واصلت الشرطة الفرنسية أمس التحقيق مع الموقوفين الاسلاميين الذين اعتقلوا في إطار حملة الدهم الواسعة التي شهدتها خمس دول اوروبية الثلثاء استعداداً لنهائيات كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها فرنسا بدءاً من العاشر من حزيران يونيو المقبل. وأكد مصدر فرنسي مطلع ان الاعتقالات التي جرت استهدفت خصوصاً مؤيدين أو أعضاء في شبكة تتبع حسان حطاب ابو حمزة الذي يقود جماعة تتنافس على قيادة "الجماعة الاسلامية المسلحة" الجزائرية. وقالت مصادر مطلعة ان فرنسا كانت لا تزال تعتقل حتى ظهر أمس 21 شخصاً من الاسلاميين المشتبه فيهم. وأفرجت الشرطة أول من أمس عن ثلاثة، علماً ان اجمالي عدد المعتقلين في إطار الحملة في المدن الفرنسية بلغ 53 شخصاً، إضافة الى رقم مماثل تقريباً للمعتقلين في بقية الدول الاوروبية التي شملتها الحملة وهي بلجيكا وسويسرا وبلجيكا وايطاليا. وأكد مصدر فرنسي مطّلع ل "الحياة" أن الاعتقالات التي استهدفت الأوساط الإسلامية في فرنسا مرتبطة تحديداً بشبكة يحرّكها حطّاب الذي يرأس ما يُعرف ب "المنطقة الثانية" في "الجماعة". وأضاف ان حطاب إنشق عن "أمير الجماعة الإسلامية" عنتر الزوابري، وانه يحاول حالياً استخدام أعضاء الشبكات التي كانت تعمل مع الأخير في المدن الأوروبية المختلفة. وتابع ان إثنين من أهم أفراد "الشبكة اللوجستية" القريبة من حطاب، وهما عادل مخاط وعمر سيقي، يقيمان في مكنهايم في المانيا، وانهما اوقفا بطلب من قاضي التحقيق الفرنسي المكلف ملفات الارهاب جان لوي بروغيير. وقال المصدر إن السلطات القضائية الفرنسية تملك "معلومات" عن وجود إرتباط بين بعض الموقوفين الاسلاميين في الحملة الحالية والشبكة التي نفذت او دعمت منفذي التفجيرات في فرنسا في صيف 1995 والذين سيحاكم بعضهم في فرنسا في الخريف المقبل، ومن بينهم الاسلامي شلبي. وأضاف ان السلطات الفرنسية تشتبه في ان بعض الموقوفين في حملة الثلثاء ربما كان يعد لعمليات ارهابية خلال مباريات كأس العالم في فرنسا. وأشار الى ان السلطات القضائية الاوروبية تتعاون في شكل كبير مع الفرنسيين للتصدّي لتحرّكات الشبكات المتطرفة المرتبطة بحطّاب، لافتاً الى الاعتقالات التي تمت في إيطاليا وبريطانيا والمانياوبلجيكا وسويسرا في الايام الماضية. كذلك أشار الى تعاون السلطات البلجيكية في اعتقال "مسؤول مهم" في الشبكات الاسلامية يدعى فريد ملوك في بروكسيل في 26 آذار مارس الماضي. ودانت محكمة فرنسية في شباط فبراير الماضي ملوك بالتورط في قضية التفجيرات التي شهدتها فرنسا في 1995. وقال المصدر ان الشرطة الفرنسية عثرت في منزل أحد المعتقلين الاسلاميين على مبلغ 600 ألف فرنك فرنسي، وانها تُرجّح ان يكون المبلغ جُمع من أوساط المتطرفين المؤيدين للجماعات الاسلامية. وتابع ان فرنسا وأوروبا يقظتان جداً حيال مراقبة تحركات الجماعات المتطرفة عشية بدء مباريات كأس العالم التي تبدأ في 10 حزيران يونيو وتنتهي فى 12 تموز يوليو. وقال ان فرنسا رصدت أكثر من مئة مليون فرنك لأمن الملاعب العشرة التي ستجري فيها المباريات. وشدد المصدر على أن الاعتقالات التي قامت بها الشرطة القضائية الفرنسية "مبنية على معلومات توصلت إليها التحقيقات الفرنسية والمخابرات الفرنسية وليس لها علاقة بمعلومات المخابرات الجزائرية. إنها عملية فرنسية بحت". وأصرّ على القول أن السلطات الفرنسية "حريصة على عدم الخلط بين الاوساط المتطرفة والجالية المسلمة الفرنسية الكبرى التي تعيش في احترام كأي جالية أخرى في فرنسا". الى ذلك أ ف ب، أعلن مصدر في الشرطة الفرنسية ان مسؤولاً في مسجد باريس نقل الى المستشفى مساء الخميس لمعالجته من جروح أصيب بها بعدما حاول شخص الاعتداء عليه بداعي السرقة. وتعرض هذا المسؤول الذي لم تُكشف هويته، لاعتداء في مرآب تحت الارض جنوب العاصمة الفرنسية مساء الخميس على يد مجهول حاول سرقة محفظته. وانهال عليه المعتدي بالضرب بقوة ونجح في الفرار. ونقل المسؤول الى المستشفى. بلجيكا وفي بروكسيل أفادت مصادر قضائية في بروكسيل أمس الجمعة ان الاشخاص الذين احتجزوا خلال مداهمات الشرطة في الاوساط الاسلامية في بلجيكا الثلثاء، اطلقوا بعد بضع ساعات من ايقافهم. واعتقلت الشرطة عشرة اشخاص الثلثاء في 14 عملية تفتيش واسعة النطاق في الاوساط الاسلامية. وجرت العملية البلجيكية بأمر من قاضي التحقيق كريستيان دي فالكينار المكلف ملف الجماعات الاسلامية المسلحة الجزائرية. ولم يعثر خلال عمليات التفتيش في بروكسيل وشارلروا على أي متفجرات أو اسلحة. لكن قوات الامن احتجزت اجهزت الكترونية ووثائق. من جهة اخرى رجح الناطق باسم محكمة بروكسيل ان المتفجرات التي اكتشفت ليل الخميس - الجمعة ليس لها علاقة بقضية الاعتقالات في صفوف الاسلاميين. وعلم من مصادر امنية ان الدرك البلجيكي عثر على علبة تحتوي خمسة كيلوغرامات من متفجرات "تي.ان.تي" وقنبلة يدوية وصاروخاً وأربعين صاعقاً تحت جسر في بلدة اوديرغم. وفي كولونيا ا ف ب، اعلن ناطق باسم محكمة كولونيا غرب امس الجمعة ان الجزائريين الاثنين اللذين اوقفا الثلثاء في عملية الدهم وضعا رهن الحبس الموقت في انتظار بت أمر ابعادهما. واوضح ان عادل مشاط 27 سنة وعمر سايكي 29 سنة مثلا الاربعاء امام القاضي الالماني المكلف قضيتهما. ولدى فرنسا فترة 40 يوما لتقدم للسلطات القضائية الالمانية ملفاً كاملاً تبرر فيه طلبها طرد الجزائريين وتسليمها اياهما. واضاف انه يجب الانتظار "ستة اسابيع على الاقل" وربما بضعة اشهر قبل تطبيق قرار تسليمهما الى فرنسا.