تتوخى هذه الدراسة تناول مشكلة تبني لون من الوان الملكية الاقتصادية، وتبرز أهمية الأخذ بالاشكال المختلفة للملكية في المرافق الاقتصادية. وتستشهد بالأبحاث التي اجريت في بلدان مختلفة على بطلان الادعاء المطلق بتفوق القطاع الخاص على القطاع العام في قيادة التنمية الاقتصادية. وتستخلص بأن تبني أي لون من ألوان الملكية الاقتصادية يجب ان يتحدد وفق الجدوى الاقتصادية التي تتضمن مقدار تحقيق كفاءة استخدام الموارد الاقتصادية ومقدار تحقيق العدالة الاقتصادية. يسود العالم اليوم تيار عارم يدعو الى التخلي عن الملكية العامة والاستعاضة عنها بالملكية الخاصة، بعد ما كان التيار السائد من قبل هو تيار الدعوة الى الملكية العامة. وتأتي أهمية هذا البحث في الكشف عن نواقص التوجهات الاقتصادية ذات اللون الواحد من الملكية وعيوبها. وسنتناول في هذه المقدمة عرضاً موجراً للمدرستين الرئيسيتين في الاقتصاد، هما: المدرسة التي تعتمد القطاع الخاص مدرسة الاقتصاد الحر، والمدرسة التي تعتمد القطاع العام مدرسة الاقتصاد لعام. مدرسة الاقتصاد الحر تنطلق هذه المدرسة من قدسية الحرية الفردية والفكرية ومن ثم حرية الملكية الخاصة وممارسة النشاط الاقتصادي. وتعتقد ان الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية تتحقق عندما يترك الأفراد من دون قيود وتكتفي الدولة بالحفاظ على الأمن والقانون. وبسبب تفاوت قابليات الأفراد وطاقاتهم انقسم المجتمع الى طبقة غنية وأخرى فقيرة. وترتب على ذلك ان النظام لم يعد قادراً على ضمان كرامة العيش إذا لم يكن الفرد قادراً على دفع ثمن السلع والخدمات التي تشبع حاجته، وقضى ظهور الشركات الاحتكارية على المنافسة ومنافعها، وظهرت نشاطات غير أخلاقية مضرة بالبنية الاجتماعية الى جانب ضياع التربية الدينية والوازع الأخلاقي المصاحب لها. وتسببت سيادة المصلحة الخاصة في عدم رغبة المنتج في ادخال الكلفة الاجتماعية الى جانب الكلفة الخاصة الناجمتين عن نشاطه الاقتصادي، ما أدى الى ما يسمى في الأدبيات الاقتصادية "التأثيرات الخارجية"، حيث يتمادى المنتج في انتاج أكثر مما هو مرغوب به اجتماعياً كما في حالة تلوث البيئة الملازمة للانتاج الصناعي، وبالتالي الى عدم كفاية انتاج بعض السلع مثل التعليم والدفاع والصحة. إذ ان قابلية الفرد ورغبته في دفع ثمن السلع والخدمات لا تعكسان الفائدة الكلية الفردية والاجتماعية. بسبب هذه المشاكل والصعوبات، تراجعت الرأسمالية وقبلت بالملكية العامة كما في حالة قطاع التعليم والنقل مثلاً، وأعطت للدولة دوراً مميزاً في النشاط الاقتصادي. وفي الآونة الأخيرة منيت الرأسمالية بجملة من الانتكاسات. فعلى الصعيد الاجتماعي تصاعدت معدلات الجريمة والفساد الاجتماعي الى حد لم تعد السجون تتحمل الأعداد الكبيرة من المخالفين كما في بريطانيا. وعلى الصعيد الاقتصادي لم تعد الدول الرأسمالية الصناعية تجاري منافسة دول رأسمالية ناشئة أخرى مثل اليابان وتايوان وسنغافورة، وأصبحت الاحتكارات والتضخم والبطالة من أبرز مشكلاتها. الاقتصاد المخطط قامت مدرسة الاقتصاد المخطط على رفض مبدأ الملكية الخاصة باعتبارها مصدر التفاوت الطبقي واستغلال الانسان لأخيه الانسان. وشرعت في تأميم المرافق الاقتصادية، وأقامت سياستها الاقتصادية على مبدأ الملكية العامة والتخطيط الشامل، وحققت أشواطاً كبيرة في توفير فرص العمل وعدالة توزيع الناتج القومي، وعالجت التأثيرات الخارجية من خلال ادخال التكاليف والعوائد الخاصة والاجتماعية في الحسابات الاقتصادية. كما أظهرت قدراً من السيطرة على الأسعار ومن ثم على التضخم. ومع ان الاشتراكية حققت انتصارات لا يستهان بها، إلا ان كلفتها المادية والاجتماعية كبيرة. فبعد الحرب العالمية الثانية ارتفع المستوى الصحي في الاتحاد السوفياتي وبلغ حداً يقارب مستوى الدول الرأسمالية الصناعية، إلا ان هذا المعدل بعد الستينات أخذ بالتنازل. وأدت سيادة الملكية العامة ومتعلقاتها الى انخفاض انتاجية العمل وهبوط نوعية الانتاج بسبب ضمور دافع المراقبة الذاتية وظهور البيروقراطية الادارية المسرفة التي نجمت عنها مشاعر معاكسة للجدية والابداع. خاضت هاتان المدرستان تجربتين مختلفتين في نتائجهما وفي درجة قسوتهما الاجتماعية. فالمدرسة التي تعتمد القطاع الخاص اضطرت الى القبول بمبدأ الملكية العامة لاحقاً وقامت بتأميم بعض المرافق الاقتصادية. لكنها سرعان ما جابهت بعد ذلك هموماً من نوع آخر تتمثل بانخفاض الكفاءة الاقتصادية والتضخم والبطالة. ورأت ضرورة تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي عبر تخصيص النشاط الاقتصادي أي بيع المؤسسات العامة للقطاع الخاص. اما المدرسة التي اعتمدت القطاع العام فعلى رغم الانجازات الكبيرة التي حققتها دول مثل الصين والاتحاد السوفياتي، نضبت طاقاتها الذاتية بعد ذلك ولم تستطع التعامل مع المشاكل الجديدة المستفحلة، فاضطرت هي الأخرى الى الأخذ بالملكية الخاصة في المرافق التي واجهت فيها حرجاً. إلا ان هذه الاجراءات الترقيعية لم تسعفها، فبدأت بالبحث عن اجراءات اصلاحية جذرية، فاستعاضت عن التخطيط بالسوق كآلية لتوجيه انتاج السلع وتوزيعها. المميزات الاقتصادية لكل من الملكية الخاصة والعامة يرى دعاة الملكية الخاصة ان هذا اللون من الممارسة يؤدي الى: 1 - جعل النشاطات الاقتصادية أكثر استجابة لرغبة المستهلك لجهة نوعية السلع المنتجة وكلفتها، 2 - رفع الكفاءة الاقتصادية التي من شأنها تحقيق الأرباح للقطاع الخاص، ومن ثم تشجيع المستثمرين على استثمار أموالهم الضرورية لتوسع الانتاج وتحسين النوعية، 3 - تخفيف أعباء الدولة والضرائب المفروضة، وبالتالي تشجيع الأفراد على العمل وممارسة النشاط الاقتصادي، إذ ان الثقل الضريبي في بعض المجتمعات يقلل من الحافز الضروري للقيام بالنشاطات الاقتصادية، 4 - بيع المؤسسات الحكومية ما من شأنه خفض الديون التي تعاني منها الدولة. ويرى البعض في بيع المؤسسات الحكومية للأفراد التعبير الحقيقي عن استعادة الشعب ملكية وسائل الانتاج. ففي ظل الملكية العامة تدار المؤسسات ادارة حكومية بيروقراطية، وليست للشعب عملياً كلمة في ادارتها. في مقابل ذلك لا يرى بعض الاقتصاديين بأن الملكية الخاصة تزيد من الكفاءة الاقتصادية الضرورية لتحقيق الأرباح وتشجيع المستثمرين، إذ في امكان المنشأة الخاصة تحقيق الأرباح الضرورية من خلال رفع الأسعار واستغلال المستهلك. كما ان بيع المؤسسات لسد الديون الحكومية حل موقت قصير المدى. وعليه يرى دعاة القطاع العام، ان وجوده أمر ضروري تمليه الضرورات التالية: 1 - هناك صناعات ذات كلفة انتاجية عالية، لا تتحقق منها الوفورات الاقتصادية الضرورية إلا إذا استخدمت استخداماً مكثفاً او بشكل واسع كما في صناعة الكهرباء وشبكة توزيع الغاز. ويقلل اخضاع مثل هذه الصناعات للمنافسة أي بتشجيع أكثر من منشأة على دخول السوق من امكان استغلال الطاقة الانتاجية لتلك الصناعات ما يجعل الكلفة الانتاجية عالية، وبالتالي يؤدي ارتفاع أسعار السلع المنتجة. ولذا من الطبيعي ان تكون هذه الصناعات خاضعة للادارة الحكومية تجنباً لوقوعها تحت احتكار القطاع الخاص. 2 - بعض الصناعات الاستراتيجية يتطلب استثمارات ضخمة لاغراض بناء المعدات الانتاجية او البحث العلمي كما في صناعة الحديد والصلب. وفي مثل هذه الصناعات يكون صعباً العثور على الممولين الضروريين للنهوض بها، كما ان بعضها متصل بسياسة البلاد واستقلالها كما في الصناعات العسكرية، لذلك ينبغي ان تكون بيد الدولة. 3 - هناك ترابط بين المجالات الاقتصادية المختلفة واعتماد أحدها على الآخر، ولذا يتوقف انتاجها على مقدار المعلومات المتبادلة. فكثير من الصناعات كالحديد والفحم… يتوقف انتاجها على مقدار تصريفها عن طريق وسائل النقل، كما ان التوسع في احداها يتوقف على مقدار التوسع في الأخرى. وعليه ينبغي ان تتوافر المعلومات الضرورية لتخطيط الانتاج في تلك الصناعات، وهذا يحتم ادارة الدولة واشرافها. 4 - هناك صناعات ذات منافع مباشرة وغير مباشرة، كما في التعليم الذي يدر منافع مباشرة على المتعلم تقاس عادة بمقدار العوائد المالية المتوقعة له نتيجة العمل بعلمه، ومنافع غير مباشرة تتجسد بمقدار النفع الذي يحصل عليه المجتمع من جمهور المتعلمين والذي يصعب قياسه. والمشكلة ان المستهلك لا يكافئ المنتج مادياً الا على المنفعة المباشرة، ويترتب على ذلك ان يكون مقدار الانتاج اقل مما هو مرغوب اجتماعياً. 5- حماية بعض الصناعات: يواجه بعض الصناعات ظروفاً اقتصادية تضطره احياناً الى الخروج من النشاط الانتاجي ما يسبب زيادة البطالة وضرراً في الصناعات المعتمدة على انتاجها وكذلك الصناعات التي تمدها بالمدخلات. وهنا يأتي دور القطاع العام لنصرة تلك الصناعة وحماية الاقتصاد الوطني من المشكلات المختلفة. وكمثال على ذلك: صناعة السفن البحرية وصناعة المحركات المشهورة "رولز رويس"، اللتين تسبب وضعهما الاقتصادي المتدهور في تدخل الحكومة البريطانية لتصحيح اوضاعهما ومن ثم عودتهما الى القطاع الخاص. 6- تحقيق العدالة الاقتصادية: يعجز القطاع الخاص احياناً عن توفير المساواة في الخدمات الضرورية للمستهلكين. فعلى سبيل المثال، قد لا يكون توفير وسائط النقل للمناطق النائية او الريفية مربحاً للقطاع الخاص، وعليه تتدخل الدولة لتوفير العدالة المطلوبة. وللسبب نفسه توفر الدولة العلاج الصحي المجاني لأصحاب الأمراض المزمنة. 7- تتدخل الدولة احياناً ضمن رغبة في تحسين ظروف العمل التي تعاني منهاالطبقة العاملة، باعتبار ان القطاع العام اكثر تفهماً وتعاطفاً مع الطبقة العاملة من المنافع الاقتصادية الضرورية، مثل تقليل البطالة واحتواء المشاكل المصاحبة لها من خلال توجه الدولة الى الاستثمار في المناطق الفقيرة، او من خلال التقليل من شدة التضخم بتحديد معدلات زيادة الاجور في القطاع العام، ومن خلال سياسة الانفاق الحكومي لمعالجة حالة الكساد الاقتصادي. انظر الى Sloman 1988 & Lipsey 1995. ورغم هذه الجوانب الايجابية التي يتمتع بها القطاع العام، يرى بعض الاقتصاديين ان القطاع الخاص اكثر ربحاً وكفاءة لاستغلال الموارد الاقتصادية. ويعمد هؤلاء الى اتخاذ معدل الربح كمبرر لادعاءاتهم. ان اتخاذ الربح وحده كمعيار في قياس الكفاءة الاقتصادية نهج غير صحيح، لأن هدف القطاع العام لا يتوقف عند تحقيق الربح المادي، بل يتعداه الى تحقيق العدالة الاجتماعية. فالقطاع الخاص قد يحقق هدفه بتحقيق الأرباح من خلال سياسة رفع الأسعار، فيما يسعى القطاع العام الى تحقيق أهدافه من خلال توفير السلع والخدمات بأقل الأسعار الممكنة مساهمة منه في التقليل من مشكلة التضخم المالي. لذلك يذهب البعض الى مقارنة القطاعين على اساس الكلفة بدل الربح، ولكن حتى لو استخدمت الكلفة فان الدراسات والمقارنات لكفاءة القطاعين تبقى صحيحة للاعتبارات التالية: ان المقارنة غالباً ما تتم بين صناعات غير متشابهة، او تكون بين صناعات متشابهة ولكن في دولتين مختلفتين، او تكون المقارنة بين صناعتين متشابهتين ولكن لهما فروقات جزئية في المدى الذي تقدم به الخدمات كما في خدمات النقل والبريد للأماكن النائية التي لا يوفرها القطاع الخاص بالقوة نفسها كما يوفرها القطاع العام، وأخيراً تجرى المقارنة للصناعة الواحدة قبل التخصيص وبعدها. وهي مقارنة غير دقيقة بسبب اختلاف الفترة الزمنية والظروف المصاحبة لهما. وهناك دراسات في كل من بريطانيا والولايات المتحدة في مجال النقل والكهرباء تؤكد ان الكفاءة الاقتصادية للمشاريع العامة والخاصة متقاربة، على رغم استخدام القطاع العام اسعاراً متدنية نسبياً تحقيقاً للمصلحة الاجتماعية انظر الى Nafziger 1997. وأكدت الدراسة التي اجراها تايلر انظر الى Taylor 1997 لقياس الكفاءة الانتاجية لكل من المنشآت البرازيلية الخاصة والعاملة في مجال صناعة الحديد، عدم وجود اختلاف في الكفاءة سوى ذلك الذي يعزى الى الاختلاف في حجم المنشآت. وهو الشيء نفسه الذي وحده كيم انظر الى Kim 1982 عند الصناعات الغذائية في تنزانيا، وهيل انظر الى Hill 1982 عند دراسة صناعة الحياكة في اندونيسيا. واستناداً الى ما تقدم والى ما جاء في تقرير الصندوق الدولي خرج ملورد انظر الى Millward 1989 ان العامل الرئيسي في رفع الكفاءة الاقتصادية هو طريقة ادارة المنشأة وليس طبيعة الملكية. كما أشار العيسوي انظر الى العيسوي، 1991 الى ان سياسة الانفتاح واعتماد القطاع الخاص التي خاضتها مصر، على سبيل المثال، خير مصداق على عدم صلاحية التخصيص واعتماد آلية السوق كتوجه عام. وعلى رغم مرور اكثر من عشرين عاماً على تلك السياسة ورغم المساعدات الخارجية، لم يكن لذلك تأثير واضح في تبدل حالة التخلف. وعجز الاقتصاد المصري عن تحقيق زيادة تذكر في الانتاج الحقيقي، ولم يرتفع متوسط دخل الفرد ارتفاعاً ملموساً. اما التضخم والبطالة فهما في تصاعد. كما تفاقمت مشكلة الديون الخارجية الى حد ينذر بكارثة. وعلى الصعيد الاجتماعي أدى سوء التوزيع الى تفشي الجريمة والفساد الاجتماعي. كما ان اصحاب القطاع الخاص غالباً ما يميلون الى المشاريع ذات المردود السريع وغالباً ما تكون تلك المشاريع هامشية بالنسبة لاستراتيجية التنمية. ان ادعاء كفاءة القطاع الخاص يجب أن يخضع للبحث. اذ ان الدراسات المقارنة لكل من القطاعين العام والخاص هي دراسات تعتمد الأساليب الكمية البحتة، وعليه يتعذر ادخال متغيرات أساسية غير كمية كجودة الانتاج وظروف العمل وعدالة التوزيع... الخ. واعتماد الربح كما في الدراسات الكمية الجارية هدفاً نهائياً للعملية الانتاجية، يؤدي الى أفضلية القطاع الخاص على القطاع العام. ولا شك ان هذه الدراسات تتناسى الاختلاف في أهداف ومنهجية كل من القطاعين. فالسياسة الاقتصادية تهدف بشكل عام الى تحقيق الكفاءة أي أعلى درجات العائد الاقتصادي وعدالة التوزيع أي عدالة استهلاك الانتاج، إلا أن التجربة أثبتت انه من الصعب الجمع بين هذين الهدفين. فعلى سبيل المثال، أثبتت الدراسات ان المستشفيات الخاصة أكثر كفاءة من المستشفيات العامة لجهة قلة الكلفة، غير أن المستشفيات الخاصة في تصميمها لا تأخذ في الاعتبار ضرورة أن يكون لها احتياط كاف لسد حاجة الطوارئ لأن ذلك يعني وجود أسرة غير مشغولة لوقت طويل. وكذلك الحال مع وسائل النقل، فالمناطق الجغرافية النائية لا تتمتع بخدمات متساوية كالمناطق القريبة من المدن. وحتى مع صحة الادعاء القائل بكفاءة القطاع الخاص في مرفق معين من الحياة الاقتصادية، لا بد من وجود قوي للدولة لتحمي الآثار المرغوبة للتخصيص من الضياع نتيجة لما يسمى منافسة القلة انظر الى "نفزجر" Nafziger 1997. ومن الأسباب الرئيسة للدعوة الى التخصيص الرغبة في ايجاد فرصة للمنافسة بين المنشآت القائمة لزيادة كفاءتها. إلا أن هذه المنافسة ربما تكون غير ممكنة أو غير مجدية إلا إذا شجعت على القيام بمشاريع كبيرة تمكن من الاستفادة من اقتصادات الحجم. ومن الأمثلة على أهمية المنافسة في رفع الكفاءة الاقتصادية، ان الخطوط الجوية البريطانية أقل كفاءة من نظيرتها الكندية رغم أن كلاً منهما ملكية عامة. أما مصدر الفرق فيعود الى أن الثانية تمارس عملها في جو تنافسي أكبر انظر الى العيسوي 1991. الملكية المختلطة في الاقتصاد العالم العربي كغيره من دول العالم النامية أمام مفترق طرق. فاختيار شكل من أشكال الملكية له عواقب اقتصادية تتمثل في سرعة النمو الاقتصادي والقدرة على الدخول في سوق التجارة الدولية، وعواقب اجتماعية متعلقة بالرفاهية الاقتصادية وعدالة توزيع الدخل. وادركت شعوب كثيرة انه يجب عدم الركون الى الجانب المذهبي وحده من دون الاستعانة بالاستشارة العلمية في تحديد طبيعة الملكية التي تعتمد على طبيعة النشاط والمرحلة الاقتصادية التي يمر فيها البلد وموقعه التنافسي أمام بقية الدول الأخرى. فاقرار النشاط الاقتصادي الخاص في قطاع معين، لا يعني إقراره بالضرورة لكل دولة ولكل زمن. وهي مسألة تتحدد وفق المعايير الاقتصادية والمنظور الانساني في عدالة التوزيع. فالملكية الخاصة مثلاً قد ترفع الكفاءة الاقتصادية من جهة، لكنها قد تسهم في نقص الرفاهية الاجتماعية من جهة أخرى من خلال زيادة البطالة أو سوء توزيع الثروة. وعليه يجب أن لا تكون التنمية مرهونة بنمط معين أو بقرار مسبق كما في الرأسمالية والاشتراكية. وينبغي ان يخضع موضوع التخصيص للبحث لتحديد الجدوى الاقتصادية والاجتماعية لكل مرفق من المرافق الاقتصادية فما يصلح لقطاع لا يصلح لآخر، وما يصلح لدولة لا يصلح لأخرى. فالملكية الخاصة يجب أن تدرس من جانب قدرتها على تحقيق الكفاءة الانتاجية والحفاظ على التوازن الاجتماعي والأمن السياسي. كما ان هذا البحث ينبغي أن يكون تحت مراجعة دورية، اذ ان لكل فترة ظروفها ومتطلباتها. ان المشكلة الاقتصادية التي يواجهها العالم لا تنبثق بشكل رئيسي من طبيعة الملكية، بل تعتمد على طبيعة الفكر والقيم التي يؤمن بها الانسان، وطبيعة تعامله مع المؤسسات المختلفة من جهة وبقية أفراد المجتمع من جهة أخرى. فالمشكلة الاقتصادية هي مشكلة التناقض بين المصلحتين الخاصة والعامة. ولو وجد الانسان الذي يؤمن بالقيم الانسانية العليا، فإن نظرته وطريقة تعامله مع منشأة القطاع العام ستكون مساوية كما لو أن تلك المنشأة مملوكة له. المصادر العربية 1- ابراهيم العيسوي: تحرير الاقتصاد ودور الدولة في تحقيق التنمية في الوطن العربي، المعهد العربي الكويت، سلسلة المحاضرات العامة رقم 3، 1991. 2- علي الانصاري المحرر: الدولة ودورها في النشاط الاقتصادي في الوطن العربي، الطبعة الأولى، دار الرازي، بيروت - لبنان 1991. 3- محمد باقر الصدر، اقتصادنا، الطبعة السادسة عشرة، دار التعارف، بيروت - لبنان 1982. المصادر الأجنبية 1. Hill, H. 1982: State Enterprises in a Competitve Industry: An Indonesian Case Study, World Development 10, pp1015-23. 2- Lipsey, R & K.A. Chrystal 1995: Positive Economics, third edition, Oxford University Press. 3. Kim, K. S 1981: Enterprise Performance in the Public & Private Sectors: Tanzanian Experience Industry, 1970-75, Journal of Developing Area 15 April, pp 471-84. 4. Millward, are. 1988: Measurement Sources of Inefficiency in the performance of Private and Public Enterprise in LDC, in P. Cook & Kierkpatrick, eds., Privatization in Less Developed Countries Sussex, UK: Wheatsheaf, 1988 pp 143-61. 5. Nafziger, W. E. 1997: Economic of Developing Countries, Prentice Hall, Inc. third edition. 6. Sloman, J. 1995/96: Economics, second edition, Prentice Hall/ Harvester Wheatsherf. 6. Taylor, W. G. 1979: Technical Efficiency in Production in a Developing Country: An Empirical Examination of the Brazilian Plastic & Steel Industries, Oxford Economic Paper 31 Nov 1997, pp477-95. 8. World Bank, World Development Report, 1983 New York: Oxford University Press, pp. 49-50.