متى استيقظ النخل قبل الحروب ومتى جاءني النهرُ يحملُ قتلاه مختلطينْ بالطحالبِ والطينْ ورائحة السمك المتسممِ عند الضفافْ* لماذا أرى في المساء النساء على ضفة النهر مجتمعات يحدقن في الموج يحملنَ آساً وأوراق سدرٍ* ومنتظراتْ ومنتصباتْ كجمع تماثيل سوداءَ، هذي بلادي وههم أهلي وليس لديّ سوى حكمةٍ وسؤال أخير: لماذا بقيتُ وحيداً متى نام أهلي قبيل الحروبْ ومتى استيقظوا في الدويْ ومن قال إن القيامة قامتْ وان الحياة استمرتْ وان النذالة قامتْ كروحٍ تطوّفُ بين النيامْ متى نهض الليلُ من نومه ومتى هبط الضوء في ملكوت الظلامْ في الطريق إلى الأبدية صادفتُ تلك البلاد وتشردت بحثاً عن الأرض في الأرضِ، أو نخلة في الطريق إلى بيت أهلي فجاءت بها الريح مقطوعة والبلاد مهدمة مثل ذاكرة الميتْ كل الذي تركته الحروب سياج من الآس أو شجر الليف تعلو عليه الزهور* الزهور التي تعكس الشمس في لونها الحزنَ والصمتَ، تلك المشاهدُ قاومت الحربَ، واختبأت في رفوف الطفولة في الطريق الطويل، الطويل إلى البيت قبرة في الرمالِ سنونو على شرفة في الطفولة أفعى على حائط* وهلالٌ على قبةٍ ومأذنة في انعطاف الطريق إلى آخر السوقِ شوكٌ يغطي رصيفَ المحطة والعربات محملة باللزوجة والدم المتيبّس والحشراتْ والمحطة ساعتها دون وقت كأن الزمان تجمد والأرض ساكنه والمدينة من نُصب حجرية ولا صوت فيها ولا أحداً يتنفسُ والريحُ تكنسُ بعضَ القمامة من علب بشرية صوت نائحة مفرد من مكان بعيد يتردد بين التماثيل تصحبه جوقة الريح والعلب البشرية والأرض تفرز ما يشبه القيح لوناً ورائحة والقوارض تطلع من فوهة وشقوق تملأ الرحبات الصغيرة بين التماثيل، أين الرقى والتعاويذ والملائكة الموكلون طرد الذنوبْ وأين الطريق إلى بلدٍ انهكته الحروبْ * تركيب منحوت من كلمتي سومر وبابل يشير إلى المدينةالعراقية وربما يشير إلى بغداد في ذهني. من عادة بعض الصيادين استخدام نوع من المواد الكيماوية لصيد كميات السمك التي تطفو على الماء نصف مخدرة. * أوراق السدر ترتبط بالموت وغسل الجثمان. * تستخدم نباتات الآس والليف كأسيجة لمعظم البيوت والحدائق في العراق. * غالباً ما كانت الأفاعي تجري على جدران البيوت، خصوصاً الطينية في العراق، وواضح ان الحديث عن الطفولة وما تبقى منها.