"مَنِ المؤلِّف"؟ أو متى يصحّ أن نقول عن شخصٍ إنّه "مؤلِّف"؟ وما تكونُ صِفاتُه المميّزةُ آنذاك؟ سؤالٌ يطرحه فيلسوف فرنسيّ شابّ في كتابٍ صدر مؤخّراً، في باريس، بعنوان: "سلطة الفكر". وجوابُه الأوّل هو تجنّبُ الأجوبة المعروفة الجاهزة، تلك التي تَتّصل بخصائص الغرابة الشكليّة للكتابة، أو بالنجاح الذي تُحقّقه في الانتشار والمبيع، ممّا يعودُ، غالباً، لأسبابٍ تتعلّق بالكاتب - بموقعه الاجتماعي والسياسي، وتبعاً لذلك، بتأثيره وسلطته. ويقول: يجب البحث عن جواب هذا السؤال في مجالاتٍ أخرى، أهمُّها الطريقةُ التي يُعاني بها الكاتب مَسْؤوليّته عَمّا يقوله، أو يمارسُها، وينجح بالتعبير، عِبْر فنّه الجماليّ، عن معنى هذه المسؤوليّة، وعن هواجسه الثقافية والأخلاقيّة. ويرَى هذا الفيلسوف أنّ الشاعر الفرنسي مالارميه مَثَلٌ بارزٌ عمّا يمكن أن يكونَ "المؤلِّف". ويقف طويلاً عند القول المشهور لهذا الشاعر: "كلّ فكرٍ يَرْمي نَرْداً" في كتابه المشهور كذلك: "أبداً، لن تُلغيَ المصادفةَ رميةُ النَّرْد". ويقول إن محتوى هذا الكتاب - القصيدة فَلسفيّ، وأَنّه لا يُفهَم إلاّ استناداً الى فكر الفيلسوف شوبنهاور. ويصف هذا الكتاب - القصيدة بأنّه تأمّل من أجل الوصول الى اللّوغوس الكونيّ الذي لم يتوقّف مالارميه عن الحلم به، طول حياته، ولم يحصدْ الا الفشَل. والفشَلُ هنا، كما يرى الفيلسوف الفرنسي الشاب، حاصِلٌ لأن الشاعرَ يُقايسُ عمله بما كان يُسميه ب"الشعر المطلق"، وما يسمّيه هذا الفيلسوف ب"وهم" الشعر المطلق، وهو ما تخلّى عنه عصرُنا، فيما يبدو، كليّاً. وينتهي الفيلسوف، انطلاقاً من هذا الفشل واستناداً اليه، مُعْلِناً شكّه في ما يُسمّى "الحداثة" التي كان مالارميه نفسه من الشعراء الأوائل الذين أَسّسوا لها. تُرى، هل يحقّ لنا أن نسأل، في ضوء ما يطرحه هذا الفيلسوف وما ينتهي إليه: كم عدد الكتّاب العرب الذين يصحُّ أن نقول عنهم إنهم "مؤلِّفون"؟ * بعضُنا يُمضي حياته في ابتكار أَضْراسٍ للموتى، من أجل أن تُحسن التهامَ الأحياء. * رُبّما كان استئناسُ الإنسان بنفسه، واطمئنانُه اليها، وألفتهُ معها، مِن ألدّ أعدائه. * أهناكَ هدَفٌ أكبرُ من ابتكارِ الأهداف؟ * تمنّيتُ دائماً أن يُتَاحَ لي الإصغاءُ الى حوارٍ علنيّ بين مَلاكٍ وشيطان. * عَصْرٌ - ببغاءٌ كونيّ. * يُخيَّلُ لي أحياناً أن نفسي مليئةٌ بالغُرَفِ والممرّات. وكثيراً ما أغضبُ وأضيقُ بأحوالي، لأنّني لا أقدر أن أَسيرَ في بعض الممرّات، ولأنّ بعض الغُرفِ تظلّ مغلقةً على الرّغم من أنّ قَبْضتي لا تَتوقّفُ عن قَرْعِها. * قويٌّ جدّاً - أو هكذا أشعر، وَمصدرُ قوّتي هو أَنّني لا أرَى فيها إلاّ الضّعف * قد تتطابَقُ فكرةٌ مع حَدثٍ واقعيّ، لكن، يستحيلُ أن تتطابَقَ مع الواقع. * كم هي وحدتُكَ مسكونَةٌ، أيّها الشَّاعر، وكم هي فاجعة: إنّها أمّةٌ كاملةٌ تعيش في صمتٍ كامل. * بعضنا يكتب - لا لكي يسيرَ أمامَ لغته، بل لكي يَخْتبىءَ وراءَها. * القناعُ، غالباً، هو الوجه. * إن كنتَ تتشهّى عُرْيَ النّجوم، فعليكَ أن تلبسَ اللّيل * الطّريدةُ هي التي تقتل، أحياناً، مَن يُطارِدُها. * مِن أين للوطنِ أن يكون كبيراً بإنسانٍ صغير؟ * لكي يصطادَ عصفوراً في غابةٍ، يحرقُ الغابةَ كلَّها. * أكتب، لا لكي أقدّمَ الحقيقة، بل لكي أتعلّمَ اسْتقصاءَ العِلم. * أنتَ لا تشيخُ من الهرَم، بَلْ مِن إصراركَ على أن تَظلَّ شابّاً. * ليس لأفكاره حقلٌ، مِن أين لها، إذن، أن تنموَ، وأن تُخصب؟ * رِئتي هي التي تحرّكُ شراعيَ، لا الرّيح. * من أين لكَ، أيّها النّاطِق، أن تفهمَ صمتَ الأشياء، وأنتَ لا تفهمُ لغاتِها؟ * يُغطّونه بحجابِ أحقادهم، ثم ينظرون إليه: هكذا لا يَرونه، وإنما يرون أنفسهم. * لا أحيدُ عن الواقع، مُطْبقاً عينيّ، إلاّ أَمَلاً في رؤيةِ ما وراءه. * اللّه وحده، يعرف نواياه، ويعرف إن كان مؤمناً أو كافراً، فبأيّ حقّ يجادله في دينه بشرٌ يؤمنون باللّه؟ * أن تقول: "أنا موجود"، لا يعني بالضّرورة أَنّك تَحيا. * إن كنتَ تخافُ من الهاوية، فلماذا تُحاول الصّعودَ إلى القِمّة، أو تغارُ من الصّاعدين؟ * ما السرّ في أنّ الإنسانَ يَبْرعُ غالباً في الخيانة، أكثرَ مِمّا يبرع في الوفاء؟ * لماذا لا يأكل الطُّهريّونَ بأيْدٍ من الخشب، ويمشون بأقدامٍ من الحديد ويغضّون أَبصارهم عَمّا حولهم؟ وإلاّ، فبأيّ حَقٍّ يُسمّون أنفسهم طُهْريين، ويحاكمون غيرهم بِاسْم الطهريّة؟ أن تُحِسَّ هَو أن تقبلَ بإمكان التلوّث.