الاستحقاقات السياسية التي تنتظر لبنان، على صعيد الانتخابات البلدية التي تبدأ في الرابع والعشرين من ايار مايو الجاري والانتخابات الرئاسية التي تجرى نهاية الصيف المقبل حوّلت عطلة الاقفال في ذكرى شهداء الاستعمار العثماني، وذكرى العاشر من محرم التي تحتفل بها الطائفة الشيعية، مناسبات سياسية كشفت المواجهة بين القوى المختلفة على هذه الاستحقاقات. رئيس الحكومة رفيق الحريري أقام مهرجاناً سياسياً جماهيرياً في ساحة الشهداء في بيروت اعتبر عرض قوة، شدد خلاله على التوافق في النظام السياسي والانتخابات البلدية، فيما كثف الجيش اللبناني تدابيره الأمنية في الجنوب والبقاع، بسبب التوترات والاشكالات التي حصلت اخيراً بين مناصري حركة "أمل" التي يترأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري و"حزب الله" بفعل ترافق ذكرى عاشوراء مع التحضيرات للانتخابات البلدية التي لا تخلو من مواجهة سياسية بين الفريقين في مناطق نفوذهما. راجع ص 2 وعزز الجيش اللبناني انتشاره في مدينتي النبطية الجنوبية وبعلبك البقاعية منذ ليل أول من أمس. وذكرت وكالة "فرانس برس" ان تعزيز الانتشار العسكري في بعلبك جاء عقب توزيع بيان باسم الشيخ صبحي الطفيلي قائد ثورة الجياع الملاحق قضائياً، يدعو الى المشاركة في احتفال ديني أقيم امس في الذكرى. وأفادت ان وحدات من الجيش معززة بنحو 50 آلية انتشرت في شوارع بعلبك وقرب مكاتب "حزب الله" ومنازل مسؤوليه. وفي النبطية انتشرت عناصر الجيش وقوى الامن الداخلي في شوارع المدينة الرئيسية والفرعية. واستدعت التوترات بين "امل" و"حزب الله" اطلاق نائب رئىس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبدالامير قبلان الدعوة الى استلهام ذكرى عاشوراء والعمل بروحيتها "لاننا امام استحقاقات داهمة ولا يجوز ان نستمر في لعبة التحديات". وطالب بالافساح في المجال أمام الشعب اللبناني لممارسة دوره في اختيار الوسيلة التي تتلاءم مع استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية والتعبير عن الآراء تعبيراً صادقاً يؤدي الى ايصال اصحاب الخبرة والكفاية لتأدية واجبهم في خدمة قضايا الناس بنزاهة وأمانة، متحررين من أي ارتهان لهذا او ذلك وغير خاضعين لمزاجية اصحاب النفوذ والسلطان". وكانت مجالس العزاء التي أقيمت في عاشوراء شهدت صدامات في طاريا بعلبك بين "حزب الله" وأنصار الطفيلي وأخرى في برج البراجنة الضاحية الجنوبية بين الحزب و"أمل". ونفى بري امس حصول اتصالات من اجل توافق مع الحزب في الانتخابات البلدية في حديث أمام زواره في الجنوب اللبناني، وقال ان "الترويكا" أي صيغة لقاءات رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة "انتهت الى غير رجعة". وعن قول رئيس الجمهورية الياس الهراوي ان النظام أفعى بثلاثة رؤوس أجاب "لطالما كانت هناك أفعى، تارة برأسين، وطوراً برأس واحد، واحياناً بثلاثة رؤوس، فكلها أفاعٍ وعلى كل حال فلربما كان قتل الافعى المثلثة الرؤوس أسهل من غيرها". أما مهرجان الحريري في ذكرى الشهداء فتحوّل مناسبة سياسية بدا واضحاً ان اهدافها تتعدّى الانتخابات البلدية الى الانتخابات الرئاسية والعهد المقبل، اذ أعلن فيه الحريري برنامجاً من ست عشرة نقطة تناولت عملية السلام وتحرير الجنوب وعلاقات لبنان الخارجية مروراً بالمعالجات الاقتصادية والاجتماعية والادارية. لكنه دعا الى "العمل بصبر ووعي كي لا يبقى أحد خارج التوافق الوطني أو خارج الاجماع"، مشدداً على "أهمية التوافق كأساس للنظام الديموقراطي في لبنان في كل الاحوال وتحت كل الظروف". ونفى ان يكون الهدف من التوافق في الانتخابات البلدية "المحاصصة من فوق رؤوس المواطنين". وحشدت الماكينة الانتخابية للحريري جموعاً من المناطق كافة فتجمع نحو 20 ألفاً جلوساً على الكراسي وبقي الكثيرون واقفين حمل بعضهم صور رئيس الحكومة واللافتات المؤيدة له.