ودّع لبنان الرسمي والشعبي امس، رجل الاستقلال الرئيس عادل عسيران وسط حداد وطني، وشيّع جثمانه من دارته في الرميلة الى صيدا في موكب مهيب شارك فيه حشد من الشخصيات الرسمية والوفود السياسية والشعبية. لفّ جثمان الفقيد بالعلم اللبناني ووضع على عربة مدفع تقطرها شاحنة عسكرية تتقدمها اكاليل الزهور والاوسمة والنياشين التي نالها الفقيد حملها سبعة عناصر من شرطة المجلس النيابي وأحاطت بها سيارتان لقوى الامن الداخلي وأدت ثلّة من قوى الامن التحية. صلّي على جثمان الراحل في مسجد الزعتري في صيدا التي أقفلت حداداً، وأدى الصلاة رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الامام محمد مهدي شمس الدين. ثم انطلق موكب التشييع يتقدمه رئيس المجلس النيابي نبيه بري ممثلاً رئيس الجمهورية الياس الهراوي والوزير ميشال إده ممثلاً رئيس الحكومة رفيق الحريري ونجل الفقيد النائب علي عسيران ورؤساء سابقون ابرزهم الرئيس صائب سلام ووزراء ونواب وقائد منطقة الجنوب العسكرية العميد الركن عزالدين نفاع ممثلاً قائد الجيش العماد إميل لحود وشخصيات روحية وسياسية وعسكرية. وأطلقت مدفعية الجيش 21 طلقة عند ايداع جثمان الفقيد المثوى الاخير في مدافن العائلة في صيدا. تقبل بعدها النائب عسيران يحيط به الرئيسان بري وحسين الحسيني التعازي في حسينية صيدا. وبناء على نعي المجلس النيابي وقرار الرئيس الحريري توقفت المحطات الاذاعية والتلفزيونية عن بث البرامج الغنائية ونُكّست الاعلام على الادارات الرسمية وفي مقدمتها القصر الجمهوري. ونعى رئيس الحكومة الرئيس عسيران بالقول: "لقد كانت حياة الرئيس الراحل سجلاً في الجهاد والعطاء في سبيل لبنان الواحد، فكان رجل الدولة الذي دافع عن المبادئ والقيم الوطنية بإخلاص وتضحية". وجاء في نعي الرئيس شارل حلو: "يغيب عن لبنان وجه وطني فذ ورمز ساطع من رموز النضال والاستقلال، هو المغفور له عادل بك عسيران. وقد امتاز برجاحة العقل وواسع الفطنة، ومقاومة كل تعصب والسعي الدؤوب الى تجسيد العيش المشترك بين اللبنانيين على اسس المحبة والاخوة والتفاهم المتبادل". وقال وزير المغتربين طلال أرسلان: "تلقينا بألم شديد نبأ وفاة آخر رجالات الاستقلال الرئيس عسيران الذي انضم الى قافلة الكبار الذين ساهموا في انتزاع استقلال لبنان، فوقف سجيناً مقاوماً في قلعة راشيا الى جانب المقاومين في بشامون وعلى رأسهم الامير مجيد أرسلان في مواجهة الانتداب رفضاً لانتهاك السيادة وتعليب القرار ومصادرة الحرية، فأثمرت مقاومتهم استقلالاً مشعاً وفجراً جديداً من الحرية". ورأى ان غيابه "سيترك بلا شك حسرة في نفوس اللبنانيين الذين نشأوا على تعاليم العيش المشترك والوحدة الوطنية ومبادئ الانفتاح والاعتدال والابتعاد عن الطائفية وهي تعاليم ومبادئ رسمها رجال الاستقلال بإخلاص". بدوره نعى حزب الوطنيين الاحرار الرئيس عسيران: وأسف "لموته قبل ان يتسنى له رؤية الاستقلال الحقيقي الذي طالما تمناه وعمل جاهداً له".