يختلف تقويم أطراف المعارضة العراقية لأبعاد التقارب بين دمشقوبغداد على رغم مرور سنة على انطلاقته. لكن معظم ممثلي أحزاب المعارضة العراقية يتفق على وصف تعامل دمشق معهم خلال هذه السنة بپ"الحياد الايجابي". وعلى رغم ان الحكومة السورية أغلقت اذاعة "صوت العراق الحر" بعدما أغلقت بغداد اذاعة "صوت سورية العربية" في اطار التقارب بين البلدين، لكن سورية لم تتدخل في المطبوعات التي تصدرها الاحزاب العراقية المعارضة في دمشق. وقال السيد بيان جبر ممثل "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق" ان صحيفة "نداء الرافدين" الناطقة باسم المجلس بزعامة السيد محمد باقر الحكيم لا تزال تصدر وتوزع من دون اي قيود. واستمرت في الصدور صحيفة "صوت الجماهير" الناطقة باسم "حزب البعث العربي الاشتراكي" قيادة قطرالعراق، وصحيفة "الوطن" التي تمثل "لجنة تنسيق العمل القومي"، اضافة الى توزيع صحيفة "الاتحاد" التي تعبر عن الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني ودوريات ونشرات اخرى للأحزاب العراقية المعارضة. في مقابل عدم وضع قيود في سورية على نشاطات أطراف المعارضة العراقية ولقاءاتها مع الديبلوماسيين والصحافيين والمحطات الفضائية العربية. فإن لقاءات هذه الاطراف كل على حدة مع المسؤولين السوريين تراجعت أو توقفت. وقال مسؤول العلاقات الخارجية في "لجنة التنسيق" السيد مهدي العبيدي انه يلتقي الأمين العام المساعد لحزب "البعث" السيد عبدالله الأحمر "مرة على الأقل كل اسبوع". لكنه كغيره من ممثلي الاحزاب العراقية المعارضة لم يجتمع مع نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام، باعتباره المسؤول الأول عن ملف العراق، يليه السيد الأحمر. وكان خدام اجتمع مع نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز في تشرين الثاني نوفمبر في أول زيارة يقوم بها مسؤول عراقي لدمشق منذ 17 سنة، وتلت الزيارة جولة عربية لوزير الخارجية العراقي السيد محمد سعيد الصحاف بدأها من دمشق وعبر الحدود السورية - العراقية الى بقية الدول العربية خلال أزمة شباط فبراير. وزار المدير السابق للاستخبارات العسكرية العراقية اللواء وفيق السامرائي دمشق أخيراً ولم يتمكن من الاجتماع ب "أي مسؤول سياسي". واقتصرت زيارته على اجتماع مع مسؤول انتقد تصرفاته الأخيرة وإدلاءه بمعلومات عن أسلحة الجيش العراقي الى الاجانب. كما ان شوكت بامرني مسؤول العلاقات في مكتب الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني لم يستطع ترتيب زيارة لوفد قيادي من الحزب. ورأى العبيدي ان الخطوات التي اتخذتها دمشق باتجاه بغداد تستند الى ان "سورية دولة لها مصالح وترسم سياستها وفق هذه المصالح، وهي حريصة على التضامن بين كل الدول العربية بصرف النظر عن الأنظمة". وزاد: "رفاقنا في سورية يعتقدون بوجود خطر كبير على وحدة العراق، والرفيق الأمين العام للحزب الرئيس حافظ الأسد تحدث أكثر من مرة عن دور سورية في احباط مشاريع استهدفت تقسيم أراضي العراق، اضافة الى ان سورية مع رفع المعاناة عن الشعب العراقي الذي يقع بين سندان النظام ومطرقة اميركا". لكن بيان جبر لاحظ ان "النظام العراقي أدار ظهره أخيراً للدول التي وقفت معه خلال أزمة شباط وتوجه الى الساحة الدولية عبر البوابتين الأردنية والتركية، اذ زار طارق عزيز والصحاف الأردن" بعد حديث العاهل الأردني الملك حسين عن فتح حوار بين واشنطنوبغداد. وأضاف ممثل "المجلس الأعلى" ان "التوجه الجديد للعراق يمكن فهمه ايضاً من مطالبة طارق عزيز تركيا بتطبيع الوضع في شمال العراق"، مشيراً الى ان مدير المخابرات العراقية السيد رافع التكريتي سفير العراق السابق في انقرة زار منطقة صلاح الدين منتصف الشهر واجتمع مع مسعود بارزاني ثم انتقل الى انقرة "ونعتقد ان لهذه الزيارة علاقة بالهجوم التركي الأخير على شمال العراق". وأخذ معارض عراقي، رفض ذكر اسمه، على النظام العراقي عدم "استبدال ميناءي اللاذقية وطرطوس لاستيراد البضائع بموانئ الأردنوتركيا". مشيراً الى عدم وجود صفقات اقتصادية كبيرة بين سورية والعراق. واعتبر معارض آخر، ان "تشغيل انبوب التابلاين لنقل النفط العراقي عبر الأراضي السورية سيكون المؤشر الأساسي الى تطور العلاقات الاقتصادية بين الطرفين". الى ذلك، اكد جبر "وجوب وضع تطور جديد في الحسابات، وهو دخول الروس على خط العلاقة بين النظام العراقي والاكراد"، مشيراً الى ان مجيد مواميان كردي مسيحي جال أخيراً على عدد من الدول الأوروبية واجتمع مع نواب أوروبيين طارحاً اسم حزب "الطريق الثالث" ليكون بديلاً عن حزبي بارزاني وطالباني. واكد معارض آخر ان السفير الروسي في بغداد سيزور وزميله الصيني شمال العراق للموضوع نفسه وبحث "موضوع المصالحة مع النظام وفتح مكاتب للأكراد في بغداد وتطوير حقل نفط كويسنجق، وحماية الخبراء الروس لتشغيل سد دوكان" في شمال العراق.