ربما كانت الوحدة العربية أهم ما في حياة العقيد معمّر القذافي، وبما انني وحدوي من المحيط إلى الخليج، فإنني أشعر بأنني استطيع تحت هذا السقف القومي، أن أعارضه كما أشاء. وقد اعترضت في مقابلة جمعتنا على التلفزيون أخيراً على كلمة "الجماهيرية"، فالقاعدة العامة في اللغة العربية أن الكلمة ترد إلى المفرد، ثم تُنحت النسبة منها، وهكذا ففي رأيي فإن الكلمات "جمهور" ثم "جمهوري" و"جمهورية" صحيحة، أما "جماهيرية" فخطأ. والواقع ان الاستثناءات في صياغة النسبة أكثر من القواعد، ونحن مثلاً ننسب على اسم الجمع مثل قوم وعرب، إلاّ ان جماهيري وجماهيرية ليست مثلها. إذا كان بين القراء واحد من طنطا يهمه الموضوع فأنا أقول له إن النسبة من طنطا يمكن أن تكون طنطاوي أو طنطوي أو طنطي، وقس على ذلك. وقد أبدى العقيد القذافي رأياً مخالفاً في اشتقاق الجماهيرية، وهو صاحب رأي مخالف في معظم الأمور، وفضّلت ألا أثير معه "الشعبية" و"الديموقراطية" و"العظمى"، وإنما ركزت على نقطة ثانية اتفق فيها معه تماماً هي عدم محاكمة المتهمَين الليبيين في سقوط طائرة الركاب الأميركية فوق اسكتلندا في أي من بريطانيا أو الولاياتالمتحدة. الموقف الليبي محق بالكامل، ولكن كنت سجلت في هذه الزاوية الحجج القانونية التي تمنع محاكمة المتهمين في البلدين، لذلك أكمل اليوم بأخبار قضائية أميركية على سبيل التسلية الخالصة. أقرأ شيئاً اسمه "واشنطن سيتي بيبر"، وهي جريدة محلية تصدر في العاصمة الأميركية، وتضم صفحة بعنوان "أخبار غريبة"، أو "أخبار الغريبين"، وأكثرها أميركي، ولكن بينها أخبار قليلة من حول العالم. وكمثل واحد فقد حاولت امرأة تظهير فيلم خاص، فاعتقلت لأن الصور ضمتها في مشاهد فاضحة مع ولد صغير. ولكن تبين للبوليس بعد ذلك ان "الولد" هو في الواقع زوجها القزم الذي جاء إلى مخفر الشرطة محتجاً ومطالباً باطلاق زوجته. غير انني ابقى مع أخبار القضاء الأميركي فهناك خبر منقول عن جريدة "سانت لويس بوست ديسباتش" خلاصته أنه في مقاطعة كروفورد، بولاية ميسوري، افرج فجأة عن عدد من المتهمين، وازدادت فرصة تبرئة أربعة رجال متهمين بقتل امرأة، والسبب ان المدعي العام أصيب بنوبة قلبية فتولى العمل مكانه مساعده "الغريب" جون راف. ووقف هذا داخل قاعة المحاكمة خلال النظر في قضية جنائية، واستعان بمحامي الدفاع لأنه لم يعرف ما يقول، ثم وصف اللحظات الأخيرة لموت امرأة قتلاً، فرمى نفسه على الأرض، وأخذ يتدحرج ويتصنّع الألم ويصرخ كالمجانين، فيما أم الضحية تنظر إليه وتبكي. واقتيد نائب المدعي العام في النهاية إلى مستشفى للمجانين، وضاعت قضايا الناس. في ولاية نبراسكا، أوصى المجلس القضائي بطرد القاضي ريتشارد جونز من عمله بعد أن نُسب إليه عدد من التصرفات الغريبة، كتوقيع أوراق المحكمة باسماء مثل أدولف هتلر و"سنو وايت"، وطلب كفالات قيمتها 13 سنتاً، أو زليون بطيخة، وهو اطلق العاباً نارية في غرفة قاضٍ اختلف معه، وحضر بنفسه فحص البول لولد متهم أمامه. أما في ليكوود بولاية واشنطن، فقد طُرد القاضي رالف بالدوين بعد أن تبين أنه دعا محامياً واثنين من المحلفين إلى غرفته في نهاية قضية وشرب معهم 12 زجاجة بيرا جعة، وسكر الجميع، وهو يقول: "اراهن انكم لم تروا في حياتكم قاضياً مثلي". وبعد، فإذا كنت اتفق مع الأخ العقيد في موضوع الوحدة العربية، وفي رفض محاكمة المتهمين الليبيين في بريطانيا أو الولاياتالمتحدة، وإذا كنت اجمع له أخبار القضاءين البريطاني والأميركي، فإن من حقي أن أبدي رأياً في موضوع "الجماهيرية"، مع احتفاظي بحقي في ابداء الرأي مستقبلاً في موضوع الشعبية الديمقراطية العظمى.