قال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أمس في بداية زيارة لاسرائيل انه "فخور" بأن يسمى صديقاً للدولة العبرية، فيما رأى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان يقتصر دور الاتحاد الأوروبي في عملية السلام على قضايا جانبية مثل مطار رفح والمنطقة الصناعية قرب غزة. وكان بلير الذي وصل الى مطار تل أبيب من العاصمة الأردنية اكد عقب محادثاته مع الملك حسين أمس ان الاتحاد الأوروبي سيسخر كل امكاناته لانقاذ عملية السلام، وأن السلام أهم ضمان للأمن، فيما أكد العاهل الأردني ان نتانياهو سيتحمل مسؤولية العواقب الوخيمة التي تترتب على انهيار العملية السلمية. وحذر من "حقبة سوداء" إذا لم يتم انقاذ العملية. ودعا بلير الاسرائيليين والفلسطينيين الى ان "يعقدوا العزم" على تحقيق السلام. وقال في استقبال اقامه له رئيس الوزراء الاسرائيلي في القدس ان العامل الرئيسي لتحقيق تقدم في عملية السلام يكمن في "ادراك ان الأمر ليس لعبة أو مباراة، فاما نربح كل شيء أو نخسر كل شيء". وشدد نتانياهو على انه لا يمكن تحقيق أي تقدم "قبل ان يثبت الفلسطينيون بالدليل التخلي التام والدائم عن العنف، والتعاون ضد الارهاب". وفيما ابدى الاسرائيليون ارتياحاً الى ان بلير "يقاوم ضغوطاً اوروبية" بحكم "الصداقة الخاصة" التي يكنها لاسرائيل، لم يخف فلسطينيون خيبة أملهم مما اعتبروه تكييف رئيس الوزراء البريطاني برنامج زيارته ليتناسب مع رغبات اسرائيل. وطلب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من بلير أمس الضغط على اسرائيل لانقاذ عملية السلام. وقال للصحافيين في غزة: "نأمل بأن يصر بلير على ان تحترم الحكومة الاسرائيلية الاتفاقات المبرمة لانقاذ عملية السلام التي وصلت الى طريق مسدود بسبب ممارسات اسرائيل". وتوجه بلير فور وصوله الى اسرائيل الى نصب "يادفاشيم" المحرقة ثم وضع اكليلاً من الزهور على ضريح رئيس وزراء اسرائيل السابق اسحق رابين قبل ان يتوجه الى مقر رئاسة الوزراء الاسرائيلية ليعقد اجتماعاً مطولاً مع نتانياهو. ورحب مسؤولون اسرائيليون بزيارة بلير باعتباره "صديقاً لاسرائيل ولليهود منذ أمد بعيد"، بينما وصفت صحيفة "هآرتس" رئاسة بريطانيا الاتحاد الأوروبي بأنها "شهر عسل لعلاقات اسرائيل مع اوروبا بسبب مقاومة بلير ضغوط اعضاء آخرين، خصوصاً فرنسا، من اجل سياسة أوروبية مستقلة تجاه اسرائيل، وتعامل بلير الايجابي مع اسرائيل وحاجاتها الأمنية، وأخيراً بسبب العلاقة الخاصة التي تربطه بالرئيس بيل كلينتون". وأشاد نتانياهو خلال استقباله ضيفه البريطاني بپ"الموقف الحازم" الذي اتخذته بريطانيا خلال الأزمة الأخيرة مع العراق، وبالنجاح الذي حققته بريطانيا في اتفاق ايرلندا الشمالية وقال: "انه مصدر الهام لنا لجلب السلام الى منطقتنا". واعتبر ان بامكان أوروبا "القيام بدور حيوي في عملية السلام"، مركزاً على القضايا الجانبية المتصلة بالمفاوضات الاسرائيلية - الفلسطينية كموضوع مطار رفح وافتتاح منطقة صناعية على الحدود بين اسرائيل وقطاع غزة، وهما الموضوعان اللذان اتفق مسبقاً على ان تقتصر محادثات بلير في اسرائيل عليهما. وقال بلير بعد وصوله الى اسرائيل انه "فخور بأن يسمى صديقاً لاسرائيل"، مشيراً الى انه حمل معه عبرتين تعلمهما من تجربة المفاوضات الخاصة بايرلندا الشمالية، الأولى ان ليس هناك رابح وخاسر من انهاء الصراع بل يجب ان يستفيد الطرفان من ذلك في شكل متوازٍ، والعبرة الثانية أهمية وجود نيّات حقيقية وتصميم على التغلب على العقبات. وعلمت "الحياة" من مصادر فلسطينية وديبلوماسية أوروبية ان بلير لن يطرح - وفق اتفاق مسبق مع الرئيس الأميركي - أي أفكار في ما يتعلق باخراج العملية السلمية من مأزقها، وذلك بهدف الافساح في المجال أمام الوساطة الأميركية لتنفيذ اتفاق اعادة الانتشار الاسرائيلي الذي طال انتظاره. وأشار بلير الى هذا الأمر في مقال نشرته صحيفتا "القدس" الفلسطينية و"جيروزاليم بوست" الاسرائيلية قال فيه: "انني مصمم على ان يكمل الاتحاد الأوروبي دور الولاياتالمتحدة لا ان يتقاطع معه، اذ ان الأميركيين يقودون الجهود من اجل دفع عملية السلام ومن اجل مبادلة الأرض في مقابل السلام التي ندعمها". ولم تخف المصادر الفلسطينية امتعاضها مما اعتبرته محاولة بلير ارضاء الجانب الاسرائيلي بكل الأشكال الممكنة بدءاً بالغاء خطته الأولية لقضاء ليلة في قصر الضيافة في غزة، ثم الغاء لقاء مع مسؤول ملف القدس فيصل الحسيني في القدسالشرقية، اضافة الى تفادي التطرق في شكل عملي الى القضايا التي تعترض التوصل الى سلام في المنطقة، خصوصاً قضية الاستيطان، مع الجانب الاسرائيلي. وسيوقع في حضور بلير وعرفات في غزة اليوم الاتفاق الأمني الأوروبي - الفلسطيني الذي يهدف الى اشراك الطرف الأوروبي في مراقبة تنفيذ الجانب الفلسطيني التزاماته تجاه مكافحة الارهاب، عبر اشراك مستشار أمني أوروبي، بريطاني الجنسية، في مناقشات امنية موازية لتلك التي تجرى بحضور مبعوث وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي. آي. اي. واعتبر مصدر ديبلوماسي أوروبي ان اطار التعاون الأمني الذي اتفق عليه بين الاتحاد الأوروبي وبين السلطة الفلسطينية بوساطة المبعوث الأوروبي ميغيل انخيل موراتينوس، من شأنه ان يمنح السلطة الفلسطينية شاهداً آخر على تطبيقها الجزء المتعلق بها من الاتفاق الأمني مع اسرائيل. ووردت أمس معلومات متناقضة من مصادر فلسطينية وأوروبية في شأن التوقيع على نص الاتفاق، وهل سيوقعه بلير بنفسه أم سيترك مسألة التوقيع لموراتينوس بحجة ان السلطة الفلسطينية لا تعتبر دولة قائمة بذاتها، الأمر الذي سيجنبه احراجاً مع الجانب الاسرائيلي. ولم يقتصر الامتعاض عن تكييف برنامج بلير، على الجانب الفلسطيني، اذ أعلن رئيس بلدية القدس ايهود أولمرت مقاطعته العشاء الذي اقامه على شرفه أمس رئيس الوزراء الاسرائيلي بسبب رفضه القيام بجولة في القدس بصحبته، كما امتعض قريبون الى رابين بسبب الغاء بلير بناءً على طلب مكتب نتانياهو، زيارة لمدرسة أقيمت احياء لذكرى رابين. بلير - الملك حسين وكان بلير أكد في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع الملك حسين بعد محادثاتهما في عمّان ان الاتحاد الأوروبي سيسخر كل امكاناته لانقاذ عملية السلام، فيما أكد العاهل الأردني ان نتانياهو سيتحمل مسؤولية العواقب الوخيمة التي تترتب على انهيار عملية السلام. وقال رئيس الوزراء البريطاني قبيل مغادرته الأردن الى اسرائيل ان دول الاتحاد ستفعل كل ما تستطيع لمحاولة احراز تقدم في عملية السلام التي اعتبرتها ضرورية لأمن المنطقة والعالم واستقرارهما. وأضاف ان "السلام هو أهم ضمان لتحقيق الأمن في المنطقة". وأعرب بلير، الذي زار احد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين قرب عمان يرافقه ولي العهد الأردني الأمير الحسن، عن شعوره بالأسى بسبب الأوضاع المزرية للاجئين الفلسطينيين، مشيراً الى ان هناك "مشاكل انسانية تصرخ من أجل حلول لها". وأشار الى ان بلاده ستدرس امكان زيادة مساهمتها المالية لدعم وكالة الأممالمتحدة لغوث اللاجئين اونروا التي تعاني ضائقة مالية شديدة. وحذر الملك حسين من "العواقب الوخيمة" لفشل عملية السلام، مشدداً على ان الوقت حان لانقاذ العملية وإلا فإن "الجميع في المنطقة سيدخلون حقبة سوداء". وقال العاهل الأردني عن زيارته المفاجئة نهاية الأسبوع الماضي لإيلات حيث اجتمع مع نتانياهو انه وجد من الضروري ان يذهب الى هناك ويتحدث بصراحة في محاولة لانقاذ عملية السلام. وزاد انه لا يستطيع ان يتكهن هل سيعطي اللقاء نتائج ايجابية، مشيراً الى انه حذر نتانياهو من انه "سيتحمل المسؤولية في حال انهيار عملية السلام". الى ذلك، أكد بلير في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع الملك حسين ان السلطات السعودية ستنظر في طلب استرحام قدمته عائلتا الممرضتين البريطانيتين المسجونتين في السعودية لقتل ممرضة استرالية. وتابع ان "ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز قال بوضوح خلال محادثاتنا انه تلقى طلب استرحام من عائلتي المرأتين المعنيتين وأن السلطات ستأخذه في الاعتبار بجدية". وزاد ان السلطات السعودية "أكدت انها ستدرس الطلب بجدية وفي شكل عاجل".