خلال زيارة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الأخيرة لليابان فتحت ملفات الحرب العالمية الثانية والجرائم التي ارتكبت خلالها بهدف اغلاقها تماماً ضمن شروط معينة على الحكومة اليابانية الالتزام بها. الشرط الأول كان الاعتذار العلني عن المذابح الجماعية وحفلات التعذيب التي كان يمارسها الجنود اليابانيون ضد الجنود والمواطنين البريطانيين إبان الحرب، وقد استجابت له الحكومة واعتذرت علناً، فجاء بلير الى طوكيو ومعه "بيت القصيد" وهو المطالبة بتعويضات مالية لضحايا الحرب. ولا يهمني هنا ما آلت إليه المساومات بين الجانبين البريطاني والياباني ولكني أشرت الى هذه الواقعة لأكرر السؤال الذي طرحته من قبل عند اثارة زوبعة في وجه سويسرا لمطالبتها بدفع تعويضات ومستحقات وقيمة الذهب النازي لليهود وهو: لماذا يحق لكل شعوب العالم أن تطالب بحقوقها وتحصل على تعويضات على ما تعرضت له من مذابح وأضرار ويحرم العرب من هذا الحق؟ ولماذا لا تتحرك الحكومات والمؤسسات العربية والفلسطينية بالذات للمطالبة بتعويضات من اسرائيل على المذابح التي ارتكبتها بحق المدنيين الفلسطينيين والممتلكات المصادرة والأضرار الناجمة عن الاحتلال والجرائم المرتكبة بحق عدد من الدول العربية والخسائر التي تكبدتها نتيجة لذلك مادياً ومعنوياً وبشرياً؟ واذكر ان ردود الفعل على هذه المطالبة كانت ايجابية ولا سيما بعد أن تبنى الإعلامي القدير الأخ حمدي قنديل الاقتراح ودعا في برنامجه التلفزيوني الى تشكيل هيئة قانونية عربية لرفع دعاوى للمطالبة بهذه التعويضات من اسرائيل، الدولة المعتدية والمحتلة، ومن بريطانيا الدولة المنتدبة التي سلمت فلسطين للصهاينة من دون وجه حق، ومن أية جهة دولية أيدت الظلم الصهيوني، ومن الأممالمتحدة التي سكتت على انتهاك الشرعية الدولية ولم تتحرك للمطالبة بتنفيذ قراراتها الملزمة. وهناك قائمة طويلة مدعمة بالوقائع والوثائق الدامغة والاعتراف الاسرائيلي تشرح تفاصيل المجازر والانتهاكات والاعتداءات على الأرواح والممتلكات العربية من قبية الى دير ياسين وكفرقاسم الى الخليل والقدس وقلقيلية وصبرا وشاتيلا وقانا ومدرسة بحر البقر وغيرها العشرات، كما يجب أن لا نغفل جرائم الحرب الفظيعة التي ارتكبت ضد الجنود العرب بعد استسلامهم وضد المدن والقرى التي سقطت بيد الاحتلال الغاشم، وأبرزها المذابح التي ارتكبت ضد الجنود المصريين في حربي عام 1956 و1967 حيث اعترف الضباط الاسرائيليون أخيراً كيف ذبحوا الجنود المصريين بعد استسلامهم، أو سحقوهم بجنازير الدبابات، أو قتلهم بدم بارد بعد اجبارهم على حفر قبورهم بأيديهم. ولا حاجة لشهادات عربية فحسب في هذه الجرائم الوحشية، لأن ملفات المحاكم وأجهزة الإعلام الاسرائيلية والدولية مليئة بالتفاصيل المقززة والوقائع الدامغة. فقط علينا أن نتحرك ونطالب ونلجأ لكل المحافل الدولية ليس بحثاً عن تعويض أو مبالغ مالية، بل لإحقاق الحق وفضح الوجه الصهيوني القبيح، واكراماً لذكرى شهداء الحق العربي، وما ضاع حق وراءه مطالب. لقطة من ابن الوردي: لا خير في ود امرئ متملق حلو اللسان وقلبه يلتهب يلقاك يحلف أنه بك واثق وإذا توارى عنك فهو العقرب يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب