بدأت أمس الاثنين مرحلة العد العكسي لانجاز الوساطة الأميركية في ايرلندا الشمالية مع اقتراب المهلة النهائية التي حددها السناتور الأميركي السابق جورج ميتشيل امام الأطراف المعنية للتوصل الى تفاهم حول مسودة الاتفاق الذي أعده في هذا الشأن. وعكست تصريحات المسؤولين في لندن ودبلن تفاؤلاً في امكان التوقيع على الاتفاق بحلول الخميس موعد انتهاء المهلة. ورأى رئيس الوزراء الايرلندي بيرتي أهيرن ان "تقدماً جيداً" تحقق في المحادثات لاحلال السلام في ايرلندا الشمالية فيما أعلنت مصادر رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير انه مستعد للذهاب الى بلفاست عاصمة المقاطعة للاشراف على المرحلة النهائية للمحادثات. ورغم هذه الأجواء الايجابية، لاحظ مراقبون في لندن تشاؤماً نسبياً في تصريحات قادة الأحزاب البروتستانتية في ايرلندا الشمالية ببقاء الحكم البريطاني في المقاطعة. وتمحورت وجهة نظر المتشائمين حول ثلاث عقبات رئيسية أمام الاتفاق وهي: 1 آلية الحكم ودور المؤسسات المستقبلية في ايرلندا الشمالية و2 سلطات البرلمان الجديد المزمع انشاؤه في المقاطعة و3 العلاقات مع الجمهورية الايرلندية جنوباً والتي يتعيّن عليها تعديل دستورها بموجب استفتاء للتخلي عن مطالبتها باستعادة المقاطعة. واتجهت الأنظار في بلفاست امس الى مسودة الاتفاق الذي قدمه السناتور الأميركي السابق الى الأطراف المعنية والذي يفترض ان يقدم حلولاً لهذه المشاكل ويفتح الباب أمام تسوية سلمية للصراع التاريخي. وقالت أمس وزيرة الدولة البريطانية لشؤون ايرلندا الشمالية مو مولام ان لندن تتطلع بشغف الى مسودة الاتفاق ورد فعل الأطراف المعنية في هذا الشأن مشيرة الى ان "أمامنا أسبوعاً شاقاً وصعباً من المفاوضات لكنني واثقة انه سيكون مثمراً". وكان ميتشيل استعجل الأطراف المعنية للتوصل الى اتفاق قبل نهاية الأسبوع الحالي وبدء أعياد الفصح التي يتميز ختامها عادة بتوتر يترافق مع احياء القوميين الايرلنديين الكاثوليك ذكرى انتفاضة دبلن عام 1916. وكانت الانتفاضة التي أدت الى مواجهات مع القوات البريطانية وانتهت بقيام الجمهورية الايرلندية جنوباً وبقاء الشطر الشمالي تحت سيطرة لندن في 1920. ومعلوم ان الفصائل القومية الايرلندية، المسلحة التي قامت في أعقاب أحداث 1969 في ايرلندا الشمالية تتعمد احياء المناسبات التاريخية باجواء مشحونة تأكيداً لمطلبها الانفصال عن بريطانيا والاتحاد مع الجمهورية الايرلندية. لكن هذه الفصائل وأبرزها "الجيش الجمهورية الايرلندي"، تشهد صراعاً داخلياً بين مؤيد للتسوية ومعارض لها. وفي هذا السياق، حذر مفوض الشرطة البريطاني في المقاطعة روني فلاناغان من ان بعض القادة القوميين الايرلنديين المعارضين للتسوية، يستعدون لشن حملات عنف لضرب احتمالات التوصل الى اتفاق بين الأحزاب البروتستانتية وحزب "شين فين" بزعامة جيري ادامز والذي يشكل الجناح السياسي للحركة الجمهورية الايرلندية.