الارتقاء بالتعاون السعودي - الفرنسي في العُلا لمستويات أعلى    «الجودة» في عصر التقنيات المتقدمة !    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    سياسات أقطاب «النظام العالمي» تجاه المنطقة.. !    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية    انطلاق أولى سباقات ميدان فروسية الجبيل للموسم الحالي    إعلان برنامج انتخابات الاتحادات الرياضية    ألوان الأرصفة ودلالاتها    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    ختام مزاد الصقور السعودي    الإعلان عن أسماء الفنانين العالميين في «نور الرياض» ومشاركة «18» سعوديًا    أسعار اليوريا العالمية تتباين في أعقاب الركود وتأمين المخزون في أميركا والهند    زيلينسكي يفضل الحلول الدبلوماسية.. ومجموعة السبع تهاجم روسيا    ضبط 20124 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل    "ديوان المظالم" يقيم ورشة عمل لبوابة الجهات الحكومية    إحباط تهريب (32200) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    «إنسان».. خمس جوائز وتأهل للعالمية    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    المملكة تقدم مساعدات إنسانية وإغاثية ب133 مليار دولار ل170 دولة    تحقيق يكشف الدهاء الروسي في أوكرانيا    التواصل الحضاري ينظم ملتقى التسامح السنوي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    إمام المسجد النبوي: استبصار أسباب الفلاح يؤدي إلى السعادة    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    الاخضر يدشن تدريباته في جاكرتا لمواجهة اندونيسيا    تدريبات النصر: بيولي يستدعي 12 لاعبًا شابًا    اتحاد القدم يحصل على العضوية الذهبية في ميثاق الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للواعدين    توقيع مذكّرة تفاهم بين السعودية وتونس لتشجيع الاستثمار المباشر    74 تشكيليا يؤصلون تراث وحضارة النخلة    أخضر الشاطئية يكسب الصين    ضبط يمني في الدمام سكب الأسيد على آخر وطعنه حتى الموت    تكريم الفائزين بمسابقة حرف    المملكة تتسلم رسمياً استضافة منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2026 في الرياض    الزفير يكشف سرطان الرئة    تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد لعلاج القلب    القهوة سريعة الذوبان تهدد بالسرطان    قوافل إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    مسلح بسكين يحتجز عمالاً داخل مطعم في باريس    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    حسن آل الشيخ يعطّر «قيصرية الكتاب» بإنجازاته الوطنيّة    الأحساء وجهة سياحية ب5 مواقع مميزة    «هلال نجران» ينفذ فرضية الإصابات الخطيرة    خطأ في قائمة بولندا يحرم شفيدرسكي من المشاركة أمام البرتغال بدوري الأمم    المواصفات السعودية تنظم غدا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    تطبيق الدوام الشتوي للمدارس في المناطق بدءا من الغد    "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    وظائف للأذكياء فقط في إدارة ترمب !    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهمية تطوير أسواق المال لدعم الاقتصاد في المملكة العربية السعودية 4 من 4
نشر في الحياة يوم 03 - 04 - 1998

ما هو تأثير ما يحدث في آسيا على الاقتصاد السعودي؟ الإجابة الوافية بحاجة إلى دراسة منهجية تلم بالموضوع من جوانبه كافة. وريثما تبادر جهة ما بتتبع الآثار تتبعاً عميقاً، فقد يكون مقبولاً حصر بعض الآثار المتوقعة على عجل، والتي لن تخرج عن طبيعة العلاقة الاقتصادية بين المملكة وتلك البلدان. فالعلاقة بين الطرفين تجارية في الأساس ولم ترتق لتصبح استثمارية. أما تجارياً فقد توجهت عام 1996 نحو 46 في المئة من صادرات الزيت الخام السعودي ونحو 64 في المئة من المنتجات المكررة إلى آسيا والشرق الأقصى، وهي تقريباً ضعف ما كانت عليه صادرات الزيت عام 1986. ولعل الاستثمار الأكثر وضوحاً هو إسهامات اليابان في مشاريع البتروكيماويات. وعلى رغم اعتماد اليابان على المملكة في تأمين أكثر من 20 في المئة من احتياجاتها من النفط، أي ضعف ما تستورده من دول جنوب شرق آسيا مجتمعة، إلا أن استثماراتها في السعودية تقدر بأقل من ستة بلايين ريال سعودي. وعدا ذلك، لا يوجد في السعودية استثمار آسيوي يذكر سوى نحو 1.5 بليون ريال لتايوان وقرابة 400 مليون لكوريا الجنوبية.
وقد يؤثر تراجع النمو الاقتصادي في جنوب شرقي آسيا في طلب تلك البلدان من الطاقة، لكن المؤشرات تؤكد أن اقتصادات تلك البلدان في توسع وإن كان بوتائر أقل مما كان متوقعاً. فقد كانت اسقاطات صندوق النقد الدولي تقدر نمو مجموعة "آسيان" لسنة 1998 بنحو 4.4 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، لكن الصندوق خفض القيمة إلى 1.7 في المئة في تقديرات صدرت نهاية العام 1997.
ويبدو أن ما يحدث في آسيا شبيهاً بحال الاقتصادات بعد الحرب، من تعرض للفزع ومن ثم الركود، ولكن من هي أطراف الحرب؟ يبدو أن اليابان ساهمت في نشوب هذه الحرب بعدم تمكنها من فرض استقرار على سعر الين في مقابل الدولار الأميركي، وبحرصها استيعاب الاقتصادات الآسيوية من جهة التمويل واستخدامها لها كمواقع تصنيع تتكامل مع صناعاتها رأسياً وأفقياً. لكن أطرافاً قوية أخرى انضمت إلى الصراع لاحقاً بداية بالولايات المتحدة وتزعمها تحالف "آبك" والصين والاتحاد الأوروبي.
وإذا عدنا إلى الأساسيات، نجد أن مجموعة دول توجد تكتلاً في ما بينها لتحقق النجاح سوياً وتقلص احتمالات منافسة السلع والخدمات المستوردة. وتبرز الروح الطاردة للواردات عندما تعاني الدول من عجز مالي. وإذا ما نحت دول آسيا هذا المنحى، فقد يعيق ذلك تجارتها مع الدول الأخرى. هذا إجمالاً، ولعل النفط حالة خاصة بحكم الاعتماد عليه في جميع الأنشطة الحياتية، ولذا من المتوقع بروز تأثير سلبي غير مباشر على أقل تقدير. ويدعم هذا الزعم أن دول آسيا لجأت إلى تغطية مصاعبها بالاستدانة الثقيلة من الخارج، ما سيكبح قدرتها الاقتصادية إجمالا، وتجارتها الدولية تحديداً.
تعميم تجربة آسيا
لعل التمايز بين الاقتصاد السعودي واقتصادات آسيا يجعل انطباق تجاربها على الحالة السعودية غير وارد. فمن جهة الانفتاح على الأموال الأجنبية، نجد أن نمور آسيا هبة الاستثمارات الأجنبية إجمالاً، في حين أن الاقتصاد السعودي يصدر رأس المال. فمثلاً، مولت الاستثمارات الوافدة الازدهار المعاش في الصين، إذ يقدر مجملها حالياً بحوالي 204 بلايين دولار طبقاً للتقديرات الرسمية الصينية، أي قرابة 15 في المئة من مجمل الأصول الثابتة المستثمرة في الاقتصاد الصيني. وتساهم الاستثمارات الأجنبية الموزعة على 145 ألف مؤسسة منتجة في نصف حجم التبادل التجاري للصين، ويعمل فيها 18 مليون شخص، وتورد للخزانة العامة 12 في المئة من مجمل ضرائب القطاعين الصناعي والتجاري. ويتوقع المخططون الصينيون أن تبلغ هذه الاستثمارات 1300 بليون دولار مع نهاية السنة 2000 .
عزف منفرد
قامت التنمية السعودية على أموال محلية. وكان الاقتصاد السعودي - منذ البداية - مهتماً ألا يكون أسير النفط، إذ رمت خطة التنمية الأولى إلى التنويع الاقتصادي، وجاء فيها: "يرمي الهدف العام للخطة إلى تشجيع القطاع الخاص على زيادة إنتاجيته والمساهمة بأكبر قدر مستطاع في عملية التنمية". في ذلك العام مثل قطاع النفط 55 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، فيما تقلصت مساهمة النفط إلى نحو 36 في المئة عام 1996. وبما أن هدف التنويع الاقتصادي ما برح مطلباً استراتيجياً للاقتصاد السعودي فقد ورد كهدف أساسي من أهداف خطة التنمية الخمسية السادسة 1995- 2000، التي نصت على "تخفيف الاعتماد على إنتاج وتصدير النفط الخام كمصدر رئيسي للدخل الوطني". وعليه فقد يكون مقبولاً الاستنتاج بأن المستهدف من تنمية سوق المال هو القطاعات غير النفطية. أما صناعة النفط السعودية فتتولى تأمين احتياجاتها من المال. تضاف إلى ذلك، وفرة الموارد المالية المحلية للاستثمار والتمويل ما يجعل تنمية سوق المال فرصة لتوسيع القطاع المالي. ولعل هذه النقطة بحاجة إلى شيء من الإيضاح. فسوق رأس المال تعايش، ومنذ أعوام، ندرة ملفتة في طرح اسهم جديدة للاكتتاب العام. وهذه أساسية في استقطاب جزء من المدخرات لتنمية الأصول الثابتة للاقتصاد الوطني تكوين رأس المال الثابت.
وإجمالاً، انفردت المصارف التجارية السعودية تقريباً بتلبية احتياجات التمويل المحلية، وتولت دوراً مهماً في الاستثمار، وتدير هذه المصارف صناديق استثمارية للمضاربة بالأسهم والسندات والسلع في الأسواق العالمية، والقليل منها في السوق المحلية. وقد مني عدد من هذه الصناديق أخيراً بخسائر في الأسواق الآسيوية وصلت في إحداها إلى 40 في المئة من قيمة الأصل. ويجب ألا يغيب عن الذهن أن مجمل الودائع لدى المصارف التجارية السعودية تجاوز 220 بليون ريال منتصف 1997 بزيادة تفوق 8 في المئة عن العام السابق، أما الودائع الزمنية والادخارية فقد نمت خلال الفترة نفسها بنحو 13 في المائة، لتشكل 31 في المئة من مجمل الودائع.
وبعيداً عن الأسهم، استثمرت المصارف السعودية 65 بليون ريال في أذونات الخزينة والسندات الحكومية في العام 1996، وأقرضت المؤسسات الحكومية في العام ذاته أقل قليلاً من 17 بليون ريال. واستثمرت 7 بلايين ريال في القطاع الخاص وأقرضته نحو 117 بليوناً في 1996. وبطبيعة عملها، يمثل التمويل قصير المدى أقل من عام الاهتمام الأول للمصارف التجارية، إذ شكلت قروض هذه الفئة ثلاثة أرباع قيمة قروض المصارف عام 1996.
إضافة إلى المصارف التجارية، هناك نشاط واضح لصناديق الإقراض المتخصصة، خصوصاً في سوق التمويل الطويل المدى. وتعود ملكية هذه الصناديق للحكومة السعودية. إذ يبلغ إجمالي رؤوس أموالها نحو 190 بليون ريال، أي خمسة أضعاف مجموع رؤوس أموال واحتياطات المصارف التجارية. ولا تتلقى الصناديق المتخصصة ودائع من الجمهور، ومع ذلك بلغ مجمل أصولها نحو 228 بليون ريال نهاية 1996. أما أجمالي قروضها فمحدود مقارنة بالأصول، وقليل مقارنة حتى بالقروض الطويلة المدى التي تمنحها المصارف التجارية. فقد بلغ مجموع قروض الصناديق الحكومية لعام 1996 نحو 5.3 بليون ريال، أي أقل من ثلاثة في المئة من الأصول. في حين أن المصارف منحت قروضاً طويلة المدى باستحقاق أكثر من ثلاثة أعوام بما قيمته نحو 12 بليون ريال في العام نفسه. وهكذا نجد أن مجمل التمويل الطويل المدى الممنوح في السعودية لذلك العام بلغ مجموعه قرابة 17.5 بليون ريال أي أقل من 21 في المئة من الزيادة في الأصول الثابتة في القطاعين الحكومي والخاص في ذلك العام، ما قد يعني أن تمويل الأصول يأتي معظمه من الشركاء. وقد تكون تلك رغبة الشركاء، أو ناتجة عن نقص في التمويل الطويل المدى سواء بالاقتراض أو الملكية، مما قد يؤجل بعض المشاريع أو يقلصها أو يلغيها. وفي حال صدق هذا الفرض، تكون له آثار مباشرة في الحد من النمو، ويعيق بالتالي تحقيق التنويع الاقتصادي.
التخصيص
يصبح تكوين سوق مال أكثر أهمية مع وجود برنامج للتخصيص. فالسوق ضرورية لحشد الأموال الخاصة لشراء المؤسسات الحكومية، ولتوسيع قاعدة الملكية في هذه المؤسسات لإفساح المجال للقطاع الخاص. كما أن وجود سوق مالية يحكمها نظام ضروري للحفاظ على أحد مقاصد التخصيص وهو إشراك شريحة كبيرة من المستثمرين، وإبقاء الأمر كذلك. إذ من غير المرغوب - لأسباب لا يتسع المجال لشرحها - انتقال ملكية مرافق وخدمات إستراتيجية من الحكومة إلى شريحة ضيقة من المستثمرين. ومن غير المرغوب كذلك أن تباع الأسهم للجمهور عموماً لتتركز بعد فترة في أيدي مجموعة صغيرة من المستثمرين. كما أن وجود السوق يتيح المزيد من خيارات التمويل الطويلة والمتوسطة المدى محلياً، ما يحقق التنافس في مجال التمويل الاستثماري والائتماني.
لذا يتعدى الأمر إقامة مبنى منيف لاحتضان سوق مالية إلى تزويد تلك السوق بدكاكين ومحال ذات علاقة، وهذا يعني الترخيص لمؤسسات استثمارية واستشارية في مجال التمويل والاستثمار لتعمل على توظيف بحيرة السيولة المحلية توظيفاً محلياً. فليس من مهمات المصارف التجارية استثمار أموال المودعين لتنمية أصولها، وتبدو بعض المصارف السعودية حالياً وكأنها شركات استثمارية قابضة، رغم أن الاستثمار شيء والصيرفة شيء آخر، على رغم وجود علاقة بينهما. ومع ذلك هناك من يقول إن لا ضرورة لإقامة سوق مالية رسمية في السعودية، ويسوق الأسباب والأمثلة. وفي الأساس فإقامة سوق مالية لا بد أن تكون مبررة من جهة مردودها للاقتصاد الوطني عموماً، وقبل ذلك قبولها كأداة تتماشى مع النسيج التشريعي للمجتمع.
ويمكن الجدل أن أحد أسباب تواضع استثمارات القطاع الخاص السعودي وهجرة أمواله إلى الخارج هو عدم وجود سوق مالية رسمية. وتجدر الإشارة إلى أن معدل النمو السنوي المستهدف للاستثمار الخاص خلال النصف الأول من التسعينات كان 6.8 في المئة في المتوسط وفقاً لخطة التنمية الخامسة، أما ما تحقق فعلاً فلم يتجاوز 2.1 في المئة خلال النصف الأول من التسعينات طبقاً للبيانات الرسمية. أما النمو الحقيقي المستهدف في الاستثمار الخاص حالياً فيقدر بنحو 5 في المئة سنوياً. وتشير البيانات الرسمية أن النمو الاسمي للقطاع الخاص بلغ 4.1 في المئة في العام 1997، مرتفعاً من 3.5 في المئة عام 1996. ويبدو مقبولاً القول إن خطة التنمية الحالية ترمي إلى تحقيق المزيد من النمو الاقتصادي بإعادة تقسيم الأدوار لتوسيع مساهمة القطاع الخاص.
وعموماً تتعدد مصادر فرص الاستثمار الواعدة للقطاع الخاص، منها ما هو محلي لكن جلها قادم من خارج الحدود. أما قنوات الاستثمار المحلي فهي محدودة في إبقاء الأموال السائلة ودائع في المصارف لترحل جزءاً مهماً منها إلى الخارج لاستثماره هناك، أو في الأسهم المحلية أو التشمير عن الساعد ووضع المال في تجارة أو صناعة أو حتى زراعة يباشرها المستثمر بنفسه أو من خلال مدير، أو الدخول في تكوين تحالفات استثمارية، فتسلم المحفظة لمن يديرها وسرعان ما يجد جزءاً مهماً من الأموال طريقه إلى الخارج.
ويمكن الجزم أن تكوين سوق مالية نظامية سيحدّ من تصدير الأموال السعودية للخارج، وذلك بترويجها مؤسسياً، ليس عبر صناديق لترحيل الأموال بل من خلال فرص استثمارية توظف المدخرات المحلية، وتوظف العمالة المحلية، وتضيف إلى اجمالي الناتج المحلي. والحديث هنا ليس عن فرص هامشية بل عن فرص تستوعب عشرات البلايين من الدولارات، منها توسيع البنية التحتية مثل الاستثمار في شبكات الماء والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية وتوسيع شبكة السكك الحديد. ودخول القطاع الخاص في فرص من هذا الوزن تستحق تنظيم سوق مالية خارج حظيرة مؤسسة النقد العربي السعودي. وعلى رغم حاجة الاقتصاد المحلي إلى الأموال الخاصة في هذه الأنشطة، إلا أن الاستثمار الخاص في هذه المجالات يعاني لأسباب منها:
1 - ان مشاركته غير مقننة في إجراءات إدارية محددة.
2 - لا يروج للفرص المتاحة ترويجاً منهجياً فاعلاً.
3 - لا تجمع الأموال الخاصة عبر قنوات مؤسسية.
ولا يمكن هنا تجاوز خطوة الحكومة السعودية لتخصيص قطاع الاتصالات الاستراتيجي الأهمية، فهذه الخطوة كانت باكورة نتاج لجنة وزارية كونتها الحكومة السعودية لرسم سياسة التخصيص. ويبدو أن إقامة سوق مالية نشطة ستساهم تحديداً في تسريع برنامج التخصيص بتوفير الأموال له من داخل البلاد وخارجها.
تنظيم السوق
لعل الحرص على زيادة المعروض من فرص استثمارية وإيجاد الشروط اللازمة لاستغلال تلك الفرص هو مبرر أساس لإقامة سوق مالية سعودية. أما المبرر الإضافي فهو النهوض للمنافسة. فالفرص خارج الحدود كانت دائماً منافساً حقيقياً، إذ للقطاع الخاص السعودي استثمارات تقدر بنحو 500 بليون ريال في الأسواق التقليدية مثل لندن ونيويورك وطوكيو، بل كذلك في الأسواق الناشئة وخصوصاً في دول الآسيوية الثماني عشرة. كما أن الأسواق العربية المجاورة تشهد إقبال السعوديين، إذ ذكر تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار أخيراً أن السعوديين يساهمون بنصف الاستثمارات العربية-العربية. ويبدو أن منافسة الفرص الخارجية للاقتصاد المحلي أصبحت أكثر شراسة، نظراً إلى الإقبال المتزايد للدول - على تفاوت مشاربها السياسية - على احتضان الاستثمارات الوافدة.
تتحرك الاستثمارات من بلد إلى آخر طلباً لأفضل شروط الاستقرار وأعلى عائد. وما يحدث من هبوط لأسعار النفط إلى أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات يجب أن يمثل رغبة في فك الارتباط بالنفط والتوجه إلى صناعة المال والاستثمار توجهاً يليق باقتصاد يتجاوز اجمالي ناتجه المحلي 130 بليون دولار. ومن جانب آخر، فإن المتغيرات من حولنا تمنح الاقتصاد السعودي الفرصة لتوظيفها لصالحه. فانهيار اقتصاد كوريا جعل الكوريات يجمعن لحكومتهن 40 طناً من الحلي الذهبية وسرح أكثر من مليوني إندونيسي من أعمالهم، ولا يمكن أن تمثل هذه الأجواء أفضل شروط الاستقرار. أما الاقتصاد السعودي فقد تمكن من التعامل مع صعوبات اقتصادية متتابعة، ويتبع حالياً سياسات مالية ونقدية متحفظة أدت إلى خفض العجز في الموازنة من نحو 27 في المئة عام 1991 إلى نحو 3.3 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، وإلى إزالة العجز في الحساب الجاري. وهو اقتصاد مفعم بالفرص الجديرة بالاستثمار. وقد يكفي في هذا المجال تعداد إمكانات تخصيص وتحرير بعض الأنشطة، لكنه اقتصاد بحاجة إلى حوافز للاستثمار.
ولعل قيام سوق مالية سعودية يوفر مثل هذه الحوافز، فهي تتيح المجال لاستقبال الاستثمارات الخاصة وتعني تخلي التخطيط الاقتصادي المركزي بالتدريج عن تناول الأنشطة الإنتاجية والمساندة والمرتكزات الاقتصادية ليقتصر على برنامج الرفاه من صحة وتعليم وضمان اجتماعي. ويبدو أن قيام السوق غدا أكثر إلحاحاً للحفاظ على الثروات المحلية من المخاطر التي تسود الأسواق من حولنا. فبعض هذه المخاطر ارتبط بالإرهاب ليتراجع أداء بعض الأسواق المجاورة نتيجة لأحداثه. أما جل المخاطر فناتج عن ارتقاء المأزق الآسيوي من مجرد "شقاوة" مضاربين إلى تكشف الفساد في القطاع المصرفي والاستثماري إلى وضع الاقتصادات الآسيوية تحت وصاية صندوق النقد الدولي ومبادرة الولايات المتحدة ضمانها للأمن في تلك البلدان. فهل يوفر ما يحدث في الخارج مناخاً استثمارياً مطمئناً؟! الإجابة هي لا قاطعة، إذ تطل آسيا علينا كل يوم بفصل جديد أكثر سواداً، ولا يمكن أن يستخدم ما يحدث في الاقتصادات الآسيوية من تراجع في عمالتها وتلاطم في أسواقها المالية صعوداً وهبوطاً كسبب لكي يتجنب اقتصادنا السعودي إقامة سوق مالية، بل يمكن الجدل بأن الأحداث الاقتصادية الدامية في آسيا توفر سبباً إضافياً لقيام سوق مالية محلية.
ولإقامة سوق مالية مستقرة لا بد من النظر في تنويع أدوات الاستثمار، وملاحظة أربعة أمور:
الوعي:أن التوظيف الواعي للاستثمارات هو الذي ينمي الثروة.
المنافسة: ان الاقتصادات الأخرى بما في ذلك دول مجاورة تنافس اقتصادنا المحلي على الفرص والموارد.
الشفافية: ان قنوات الاستثمار يجب أن تكون متاحة مؤسسياً بسهولة تدفع الاستثمارات دون عوائق لتغذي الاقتصاد الوطني.
الديناميكية: ان الفرص المتاحة لها تاريخ صلاحية، فلا معنى لاتخاذ قرار بالتمهل قبل تحليل الفرص، وإلا ستفقد صلاحيتها ويفقد الاقتصاد المحلي تبعاً لذلك فرصة للنمو.
ويبدو ضرورياً رسم سياسة استثمارية لجذب الأموال الخاصة ترتكز على عناصر عدة منها ما ورد آنفاً من إشاعة الوعي عن أهمية توظيف المال الخاص في الاقتصاد الوطني. فهو مورد محلي لا يجب التفريط به للغير إلا اضطراراً. أما المنافسة فهي من سمات هذا العصر، وقد أثبت الاقتصاد السعودي منذ قيام الدولة السعودية الحديثة قدرته على الحفاظ على الاستقرار على رغم التقلبات. لكن يبدو أن هناك مستجدات في المنطقة من حولنا إذ هناك انفتاح لعدد من الاقتصادات المجاورة المشبعة بالفرص والمتعطشة للمال. أما الشفافية، فهي من مسؤوليات المؤسسات الاستثمارية في القطاع الخاص لإتاحة المعلومات دون تقتير. وأهمية الديناميكية تبدو واضحة باعتبار أن الوقت هو كذلك مورد مهم لا يجوز إرهاقه.
ولا يرمي تنظيم السوق إلى إعاقة الصفقات بأكوام من الإجراءات المكبلة، بل إلى تسويق آفاق النمو تسويقاً يقوم على الجمع بين العرض والطلب على الاستثمار. فكما نشاهد الآن كيف يأتي أصحاب الياقات المنشاة من أرباب المصارف والمحافظ الاستثمارية لتسويق مشاريع وفرص استثمارية في شرق المعمورة وغربها، سنفعل نحن وهم الأمر ذاته لتسويق المشاريع السعودية في حال قيام سوق مالية. وستجمع الأموال للمضاربة تحت ضوء الشمس ولصالح تنمية الاقتصاد المحلي. لذا يبدو مناسباً العمل على وضع صيغة نظامية رسمية تحكم سوق المال السعودية لتحقق تطلعات الشفافية والمنافسة والاستقلال والديناميكية. والصيغة المتبعة في بلدان العالم إجمالاً هي تكوين شركة لتولي أمور السوق، كما هو الحال في سنغافورة وأستراليا وقبرص وفنلندا... الخ. وليس هناك ما يمنع أن تتولى مؤسسة خاصة من نوع أو آخر إدارة سوق الأسهم السعودية كنواة لسوق مالية إقليمية نشطة، تعكس إمكانات الاقتصاد السعودي. فقيام سوق أسهم سعودية رسمية سيمكنها من الاستفادة من أموال تتحرك في أسواق العالم تتجاوز 7000 بليون دولار من الأسواق العربية إلى أوروبا وأميركا وفنزويلا والأوروغوي والبلدان الآسيوية. ويمكن التوقع بأن هذه السوق ستكون بمثابة نافذة يطل منها المستثمرون الأجانب علينا.
وعلى النقيض من ضرورة الاستعداد لتحرير سوق الأعمال المصرفية، لا بد من تحديد أنشطة المصارف التجارية، فإقامة مصارف استثمارية وأخرى متخصصة خاصة أو مختلطة، خيار يجب عدم تجاوزه من دون دراسة متأنية. لكن يمكن الجدل بأن تطوير قطاع التمويل والاستثمار في السعودية لن يذهب بعيداً إلا مع وجود سوق مالية تمثل له البيئة والمرتكز. ذلك أن إقامة سوق رسمية سيمكن ليس فقط من تعزيز كفاءة الإفصاح والشفافية والاكتتاب والإدراج ونقل الملكية ومراقبة أداء الشركات المساهمة والارتباط مع الأسواق المالية الأخرى في المنطقة والعالم، مما قد يوجد وضعاً خاصاً للسوق السعودية باعتبار الحجم الرأسمالي ونشاط التبادل. بل الأهم أن السوق المقترحة ستوفر بيئة تترعرع في كنفها صناعة مالية متشعبة الاهتمامات وليس فقط مصارف تجارية وصناديق حكومية متخصصة كما هو الوضع حالياً. ويبدو أن هناك حاجة إلى إعادة التأكيد على ضرورة الترخيص لمؤسسات ومصارف استثمارية للقيام بمهمات متعددة منها: وضع مقترحات التمويل لخصخصة المؤسسات القائمة والمشاريع القادمة، وإدارة الاكتتاب، وجمع الأموال للشركات المساهمة الجديدة والقائمة، وتقديم الاستشارة المتخصصة. وعند ذكر مصارف الاستثمار تبرز أسواق المال كمتطلب ارتكازي وبيئة صالحة لقيام هذه المصارف بعملها، الذي هو في الأساس مرتبط بتمويل المشاريع، ولذا لا يمكن أن تنفذ برامج التوازن والتخصيص بكفاءة دون وجود أسواق مالية ومصارف استثمار. والسبب هو أن السوق المالية تمثل البيئة الشاملة لعناصر الحياة للمؤسسات الاستثمارية، وهذه السوق تعمل على لم شمل الأنشطة الاستثمارية في نطاق واحد متكامل متناسق، ليكون منظمة تقوم على أقطاب متعددة، ولا ترتكز فقط على نشاط المصارف التجارية. فكما أن المصانع لم تكن لتقوم إلا بتوافر بنية تحتية ومساندة، كذلك هناك حاجة لبنية استثمارية تحتية حتى يزدهر دور القطاع الخاص بما يكفي للقيام بدوره المؤمل في تمويل برنامج التخصيص، وليساهم في توليد فرص عمل مواتية للأعداد المتكاثرة من المواطنين السعوديين، وخارجياً لجذب الأموال والشركاء وتقوية الصلات مع الأسواق المالية والسلعية والخدمية.
مناخ الاستثمار
كما أن إقامة سوق مالية سعودية ستتيح الفرصة لتحسين مناخ الاستثمار، إذ سيتابع مؤشر أسهم السوق السعودية في كل مكان، وقد يؤدي تبني سياسة انفتاحية على الاستثمارات الخارجية بحيث يمكن تلقي استثمارات غير سعودية في سوق الأسهم المحلية إلى تدفق أموال تستثمر في الأصول المحلية. وفوق هذا كله، فإن قيام سوق يعني أن نكون جزءاً لا يتجزأ من السوق المالية العالمية، وما تستقطبه من أموال نأخذ من الأسواق كما نعطي، فلا يكون تخصيص الاقتصاد الوطني رهينة بأداء سوق النفط وإمكانات القطاع الخاص المحلي بل كذلك بما نستقطبه من أموال أجنبية. فكما سبقت الإشارة، تلقت الأسواق الناشئة في الصين والهند وإندونيسيا وفيتنام وأميركا اللاتينية وشرق أوربا وروسيا وأفريقيا استثمارات مهمة من الخارج من خلال أسواقها المالية، انطلاقا من أن هذه البلدان تمتلك فرصاً واضحة للنمو. ومن البديهي القول أن السوق المالية السعودية ستستفيد من الدروس القاسية التي مرت على الاقتصادات الآسيوية، خصوصاً في مجال الإقراض غير المبرر مهنياً..
ولا بد من الختام بالقول أن استقرار العملة المحلية واحتياطات الحكومة من النقد الأجنبي وتدني قروضها الخارجية، إضافة إلى الإدارة الصارمة التي تمارسها مؤسسة النقد على تنفيذ صفقات بيع الأسهم تجعل من المبرر توسيع التجربة بما في ذلك النظر في إصدار نظام للإدراج في سوق التداول لا يعتمد فقط على إدراج الشركات، بل على الأداء المالي للمنشأة الخاصة ومراقبة الأداء. وهكذا تكون هناك هيئة للسوق تقرر - ضمن أمور أخرى - إدراج الشركات وإبعادها وفقاً للأداء الفعلي وليس بالضرورة انطلاقا من الشخصية الاعتبارية للشركة، وهكذا تميز السوق بين الشركات العاملة والشركات النائمة.
الثابت والمتحول
تشمل آفاق تطوير سوق المال السعودية تحديداً: التنظيم وتنوع الأدوات والبعد الإقليمي. فالسوق السعودية فورية، يسيطر على نشاطها التعامل بالأوراق المالية طويلة الأجل وتحديداً الأسهم العادية. وإذا كان من السهل فهم "فورية" السوق، التي يبدو أنها تميل إلى تجنب العقود المستقبلية من خيارات وسواها لما تحويه من لبس يجعلها قريبة من أوراق "اليانصيب"، يضاف لذلك سبب آخر هو أن الأدوات المستقبلية لا يمكن تداولها إلا في أسواق نظامية. ومن جهة أخرى، من الصعب فهم مبررات عدم تنوع الأدوات الفورية. فمثلاً يقتصر تعامل الشركات المساهمة المدرجة على الأسهم العادية متجاهلة بذلك الأسهم الممتازة والسندات حتى غدتا أداتين نظريتين، على رغم أن في الإمكان إصدارهما لتكونا قابلتين للتحويل إلى أسهم عادية. ويبدو أن المزايا الواضحة للأسهم الممتازة لم تسترع أي اهتمام. ومن تلك المزايا أن ليس لأصحاب الأسهم الممتازة عادة حق التصويت في الجمعيات العمومية، وليس لهم المطالبة بتوزيع الأرباح سنوياً، وأن السهم الممتاز هو جزء من رأس المال وليس قرضاً مما يدعم قدرة الشركة على الاقتراض. على رغم ذلك كله، لا تحظى هذه الأسهم بالانتشار في السوق السعودية. ولعل من المقبول القول إن الأسهم من هذا النوع تكتسب مزايا إضافية في مجتمع يصدر رأس المال إلى الخارج، ويعيش على رقعة جغرافية واسعة. فينحصر حضور الجمعيات العمومية على كبار المساهمين وعلى من هم بالقرب من مكان انعقاد الجمعية. وقد تتهيب بعض الشركات إصدار اسهم ممتازة تفادياً للكلفة، لكن تجدر الإشارة إلى أن هناك اسهماً ممتازة تصدر بمعدل ربح متغير يرتبط عادة بالعائد على سندات الخزينة إمعانا في إضفاء المرونة على هذه الإصدارات. ولعل أقرب حالة للأسهم الممتازة في السوق السعودية هي أسهم شركات الكهرباء، إذ تضمن الحكومة توزيع نسبة معينة من الأرباح على المساهمين سنوياً بغض النظر على تحقيق الشركات للأرباح، فإذا لم تحقق أرباحاً في عام من الأعوام لا يسقط حق حملة الأسهم في الأرباح بل تحفظ للسنوات التالية.
وعدم إصدار الشركات المساهمة السعودية لسندات للاقتراض من السوق المحلية أمر يثير العجب، لا سيما أن عدداً منها لجأ إلى ترتيب قروض بالتعاون مع مؤسسات مالية أجنبية، ما يرفع بالتأكيد من الكلفة ويحرم - في الوقت نفسه - أصحاب المدخرات المحلية من أداة إضافية لتوظيف أموالهم. وليس خافياً أن هناك من يتجنب إصدار السندات خوفاً من الربا المحرم شرعاً، لكن من المفيد بيان أن في الإمكان إصدار سندات بشروط يتفق عليها الطرفان لا تتعارض مع تعليمات الشريعة السمحة. فمثلاً هناك ما يعرف في الأسواق العالمية باسم "سندات المشاركة" التي يحق لحاملها جزء من الأرباح، و"سندات الدخل" income bonds التي يمكن أن تصاغ ليحصل حاملها على أرباح فقط عند تحقيق المؤسسة المصدرة للأرباح.
أما بالنسبة إلى الأوراق المالية الحكومية فالمجال واسع للخروج من سندات الخزينة إلى ما هو أرحب. فمثلاً، يبدو ضرورياً درس إمكان إصدار سندات ادخارية saving bonds، وأجل هذه السندات عادة خمس إلى عشر سنوات، غير قابلة للتداول بأي صورة، فالقصد منها التشجيع على الادخار، لكن الادخار يكون لدى وزارة المال أو مؤسسة النقد وليس لدى المصارف التجارية. والفكرة أساساً أن تشترى السندات من الوزارة أو مؤسسة النقد مباشرة وترد لها مباشرة كذلك. وفي إمكان المشتري رد السندات في أي وقت يشاء مقابل أرباح عادة ما تكون متغيرة وفقاً لأساس معين ولحد زمني معروف. ويمكن أن توظف هذه السندات لتمثل وسيلة لدعم إيرادات الخزانة العامة في حال تدني الإيرادات الريعية المتوقعة، كما هو متوقع هذا العام المالي نظراً إلى تراجع أسعار النفط تراجعاً كبيراً.
ولعل من المناسب التفكير عند إعادة تنظيم السوق الترخيص لمصارف استثمارية ضمن جهد تنظيم السوق المالية للقيام بمهمات متنوعة، منها على سبيل المثال لا الحصر، إعادة إصدار سندات خزينة بقيم واستحقاقات في متناول الأفراد والمؤسسات الصغيرة. ولعل من المناسب كذلك تقويم إصدار أوراق متخصصة لمشاريع أو توسعة مرافق بعينها أو لتنمية مناطق حضرية بعينها. وتسدد قيمة هذه الأوراق عند استحقاقها من إيرادات تلك المرافق كالمطارات والجسور والمستشفيات ومرافق الماء والكهرباء والصرف الصحي.
ولا يمكن تجاوز الأهمية الإقليمية للسوق السعودية في حال انفتاحها، فهي تمثل الثقل الرأسمالي في المنطقة. بل من المقبول القول أن هذه السوق قد تمثل ملاذاً مع مرور الوقت في حال تدني أداء الأسواق المحيطة أو تراجع الفوائد على العملات الرئيسية عدا الدولار. ويبدو مقبولاً القول إن المنطقة تحتاج إلى سوق مالية كبيرة نسبياً قادرة على استيعاب تدفقات رأسمالية كبيرة، وهنا تحديداً نجد أن السوق السعودية هي الأوفر حظاً نظراً لتنوع فرص برنامج التخصيص وضخامة الالتزامات التمويلية المطلوبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.