عقد الاتحاد الدولي لكرة القدم مؤتمراً في 8 تشرين الأول اكتوبر 1932 في باريس، اختار خلاله ايطاليا لتنظيم كأس العالم الثانية من 27 ايار مايو الى 10 حزيران يونيو 1934 بعدما قدمت الضمانات المالية اللازمة بقيادة زعيمها بنيتو موسوليني الذي رأى في الحدث العالمي فرصة غير عادية لتمجيد الفاشية. فنجاح الكأس الأولى قبل أربع سنوات لم يكن قد غاب عن بال احد، والحماس الايطالي المباغت كان اساسه رياضي واقتصادي ودعائي ايضاً. في هذا الوقت ارتفع عدد الاتحادات الوطنية المنضمة الى اسرة الاتحاد الدولي الى اكثر من 50 اتحاداً، وكان لا بد من اقامة تصفيات للمرة الأولى لاختيار المنتخبات ال 16 المشاركة في النهائيات لأن عدد اللاعبين في خوض المسابقة الكبرى بلغ 32 منتخباً ثم 29 لانسحاب البيرو وتشيلي وتركيا. واللافت هنا عنصران: الأول هو ان انكلترا غابت مرة جديدة عن المسابقة لانها بقيت تعتبر لاعبيها اساتذة والآخرين تلامذة، وحذت حذوها اسكتلندا وويلز وايرلندا الشمالية... والثاني هو ان الاوروغواي حاملة اللقب ارادت ان تقاطع الدول الاوروبية التي قاطعت المونديال الأول على طريقتها الخاصة فلم تشارك في المسابقة الجديدة. وهو تبرير ديبلوماسي لا اكثر، والسبب الاساسي مرده قناعة المسؤولين بعدم قدرة المنتخب على الدفاع عن لقبه. من جانبهما، ارسلت البرازيلوالارجنتين منتخبين من الصف الثاني. وشكل المونديال منعطفاً من الزاوية العربية، حيث اطلت مصر وفلسطين مبكراً جداً، وتمكنت الاولى من الفوز على الثانية 7/1 و4/1 في التصفيات وحجزت مكانها بين الكبار. ومع مصر شاركت 12 دولة اوروبية واثنتان من اميركا الجنوبية وواحدة من اميركا الشمالية. وتقرر اقامة المباريات بطريقة الحذف خروج المغلوب واختيرت ايطاليا وتشيكوسلوفاكيا وهنغارياوالارجنتينوالنمساوالمانياوالبرازيلوهولندا على رأس المجموعات الثماني، واختيرت منافساتها بالقرعة فاحتجت اسبانياوسويسرا واعتبرتا انهما احق من هولنداوالبرازيل. وتشاء القرعة ان توقع بين اسبانياوالبرازيل وبين سويسراوهولندا. واذا لم تقتنع اللجنة المنظمة بالاحتجاجين نظرياً فقد اقتنعت بهما عملياً باعتبار ان اسبانيا هزمت البرازيل 3/1 وان سويسرا هزمت هولندا 3/2. وشاءت القرعة ايضاً ان توقع بين مصر وهنغاريا، وكانت الاولى هزمت الثانية 3/صفر في اولمبياد باريس 1924، بيد ان الآية انقلبت هذه المرة وفازت هنغاريا 4/2. وحجزت ست دول اوروبية اخرى مكانها في الدور ربع النهائي، مع فوز النمسا ومنتخبها المعروف باسم "فوندر تيم" اي المنتخب الرائع على فرنسا 3/2، والمانيا على بلجيكا 5/2 وتشيكوسلوفاكيا على رومانيا 2/1، واستعرضت ايطاليا امام 25 ألف متفرج فهزمت الولايات المتحدة 7/1 في روما منها 3 أهداف لمهاجمها شيافيو. معركة شوارع وفي ربع النهائي، تغلبت المانيا على السويد 2/1 والنمسا على هنغاريا 2/1 وتشيكوسلوفاكيا على سويسرا 3/2... وفي حضور نجلي موسوليني، على ملعب برتا في فلورنسا امام 42 ألف متفرج، زرع مدرب ايطاليا فيتوريو بوتزي الخط الجانبي ذهاباً واياباً وكان يصيح ويشتم ويعترض على قرارات الحكم فيهب الجمهور في المدرجات. وبين كرات اسبانيا الارضية وكرات ايطاليا العالية، كثرت اخطاء لويجي مونتي الارجنتيني الذي خاض نهائي 1930، ومنها سجل ريغويرو هدفاً لاسبانيا في مرمى حارس ايطاليا جانييرو كومبي فسكتت المدرجات. ثم تألق حارس اسبانيا الشهير ريكاردو زامورانو وهو الكاتالوني الوحيد بين مجموعة من لاعبي الباسك لكنه لم يمنع الهدف الذي سجله الاصلع جوفاني فيراري. وتحولت المباراة الى معركة، ولعب المنتخبان وقتاً اضافياً علماً بأن فترة الاستراحة امتدت 25 دقيقة لأن المهاجم الايطالي شيافيو كان في حاجة الى العلاج، وقد رد له القائم كرة في اواخر اللقاء، فاعيدت المباراة في اليوم التالي امام 45 ألف متفرج، وفازت ايطاليا بهدف جوزيبي مياتزا برأسه إثر ركنية نفذها أورسي مع الاشارة الى ان منتخب ايطاليا اشرك 4 لاعبين جدد مقابل 8 اسبان جدد وغاب زامورانو نفسه. واحتج الاسبان على الهدف لكن الحكم السويسري رينيه مارسيه كان بمثابة اللاعب الثاني عشر في المنتخب المحلي. وكان مونتي يستحق الطرد اكثر من مرة بسبب خشونته وهو الذي اصاب الجناح الاسباني بوش في ركبته منذ الدقيقة الخامسة فخرج ولم يعد. وزاد في الطين بلة ان كامبانال سجل هدف تعادل لاسبانيا فرفضه الحكم بحجة التسلل، وكانت اسبانيا افضل فعلاً بيد ان معركة الشوارع كانت اهم من كرة القدم. على ملعب الحزب وفي نصف النهائي، تغاضى الحكم السويدي ايفان ايكلاند عن احتساب ركلة جزاء ضد مونتي الذي عرقل نجم النمسا زينديلار داخل المنطقة في الدقيقة الخامسة، ونجح غواتيا في تسجيل هدف الفوز على ملعب سان سيرو بمدينة ميلانو في الدقيقة 19، وقد اطلق على الملعب اسم جوزيبي مياتزا الذي شارك ايضاً في انتزاع مونديال 1938 وذلك بعد وفاته عام 1979. وفي المباراة نصف النهائية الاخرى، فازت تشيكوسلوفاكيا على المانيا 3/1 بفضل 3 أهداف لنجمها ينيدلي. وعلى ملعب "الحزب" أي "دل بارتيتو" في روما امام 55 ألف متفرج تقدمهم موسوليني والطائرات تستعرض في السماء. اقيمت المباراة النهائية بين اصحاب الضيافة وتشيكوسلوفاكيا. وقال الجميع ان تشيكوسلوفاكيا هي التي فازت لأن بوتش سجل لها هدفاً في الدقيقة 76، واهدر زميله سوبوتيكا فرصة لتعزيز الهدف ثم سدد كرة في العارضة، وكم دفع الثمن غالياً. ذلك ان اورسي احرز هدف التعادل في الدقيقة 81 بطريقة بهلوانية واتبعه شيافيو بهدف الفوز في الدقيقة السادسة من الوقت الاضافي إثر تمريرة من غوايتا، وسط جو من الفرح الهستيري. وبعد المباراة، أصر اورسي على ان الهدف الذي سجله لم يكن ضربة حظ وأكد للصحافيين انه قادر على تكرار المحاولة في اليوم التالي، لكنه فشل في رهانه بعدما كرر محاولته عشرين مرة. نتائج وهدافون سجل 70 هدفاً في الكأس الثانية 17 مباراة بمعدل 11.4 هدف في المباراة الواحدة، وتوج التشيكي أولدريش ينيدلي هدافاً برصيد 5 أهداف. وهنا النتائج والهدافون: - المجموعة الأولى: ايطاليا 7 شيافيو 3 وأورسي 2 ومياتزا وفيراري - الولايات المتحدة 1 دونيللي. تشيكوسلوفاكيا 2 بوتش ونييدلي - رومانيا 1 دوباي. المانيا 5 كونن 3 وكوبيرسكي 2 - بلجيكا 2 فورهوف 2. النمسا 3 زينديلار ولشمايل وبيكان - فرنسا 2 نيكولا وفيريست من ركلة جزاء. اسبانيا 3 ايراراغوري من جزاء ولانغارا 2 - البرازيل 1 سيلفا. سويسرا 3 كيلهولتز 2 وابيغلين - هولندا 2 سميتش وفينته. السويد 3 يوناسون 2 وكرون - الارجنتين 2 بيلليس وغالايتو. المجر 4 تيليكي وتولدي 2 وفينتشي - مصر 2 عبدالرحمن فوزي. - ربع النهائي: النمسا 2 هورفاث وزيتشيك - المجر 1 ساروسي. المانيا 2 هومان - السويد 1 دونكر. ايطاليا 1 فيراري - اسبانيا 1 ريغويرو. ايطاليا 1 مياتزا - اسبانيا صفر. تشيكوسلوفاكيا 3 سفوبودا وسوبوتيكا ونيدلي - سويسرا 2 ياجي وكيلهولتز. - نصف النهائي: تشيكوسلوفاكيا 3 نييدلي 3 - المانيا 1 نواك. ايطاليا 1 غواتيا - النمسا صفر. المركز الثالث: المانيا 3 لينر 2 وكونن - النمسا 2 هورفاث وسيشتا. - النهائي: ايطاليا 2 اورسي وشيافيو - تشيكوسلوفاكيا 1 بوتش. مثل ايطاليا: كومبي - مونزيليو واليماندي - فيراريس ومونتي وبرتوليني - غواتيا ومياتزا وشيافيو وفيراري واوروسي. متفرقات - سجل 3 لاعبين 3 أهداف في مباراة واحدة هم التشيكي نييدلي في مرمى المانيا، والالماني كونن في مرمى بلجيكا، والايطالي شيافيو في مرمى الولايات المتحدة. - احرز الالماني ارنست لينر اسرع هدف في الدورة بعد 30 ثانية فقط في مرمى النمسا. - سجل منتخب ايطاليا 22 هدفاً في الدورة. - طرد لاعب واحد من البطولة هو الهنغاري ايمري ماركوس في المباراة ضد ايطاليا.