ليست مهمة هوية الارض التي ظهرت عليها كرة القدم قبل غيرها، والاختلافات هنا متعددة، المهم ان الانكليز هم الذين أظهروها بشكلها الحالي في منتصف القرن التاسع عشر ثم نشروها في العالم ككل، حتى انه لا يسمح بأي تعديل في قانون اللعبة اذا لم يمنح ممثلو المملكة المتحدة الضوء الاخضر. ومع الوقت صار لدى الانكليز طقوسهم الكروية الخاصة التي لا توجد في اي بقعة اخرى، وعندما فكر عدد من الاوروبيين بتأسيس الاتحاد الدولي لم يؤيدوا الفكرة ولم يتحمسوا ايضاً عندما اطلق مشروع تنظيم كأس العالم، لذا تبغددوا طويلاً ولم يتنازلوا للمشاركة فيه لاعتقادهم بأن لاعبيهم اساتذة وان الآخرين تلامذة. ثم تبين للانكليز ان زعمهم خاطىء فخرجوا من مونديال 1950 بخفي حنين بعدما منيوا بهزيمه تاريخية امام الهواة الاميركيين، وانتظروا حتى 1966 لينظموا نهائيات كأس العالم وقد كانت من نصيبهم لكن بعد فوز مبرمج من الاتحاد الدولي الذي كان يرأسه السير ستانلي راوس. ولم يعد المنتخب يفعل شيئاً، وعمت البطالة وازداد التفكك الاجتماعي نتيجة طغيان الآلة، وصار مشجعو الاندية الانكليزية أشد تعصباً واكثر تهوراً فظهرت موجة "الهوليغنز" وتعددت أحداث الشغب وكثر عدد الضحايا. وعمل المسؤولون على خطين، الاول اعادة الامن الى الملاعب في الداخل كما في اوروبا، والثاني اعادة النظر في اسلوب الاداء العقيم الي يعتمد كلياً على نظرية "اركل الكرة واركض"، وبدأ تيري فينابلز هذا النهج فبدا المنتخب في حال مختلفة كثيراً في بطولة اوروبا 1996 ثم مختلفة كلياً مع المدرب الحالي غلين هودل. ماذا ستفعل انكلترا في المونديال الفرنسي؟ وكيف سيكون سلوك جمهورها؟ اسئلة المونديال كثيرة وربما يكون على رأسها السؤالان الخاصان بأصحاب الطقوس. وفي الجانب الكولومبي، فإن ركل الكرة من مرة واحدة مباشرة الذي أُطلق عليه مصطلح "أل توكه" لم يؤت ثماراً ومفاجأة القرن عندما فازت كولومبيا على الارجنتين في عقر دارها بخمسة اهداف في تصفيات موند يال 1993 كانت ضربة حظ لا اكثر ولا اقل، لأن الكولومبيين كانوا باهتين في المونديال الاميركي ولا يتوقع ان تختلف الحال في المونديال المقبل طالما ان الاهتمامات المحلية منصبة على المخدرات والجريمة وليس على كرة القدم.