لم يكن الشعر ديوان العرب فحسب، بل كان أسطورة كاملة. فالشعر يوحيه للشاعر جني من وادي عبقر، والقبيلة كلها تحتفل بولادة شاعر في ربوعها. وبيت الشعر يعلي ويضع، يخلّد ويصِم، يحيي ويميت. فبنو أنف الناقة مثلاً كانوا يخجلون باسمهم الى ان مدحهم به الحطيئة فصاروا يجاهرون به ويفخرون، وبنو نمير غارت بهم الارض عندما هجا جرير شاعرهم بقصيدته الشهيرة التي عرفت بالدامغة. ويذهب بعض المؤرخين الى ان الدولة الحمدانية كانت ستمر في التاريخ من دون كل هذا الضجيج والبريق لولا مدائح المتنبي لسيف الدولة. وكرّت الايام فاذا بالشعر ينزوي في كتيّب صغير على رف مكتبة، لا تمسه الا أكف دارس أو خبير أو راغب، لأمر ما ساور نفسه، فيما تصعّر له الخدَ الجماهيرُ الغفيرة التي كانت تحتفي به، وما تزال تحتفي ببعض شعرائه الحريصين على التفاعل معها والنظم من أوساطها، والاتكاء على لغاتها ورموزها، من دون ان يعني ذلك عدم تجديدهم. وقد أشار أوكتافيو باث الى وجود انفصام كبير في الميدان الثقافي عموماً والشعر خصوصاً، وعزاه الى كسل الجماهير وعزوفها عن القراءة، فقال: "ثمة تفاوت جديد بين أقلية تقرأ وأكثرية لا تقرأ ابداً، او تشاهد التلفاز لانها لم تعد تعرف القراءة، انه انقسام عميق لا سابق له". ولعل العديد من الشعراء يذهبون هذا المذهب فيرون علة مأساة الشعر في عزوف الناس عن القراءة المتأنية والفاعلة وتهالكهم على السهل والمبهج الذي لا يفرض عليهم ان يحركوا ساكناً. ولكن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير وأشمل واخطر، فقد تصاعدت اصوات كثيرة تنعي الشعر وتشير الى تهافته من الشعراء انفسهم ومن النقاد المشهود لهم بالجدية، فقد ذكر الشاعر احمد عبدالمعطي حجازي ان "الشعر في شكل عام وضعه الراهن كأي فن آخر وفن لغوي بالذات، في حالة تدهور". وشاركه الشاعر فؤاد رفقه هذا الرأي فقال محدداً: "الشعر الحديث أقل قيمة من جذوره الماضية، انه هبوط من الرؤيا الى الموضوع". ولاحظت الشاعرة فدوى طوقان ان الكثرة الغالبة من شعراء الجيل الجديد تلجأ "الى استعمال الصورة الشعرية الغامضة والتي اختفت دلالاتها في جوّ من السديم والضباب". لكن الناقد المعروف جبرا ابراهيم جبرا كان اكثر صرامة فقال: "الشعر في العالم العربي قد أصبح يقارب الهذر، وهو في فترة ذبول". والواقع ان لب المشكلة ليس في القراءة وانعدامها بل في المسلمات الاساسية التي ينطلق منها الشعراء. فالشاعر اليوم شديد العناية بذاته، يلاحق المعنى ويهوى تحطيم اللغة ويتطلع بشكل اساسي الى الابداع. "فالفجر، فجر المعنى، هو هدف الشاعر" على حد تعبير الشاعر صلاح ستيتية. والعديد من الشعراء ينظمون القصيدة، في همهم هذا، بدون استحضار اي قارئ ساعة النظم. وصارحت الجمهور الشاعرة شيمبورسكا التي نالت جائزة نوبل للآداب بقولها انها "ترغب في شعرها ان يرضي نفسها اولاً قبل ارضائه"، وهو موقف تتقاسمه مع العديد من الشعراء في الساحة العالمية، ولعل شيمبورسكا تشير الى الذين تشددوا تجاه القصيدة، ولكن تعاليها على الجمهور وردود فعله واضحة وذات دلالة كبيرة ومزية تسم غالبية الشعراء المحدثين، إذ ليست شيمبورسكا في قولها الا معبرة عن رأي العديد من الشعراء على المستوى العالمي. والشعراء العرب الذين يظهرون تعالياً على الجمهور الشعر للنخبة أو عدم تجاوب معه رفض القاء قصيدة يطلبها الحضور في ندوة شعرية أو سوء ظن به رفض المنبرية كثيرون واقوالهم منشورة وغنية عن التعريف. ومن الشعراء من صرّح بانه ينشر القصيدة ليدفنها أي ليكف عن القيام بأي تعديل أو تبديل فيها. والشعراء الذين يرفضون المنبر اكثر من ان يحصوا، وذلك لانهم يطلبون من القارئ التمعن الواعي في شعرهم الذي اجهدوا انفسهم في نظمه. لكننا نشير الى ان الشعراء الذين عرفوا قديماً بعبيد الشعر لكثرة انكبابهم على قصائدهم، لم يشترطوا بعد معاناتهم الطويلة اي شرط، ولم يذهبوا الى ان إطالة النظر عند النظم تحتم إطالة النظر عند السماع أو القراءة. ويبدو ان الشاعر الحديث يحلق بجناحين غير منسجمين في احيان كثيرة، اذ ذكر أدونيس ان "الحداثة الشعرية هدفت الى الارتباط بالحياة اليومية كما عند ابي نواس، والى الخلق لا على مثال كما عند أبي تمام". فهذا الخلق "لا على مثال" مسؤول الى حد كبير عن تجذر التفاوت في ما بين الشعراء والقراء، بل ونظرة القراء الى الشعراء نظرة ريبة واتهام. فقد غاص الشعراء بحثاً عن فجر المعنى في اللغة السوريالية والكتابة الآلية وتفجير اللغة وشهوة اللفظة ولاحقوا العلاقة في ما بين الألفاظ الى مسافات بعيدة وشبهات يصعب ادراكها الا بشق النفس، في حين ظل الجمهور هانئاً في ظلال اللغة المتينة والمكينة والعلاقة القريبة التناول والتعابير المألوفة والعلاقات السهلة المأخذ، فنفروا مما رأوه في الشعر الحديث واستهجنوا الكثير منه... والمشكلة انه في جانب منه قابل لهذه النظرة السلبية. والواقع ان جوهر النظرية، اية نظرية، لا يتجلّى بوضوح وسطوع ونصاعة عند اصحاب الصف الاول، بل عند اصحاب الصفوف الخلفية اي في الممارسة السهلة والمبتذلة، اي في الممارسة المستبعدة. وذلك لان اصحاب الصفوف الاولى يكونون عادة اكبر من النظريات، حتى تلك التي يعلنونها ويجاهرون بتبنيها، اذ تحفل نصوصهم بما يتجاوز تلك النظريات ويتعارض معها احياناً. وسنورد أمثلة شعرية اقتطعناها من قصائد الشعراء الشبان، توضح ما يثيره الشعر الحديث في نفس الجمهور من استهجان واستغراب واستفزاز وازورار، من دون الاشارة الى اسم اي شاعر، كي لا يخرج الاستشهاد من عناية التوضيح الى شبهة التشهير: - "الراديو ساكت/ ومطرب في داخله يلوح بيديه لاخراجه". - "حمل قلبه على راحتيه / وضعه على الطاولة / لأول جائع / لأول لص". - "والحزن كان يسابق عينيه / نحو دموع السفرجل". - "قال: سأرحل / مشى / في كل الجهات دفعة واحدة / على الطريق وقعت روحه / وقعت ذاكرته / وقعت فكه السفلى، لسانه / قدماه / يداه". - "مر عيد ميلاده المليون / ولم يزره احد / سوى كاهن بوذي / أعرج ومخنث / وقوادة... صديقة عمره / تدير حانة ضئيلة في جزيرة تتوسط / الباسيفيكي". - "القصيدة ناشفة، لا قناديل فيها ولا اسئلة / القصيدة جارحة كانت البارحة / القصيدة بلا كهرباء". ولا تخلو دواوين شعراء الصف الاول من مثل هذه التعابير الشعرية الإشكالية، وذات الأثر السلبي في الجمهور. فقد جاء مثلاً في شعر احد اشهر الشعراء الحداثيين: "كان القبر نزهة لراحة الأوردة / ومات النحو والصرف / وحشروا بين يدي اول قصيدة كتبتها وآخر قصيدة / وأخذ الحشر يحكم ويفصل". - "تعرّي يا شجرة الورد، إلتحفي بالقمر / انزل ايها السيد القمر اكتف بشجرة الورد / وضعنا لك سلماً". الا ان الملاحظ ان اللفظ يجور على المعنى عند شعراء الصفين الثاني والثالث فيبدّده ويحيله الى السراب الذي أشار اليه شعراء ونقاد، كما أسلفنا أعلاه. في حين يجور المعنى على اللفظ لدى العديد من شعراء الصف الاول، فلا تنبع شعرية النص من كلماته بل من المعنى القابع خلفها، فحين يقول الشاعر المشهور: "وأقول باسمك / يجيء الشقاء من جهة الوجه / تجيء السعادة من جهات اخرى"، لا تنبع الشعرية من صورة يجسدها النص بل من خلفية تتركب من معاني الكلمات والرموز. وعندما يقول شاعر آخر "بحر بين رصاصتين" لا نحصل على صورة شعرية كالتي نحصل عليها في قصيدة لبدر شاكر السياب مثلاً: "عيناك غابتا نخيل ساعة السحر / أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر"، بل نحصل على صورة مفتعلة ناتجة عن عمل عقلي، اذ ينبغي ان نفسر معنى الرصاصة ومعنى البحر ثم نستنتج المقصود من التعبير "بحر بين رصاصتين" كي تتولد لدينا شعرية ما، يمكن ان نسميها شعرية الدلالة لا شعرية النص. فشعرية النص هنا اذن نتاج عمل عقلي ذاتي في حين ان القوة النفسية اللازمة للشعر هي المتخيلة، اما العقل فهو القوة اللازمة للفلسفة. ولعل هذا ما عناه فاليري عندما قال "لا مكان للفلسفة في الشعر" اي لا مكان للعقل، فشعرية النص انما تنبع من كليته لا من خلفية المعنى فقط، والشعر كما قال جاكوبسون: "هو اللغة في وظيفتها الجمالية". إن الشعر الحديث، انطلاقاً من المسلمات الخاصة التي يلتزم بها الشعراء الحديثون حافل بتعابير واشكال لا يؤيدها القارئ العادي والمتمرس احياناً بل تثير استهجانه. ومن هذه الامور حجم القصيدة وشكلها وحركتها، فهي قد تتألف من سطر أو أسطر معدودة أو أسطر منفصلة أو مقاطع صغيرة منفصلة أو تمتد فتشمل الديوان بكامله، او تكون عبارة عن تداعيات وتراكمات تبدأ فجأة وتتوالى بزخم لفظي أو معنوي ثم تنتهي فجأة من غير سابق انذار. فضلاً عن ان قصيدة النثر، كما قال احمد عبدالمعطي حجازي، وإن كان يبالغ في رفضها ويجور، تكاد تجتاح الشعر الحديث، وهو أمر يرى فيه القارئ غرقاً في السهولة والمجانية. وقصيدة النثر، على كل حال، ومصدر الشعرية فيها، تحتاج الى بحث خاص ومستقل. ان التجارب الشعرية الحديثة، ولنقل المعاناة الشعرية واستبداد رغبة التغيير والتحديث والتطوير بالشاعر، حملته على اتيان ابواب وسلوك دروب أدت الى نتيجة عكسية على صعيد العلاقة بالقارئ الذي فوجئ بها وببعدها عن مساره ومكامن فهمه وادراكه وذوقه ايضاً فتملكته مشاعر الاستغراب والرفض والتهكم والتنكر، ثم سرت هذه المشاعر نفسها الى شعراء معروفين و نقاد محترفين. في حين تابع القارئ عزوفه ونظر الى بعض الشعراء أو بالاحرى الى اكثرهم نظرة الى مخبول او آبد من الأوابد او منتج نص، الاطلاع عليه لا يفيد والجهل به لا يضر. وحتى لو كانت الدلالة قابعة في قعر ما، فان طريقها، كما هو واضح، محفوفة بالمخاطر والاشواك والصدأ والروائح المريبة التي تخفف من حماسة الساعي الى اكتشاف اي معنى، ويعقد المشكلة، ويفاقم التباعد، تلك العادة التي تفشت بين العديد من الشعراء والكتّاب، ولا سيما من هم في الطليعة، وهي عادة الاستنكاف عن شرح نصوصهم الشعرية، فأحد مشاهيرهم يقول "أنا لا اعرف ان أشرح شعري". في ما يمتنع العديد من الشعراء والكتاب عن تقديم اي ضوء ينير الطريق الى فجر المعنى، داعين المتلقي الى الاضطلاع بدوره. لكن المتلقي بدلاً من القيام بذلك الدور، وأمام الاساليب اللاهثة خلف الجديد والابداعي. التي تثير ريبته، يتساءل احياناً بخبث عما اذا كان الشاعر يقصد شيئاً في الاصل، ويبتذل القول احياناً اخرى فيقول ما معناه: اذا كان الشاعر الذي نظم القصيدة لا يعرف معناها، فهل استطيع ان اعرف أنا؟ وفي جميع الاحوال لا يبدو هذا المنطلق حميداً، فالشاعر بامكانه تقديم قراءة لنصه بصفته متلقٍ ومتلقٍ مميّز، ويمكنه على الاقل تقديم بعض المفاتيح التي انطلق منها من دون ان يخشى تقييد نصه الشعري بما قدّمه. وهو أمر يقوم به بعض الشعراء، فصلاح ستيتية يمعن في توضيح ما ينظمه. ويذهب الشاعر عبده وازن الى ان الكتابة عقد بين الشاعر والمتلقي وان النشر شراكة بينهما. ويشير العديد من النقاد الى انقسام المتلقين أقساماً متعددة ومتمايزة، فهناك المتلقي العادي والسطحي والمتمرس والناقد والمنفعل والفاعل. ويذهب مالدو الى المنقلب الآخر، الى احتضان المعاكس للعديد من شعراء الحداثة فيقول "اننا نحاول ان نجعل البشر يعون ما يكمن فيهم من عظمة يجهلونها". ويؤكد الشاعر أوكتافيو باث ان الشعر في جوهره اتصال، جسر يصل الأنا بالآخر. ويوضح الشاعر الارلندي شيماس هايني الذي نال جائزة نوبل للآداب سنة 1995، ان الشعر "قفز من ضمير المتكلم الجماعي النحن للانتماء الى الأنا". في حين نجد العديد من شعراء الحداثة يمعنون في تصوير ذواتهم فيطلون على الأنا الجماعية من خلال أناهم. وأخطر ما يتجلى ذلك ليس في المواضيع بل في الركيزة اللغوية والبلاغية، اي ليس في المشبه والمستعار له بل في المشبه به والمستعار منه، ووجه الشبه أو الاستعارة والرموز الخاصة والخاصة جداً كأعلام الأساطير العالمية مثلاً، أو الرموز الثقافية كرمز المرآة، فتتحول القصيدة الى علامة استفهام بغيضة ترتفع في وجه المتلقي تشعره بضآلة حظه من الثقافة وقلة حيلته في تدبر القصيدة. وتنبغي الاشارة الى ان الدراسات النفسية تشير الى ان الناس لا يتعاملون كأهل منطق فقط، بل كأهل عواطف وشعور وأنفس حافلة بالاهواء ملأى بالكبرياء والغرور. ومما يؤسف له ان العديد من الشعراء الحديثين قصروا الشعر على جانب واحد، الجانب الوعر، الجانب المأسوي النهضوي الثوري الابداعي فالشعر هو "السؤال الاكبر والجواب الوحيد". والشعر في نظر صلاح عبدالصبور "محاولة لقهر الموت". ولدى صلاح ستيتية "سعي مكثف للعودة عبره الى الأصالة، الى الجوهر"، والحبيبة فقدت ملامحها لتتحول الى مدخل للثورة ورمز للوطن ونبع للعطاء والتضحية. لا شك في ان هذه الامور التي يثيرها الشعر الحديث مشروعة ومطلوبة ومهمة وتفتح آفاقاً أرحب وأخصب، لكن من العسف ان لا يتألق في هذا الشعر الحديث الا الحزن والضياع وتفتت الأنا والرغبة في الثورة والتغيير وتفجير اللغة وابداع ما لم يبدعه احد. ان الشعر الحديث في أزمة، ما من شك في ذلك، ليس بسبب ازورار الجمهور واعراضهم عن الشعر فقط، اذ مَنْ له الحق في حرمان الجماهير الواسعة من حقها وعادتها في التذوق الشعريّ، بل من جراء استنكاف العديد من الشعراء انفسهم والنقاد والمتلقين المميزين واعترافهم بتقهقر الشعر وضآلة دوره في الحياة الثقافية المعاصرة، اي انه وصل الى عكس ما سعى ويسعى اليه. فهو يتطلع الى دور ريادي ونهضوي وثوروي، لكنه يكاد يغيب عن الصفحات الثقافية في الصحف اليومية بعد ان كان يحتل صدارتها، ويظهر في الملاحق الادبية على استيحاء. ويلمس المتلقي المتمرس والفاعل ان القيمين على الصفحات الثقافية والملاحق الادبية ينشرون ما ينشرون، من غير اقتناع او اعجاب في كثير من الاحيان، بل من باب الواجب الذي لا بد منه، أو على عاتق اصحابه الشعراء ومسؤوليتهم. ان هذا الواقع يحتم علينا جميعاً، شعراء ومتلقين، التمعن في حال الشعر الحديث، والغوص في تفاصيل العلاقة الاشكالية التي تفرض نفسها، والعودة الى المسلمات والجوانب المسكوت عنها والمتوارية في قعر النظم وهوية الشعر الحديث. وينبغي ان نتفحص تعريف الشعر وتعريف الكتابة وتعريف الابداع. فالمشكلة الاساسية، في الشق المتعلق بالشعراء على الاقل، هي مشكلة التعريف. الا ان اخطر ما تتكشف عنه أزمة الشعر الحديث هو "نظرية المتلقي" التي يتكئ عليها جميع الشعراء والمؤلفين في العصر الحديث، ويتعاملون معها وكأنها نهاية الفكر، اذا ما استعرنا تعابير فوكوياما، ويرون انها تمام الرأي وكمال العلم وتمامه. فهل "نظرية المتلقي" نهاية الفكر فعلاً؟ وهل يمكنها ان تكون نهاية الفكر؟ وهل هي خارج اي نقاش من وجهة نظر الفكر ما بعد الحداثي نفسه؟