استيقظ سكان حي بورتوبيللو في لندن يوم الاثنين الماضي على صوت بخاخات كهربائية تنثر الثلج في شارعهم العريق، وفجأة تذكروا انه قد وُزّع عليهم قبل اسبوعين بيان مكتوب بلغة انيقة وفيه ان شركة "نوتنغ هيل فيلمنغ" ستقيم ورشة انتاج سينمائية في حيّهم لمدة ثلاثة اسابيع، ومن هذه الورشة سيغطى الشارع بكامله بالثلج لأن ممثلين سيسيرون فيه والمفترض ان في منتصف الشتاء بل في موسم "الكريسماس" تماماً… ما القصة؟؟ ما الفيلم؟؟ مخرج الفيلم روجر ميشيل الذي ربما سيسمي الفيلم باسم "نوتنغ هيل" رأى ان على بطل الفيلم السير من تلّة بورتوبيللو نزولاً حتى منتصفها فتمرّ عليه اثناء هذا المرور، الفصول الاربعة من السنة… اي ان الفصول تتغير حوله اثناء سيره، وطلع من حظ شارع "بلنهايم كريسنت" المتفرع من بورتوبيللو ان يكون فصل الشتاء المغطى بالثلج في ذلك الشارع. حضرت منذ الصباح اطنان من المعدات وعشرات الكاميرات محمّلة على عشرات الشاحنات حاملة التقنية والصناعة والخيال… وبدأت بإفراغ امعائها في ارجاء بورتوبيللو الحي الذي يضجّ بباعة الخضرة وتجّار "الانتيكا" والغاليريهات الفنية واصحاب المواهب من رسّامين وشعراء ومسرحيين وكتّاب، انه الحيّ اللاتيني اللندني اذا استعرنا التسمية من مدينة باريس. كما انهم نصبوا سكّة حديد تكاد تعادل سكة القطار لتسير عليها عربة الكامير! طبعاً قبل فصل الثلج هناك فصل الشتاء حيث هطلت صنابير المياه على وسط الشارع والزحام اطنان الغالونات من المياه تحركها مراوح ضخمة لتبدو الشتوية… شتوية حقيقية! وشارك الباعة في مهرجان الشتاء وعلت صيحاتهم لبيع منتجاتهم وذلك وفق أوامر المخرج. اما بطل الفيلم الذي ما زال يصوّر حتى الآن في بورتوبيللو فهو الممثل الانكليزي النحيل والوسيم هيو غرانت صديق صاحبة الفستان الجريء ليز هيرلي وتقاسمه البطولة الاميركية التي تبثّ النعومة والحنان من عينيها جوليا روبرتس! وتروي القصة ان السيد غرانت هو صاحب مكتبة لبيع كتب السفر والرحلات لمحبي التجوال في العالم، وتزوره جوليا لولعها المزمن بالرحلات والخرائط وكتب الجغرافيا فيقع المقدور الغرامي تحت رفوف الكتب والأطالس ومذكرات المغامرين والمكتشفين. ويحاول "ابن بطوطة" البريطاني اعطاء الرحالة الاميركية دليلها في السفر. طبعاً كان لنا لقاء عابر مع الشاب هيو غرانت الذي بدا عليه التعب من التصوير طوال النهار من دون جوليا وقال: "جوليا ستأتي غداً فالتعب عليّ وحدي هذا النهار"! وعلمنا منه انه متحمّس لهذا الفيلم لكونه "يحب انهاض السينما البريطانية من جديد بعد ان ثبت وجود موهوبين وكفاءات فيها…". ويعتقد بأنها "سينما ناجحة ومضمون الافلام البريطانية يعتمد على سيناريو حيّ وافكار غنية… مع بعض الفكاهة الخفيفة الظل"، و"يجب اعطاء السينما البريطانية الفرصة من جديد… لقد شاركتنا جولينا، وهي ستكون بطاقة عبور الى دور السينما الاميركية". ثم سألنا "إن كنّا مولعين بالسينما"؟ فأجبناه: اننا معجبون به من خلال افلامه وليس من خلال اخباره الشخصية… فانفجر ضاحكاً هو ومرافقوه من الحرّاس الشخصيين على رغم تعبه. ويذكر ان شركة الانتاج اعطت اصحاب المحال والدكاكين اموالاً تعويضاً عن تعطيلهم عن العمل في هذا اليوم، وأعطت الباعة في الطريق اموالاً لمساهمتهم في دورهم الطبيعي في الفيلم. كلام الصور 1 - غرانت يستعد للتصوير 2 - ضخ "الثلج" على الطريق 3 - وسط "ثلوج" الفيلم 4 - الشتاء في... عزّ الصيف! 5 - سكّة التصوير جاهز