يكتمل خلال أيام بناء شبكة من 66 قمرا للاتصالات تغطي جميع أرجاء الكرة الأرضية. وفي الخريف المقبل تبدأ هذه الأقمار، أو "الساتلات" كما يسميها المهندسون العرب في تقديم أول خدمات هاتف شخصي "ساتلي". اسم الهاتف "إريديوم" Iridium، وهو يتصل مباشرة عبر الساتلات من دون الحاجة الى محطات أرضية لاعادة البث. ويعتبر "إريديوم" الهاتف الشخصي المثالى، الذي يحلم به الجميع. فهو جهاز واحد برقم واحد وقائمة اجور واحدة يعمل في كل مكان في العالم، حتى في مناطق تنعدم فيها خدمات الاتصالات، كصحراء الربع الخالي أو القطب المتجمد. وذكر السيد باسل الرحيم عضو المجلس التنفيذي للمجموعة الدولية التي تدير المشروع ل"الحياة" أن شركات الأعمال السعودية تساهم في ملكية وادارة اسطول "إريديوم"، الذي يكلف نحو 4 بلايين دولار. وقال ان هدف المشروع الساتلي تقديم هاتف جوّال ليس بين المواقع الجغرافية فحسب، بل أيضاً بين شبكات الاتصالات المختلفة الفضائية والأرضية السلكية واللاسلكية، حيث يمكنه التحول من هاتف ساتلي الي هاتف رقمي جوال GSM، أو الى خليوي يعمل عبر شبكات الهاتف الأرضية الثابتة. هاتف واضح ثلث المكالمات الهاتفية في العالم وجميع البث التلفزيوني الدولي يجري حالياً عبر ساتلات الاتصالات. وتنقسم الساتلات الي 3 أنواع تبعاً لارتفاع مدارها حول الأرض: "ليو" LEO و"ميو" MEO و"جيو" GEO. الأسماء مشتقة من الحروف الانكليزية الأولى لكلمات "مدار منخفض" و"مدار متوسط" و"مدار متزامن". معظم الاتصالات يجري حالياً عبر الأقمار المتزامنة التي تدور فوق موقع ثابت وعلى ارتفاع نحو 35 ألف كلم عن الأرض. ومع أن الصوت يستغرق ربع ثانية فقط لقطع هذه المسافة فانه يترك صدى ووقفات يشعر بها كل متحدث عبر الهاتف الدولي الساتلي. هذه الصورة ستتغير مع بدء مرحلة التشغيل التجاري لساتلات "إريديوم" في 23 أيلول سبتمبر المقبل. "إريديوم" أول ساتلات تحلق على مدار منخفض يبلغ 780 كلم، ولذلك مزايا عدة، أولها وضوح الصوت وعدم تقطعه. فالصوت يقطع مسافة قصيرة من الهاتف الى الساتل تقل عن جزء واحد من 100 جزء من الثانية. ويشتغل "إريديوم" أيضاً مثل هاتف خليوي دون حدود حيث تغطي شبكته الكرة الأرضية. وساتلات "إريديوم" محطات خليوية تتخاطب معها الهواتف النقالة مباشرة. وفي الوقت نفسه تغطي على غرار خدمات الهاتف الدولي مناطق واسعة، اضافة الى مناطق شاسعة لا تصلها حالياً هذه الخدمات، وتمثل الجزء الأكبر من سطح الكرة الأرضية. اسطول "إريديوم" هذه المزايا لم يكن ممكناً التوصل اليها دون تطوير تكنولوجيات الاتصالات الساتلية. احدى التحديات التي واجهها المهندسون تكمن في حجم هوائي الهاتف النقال الذي ينبغي أن يكون صغيراً مثل الهواتف الخليوية. لكن كيف يستطيع هوائي صغير أن يبث اشارات تقطع المسافات الشاسعة الى الفضاء؟ وهناك مشكلة اخري تتعلق بقوة بطارية الهاتف النقال التي لا ينبغي أن تزيد عن وات واحد، وذلك، أولاً لتلافي الأخطار التي يحتمل أن تسببها موجات الرايو على دماغ الانسان، وثانياً لتقليل استهلاك البطاريات. الحل الفريد الذي أمكن التوصل اليه هو تصميم ساتلات تحلق على مدار منخفض وتملك قوة التقاط كبيرة. لكن المشكلة أن الساتلات التي تحلق على مدار منخفض لا "ترى" سوى جزء ضيق من سطح الكرة الأرضية. حتى القمر المتزامن الذي يحلق على ارتفاع 10 آلاف كلم لا يرى سوى ربع سطح الأرض، فيما لا يرى القمر المنخفض أكثر مما يرى شخص يحاول أن يصور حيوان الفيل من مسافة متر واحد. الحل الوحيد هو بناء اسطول ساتلات تغطي جميع أرجاء الكرة الأرضية. وبسبب الكلفة الكبيرة لبناء اسطول يتكون من عشرات الساتلات انشئت مجموعات دولية تتقاسم النفقات. وهكذا ولد في أواخر عام 1988 المشروع واختير له اسم "إريديوم"، وهو عنصر كيماوي يتكون من 66 عدد ذري. هاتف واحد "سماعة واحدة ورقم هاتفي واحد وقائمة اجور واحدة". هذا هو شعار "إريديوم"، الذي يقوم بنقل كل أنواع الاتصالات الهاتفية الصوتية والمناداة والفاكس والمعطيات من أي مكان في العالم الى أي مكان. كل ساتل من ساتلات الشبكة ال 66 ينقل 1100 مكالمة في آن واحد. ويتميز الهاتف بتقنية مرنة تتيح له التجول بين شبكات الاتصالات المختلفة الفضائية والأرضية السلكية واللاسلكية. ففي الأماكن التي تتوفر فيها شبكات خليوية أو ثابتة يمكنه التحول من هاتف ساتلي الي هاتف رقمي جوال GSM أو الى هاتف خليوي يعمل عبر شبكات الهاتف الأرضية الثابتة. ولا تتبادل الساتلات التخاطب مع الهاتف فقط، بل في ما بينها أيضاً. وتقوم 3 ساتلات علي الأقل بتغطية كل هاتف في كل وقت. يقدم هذا للهاتف الساتلي حرية العمل حتى من داخل السيارات أو المناطق التي تقوم فيها أشجار أو بنايات تحجب الساتلات. وتعكس تقنية "إريديوم" قيماً جديدة شائعة في أوساط الأعمال يطلق عليها اسم "الترابط أو "الاجتراح" المتبادلinteroperability . وقال السيد باسل الرحيم أن ذلك يتم عن طريق 4 بطاقات ذكية تنظم عمل الهاتف. عند وجود الشخص في منطقة نائية لا تغطيها شبكات اتصالات سلكية أو لاسلكية، مثل صحراء الربع الخالي أو المنطقة القطبية يتم ادخال بطاقة ذكية خاصة بالاتصال عبر الساتلات. وفي المناطق التي تتوفر فيها شبكات الاتصال الرقمي العالمي الجوالة GSM تُدخل بطاقة اخرى يتعرف الهاتف بواسطتها علي الشبكة المحلية ويتصل عبرها. وتنظم البطاقات المختلفة التعامل مع شبكات هاتف عدة. يجري ذلك كله من جهاز هاتف واحد برقم واحد ووفق قائمة اجور واحدة، أينما كان في العالم. وتتيح التقنية للمستخدم التنقل بين اتصالات مختلفة تبعاً لسعر المكالمة وتوفير اتصال مريح. بوابة جده وذكر نائب رئيس شركة "إريديوم ميدل ايست" الدكتور محمد عبدالله الدوراني أن استخدام المدار المنخفض ساعد على تقليل عدد البوابات المحطات الأرضية اللازمة للتحويل بين الشبكات المختلفة. ويبلغ عدد بوابات "أريديوم" 12، بما فيها "بوابة جده" في المملكة العربية السعودية. وقال الدوراني في حديث هاتفي ل"الحياة" من مقر الشركة في دبي في الامارات العربية المتحدة أن هذه البوابة واحدة من 9 بوابات من نوعها في العالم، وهي تغطي 22 بلداً في منطقة الشرق الأوسط، اضافة الى 55 بلداً في أفريقيا. ويعمل في المحطة 40 مهندساً وتقنياً مدربين تدريبا عالياً وتستخدم فيها أحدث أنواع التقنيات. وتعين إريديوم في كل بلد الجهة المحلية التي تتولى تقديم الخدمات وتعمل كوكيل مبيعات. والوكيل المحلي لاريديوم في البلدان الرئيسية في المنطقة هو في الغالب مؤسسة الاتصالات الهاتفية والتلغرافية الرسمية التي تمنحها الاتصالات الساتلية فرصاً اضافية لتقديم منتجات وخدمات جديدة لجمهورها. وعرضت "إريديوم" في معرض اتصالات الشرق الأوسط "ميدكوم" الذي عقد في أبو ظبي الاسبوع الماضي نماذج من أجهزة الهاتف الجديد. وتتميز الأجهزة التي صنعتها الشركتان الأميركية "موتورولا" واليابانية "كوسيرا" باستخداماتها المتعددة. فهي تعمل كهاتف ساتلي، أو لاسلكي أرضي، أو جهاز مناداة. ويشتغل الهاتف ببطاريات ليثيوم تعمل فترة ساعتين متواصلة والزمن الاحتياطي 24 ساعة ويمكن شحنها سريعاً خلال ساعتين ونصف. ويبلغ وزن الهاتف 425 غرام وحجمه 412 سنتيمتر وقوته أقل من واط. وتؤمن الأجهزة اتصالات رقمية عالية الجودة متداخلة مع أجهزة الكومبيوتر المحمولة laptop، ويمكنها الاتصال بأي رقم هاتفي في أي مكان في العالم حتى إذا لم تتوفر معلومات عن عنوانه. تراوح أسعار الأجهزة ما بين 2000 و،3000 دولار، تبعاً للمواصفات المختلفة. ويقوم الجيل المقبل من هاتف "إريديوم"، الذي يطرح في الأسواق عام 2002 بالوظائف الكاملة لبث المعطيات.