في رسالة السيد أحمد مراد عدد "الحياة" 12836 في 26/4/1998 يقول: "... عبدالناصر لم يكن مستبداً في شعبه كصدام حسين"، وهي حقيقة لا أظن أحداً يستطيع مخالفتها. لكنه حين يستطرد إلى ذكر مناقب عبدالناصر لا يجد سوى العمل من أجل الفقراء والقضاء على مجتمع النصف في المئة وخروج مئات الآلاف لاستقبال عبدالناصر اثناء الوحدة، وخروج الملايين يطالبون عبدالناصر بالعدول عن الاستقالة. لم يذكر السيد أحمد مراد انجازاً واحداً ملموساً حققه عبدالناصر ونفع به الأمة العربية. وهذا نمط آخر من أنماط وعينا العربي حين نُقيّم الأمور بالعواطف من دون أي اعتبار لحساب النتائج الحقيقية للقرارات والسياسات التي ينتهجها زعيم ما. بواقعية بعيدة عن العاطفة وبايجاز شديد أورد أدناه الخطوط العريضة لسيرة عبدالناصر: 1- كان عبدالناصر ضابطاً عمره 34 سنة محدود الاطلاع والخبرة عندما استلم مقدرات مصر. 2- كان هدف عبدالناصر من زيادة الحد الأدنى للأجر اليومي هدفاً نبيلاً، لكنه وبسبب إنعدام خبرته ونفاق مستشاريه لم يحسب ان مضاعفة أجور الناس سوف تشجع على الهجرة من الريف إلى المدن، الأمر الذي ما تزال تعاني منه مصر اليوم. 3- عندما قرر عبدالناصر سنة 1956 اعلان تأميم القناة كمكسب جماهيري في خطاب شعبي تترنم به الأمة العربية إلى الآن، كانت المدة القانونية المتبقية في عقد شركة قناة السويس 13 عاماً فقط. أفما كان الأجدر أن يفاوض الشركة لأجل تخفيض المدة المتبقية إلى سنتين مثلاً، فيصل معهم إلى حل وسط خمس سنوات مثلاً قد تكون فيه مصلحة لمصر أفضل من مأساة العدوان الثلاثي؟ 4- كانت نتائج التأميم والاصلاح الزراعي كارثية على الاقتصاد في كل من مصر وسورية. 5- لم يسمح عبدالناصر بالتعددية في مصر وقيد حرية التعبير. 6- لماذا دخل عبدالناصر حرب اليمن، وماذا حقق فيها؟ 7- كيف يحلل السيد أحمد مراد ملابسات حرب 1967 وطرد خبراء الأممالمتحدة واغلاق المضائق وتهييج الشارع العربي؟ 8- تشكل من موظفي وأجهزة الدولة المصرية في عهد عبدالناصر مجتمع جديد من "النصف في المئة" فهل ينتقده السيد أحمد مراد أم ان العاطفة، كالعادة، تفرق بين هؤلاء وأولئك؟