غادر وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل طهران امس في نهاية زيارة استمرت يومين، وبعدما وقع ونظيره الايراني كمال خرازي اتفاق تعاون اعتبره رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في ايران الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني "بداية لتنمية العلاقات" بين البلدين. وقال رفسنجاني لپ"الحياة": "نأمل بأن يتطور التعاون في كل المجالات على قاعدة الثقة"، فيما اكد وزير الخارجية السعودي لپ"الحياة" وجود "رغبة صادقة في بناء علاقات متميزة" مع ايران. واعتبر الجانبان ان التقدم الملموس في العلاقات الثنائية ستكون له "انعكاسات ايجابية على الوضع الاقليمي" في الخليج، وسيساهم في تعزيز العلاقات بين ايران ودول مجلس التعاون. وعلمت "الحياة" من مصادر ديبلوماسية مطلعة ان الجانبين كانا اتفقا على صدور بيان صحافي في ختام زيارة الأمير سعود الفيصل لطهران، لكن "خلافاً على بعض نقاط البيان ادى الى عدم صدوره". وأوضحت المصادر ان من أهم النقاط التي اختلف عليها الجانبان ادانة التفجيرات النووية الهندية والوقوف الى جانب باكستان، الأمر الذي طالبت السعودية بادراجه في البيان، لكن الجانب الايراني لم يكن حريصاً على ادراج هذه النقطة. وأكد الجانبان ان العلاقات بينهما باتت "متينة ووثيقة قائمة على اسس ثابتة من الثقة المتبادلة والاحترام المتقابل". وأشار وزير الخارجية السعودي ونظيره الايراني الى ان اتفاق التعاون الذي وقعاه امس "يؤكد المستوى الذي بلغته العلاقات الثنائية ويفتح الباب امام مجالات أرحب للتنسيق والتعاون". ويشمل الاتفاق الذي نشرت "الحياة" أمس نصه، مجالات الاقتصاد والتجارة والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والشباب والرياضة، ووقعه الأمير سعود الفيصل وخرازي في مبنى وزارة الخارجية الايرانية. وكان وزير الخارجية السعودي التقى الرئيس محمد خاتمي وسلمه رسالة من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز تضمنت دعوة رسمية لزيارة الرياض، قبلها الرئيس الايراني. كذلك التقى الضيف السعودي والوفد المرافق له رفسنجاني ورئيس مجلس الشورى البرلمان علي اكبر ناطق نوري. وفي حديقة جمشيدية شمال طهران تناول الامير سعود الفيصل وخرازي فطور الصباح، وتطرق الحديث بصورة اساسية الى ازمة تدهور اسعار النفط في الأسواق العالمية، واتفق الجانبان على مزيد من التنسيق للجم هذا التدهور. وصرح الناطق باسم الخارجية الايرانية الدكتور محمود محمدي الى "الحياة" بأن زيارة وزير الخارجية السعودي لطهران كانت "ناجحة جدا"، مؤكداً ان "تطور العلاقات بين البلدين الكبيرين صاحبي الدور البارز خليجياً وإقليمياً من شأنه ان تكون له آثار ايجابية على مجمل الوضع الاقليمي". وهذا ما حرص الأمير سعود الفيصل على تأكيده في مطار مهراباد قبل مغادرته ايران. ورداً على سؤال ل "الحياة" عن أسباب تسارع الوتيرة الايجابية في تطور العلاقات بين البلدين والعوامل الرئيسية التي تضمن استمرار هذه العلاقات على قاعدة صلبة، قال وزير الخارجية السعودي: "إذا كان مجال للاستغراب يجب ان يكون من التباطؤ في انشاء علاقات وتطويرها، ولا اعتقد ان العلاقة الثنائية لها صفة الاستعجال المتهور بقدر ما هي علاقة قائمة على قواعد وأسس من الاحترام المتبادل والرغبة الصادقة في بناء علاقات متميزة بين إيران والمملكة العربية السعودية، وبين إيران ودول مجلس التعاون". وشدد على وجود "قناعة بأن الإرادة السياسية متوافرة لدى قيادتي البلدين لاقامة علاقات وثيقة على قاعدة الثقة المتبادلة والمتوازية، والحرص على أمن البلدين واستقرارهما". وزاد: "الحوار المستمر والمتين الذي بدأنا نؤسسه لا بد ان ينعكس ايجاباً ليس فقط على البلدين، بل أيضاً على المنطقة". وقال إن "الطموح هو أوسع من ذلك، أي أن تنعكس العلاقات الثنائية ايجاباً على العلاقات الإيرانية - العربية والإسلامية". وأعرب عن سعادته ل "بروز ايجابيات في العلاقات الخليجية - الإيرانية"، مشيراً إلى زيارة خرازي للإمارات قبل أيام "خصوصاً الاتفاق بين البلدين على أن تستمر اللقاءات لحل المشاكل العالقة بينهما وهذا سيضيف بعداً مهماً إلى الأسس والقواعد المتينة التي تبنى عليها العلاقات الوثيقة". وأكد خرازي ل "الحياة" أن ترسيخ العلاقات مع السعودية "يحظى باجماع وطني" في إيران. وأضاف: "خلال زيارة الأمير سعود الفيصل اتخذنا قرارات إذا نفذت وتحققت ستساهم في ترسيخ الثقة ونأمل بأن تساهم العلاقات بيننا في توسيع التعاون الاقليمي".