اتهم النائب العام في السلطة الفلسطينية فايز ابو رحمة الذي قبل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات استقالته الاسبوع الماضي اجهزة الامن الفلسطينية بافراغ منصب النائب العام من محتواه وقال "ان موقع النائب العام الفلسطيني يساوي صفرا" مضيفا ان "الممارسات الخاطئة في تنفيذ القانون التي مورست عند اقامة السلطة الفلسطينية لا زالت مستمرة". وقال ابو رحمة في حديث الى "الحياة" امس ان اجهزة الامن انتقصت شيئا فشيئا من صلاحياته وخالفت التعليمات التي اصدرها بشأن التزام الاجراءات القانونية في عملية اعتقال مشتبهين واحتجازهم للمدة التي يسمح بها القانون وضمان حقهم في التقاء محاميهم على رغم ان النائب العام يعتبر السلطة العليا في هذا المجال. واوضح ابو رحمة الذي عين في تموز يوليو من العام الماضي بعد ان اقيل النائب العام السابق خالد القدرة لتورط الجهاز الذي يرأسه في قضايا فساد انه التزم عند تسلمه منصبه بمراجعة ملفات عشرات المعتقلين من دون محاكمة في سجون السلطة الفلسطينية. واضاف "عندما راجعت ملف احد عشر معتقلا ينتمون الى حماس وجدت ان البينات لا تكفي لاعتقالهم وحتى لو كانت تكفي فان العقوبة التي يستحقونها لا تتعدى سنة سجن ومع ذلك فهم معتقلون منذ العام 1995 من دون ان يقدموا الى محاكمة ولذلك قررت الافراج عنهم ولكني فوجئت باعادة اعتقالهم من قبل اجهزة الامن بعد ساعات من وصولهم الى منازلهم". ويقول النائب العام المستقيل: "هناك خلل ناتج عن ضعف الرقابة وعدم احترام القوانين وبالتالي هناك استهتار بكافة الانظمة"، مشيرا الى انه نادى عند تسلمه منصبه بان يكون النائب العام مسؤولا وحده عن توقيع امر اي اعتقال كما هو الحال في كل الانظمة، وهو ما كان معمولا به ايضا عندما كان ابو رحمة يشغل منصب النائب العام في عهد الحكم المصري لغزة، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث. واضاف "هناك خمس دوائر امنية هي الامن العام والامن الوقائي وقوات ال17 والمباحث والاستخبارات التي لها حق التوقيف من دون اعلام النائب العام او الحصول على توقيعه". وصاغ ابو رحمة مثالا آخر على تعدي اجهزة الامن على صلاحياته هو انه عندما سمح لمحامين يمثلون اثنين من قادة "حماس" في غزة، هما عبدالعزيز الرنتيسي وابراهيم المقادمة اللذان اعتقلا على اثر الحرب الاعلامية بين السلطة و"حماس" بعد مقتل محي الدين الشريف بزيارتهما في سجنهما في غزة، وفوجئ كما فوجئ المحامون برفض الشرطة تنفيذ امر النائب العام. وقال ابو رحمة "اذا كان لا يسمح للنائب العام بممارسة جزء كبير من الصلاحيات المنوطة به فان موقعه اصبح يساوي صفرا ولا حول له ولا قوة". واعترف النائب العام المستقيل انه لم يبلغ بأمر اعتقال من تشتبه السلطة الفلسطينية بقتلهما محي الدين الشريف وهما غسان العداسي وعماد عوض الله اللذان ما زالت اجهزة الامن الفلسطينية ترفض السماح لهما بلقاء محاميهم. وقال "لم يطلب مني احد ان امارس اي دور في هذا الموضوع، فهذه القضية شأنها شأن قضايا اخرى يفترض ان تمر على النائب العام ولكنها لم تمر وبالتالي ليست لدي اي معلومات استطيع من خلالها ان ابني موقفا". وردا على اتهامات اوساط "حماس" بان اجهزة الامن تمارس التعذيب في سجون السلطة الفلسطينية قال ابو رحمة: "ما يجري في السجون لا يتم بعلمنا ولا بارادتنا او بترخيص منا ولذا لا نستطيع ان نقول اننا نعلم بما يجري وانما فقط نسمع به. وبما ان اجهزة الامن لا تستجيب لطلبنا الحصول على معلومات عما يجري في داخل السجون فقد توقفنا عن الطلب". وعلق وزير العدل في السلطة الفلسطينية فريح ابو مدين على قرار النائب العام الاستقالة من منصبه او استجابته لنصائح قدمت اليه بالاستقالة قائلا "ان النائب العام مريض ولا يستطيع ان يقوم بمهامه". ولكن مصادر حقوقية مستقلة في غزة اعتبرت استقالة او "اقالة" النائب العام امرا خطيرا، خصوصا انها تتبع اقصاء قاضي القضاة قصي العبادلة عن منصبه قبل عدة اشهر من دون تعيين آخر في منصبه. وقالت المصادر ان "هناك حالة قلق شديد في الاوساط القانونية اذ ان النائب العام يعتبر القيم على القضية العامة وتنفيذ القانون"، وتساءلت: "اذا كان هو لا يملك صلاحيات في وضعنا الفلسطيني هذا فمن الذي يملكها اذن؟". واستبعدت المصادر ذاتها ان تكون مسائل صحية وراء تنحيته، مشيرة الى انه "لم يطرأ اي تغيير على وضعه الصحي منذ تعيينه قبل اقل من عام". ولكنها اعترفت ان "الاشكالات السياسية مع الاسرائيليين هي التي دفعت الاجهزة الامنية الى ان تقضم صلاحيات النائب العام حتى اصبح بلا صلاحيات خصوصا في ما يتعلق بمعتقلي "حماس" الذين يشكلون غالبية المعتقلين في السجون الفلسطينية. وعلمت "الحياة" من مصادر موثوقة في غزة ان جهود السلطة الفلسطينية في تعيين نائب عام جديد لم تنجح حتى الآن بسبب تحفظ العديد من المرشحين عن قبول المنصب. وقال احد هؤلاء "من منا يقبل ان يكون نائبا عاما ويقوم في نفس الوقت يقوم مقام موظف لدى احد رؤساء الاجهزة الامنية".