بغداد، بيروت، لندن - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - استدعت وزارة الخارجية الايرانية القائم بالأعمال العراقي في طهران وطلبت منه توضيحات في شأن عملية اغتيال آية الله الشيخ مرزا علي الغروي التبريزي وتوقيف المتورطين فيها ومحاكمتهم. واتهم العراق امس "جهات اجنبية حاقدة ومغرضة" لم يسمها باغتيال الغروي الخميس وتعهد بتعقب "عناصر اجنبية" اعتبر انها وراء اغتياله. غير ان عدداً من الاحزاب والشخصيات الشيعية حملت بغداد مسؤولية اغتيال الغروي، ودعا "المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى" في لبنان الى "عقد مؤتمر يدرس الوضع الخطر الذي تتعرض له الحوزة الدينية في النجف". ونشرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية العراقية بيان نعي في الصحف العراقية امس حملت فيه مسؤولية "هذه الجريمة الغادرة" لپ"جهات اجنبية حاقدة ومغرضة بهدف الاساءة الى المؤمنين الساعين الى الفضيلة والحق الرافضين لمنهج الضلال والنيل من الاسلام الحنيف". وأضاف البيان "ان الاجهزة الامنية تواصل سعيها لكشف مرتكبي هذه الجريمة لينالوا جزاءهم العادل". وكانت الاذاعة الايرانية بثت السبت ان الغروي اغتيل على أيدي عناصر مجهولة اطلقت النار على سيارته على الطريق بين كربلاء والنجف. ونقلت الوكالة الايرانية عن احد ابناء الغروي ان ثلاثة اشخاص آخرين قتلوا في الاعتداء هم ابن الغروي وزوج ابنته وسائقه. وأصدر "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" وهو اكبر حركات المعارضة الشيعية للنظام العراقي ومقره طهران، بياناً نقلته وكالة الانباء الايرانية اتهم فيه النظام العراقي بالوقوف وراء هذا الحادث. وجاء في بيان للمجلس ان "اجهزة الاستخبارات العراقية فتحت النار على الغروي ونجله وصهره وسائقه بعد ان اوقفت سيارتهم على الطريق بين النجف وكربلاء". وأضاف البيان ان "حزب البعث الحاكم في بغداد دفن الجثة على الفور وبشكل سري تحاشياً لحصول اي حركة احتجاج". ومع ذلك اوضح البيان ان "تظاهرات جرت في كربلاء وان النظام حاول قمعها". وأضافت الوكالة الايرانية ان وزارة الخارجية استدعت القائم بالاعمال العراقي في طهران وطلبت ايضاحات في شأن هذا "العمل الشنيع". وطلبت الوزارة ايضا "توقيف المتواطئين فوراً وتقديمهم الى المحاكمة". وحصلت "الحياة" على تفاصيل جديدة عن عملية اغتيال الغروي ورفاقه، رواها وكيله العام في لبنان الشيخ محمد جميل حمود. وقال الشيخ حمود، ان شخصاً وصل من بغداد بعد حصول الاغتيال أبلغه ان الغروي اعتاد زيارة مدينة كربلاء كل مساء يوم جمعة، وانه اوقف لدى عودته الى مقر اقامته في النجف عند حاجز تابع للاستخبارات العراقية، وجرى التدققق في هوية جميع الموجودين في السيارة، ثم طلب من السائق ان يتابع سيره. وأضاف "وما ان قطع الامام الغروي ورفاقه عدة كيلومترات، حتى فوجئوا بمكمن مسلح اطلق عناصره النار بغزارة ما ادى الى استشهاد كل ركاب السيارة". وتابع "بقي الجميع في السيارة لفترة من الوقت، الى ان شعر الشيخ جواد نجل الامام الغروي بتأخر عودة والده، الذي اعتاد في حال اضطراره الى تمديد اقامته في كربلاء، الاتصال بأفراد عائلته لإبلاغهم رغبته في البقاء هناك". وأكد الشيخ حمود ان الشيخ جواد استقل سيارته ومعه عدد من الاصدقاء وتوجه الى كربلاء من اجل معرفة ظروف تأخر والده، واكتشف وهو في طريقه الى كربلاء السيارة التي كان يستقلها والده ورفاقه، فاقترب منه ليجد ان الجميع فارقوا الحياة. وتابع "وبناء على اتصالات اجراها الشيخ جواد تم نقل الجميع الى كربلاء ووضعوا في البراد التابع لمستشفى المدينة ساعات عدة ما ادى الى خلق جو من الاستنكار العام بين سكان كربلاء". وأشار الى ان "جثمان الامام الغروي نقل الى مقبرة وادي السلام في النجف ودفن على وجه السرعة، في وقت نقل جثمان صهره الشيخ الفقيه الى الكوفة ودفن في مقبرة المدينة". وقال الشيخ حمود ان "السلطات العراقية منعت اجراء مراسم موحدة للتشييع وطلبت دفنهما في مدافن متفرقة" مؤكداً "تعرض المشيّعين الى الضرب من عناصر الشرطة في النجف رداً على موجة الاستنكار التي سادت المنطقة". وأكد ان "نجل الرئيس العراقي عديّ صدام حسين حضر الى النجف اثناء تشييع الامام الغروي في محاولة مكشوفة لتبرئة ذمة النظام العراقي من دمه". وكشف الشيخ حمود ان الامام الغروي "كان تعرض قبل نحو اسبوعين الى محاولة اغتيال في النجف". ولدى سؤاله عن الشيخ الفقيه، قال "انه يبلغ من العمر 26 عاماً وكان اقام منذ اكثر من ست سنوات في النجف ليتابع دروسه الدينية وتزوج من ابنة العلامة الغروي ورزق منها ولدين". وتلقت "الحياة" امس بيانات من "حزب الدعوة الاسلامية" و"الاتحاد الاسلامي لتركمان العراق" ومكتب ممثلية الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي. وحمل "حزب الدعوة" الحكم العراقي مسؤولية اغتيال الغروي معتبراً انه "جريمة جديدة تضاف الى سجل طويل من الجرائم ضد ابناء الشعب العراقي المجاهد". واعتبر ان "السلطات الامنية أقدمت على اغتيال الغروي"، مشيراً الى ان "الجريمة تأتي بعد ايام من جريمة مماثلة اقترفها النظام ضد آية الله الشيخ مرتضى البروجردي". وفي لبنان لاقت عملية الاغتيال موجة استنكار وشجب واسعين، ونعى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى "آية الله الغروي الذي استشهد ومن معه على يد عصابة مسلحة"، وأعلن استنكاره وادانته بشدة "للمخطط الاجرامي لاغتيال مراجع الدين وكبار العلماء في النجف الأشرف". ودعا رئيس المجلس الإمام محمد مهدي شمس الدين الى عقد اجتماع طارىء صباح اليوم وقرر توجيه دعوة عاجلة الى شخصيات علمية دينية وفكرية - اسلامية من بلاد اسلامية عدة لعقد مؤتمر يدرس الوضع الخطر الذي تتعرض له الحوزة الدينية في النجف من أجل اتخاذ الموقف المناسب من ظاهرة تجدد اغتيال المراجع الدينية والعلماء في النجف. وسجل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني والامام شمس الدين في بيان مشترك اصدراه أمس "استنكارهما الشديد وادانتهما لهذه الجريمة"، وتم الاتفاق على "الدعوة الى اجتماع خاص يعقد على مستوى ديني اسلامي واسع لتعزيز المرجعيات الدينية الإسلامية وتحصينها من التطاول والعدوان". وطالب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالامير قبلان قادة الدول العربية والاسلامية بپ"وضع حد لما يجري على الساحة العراقية". وطالب قبلان الحكم العراقي بپ"كشف ما يحصل من اساءات لهؤلاء الابرار ووقف العصابات التي تفتك بأهل الفضل والعلم". ونعى السيد محمد حسين فضل الله المرجع الديني الكبير، وقال "اننا نستنكر هذه الجريمة الوحشية التي توحي بأن هناك مخططاً لاغتيال رموز المرجعية الدينية في النجف الأشرف". وندّد الأمين العام لپ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بعملية الاغتيال، وحمّل "النظام العراقي مسؤولية هذه الجرائم في محاولة للتضييق على المراجع الدينية والنجف". ودعا الى "الضغط على النظام لايقاف هذا العنف الدموي الذي يرتكبه بحق رجال الإسلام الكبار"