سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" في المكتب الصحافي المركزي لكأس العالم لكرة القدم "فرنسا 98" . آلان ليبلان المسؤول الاعلامي في "فرنسا 98": البطولة ستكون الأنجح في تاريخ كأس العالم
كل الدلائل في باريس تشير الى ان فرنسا ستشهد خلال الايام القليلة المقبلة، وحتى منتصف تموز يوليو المقبل، اكبر مهرجان رياضي شعبي في التاريخ... والاستعدادات له على اكثر من قدم وساق على المستويات كافة يستوى في ذلك اللجان المنظمة لكأس العالم في كرة القدم والاجهزة الرسمية والشعبية ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بالملايين التي ستحطّ رحالها في الربوع الفرنسية لمدة شهر كامل او البلايين التي ستتابع كل شاردة وواردة عبر محطات التلفزيون والاقنية الفضائية. أينما سرت في باريس، وباقي المدن الفرنسية التي ستستضيف اثنين وثلاثين فريقاً يتنافسون للحصول على الجائزة الكبرى في كرة القدم، تلاحظ هذا الاهتمام الجدي والحماسي بجعل "فرنسا 98" الافضل في التاريخ الرياضي. ولا يقتصر ذلك على ان هذه البطولة ستشمل رقماً قياسياً من الفرق المشاركة للمرة الاولى، بل يمكن القول ان استضافة فرنسا نفسها لهذه الدورة ساهمت في خلق المزيد من التحديات التي واجهتها اللجان المنظمة بالكثير من الجهد والتعب والاشكالات ايضاً. وليس أدل على هذا الوضع الشائك من الملاحظات التي يجمعها الزائر الى المقر الرئيسي للجنة المنظمة في قلب باريس حيث المئات من المسؤولين والاداريين الذين يتابعون كل شاردة وواردة قبل ايام من المهرجان الرياضي الفولكلوري الضخم الذي سيقام في التاسع من حزيران يونيو الحالي عشية انطلاق البطولة بمباراة البرازيل واسكتلندا في اليوم التالي العاشر من حزيران. واذا كان هؤلاء المسؤولون امضوا السنوات الثلاث الماضية في اعداد الترتيبات اللازمة، فان اللمسات النهائية المطلوبة في الايام الاخيرة هي الاصعب والأكثر الحاحاً. لم نقصد مقر اللجنة المنظمة لمعرفة الترتيبات والاستعدادات لهذه البطولة العالمية، ذلك ان اللجان المنظمة تمكنت خلال السنوات الماضية من تزويد كل الجهات المعنية، خصوصاً رجال الصحافة والاعلام، بكل المعلومات الضرورية عن التنظيمات والملاعب وجداول المباريات والمواصلات والاتصالات وما الى ذلك ومعها الصور والسلايدات والكتيبات وغيرها. هدفنا من الزيارة لقاء المسؤولين عن الجانب الصحافي الاعلامي في اللجنة المنظمة، اي اولئك الذين سيتولون رعاية الوف الاعلاميين والصحافيين والمصورين الذين سيلاحقون ستاً اربعين مباراة عالمية… طبعاً بالاضافة الى الاجواء السابقة واللاحقة على كل مباراة سواء كانت تعني الفريق الوطني لهذه الدولة او تلك او مجرد لعبة بين فريقين يحظيان بمتابعة جماهيرية تتجاوز الحدود والانتماء واللغات. نعترف بأنه لم يكن من السهل لقاء السيد آلان ليبلان Alain Leiblang المسؤول عن الترتيبات الصحافية والاعلامية في اللجنة المنظمة على رغم معرفتنا السابقة به زميلاً في مهنة المتاعب وصاحب خبرة في القضايا العربية وزائراً دائماً الى منطقتنا. ونعترف كذلك بأنه حرص على اعطاء "الحياة" الوقت الكافي للاستفسار منه عن الاستعدادات الاعلامية على رغم ان لقاءنا به كان قبل ايام معدودات من بدء البطولة مع ما يعنيه ذلك من اتصالات اللحظة الاخيرة ومشاكل اللحظة الاخيرة كذلك… ونعترف اخيراً بأن الهاتف النقّال ظل يلاحقه ويلاحقنا حتى عندما اختفينا في احدى الغرف لاستكمال الحوار المتقطع احياناً والاستفزازي احياناً اخرى. لم يكن اختيار ليبلان عشوائياً لهذه المسؤولية العسيرة، فهو صحافي امضى خمساً وعشرين سنة في المهنة، وله خبرات متنوعة على المستوى الرياضي اذ انه ساهم في تغطية بطولة العالم في الارجنتين العام 1978 والألعاب الاولمبية في اكثر من دولة. ويقول: "ان العمل في "فرنسا 98" بدأ فور انتهاء البطولة السابقة "اميركا 94"، وذلك انطلاقاً من الخبرات التي تم اكتسابها على اكثر من صعيد. واللجنة الصحافية انطلقت في ايلول سبتمبر 1994، وحددت مهماتها بترتيب وتسهيل وانجاح التغطية الاعلامية للبطولة. وجرى طرح اسئلة من نوع: كم عدد الصحافيين؟ ما الخدمات المطلوبة؟ كيف نحقق الأفضل لرجال الاعلام؟". ويضيف قائلاً: "شخصياً انا انطلقت من فكرة اساسية هي: لو كنت انا صحافياً مطلوبا منه ان يغطي كأس العالم لكرة القدم، فماذا أريد فعلاً؟". قد تبدو هذه المهمات عادية لكن الامر ليس بهذه البساطة. ذلك ان اللجنة الاعلامية التي يرأسها ليبلان كان يجب ان تلعب دوراً معيناً في ما يتعلق ببناء الملاعب او اعادة تأهيل الموجود منها حتى تكون مناسبة لاستقبال المباريات. ويوضح ليبلان هذا الامر بالقول: "كان علينا ان نعطي الرأي في كيفية انشاء اماكن وجود الصحافيين في الملاعب، ومقرات اقامتهم قريباً منها، والمواصلات من مدينة الى اخرى، وغرف الاتصالات من هواتف وفاكس وكومبيوترات. بل ان مهماتنا وصلت الى حدّ تأمين تأشيرات الدخول الى فرنسا، وخدمات البريد، والحسابات المصرفية …الخ". واليوم، بعد اربع سنوات كاملة، صار المكتب الاعلامي المركزي في باريس جاهزاً لاستقبال كل الاعلاميين من انحاء العالم افتتح رسمياً يوم امس، اما المكاتب الفرعية في المدن التي ستستضيف المباريات فستكون جاهزة كلها قبل ستة ايام من انطلاق البطولة. يقول ليبلان: "نتوقع 13 الف اعلامي، ثلاثة آلاف منهم من الصحافة المكتوبة، و850 مصوراً فوتوغرافياً، و6800 راديو وتلفزيون وفضائيات، و1800 من المنتجين الاذاعيين والتلفزيونيين. مسؤوليتنا نحن ان نقدم لهم كل التسهيلات التي اشرت اليها اعلاه، غير انهم احرار في ترتيب امورهم الاخرى ونحن نقدم لهم اية مساعدة عندما يحتاجون اليها". لكن ماذا عن المشاكل المتوقعة على رغم كل هذه الجهود والاستعدادات؟ يجيب ليبلان ان المشكلة الكبرى التي يتوقعها تكمن في التناقض بين التخطيط المسبق والدقيق الذي كان على اللجنة ان تقوم به وبين حركة الصحافيين والاعلاميين التي يجب ان تكون يوماً بيوم بل ساعة بساعة. ويقول: "نحن نعمل مسبقاً وبمواعيد دقيقة اما هم فيعملون لحظة بلحظة. ومع اقتراب موعد الانطلاق، بدأت تظهر اشكالات صغيرة. ومن الطبيعي ان تكون هناك مشاكل محدودة بوجود 13 الف اعلامي، اذ من الصعب ارضاء كل الناس كل الوقت. ومع ذلك اعتقد بأننا نجحنا وذلك انطلاقاً من مبدأ ان كل صحافي هو فرد ذو خصوصية ومزاج واهتمامات وحاولنا التعامل معه على هذا الاساس. ومع ذلك من الصعب ارضاء الجميع". وعلى رغم هذه الصورة الزاهية، والتي عرفنا من زملاء كثر عرب واجانب انها محقة فعلاً، الا ان الحديث مع ليبلان اخذنا الى موضوع آخر أثار ضجة كبرى وما يزال يتعلق بطريقة بيع البطاقات للجمهور العريض والاحتجاجات التي تناولت اسلوب اللجنة المنظمة الفرنسية في جعلها متاحة لاكبر قطاع ممكن من هواة كرة القدم العالمية. ومع ان زميلنا ليبلان حرص على تأكيد عدم علاقة اللجنة الصحافية ببيع البطاقات، الا انه اراد ايضاح جوانب قد تبدو غامضة في هذه العملية المعقدة التي اوصلت المسألة الى المحكمة الاوروبية وقد تؤدي الى فرض غرامات مالية باهظة على اللجنة الفرنسية المنظمة. يقول ليبلان: "كان على اللجنة المنظمة ان تبيع البطاقات حتى قبل سحب القرعة بين الفرق الواصلة الى النهائيات. عندما انطلقنا في العمل لم يكن عندنا اية اموال، ولذلك بحثنا عن شركات ومؤسسات لرعاية البطولة وفي الوقت نفسه عرضنا البطاقات للبيع حتى نحصل على مردود مالي يمكننا من الانطلاق. والذي حدث اننا بعنا البطاقات مقدماً وفي المدن الفرنسية اولاً، ثم بعنا قسماً آخر الى الاتحادات الدولية التي ستتولى هي بيعها للجمهور المحلي. البطاقات المتوافرة عددها 2.5 مليون بطاقة، والذين يرغبون في الحضور يتجاوز عددهم هذا الرقم بكثير. ولذلك من الصعب ارضاء الجميع. ويضاف الى ذلك ان موقع فرنسا وشهرتها وجاذبيتها السياحية زادت في هذه المعضلة، اذ يزورها سنوياً 65 مليون سائح، وقسم كبير منهم اراد جمع السياحة ومشاهدة المباريات… ولذلك حدثت المشكلة التي أثيرت اخيراً". ولكن هناك من يعتقد بأن اللجنة المنظمة كانت منحازة للفرنسيين على حساب الجنسيات الاخرى؟ لا ينفي ليبلان هذه التهمة بل يؤكد ان بطاقات كثيرة وجهت الى السوق الفرنسية اساساً. لكنه يشير في الوقت نفسه الى بيع اعداد ضخمة الى الخارج سواء مباشرة او عن طريق الاتحادات الدولية. ويوضح هذه المسألة بالقول: "البطاقات العادية بيعت للناس العاديين بمعدل اربع بطاقات في عملية البيع الواحدة. وهناك بطاقات اخرى للشركات عبارة عن منصات خاصة تستوعب بين ستة واثني عشر شخصاً، وهذه لها اسعار خاصة والهدف منها ترويجي لأن الشركات ساهمت في رعاية البطولة. ثم توجد بطاقات خاصة prestige تتضمن المأكولات والمشروبات، وهي الاغلى بين البطاقات وتباع لشركات معينة. وحصلت الشركات السياحية Tour Operators على عدد معين من البطاقات لكن بشرط ان تزودنا بأسماء القادمين حتى نضبط الوضع الامني. واخيراً اعطيت نسبة 20 في المئة من البطاقات للاتحادات الدولية عن طريق الفيفا، وهذه الاتحادات تبيعها في اوطانها حسب القواعد المرعية في الفيفا، وقبل مدة قررنا زيادة هذه النسبة الى 22 في المئة. وهكذا ترى ان الفرنسيين الذين يدفعون الضرائب وساهموا في طريقة غير مباشرة في بناء الملاعب وتوسيعها حصلوا على نسبة عادلة ومشروعة من البطاقات". ومع ذلك يبقى شيء اساسي يقض مضاجع المعنيين من الفرنسيين وغيرهم، الا وهو نشوء سوق سوداء للبطاقات قد تؤدي الى حدوث شغب في الملاعب اذا وقعت في ايدي بعض العناصر المتهورة. يصرّ ليبلان على ان هذا الخطر ضئيل حتى لو حدث بالفعل. ويشير الى انه من الصعب منع السوق السوداء نهائياً، غير ان الترتيبات التي اعدتها اللجنة المنظمة اخذت في الاعتبار هذه الناحية. فالبطاقات المباعة مرقّمة ومعروفة المصدر وتستطيع السلطات الامنية الوصول الى صاحبها الاصلي بسهولة. وفي حال حصول مشاكل فمن السهل وضع اليد على تجّار السوق السوداء ومحاسبتهم. ويضيف: "لا يستطيع احد منع المشاكل بصورة كاملة، غير اننا واثقون من ان الاجراءات التي اعددنا لها كافية لضبط الوضع وتحجيم اية اخطار محتملة". ويتابع قائلاً: "نعرف انه ستحدث مشاكل، لكننا نأمل في ان تكون نادرة ومحدودة. نحن نسعى الى ان تكون هذه البطولة مناسبة ممتعة لجميع هواة كرة القدم سواء الذين سيأتون لمشاهدتها مباشرة او اولئك الذين سيراقبونها على شاشات التلفزيون. كرة القدم لعبة ممتعة حماسية، ونأمل في ان يسعد الجمهور بمباريات حماسية واهداف كثيرة وجميلة. لا اعتقد بأننا وصلنا الى الكمال، ومع ذلك لم نترك للصدفة اي مجال وانما نظمنا كل شيء ورتّبنا الاوضاع الامنية بحيث نقدم للعالم واحدة من ابرز البطولات في التاريخ". ويختم ليبلان حديثه بالقول: "اتمنى ان ينجح الاعلاميون في اداء واجباتهم الصحافية وفي الوقت نفسه التمتع بالمباريات وباجواء فرنسا الساحرة. كان من الممكن ان اكون صحافياً في هذه الفترة واشاركهم حماستهم ومتاعبهم، ومع ذلك قبلت التحدي لأنني اعرف احتياجاتهم ومتطلباتهم. خلال البطولة سأكون موجوداً في معظم المباريات، لكن لن أتفرج على الفرق وهي تلعب بل على الاعلاميين الذين يتفرجون على المباريات للقيام بواجبهم المهني. أما انا فمهمتي هي التأكد من ان كل شيء على ما يرام. المهم بالنسبة اليّ ان يعود الصحافيون الى بلادهم وقد أمضوا وقتاً ممتعاً ونجحوا في أداء واجبهم، وفي مثل هذه الحالة فقط اكون قد اديت واجبي. وحققت المهمة التي أنيطت بي… وجعلنا فرنسا مركزاً للاهتمام العالمي". - عربي على رأس قسم المراسم والبروتوكول لم أكن اتوقع ان أقرأ اسماً عربياً في لائحة كبار المسؤولين في اللجنة الفرنسية المنظمة لبطولة كأس العالم في كرة القدم "فرنسا 98"، ومع ذلك فان اسم سمير سليمان كان هناك على رأس قسم مهمات المراسم والبروتوكول في اللجنة، وهو القسم الذي يتولى استقبال جميع الوفود الرسمية وقادة الدول من ملوك ورؤساء حكومات وامراء ووزراء وغيرهم من المدعويين الرسميين الى كأس العالم لكرة القدم. وسرعان ما كشف الاتصال الهاتفي به عن لهجة دمشقية أليفة، فالسيد سمير سليمان سوري من دمشق وعلى رغم سنوات العشرين في فرنسا فإن حسّ الضيافة العربية ما زال بارزاً وقد اضافت اليه اللياقات الفرنسية المزيد من المميزات. عرفنا منه انه كان لاعب كرة قدم على مستوى المنتخب في سورية، ومثّل بلاده في دورات عدة اهمها في موسكو في العام 1980. انتقل الى فرنسا في مطلع الثمانينات لمتابعة تحصيله العلمي، وفي الوقت نفسه لعب مع فريق سانت ايتيان الفرنسي لثلاثة مواسم. درس العلوم السياسية في باريس، وانجز شهادة الدكتوراه في مدرسة الادارة الوطنية ENA التي تخرّج الكوادر الادارية والديبلوماسية الفرنسية. عمل في مجال العلاقات الدولية التابع لمدينة باريس عندما كان جاك شيراك رئيساً لبلدية العاصمة الفرنسية. وهو يتولى الآن قسم مهمات المراسم والبروتوكول في كأس العالم، على ان يعود لمهماته الاساسية بعد انتهاء هذا العرس الكروي.