جاكارتا، يوغياكرتا - رويترز، أ ب، أ ف ب - تجمع نحو عشرة آلاف طالب داخل البرلمان الاندونيسي وحوله أمس الاربعاء مطالبين الرئيس سوهارتو بالتنحي فوراً، بعدما سهر بعضهم طوال الليل، وأخذوا يصفقون ويغنون على وقع الطبول وانغام الغيتار مرددين هتافاً واحداً: "ليسقط سوهارتو ولتعش الاصلاحات". وجدد زعماء الطلاب رفضهم تحقيق الاصلاحات باشراف سوهارتو مؤكدين انه يريد ان يكسب الوقت لكي يستمر في الحكم سنتين أخريين وناشدوا "أبري" الاسم الذي يُطلق على الجيش أن يدعم مطالبهم. وكان زعيم جماعة "المحمدية" الاسلامية أمين ريّس ألغى دعوته الى أنصاره للتدفق على ساحة النصب الوطني وسط جاكارتا للمشاركة في مسيرة كان متوقعا أن ينضم إليها مليون شخص، بعدما هدده الجيش باستخدام القوة. وذكرت صحيفة "ريبابليكا" أن 150 ألفاً من الجنود ينتشرون في العاصمة. وقال ريّس أن جنرالاً أكد له استعداد الجيش للمواجهة "إذا لزم الأمر وخرجت الاحتجاجات عن طابعها السلمي"، وتنفيذ عملية شبيهة بعملية الجيش الصيني الذي سحق التظاهرات الطالبية في ساحة تيانانمين وسط بكين في حزيران يونيو 1989. وأكد قائد قوة جاكارتا الجنرال سيافري سيامسودين في كلمة وجهها أمس عبر التلفزيون ان "الأولوية لاستقرار المدينة، ونريد منع أي شغب". في غضون ذلك انتشرت قوات في محيط القصر الرئاسي ومنعت الاقتراب من متنزهات حوله. وانضم محامون في ارديتهم السوداء الى الطلاب، بالاضافة الى اطباء وممرضات وتجار وجنرالات متقاعدين واعضاء حكومة سابقين جميعهم يهتفون انه حان الوقت لسوهارتو 76 عاماً كي يرحل. ووقفت قوات الامن هادئة وسمحت للحشود بالمرور بحرية فيما اغلقت غالبية الشوارع الاخرى في العاصمة لمنع مسيرة احتجاج مخطط لها من ان تتجه الى القصر الرئاسي. لكن الطلاب اصروا على التحقق من بطاقات الهوية قائلين ان عليهم التأكد من ان اشخاصاً غير مرغوب فيهم لن يشتركوا في التظاهرة. وأوضح باوانا، وهو أحد زعمائهم: "هناك ناس يريدون ان يثيرونا" ويحرص الطلاب على تجنب اي نوع من انواع العنف. وذكر طلاب آخرون ان الحكومة تريد اضعاف الثقة بحركتهم وقد ترسل عملاء لاستفزازهم. وتوافدت عربات اسعاف ومتطوعون من مستشفيات محلية لتقديم مساعدات اولية اذا لزم الامر. وارتفعت اصوات الترحيب عندما دخل ضباط واعضاء سابقون في الحكومة قادوا التظاهرات الصاخبة الى المكان. كما ارتفع هتاف الحشود عند وصول الزعيم البارز لجماعة المحمدية الاسلامية: "يعيش ريّس، يعيش الاصلاح". وكان أول ما طلبه عندما خاطب الطلاب أن ينزلوا من على سطح البرلمان. من جهة أخرى بدأ آلاف من المتظاهرين معظمهم من الطلاب بالتجمع ظهراً وسط يوغياكرتا شرق جافا كبرى جزر اندونيسيا وفي ميدان سومطره شمال البلاد للمطالبة باستقالة سوهارتو. ووافق السلطان هامنغكوبويونو العاشر، الشخصية الاولى في يوغياكرتا، وهي مدينة تاريخية تتمتع بوضع خاص تعترف به السلطة المركزية، على التظاهرة وكان منتظراً أن يشارك شخصياً فيها. وحمل الطلاب لافتات تطالب باستقالة سوهارتو وتدعو الجيش الى "الانضمام الى الشعب". وذكر مصور للوكالة الفرنسية ان اكثر من عشرة آلاف طالب تجمعوا امام مقر البرلمان المحلي وشوهد المئات يتجهون نحو مركز التجمع. وكانت الحشود تصفق وتطلق صيحات الاستهجان كلما مرت سيارات الشرطة. وانتشر مئات من الجنود المدعومين بمدرعات في المكان. في تطور آخر، دعا مثقفون من أنصار ميغاواتي سوكارنوبوتري، الزعيمة السابقة لحزب معارض صغير عزلت السنة الماضية بأوامر من سوهارتو، وهي إبنة مؤسس الجمهورية الأندونيسية الرئيس الراحل أحمد سوكارنو، إلى تعيينها عضواً في اللجنة الوطنية للاصلاحات التي ستكلف صياغة مشروع لاجراء اصلاحات سياسية ووضع قانون جديد للانتخابات. وجاء في بيان أصدرته هيئة الابحاث والتنمية الذي يؤيد ميغاواتي أن اللجنة "يجب أن تكون مستقلة والأفضل ألا يقودها الرئيس سوهارتو". وتابع البيان: "الأمثل هو أن تقودها هيئة رئاسية تضم ممثلين عن ميغاواتي سوكارنوبوتري وجماعات نهضة العلماء والمحمدية والقوات المسلحة والمثقفين". وتعتبر "نهضة العلماء" أكبر جماعة اسلامية في اندونيسيا وتضم 30 مليون عضو، بينما تضم "المحمدية" 28 مليون عضو. وكان وزير الدولة سعيدالله مرسجيد أوضح أن أعضاء اللجنة ستعلن أسماؤهم اليوم الخميس وستكون أولويتها اجراء اصلاح انتخابي وانتخابات جديدة تنفيذاً للوعد الذي أعطاه سوهارتو أول من أمس.