شكا الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من مماطلة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بخصوص تنفيذ اعادة الانتشار في الضفة الغربية، وأبلغ الرئيس حسني مبارك في القاهرة انه لم يحسم أمره بعد من التوجه الى اجتماعات واشنطن المقبلة وان القرار الفلسطيني رهن بقبول نتانياهو للمبادرة الاميركية التي تمحورت حولها محادثات لندن. وبدا عرفات متشائماً وقلقاً لعدم احراز تقدم ملموس على المسار الفلسطيني، كما بدت عليه علامات الارهاق الشديد. وقال أحد المرافقين لعرفات "كان الله في عونه فالمفاوضات كانت شاقة ومضنية وأزيز الطائرة لم ينقطع عن الآذان من كثرة الأسفار". وعقد الرئيس مبارك وعرفات جلستي محادثات احداهما ثنائية والثانية موسعة بمشاركة وفدي مصر وفلسطين في اعقاب محادثات اجراها عرفات ووزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى في فندق "ميرديان هليوبوليس" في ضاحية مصر الجديدة وتم خلال الجلستين تقويم نتائج محادثات لندن وبحث السيناريوهات الاميركية لتحريك المسار الفلسطيني في ضوء الموقف الاسرائيلي. وحضر المحادثات من الجانب المصري رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري ووزير الخارجية المصري ومن الجانب الفلسطيني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس أبو مازن والمستشار نبيل أبو ردينة. وقال موسى ان اللقاء تناول اجتماعات لندن والوضع الراهن والمتوقع في المستقبل القريب والاتصالات والتحركات المقبلة، مشيراً الى ان الرئيس الفلسطيني شرح ما جرى في اجتماعات لندن، مؤكداً ان الحكومة الاسرائيلية لم تقبل بالمبادرة الاميركية. المبادرة الاميركية وتناول موسى الخطوط الرئيسية للمبادرة الاميركية، وقال انها تتضمن انسحاباً اسرائيلياً من أكثر من 13 في المئة من الأراضي الفلسطينية وفقاً لجدول زمني محدد مع التوقف عن سياسة الاستيطان والالتزام بالمرحلة الثالثة لإعادة الانتشار في الضفة الغربية، موضحاً ان الجانب الفلسطيني قبل بهذه المبادرة وان الاسرائيليين لم يقبلوها. ورفض موسى تقويم محادثات لندن، وقال انها "انتهت سواء نجحت أم فشلت وتعد مرحلة سابقة". وزاد: "المهم الوضع الذي نواجهه حالياً"، مشيراً الى ان أي تقدم رهن بقبول رئيس الحكومة الاسرائيلية بالمبادرة الاميركية بكل تفاصيلها. واضاف: "هناك فرصة متاحة خلال الايام المقبلة يمكن ان يتغير خلالها موقف الحكومة الاسرائيلية من المبادرة الاميركية وأي حديث عن حل وسط جديد امر مرفوض". وقال: "اكثر من ذلك لا يمكن تقديمه، فالمبادرة الاميركية تمثل حلاً وسطاً". ومن جانبه قال ابو ردينة لپ"الحياة" ان الافكار الاميركية التي بحثت في لندن هي "صفقة متكاملة تتضمن إعادة الانتشار وتمس أموراً أخرى من بينها المعتقلون الفلسطينيون والممر الآمن وغيرها من القضايا العالقة". واضاف ان الفلسطينيين لم يتخذوا قرار المشاركة في اجتماعات واشنطن في الاسبوع المقبل، مشيرا الى ان تلبية الفلسطينيين لدعوة وزيرة الخارجية الاميركية رهن بقبول اسرائيل للمبادرة الاميركية التي نوقشت في لندن. ووصف طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي اجراء محادثات المنسق الاميركي دنيس روس في اسرائيل قبيل محادثات واشنطن بأنها "تمثيلية اسرائيلية يستهدف نتانياهو من ورائها إضاعة الوقت والمراوغة". واشار الى ان اعلان الادارة الاميركية انها لن تمارس ضغوطاً على اسرائيل يهدف الى تحاشي واشنطن الدخول في مواجهات مع جماعات الضغط اليهودية في الكونغرس ومجلس الشيوخ. لكنه اكد ان واشنطن بمقدورها حض اسرائيل على قبول افكارها. وقال: "واشنطن تملك ما يكفي من الوسائل لإرغام اسرائيل على ذلك". ورفض المتحدث الفلسطيني وصف محادثات لندن بالفشل، وقال انها يمكن ان تحقق تقدماً. وكرر مقولته ان ما تم بحثه في لندن يمثل "صفقة" مختلفة الجوانب. وعما اذا كان الفلسطينيون سيحددون طلبهم لعقد قمة عربية لبحث ما يمكن اتخاذه في مواجهة التعنت الاسرائيلي فضّل ابور ردينة الانتظار واعطاء الجهود الاميركية مداها الزمني كاملاً قبل الدعوة لعقد هذه القمة، مشيرا الى ان القمة واردة لاتخاذ موقف عربي يرد على التعنت الاسرائيلي. في غضون ذلك، اتهمت الجامعة العربية الادارة الاميركية بالتخلي عن دورها كراعٍ امين ونزيه في عملية السلام. وتهكم الامين العام للجامعة العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد، في تصريح الى "الحياة"، على رفض واشنطن ممارسة ضغوط على اسرائيل او حتى توجيه انذار لها. وقال: "يجب على الادارة الاميركية في هذه المرحلة الحساسة ان تمتنع عن تدليل اسرائيل وان تعمل على تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين الجانبين". واضاف الامين العام المساعد للشؤون السياسية السفير محمد زكريا اسماعيل ان الادارة الاميركية بمواقفها الاخيرة تخلت عن دورها في عملية السلام وتترك لإسرائيل الفرصة للاستمرار في الاستيطان وإغلاق المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية وممارسة ابشع انتهاكات حقوق الانسان ضد الفلسطينيين. واشار الى ان الجامعة تتابع المفاوضات الدائرة على المسار الفلسطيني ولم يستبعد الدعوة لاجتماعات عربية على أعلى المستويات في حال فشل هذه المفاوضات.