أطاح انقلاب اللحظة الأخيرة خريطة التحالفات البلدية في الضاحية الجنوبية وبالتالي مشروع التحالف الذي كان يحضّر له بين "حزب الله" ووزير الاعلام باسم السبع في بلدتي برج البراجنة والغبيرة، في قضاء المتن الجنوبي لمصلحة ائتلاف بين الاخير و"حركة أمل" والمرشح السابق الى الانتخابات النيابية رياض رعد. وجاء هذا التطور نتيجة غداء العمل بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري في قريطم، احيطت نتائجه بسرّية تامة، الامر الذي منح فرصة لتحضير الأجواء لئلا يأخذ طابع المفاجأة بين صفوف المعنيين. إلاّ ان تأجيل اعلانه بعض الوقت لم يؤد الى اخراج مؤيدي الوزير السبع من دائرة المفاجأة خصوصاً ان الإئتلاف البديل من تحالفه مع "حزب الله" تم التوصل اليه من دون حصول اي اتصال بين الاخير والرئىس بري الذي كان اول من ابلغ مسؤول "أمل" عن ملف انتخابات الضاحية النائب علي حسن خليل ببعض تفاصيله، فيما ابلغ الحريري السبع ما توصل اليه مع بري متأخراً. وفور انتهاء جلسة مجلس الوزراء اول من امس اجتمع السبع وخليل في حضور الحريري، ليلتقي من ثم وزير الاعلام مسؤول "حزب الله" عن لجنة الانتخابات في برج البراجنة والغبيرة معاون الأمين العام الحاج حسين الخليل والنائب السابق علي عمّار وعدد آخر من قادة الحزب. وواكبت "الحياة" الاتصالات التي بدأت ليل اول من امس واستمرت حتى صباح امس. وعلمت انها لم تتوصل الى نتيجة بعدما رفض الحزب اقتراح بري الاتفاق على لائحة موحدة بين الحزب والوزير السبع و"أمل" يتم اختيارها من ضمن ثلاث لوائح يتقدم بها الافرقاء الثلاثة. ورفض الحزب اقتراح بري لاشتراطه البحث في موضوع بلدية الغبيرة على قاعدة سحب مرشحه الى رئاسة مجلسها البلدي محمد سعيد الخنسا ابو سعيد واستعداده للبحث في الاسماء البديلة لاعتبار الحزب ان الهدف كسر قراره ترشيح الخنسا. والافكار التي طرحها الرئىس بري نقلت الى الحزب بالواسطة وتردد انها كانت محور اجتماعات دمشق بين نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام وقيادة الحزب والوزير السبع، في سياق الجهود السورية للتوفيق بينهم. وأعيدت في اجتماعات السبع وقيادة الحزب مناقشة اقتراح آخر للرئىس بري يقضي بالتفاهم على بلدية برج البراجنة، في مقابل ترك المعركة مفتوحة في بلدية الغبيرة. وكان جواب الحزب عن طروحات بري "انها ملغومة، اذ لا يعقل ان يطلب منه تقسيم ماكينته الانتخابية في الضاحية، فيعمل الاول منها ضد القسم الآخر". ورأى في المطالبة بسحب ترشيح الخنسا "نقيضاً للدعوة الى الإئتلاف، وكأن المطلوب منه خطوة انهزامية وهذا امر لا يمكن تسويقه عند القاعدة الحزبية، او الدفاع عنه". وطرح ايضاً الوزير السبع فكرة التفاهم بينه وبين الحزب على بلدية برج البراجنة بالتوافق مع العائلات في مقابل رفضه التدخل في انتخابات الغبيرة، وردّ الحزب بأنه يقدر له دقة موقفه لكنه لا يستطيع الدخول إلا في تحالف واضح في البرج والغبيرة معاً. موقف السبع وفي شأن موقف السبع، الذي راعى تعاون رئيسي الحكومة والمجلس، ورغبته في عدم تعريضه لانتكاسة بعد مصالحة بينهما، قالت مصادر ل"الحياة" انه اجرى قراءة سياسية شاملة للمعطيات المتعلقة بالانتخابات، تمهيداً لاتخاذ قراره النهائي خصوصاً ان الهامش الزمني اخذ يضيق وأن حسم الموقف مع الحزب كان تأجل من الثلثاء الى الاربعاء ثم الى صباح امس. وقالت المصادر ان السبع بادر بإبلاغ قادة الحزب انه في حل من اي اتفاق. وتمنى عليهم ان يأخذوا الامور برحابة صدر. ونقل عنه، وهو كان يطلع الحزب تباعاً على كل التطورات والاتصالات الجارية معه، قوله انه لا يعتبر قراره موجهاً ضد الحزب، وإنما واقع الامر السياسي فرض معطيات جديدة، خصوصاً ان قيادة الحزب على علم ومعرفة بكل دقائق الامور ان في لقاءات دمشق وإن في اجتماعات بيروت، وأن شد الحبال السياسي والتجاذبات تتخذ طابعاً تنافسياً فيترك لصناديق الاقتراع ان تحدد الفائز. ونقل عن السبع انه سيتعاطى مع النتائج ايجاباً وأنه سيكون الاثنين "اول المهنئين لجميع الفائزين من دون استثناء". وكان السبع اعلن في تصريح امس تعذر الوصول الى اتفاق مع "حزب الله"، وأسف لما آلت اليه صورة الموقف الانتخابي. وناشد كل القوى والاطراف "التخلي عن شعارات كسر العظم، لأن ليس في مقدور احد في الضاحية كسر الآخر". "حزب الله" وقال مصدر قيادي في "حزب الله" ل"الحياة" ان "ضغوطاً كثيرة مورست على الوزير السبع حتى يتخلى عن مشروع التحالف معنا، نتيجة توافق بري والحريري ضد الحزب. لكن هذه مشكلته وليست مشكلتنا". وأضاف ان "منطق الرئيسين بري والحريري دعم توافق بين مرشحي العائلات بدلاً من المنتمين الى الاحزاب والسياسيين تناقضه الممارسات لأن مرشحين ينتمون في وضوح الى الرئيس بري، اسماؤهم باتت موجودة على اللائحة المنافسة. ثم كيف نفسر تولي بري والحريري شخصياً البحث في الانتخابات في الضاحية اول من امس فضلاً عن ان مرشحنا الى رئاسة بلدية الغبيرة اجمعت عليه عائلته الخنسا اكبر عائلات البلدة". وأشار الى "ضغوط تمارس على عائلات كثيرة عبر السلطة الرسمية وتطاول موظفين رسميين لكننا واثقون من الفوز". وأكد مصدر في الحزب انه "ليس في وارد سحب اي من مرشحيه". وأبدى في المقابل ترحيبه "بأي حليف له"، واصفاً وضعه في الغبيرة وبرج البراجنة بأنه "ايجابي جداً". وتردد ان الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله يقوم شخصياً بزيارات لممثلي العائلات في الغبيرة. وقال النائب السابق علي عمار حزب الله ان الحزب كان آخذاً في الاعتبار ان "السلطة لن تتنزه عن التدخل في الانتخابات وستمارس ضغوطها بقطع الطريق على اي وفاق عائلي وعلى اي شكل من اشكال التعبير عن ارادة الناس الحرة على مستوى التمثيل الحقيقي". وقال ان "ما حصل بالامس من الذين يدّعون انهم لا يريدون تخريب الانتخابات البلدية او تسييسها على مستوى الرئاستين الثانية والثالثة، يؤكد في شكل قاطع وصريح وواضح انهم يحاولون مصادرة ارادة الناس والتمثيل الحقيقي". واعتبر ان "ما استخدامهم منطق العائلية الا لتمرير الصفقة الفوقية على مستوى الرؤساء". وأضاف "حين يتحول اركان السلطة رؤساء ماكينات انتخابية ويزجّون بعدد كثيف من المرشحين داخل كل عائلة يحولونها متاريس. ومع تقديرنا للوزير السبع وما ادلى به، كنا نتمنى وهو يعلم ذلك، ان يكون الجو كما نشتهي ويشتهي، الا اننا كنا اصحاب خيار وقرار ولكن نتيجة للضغوط التي مورست على الوزير السبع من كل الجهات والتيارات، وجد نفسه في الموقع الذي لا يريده هو". مصادر بري اما مصادر الرئيس بري فأبلغت "الحياة" ان المعركة مع الحزب "لن تكون سهلة خصوصاً ان لديه ماكينة ويستخدم الترهيب والترغيب". ولم تفصح عن ثمن الاتفاق الذي حصل بين بري والحريري الذي دفع الاخير الى المشاركة في الضغط على السبع ليوقف تعاونه مع "حزب الله". وأدت هذه التطورات الى لقاء قبل ظهر امس بين السبع والنائب علي حسن خليل، في حضور وجهاء عائلات، تم خلاله الاتفاق على لائحة اسماء مجلس بلدية البرج 18 عضواً. ونقل خليل خلال الاجتماع عن بري قوله "انه يوافق على كل ما يتفق عليه المجتمعون، وأنا ألبس ما تفصّلونه". اما بالنسبة الى الغبيرة 21 عضواً فاستمرت المفاوضات حتى بعد الظهر، ونقل خليل الى بري لائحة من 27 اسماً ليختار منها بالتوافق مع رياض رعد. وفي المقابل، أعلن حزب الله" لائحته الانتخابية في برج البراجنة وضمت 18 عضواً من مختلف العائلات برئاسة الدكتور قاسم رحال.