بينما تنشغل الصحافة المراقبة لصناعة السيارات بموافقة مجموعة فيكرز على بيع ماركة رولز رويس الى مجموعة بي إم ف، إذا بمجموعة ديملر-بنز تؤكّد أمس أخبار تفاوضها مع مجموعة كرايسلر الأميركية حول "إحتمال دمج أعمال الشركتين" لتأسيس شركة يملكها المساهمون في الشركتَين الحاليتين. وفي بيان أصدرته ديملر-بنز أمس، أكّدت المجموعة الألمانية أنها وكرايسلر كوربورايشن لم تتوصلا بعد الى إتفاق نهائي في هذا الشأن، وأن أي إتفاق يبقى رهناً بموافقة مجلسَي إدارة الشركتين، بين عوامل أخرى منها موافقة المساهمين وبينهم "دويتشه بنك" والحكومة الكويتية، أهم المساهمين في المجموعة الألمانية بپ22 في المئة و13 في المئة على التوالي. ويعود بيان الشركة الألمانية الى تقرير نشر أمس في الطبعة الأوروبية من صحيفة "وول ستريت جورنال"، ومفاده إمكان حصول أهم إندماج تشهده صناعة السيارات حتى اليوم، بين ديملر-بنز وكرايسلر. وذكر تقرير الصحيفة الأميركية أن المحادثات بين الشركتين ليست جديدة، بل مرت حتى في نكسات، قبل بلوغها المرحلة المتقدمة التي قد تسفر في نهاية الأمر عن شراء ديملر- بنز للشركة الأميركية لقاء نحو 35 بليون دولار أميركي، أي بما يزيد بنحو ثمانية بلايين دولار عن قيمة أسهم كرايسلر. وفي إنتظار نتائج إجتماعَي مجلسَي إدارة الشركتين كرايسلر أمس وديملر-بنز لاحقاً خلال الأسبوع الجاري، ترتدي أنباء الإندماج أهمية كبيرة لا لضخامة اللاعبَين المعنيين فحسب، بل للإتجاه الذي ينتهي فيه الصانع الأميركي الثالث للسيارات في جعبة مجموعة أوروبية وليس العكس لجنرال موتورز وفورد حضور قوي في أوروبا، وفي ظل تقدّم مفهوم "الولاياتالمتحدة الأوروبية" بين أهم اللاعبين الأوروبيين سياسياً وإقتصادياً ومالياً. وإن لم تؤدِ الخطوة المحتملة الى "خربطة" المراكز الأولى في صناعة السيارات التي تتصدرها عالمياً جنرال موتورز أمام فورد وتويوتا ومجموعة فولكسفاغن، فهي تهدد بإعادة رسمها في وقت لاحق نظراً الى تكامل منتوجات ماركات المجموعتين تسويقياً وجغرافياً. فتسويقياً، تتكامل ماركات المجموعتين بتوجه مرسيدس-بنز الى الشرائح النخبوية في كل من القطاعات المتزايدة التي تتوجه إليها سياراتها، بينما يمكن لماركات كرايسلر كرايسلر وبليموث ودودج وإيغل وجيب أن تلعب الدور الشعبي في المعادلة، كالدور الذي تلعبه مثلاً فورد في المجموعة التي تملك أيضاً لنكولن وجاغوار، أو الذي تلعبه أوبل وشيفروليه في حظيرة جنرال موتورز التي تملك أيضاً كاديلاك وساب مثلاً. أما جغرافياً فيأتي التكامل بحصول كرايسلر على التوسّع الأوروبي الذي لا تزال تحسد عليه كلاً من جنرال موتورز الصانع الثاني في أوروبا بعد مجموعة فولكسفاغن وفورد في القارة العجوز، بينما يمكن لشبكة كرايسلر الأميركية رد الجميل الى الماركة الألمانية في العالم الجديد. تبرز اليوم قوة الصناعة الألمانية وتشعّبها، إن في عزم بي إم ف مالكة روفر ولاند روفر منذ 1994 على شراء رولز رويس لقاء 567 مليون دولار أميركي شرط موافقة مساهمي فيكرز مطلع الشهر المقبل، أو في نية فولكسفاغن المزايدة بنحو خمسين في المئة إضافية لإنتزاع الماركة الإنكليزية، بينما تذكر أخبار أخرى أنه في حال فشل فولكسفاغن في مسعاها مع فيكرز، فهي قد تشتري لامبورغيني من المجموعة الإندونيسية إشترتها الأخيرة من كرايسلر التي إمتلكتها بين 1987 و1994 لمنح الماركة الإيطالية موديلاً جديداً مبنياً على قاعدة آودي "آي 8" الفخمة العليا. وللمقارنة، توظّف ديملر-بنز نحو 300 ألف موظف في العالم، في مقابل 121 ألفاً لدى كرايسلر، كما بلغت عائدات الأولى نحو 70 بليون دولار العام الماضي، في مقابل نحو 61 بليون دولار لدى الثانية. وتتوزع أسهم ديملر-بنز المدرجة في بورصة نيويورك منذ 1993، بنسبة 63 في المئة في ألمانيا، و36 في المئة من الخارج من الأخيرة 13 في المئة للكويت و10 في المئة للولايات المتحدة. وإذا كانت أخبار صناعة السيارات غنية بالإندماجات أو الإستيعاب، ففي ذاكرتها أيضاً أيضاً قصص أخرى منها إنتقال ألفا روميو فجأة من فم فورد التي كانت على وشك شرائها، الى يد فيات في 1986، وطلاق فولفو ورينو... أوائل التسعينات!