوف الى البلدان العربية والجامعة العربية للاسراع في تقديم كل ما يمكن تقديمه لانقاذ اللغة العربية في المدرسة الدولية وبصورة مستدامة وأن تؤخذ الاجراءات الجماعية المبكرة لإزالة ذلك الضباب المعتم الذي يحيط بإقليمنا وعالمنا ولغتنا وذلك بدوافع ظاهرها وباطنها متعددة وان تتكاتف الجهود وتؤخذ الخطوات اللازمة الآن وقبل وقوع الحدث في المنظمات الدولية وذلك بتوفير مساهمات مادية توضع في حسابات امانة في منظمات الأممالمتحدة، وتختلف مقدار تلك المساهمات وفقا لأهمية ما تقدمه وتضطلع به المنظمة المعنية وذلك لمساندة وتقوية وتعزيز اللغة العربية واستخداماتها المتعددة الاخرى. هذا الامر يتطلب ترتيبات ادارية معينة اعتقد بأنه من الافضل ان يتولى تنفيذ هذا الامر احد الصناديق العربية المهتمة بالتنمية او البنك الاسلامي او برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأممالمتحدة الانمائية. اتمنى لكم التوفيق وسداد الخطى في هذه المهمة القدسية الشاقة. القاهرة - المدير العام المساعد والممثل الاقليمي للشرق الادنى