فيما أعرب المرجع الشيعي علي السيستاني عن تعازيه إلى «المجلس الإسلامي الأعلى» بوفاة زعيمه السيد عبد العزيز الحكيم، جرت في طهران مراسم تشييع شارك فيها آلاف الإيرانيين والعراقيين. وبدأ مئات بالتوافد الى النجف حيث سيوارى جثمانه الثرى صباح غد السبت بعد وصوله من طهران ومروره في مدن عدة بينها بغداد، إذ ستقام له جنازة رسمية في «المنطقة الخضراء». وقدم المرجع الشيعي الأعلى في بيان جاء فيه إن «السيستاني تلقى ببالغ الأسى والحزن نبأ وفاة السيد الحكيم الذي انتقل الى جوار ربه بعد عمر حافل في خدمة دينه ووطنه وتخليص شعبه من الظلم والجور والقهر والاستبداد». وأضاف: «نعزي كل محبي الفقيد وعارفي فضله ومكانته، ولا سيما أهله الكرام وأسرته الشريفة لندع الله الى أن يتغمده برحمته الواسعة». في طهران قدم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي تعازيه إلى«العالم الإسلامي والحوزة العلمية والشعب العراقي بفقدان السيد الحكيم». وقال في رسالة تليت في مراسم تشييع الحكيم أمام السفارة العراقية في طهران حيث لفظ أنفاسه الأخيرة في أحد المستشفيات أول من أمس، إن «فقدان السيد الحكيم فاجعة أليمة ألمّت بالشعبين والحكومتين في العراق وإيران على حد سواء». وأشاد بالزعيم الشيعي الراحل ووصفه بأنه رمز للنضال ضد نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وقال إن الراحل «كان رمزاً للصعوبات التي ينطوي عليها الجهاد ضد الطغيان». وأضاف أن رحيل الحكيم «خسارة كبيرة للشعب والحكومة العراقيين وحدث مؤلم لجمهورية إيران الإسلامية». واعتبر أن «جهود ومبادرات رجل الدين المجاهد فريدة ولا تنسى سواء في العراق أو في إيران». وأضاف: «أُقدم تعازي الى الحكومة العراقية وعائلة الحكيم وبخاصة ابنه عمار الحكيم»، نجل عبد العزيز الحكيم والذي يرجح أن يتولى مهام والده رئيساً ل «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي». وشارك عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين في مراسم تشييع الحكيم ومن بينهم رئيس البرلمان علي لاريجاني ووزير الخارجية منوشهر متقي. وقال لاريجاني الذي كان يرتدي ملابس سوداء في كلمة أمام المشيعين إن الحكيم «كان يكن ولاء وإجلالاً مثيرين للإعجاب للمرشد الأعلى آيه الله خامنئي». وأضاف: «نتمنى أن تستكمل طريقه بقوة أكبر ونأمل في أن نرى شقيقنا (عمار الحكيم) يلعب دوراً أكثر فاعلية في المشهد» العراقي. وغطي نعش الحكيم بالعلم العراقي وحمل لمسافة قصيرة من السفارة العراقية. وهتف المشيعيون «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل». ومن المقرر أن ينقل الجثمان الى مدينة قم العاصمة الدينية لإيران، على أن ينقل الجمعة الى العراق حيث ستكون محطته الأولى في بغداد في مسجد الإمام الكاظم في الكاظمية لينقل بعدها الى «المنطقة الخضراء» الشديدة التحصين حيث ستجري مراسم الجنازة الرسمية. وبعدها سينقل الجثمان الى مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة وسيمكث الليل في مقام الإمام الحسين قبل أن ينقل صباح السبت الى النجف حيث سيدفن. وجرت مراسيم تشيع مهيبة للحكيم في طهران أمس حضرها عدد من الشخصيات الدينية والسياسية العراقية والإيرانية والعربية بمشاركة رؤساء السلطات الثلاث في إيران. ونقلت وكالة «مهر للأنباء» الإيرانية أن «مراسم تشييع جثمان السيد عبدالعزيز الحكيم انطلقت صباح الخميس من أمام مبنى السفارة العراقية في طهران باتجاه مبنى المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام في طهران». وشارك في مراسم التشييع، إضافة الى شخصيات عراقية، كبار المسؤولين في إيران من بينهم لاريجاني، ورئيس السلطة القضائية آية الله صادق لاريجاني، ومدير مكتب قائد الثورة الإسلامية محمدي كلبايكاني، ورئيس مجلس صيانة الدستور آية الله احمد جنتي، ووزير الخارجية منوشهر متقي، وعلي سعيدلو مساعد رئيس الجمهورية، وإمام جمعة طهران الموقت إمامي كاشاني، إضافة الى أختري أمين المجمع العالمي لأهل البيت. ووصف الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد وفاة الحكيم بأنها الخسارة العظيمة للشعب العراقي»، وأفراد عائلة الحكيم بأنهم «ثوريون»، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية. وسينقل جثمان الحكيم الى مدينة قم حيث ستقام له مراسيم تشييع هناك أيضاً ويعاد الجمعة إلى العراق، ومن المقرر أن يوارى الثرى في النجف في مراسم رسمية وشعبية مهيبة. وعقدت قيادة «المجلس الإسلامي الأعلى» اجتماعاً عاجلاً في بغداد وضعت فيه تفاصيل تشييع جثمان وأكدت قيام نجل الحكيم، عمار، بقيادة المجلس خلال المرحلة الانتقالية حتى عقد اجتماع ثان لها لاختيار رئيس جديد للمجلس. يُشار إلى أن الحكيم كان نقل في آب (أغسطس) الجاري، إلى أحد المستشفيات في العاصمة الإيرانية بعد تدهور صحته. وكان زعيم «المجلس الأعلى» سافر في 16 أيار (مايو) عام 2007، إلى الولاياتالمتحدة لتلقي العلاج من السرطان. من جهته، قال عباس العامري مدير مكتب القيادي في «المجلس الإسلامي الأعلى» همام حمودي إن «الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي سيستقبلان جثمان الحكيم في البصرة التي يصل إليها جواً من طهران بعدما تشيع الجالية العراقية في إيران الجثمان، وأكد أن الحكومة الإيرانية ستمثل في هذا التشييع». وأضاف أن «مراسيم التشييع ستجري في الناصرية والسماوة قبل التشييع الرسمي في بغداد، ثم ينقل الجثمان الى كربلاء بعدها الى النجف قبل مواراته في مثواه الأخير». وذكر العامري أن عدداً من المسؤولين العراقيين الكبار الذين وصلوا الي طهران سيرافقون الجثمان خلال نقله جواً من العاصمة الإيرانية الى البصرة». وتشهد مدينة النجف حالة أمنية استثنائية إذ استنفرت كل الأجهزة الأمنية حالة الإنذار القصوى، فضلاً عن إنذار أمني سابق لقوات بدر (الجناح العسكري للمجلس الإسلامي الأعلى). ومن المؤمل أن يشارك في التشييع كبار الشخصيات في الدولة من رئيس الجمهورية ووزراء ومحافظين ومراجع دينيين، فضلاً عن رؤساء الأحزاب والأوساط العشائرية والشعبية، بعدها مجلس فاتحة يستمر لمدة ثلاثة أيام، ما سيضطر الجهات الحكومية في المدينة الى إغلاق المدينة أمنياً بالكامل، تخوفاً من حدوث خرق أمني. وتوفي الحكيم أول من أمس في مستشفى دانشوري في العاصمة الإيرانية. وكان شخص بأنه مصاب بسرطان الرئة عندما عاينه أطباء عسكريون أميركيون في بغداد ثم سافر بعدها إلى هيوستن لمزيد من العلاج. وكان الحكيم مدخناً شرهاً، بحسب القريبين منه، ويعتبر التدخين أحد أهم العوامل التي تؤدي لسرطان الرئة. ويعد الحكيم أحد أبرز المعارضين لنظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، إذ غادر العراق في مطلع ثمانينات القرن الماضي، ولم يعد إليها إلا بعد سقوط النظام البعثي عام 2003. وفي هذا السياق، أعلن إقليم كردستان العراق الحداد العام لثلاثة أيام اثر وفاة الحكيم. وجاء في بيان صادر عن رئاسة الإقليم: «تعبيراً عن الحزن وتكريماً لرحيل المغفور له سماحة السيد عبد العزيز الحكيم، أعلن رئيس إقليم كردستان السيد مسعود بارزاني الحداد العام في الإقليم ولمدة ثلاثة أيام». واعتبر بارزاني أن رحيل الحكيم أدى الى «فقدان مدافع قوي عن العراق الجديد والمكتسبات التي تحققت بدماء ودموع العراقيين الغيارى في أرجاء بلدنا الصامد بوجه الإرهاب والشر».